بسم الله الرحمن الرحيم
مصلحة الأعداء في إضعاف الثورة
حفظكم الله أيها الشباب الملتزمون بالإسلام والعاملون في خدمة الإسلام، و (زاد) من توفيقكم أكثر فأكثر لبلوغ الاهداف الاسلامية. الذي أفهمه أنا وأحتمله احتمالًا قوياً هو أن أميركا لن تتدخل عسكرياً في ايران، ولن تطبّق الحظر الاقتصادي وحتى لو عملت بالحظر الاقتصادي فلن تنجح. وهي تعلم هذا. إلّا أنها جاءت من الطريق الأهم وهو أن تجعلنا ضعفاء من الداخل، وتبث فينا الفساد والضياع. لقد كانت هذه غايتهم منذ البداية. أن الذين يريدون كسب المنافع او الذين تضرروا ويريدون التعويض عن اضرارهم، يحاولون أن يضربوا الثورة من الداخل.
دراسات خبراء الاستعمار في الشرق
كل الجهود الآن منصبة في هذا الاتجاه. ولعل التصريحات التي يدلون بها في الخارج من أنهم سيتدخّلون عسكرياً، أو سيفرضون الحظر الاقتصادي، لعل الغاية منها صرف أذهاننا الى ذلك الاتجاه، لكي نغفل عن الشيء الذي يحدث داخل البلد. لا تغفلوا عن هؤلاء الشياطين نحن الذين ادخلنا تواً الى هذه الميادين، انتم الذين دخلتم تواً إلى هذه الميادين. وبحسب طبيعتكم الإنسانية فإن خبرتكم قليلة بأساليبهم الشيطانية. إنهم درسوا الأمور، لا عشرة أعوام، ولا مئة عام، بل على طول التاريخ، متى ما وجدوا السبيل الى الشرق لم يتوانوا عن اجراء الدراسات. ولم يدرسوا البلدان فحسب، بل ثروات هذه البلدان ايضاً خضعت لