بسم الله الرحمن الرحيم
حرف الأذهان عن المؤامرات التي تحيكها شياطين الداخل
كلّما رأيت السيدات المحترمات بهذا العزم والإرادة الصلبة للوصول الى الهدف مستعدات لكلّ خدمة حتى الاستشهاد، تزداد ثقتي بأن هذا الدرب ينتهي إلى النصر.
إن الشعب الذي جميع فئاته، نسائه المحترمات ورجاله الحازمين يسلكون معاً درباً واحداً لا يصيبه ضرر. فلا تقلقوا من الضربات التي توجّه لكم من الخارج، فلا يمكن النيل منكم من الخارج ما دمتم منسجمين، لا التدخل العسكري يمكنه ان يؤثر فيكم ولا المقاطعة الاقتصادية. وما يطرحونه لا يؤثر فيكم. ولربما يطرحون هذه الأمور، ويبدو انهم غير جادين في ذلك، كي نغفل عن أمور أخرى. أمور تسبب لنا ضرراً، وهي الأمور الداخلية.
فهذه المؤامرات التي تهبُّ من الخارج لصرف الأذهان للخارج، كالمقاطعة الاقتصادية والتدخل العسكري الذي تهدد به الحكومة الأمريكية شعبنا، اعتقد انها مؤامرة لصرف الاذهان عن الداخل وتوجيهها للخارج، لنغفل عن المؤامرات الشيطانية في الداخل.
من المؤكد أن الأمر الذي يعيره الأجانب أهمية، ويصرّون عليه هو حياكة المؤامرات من الداخل. إذا لم يصرفوا الاذهان للخارج وينصبّ اهتمام شعبنا على داخل البلاد ومؤامرات الداخل، فيمكننا، وان شاء الله نتمكن، ان نحبط هذه المؤامرات. لذا يسعى الأجانب كي لا يصرف الشعب جل اهتمامه الداخل، ويفوت المؤامرات المهمّة لهم، لذا يطرحون أموراً خارجية، ليشغلوا بعض فئات الشعب بها. فبريطانيا تحيك لنا مؤامرة في المكان الفلانيّ، وفي فرنسا تحاك مؤامرة يريدون بها أن يفعلوا بإيران أمراً ما، والحكومة الأمريكية تعلن مرّة أنها تتدخل عسكريّاً، ومرّة تقول: لا يمكن أن نتدخل عسكرياً، ومرّة أخرى تصرح بالتدخل، ومرة أخرى بأن ذلك لا يمكن، أو تطرح قضية المقاطعة الاقتصادية، أو اصبروا قليلًا سنحيل الأمر للأمم المتحدة، ثم تقول: لا بأس اصبروا قليلًا، لنحيل الأمر إلى مجلس الأمن، اصبروا قليلًا، وكل هذه التصريحات هي في الواقع لشيء آخر لا لنفسها. فهم لا يريدون أن يقاطعوا اقتصادياً ولا يمكنهم ذلك، ولا يتدخلون عسكرياً ولا يمكنهم ذلك، ولكن يمكنهم بهذه التصريحات أن يصرفوا أذهاننا إلى الخارج، كي نغفل عن أنفسنا.
اليقظة حيال المؤامرات الداخلية
في الوقت الذي يجب أن يكون شعبنا ملتفتاً للأمور التي تطرح في الخارج، وان لا يغفل عنها، يجب أن يركّز اهتمامه على مؤامرات الداخل، فالمؤامرات التي تحاك في الداخل كثيرة جداً، ولهم أساليب بارعة مختلفة في نسجها، ومنها إثارة الاضطرابات التي يفتعلونها، فالأحداث التي افتعلوها في آذربيجان واحدة منها، وفي سيستان، وزاهدان وغيرها. وقسم آخر الاختلافات التي اوجدوها في المدن والقرى وفي سائر الأماكن. فالفِرق مختلفة توجد اختلافات كثيرة. احدهم يقول بالجمهورية الإسلامية، والآخر يقول شيئاً آخر. يطرحون مشاريع عديدة قبالة الإسلام، ففي الوقت الذي يعلمون انهم لا يوفقون يريدون ان يسيئوا. كما أن الأجانب يخططون للتدخل العسكري أو المقاطعة الاقتصادية وهم يعلمون أن هذا ليس موفقاً، ولربما يخططون لهدف آخر وهو صرف اذهاننا عن الاضطراب الداخلي إلى الخارج. اعتقد انه أمر صعب. فليس لديهم قضية أخرى يطرحونها، يحتمل هذا. ولكن في الوقت الذي يجب أن نلتفت لهذه الأمور بكامل قوانا نستعد للخارج من دون غفلة عن المشكلات الداخلية التي ربّما هي الأهمّ عندهم، فقد اختلقوها لنا من قبل وما زالت إلى الآن.
هوى النفس؛ أساس الخلافات
منذ اليوم الذي حصل فيه نصر نسبي لهذا الشعب، وكسر الحاجز، وقطع أيدي الأجانب عن البلاد، منذ ذلك الوقت اختلق أعداؤه الاختلافات والمؤامرات، ومنها بثّ النزاع في كل خطوة يخطوها هذا الشعب، فحول مسألة الجمهورية الإسلامية يتكلمون بكلام، ويكتبون مقالات، ويصرحون تصريحات. وحول مجلس صيانة الدستور يثيرون كلاماً، وما زالوا يثيرون. وحول الدستور كذلك. والآن قضية رئيس الجمهورية التي رشح لها حتى الآن مئة وعشرون منافساً كما يقولون، وهذا لا يعني أنهم لا يعلمون أنها تكون بالترشيح، ولا يؤثّر في أن يكون فلان رئيساً للجمهورية، أكثرهم إلا القليل يعلمون أنهم لا يوفقون، لكن هنالك هدف آخر غير رئاسة الجمهورية، وهذا الهدف هو إيجاد الاضطراب والاختلاف وأمثال هذه الأمور. المهم عندهم أن تنشغل البلاد دائماً بهمومها الداخلية، وأن تستمر الاضطربات في الداخل، ولا يتوجّه الناس للمؤامرات، ولا للعلاج كي تعطّل البلاد. جميع هذه الأمور تدور حول محور واحد، وهو ألا تنجح هذه الجمهورية الإسلامية، ففي نجاحها ضررهم وقطع أيديهم إلى الأبد وهذه ضربة للغرب والشرق، وهم لا يريدون ذلك. وعلى شعبنا أن يلتفت إلى الاضطرابات الداخلية أكثر من الأمور الأخرى. فيراقب كل شيء، ولا يفوته أنّ أقوى ضربة تنزل بنا هي الاختلاف الداخلي الذي يجعلنا هذا يعمل لجهة معينة، وذلك لجهة أخرى. والسبب هو هوى النفس في الإنسان، السبب هو الأنانية والعجب الذي في الإنسان وهو الذي يحمله على ترجيح الفئة والميل إليها بحقّ وبغيره، وهذه الأمور موجدة لدى الإنسان الذي لا يريد أن يعمل لله تعالى.
الانسجام ووحدة الكلمة
إذا اراد شعبنا أن ينعتق من هذا الأسر على طول التاريخ ويدير نفسه بنفسه، فعليه أن يكون مستقلًا وحرّاً، وإذا اراد شعبنا أن يكون هكذا، فعليه أن يسلك طريقاً واحداً هو ما يسلكه الآن، وهو حشد السكّان، النساء والرجال الذين لم يفصلوا أنفسهم عن الشعب. إذا أرادوا الاستقرار للبلاد يجب أن يتركوا هذه الفئوية وهذه الاختلافات، ويخرجوا من هذه الحالة التي يعمل كل واحد فيها لنفسه.
على الجميع أن يسلكوا الدرب الذي يسلكه الشعب، فإذا سلكوا هذا الدرب لا يصيبهم أذى. فالشعب الذي ينسجم بعضه مع بعض لا يصيبه أذى. أما إذا -لا سمح الله- وقع الاختلاف بينهم، وتنازعوا لم يسلكوا نفس الدرب بسبب هوى النفس، في مثل هذه الحالة سيصيبهم الضرر. وكلّي أمل أن يثمر ما أراه من تحوّل، ففي المجتمع النسوي أرى تحوّلًا عجيباً أكثر من التحوّل عند الرجال، فما قدمته هذه الشريحة للإسلام في هذا الوقت أكثر مما قدّمه الرجال. حتى إن أكثر ما قام به الرجال هو بسبب ما قدمته النساء. ففي الرجال شعور خاص، فهم حين يرون النساء قد خرجن من البيت لهدف ما، فإن كانت قوّتهم واحداً، فستصبح عشرة. وهذا ما حصل في بلدنا فالنساء كالرجال، بل قبلهم خرجن من البيت، وعانين في هذا الدرب الإسلامي، قدّمن أبناءهن وأزواجهن وإخوانهن، ولم يثنهن ذلك عن خدمة الإسلام. وكثير من الرجال فعلوا ذلك أسوة بالنساء. وآمل أن يدوم هذا الانسجام ووحدة الكلمة، وان يوقظ الله أولئك الذين يحملون أفكاراً متعددة، ويجعلهم يحملون فكراً واحداً، وان يجعل الانسجام بين الشعب كي لا يصيبه الضرر. ادعو الله أن يطيل أعماركم ويسلّمكم.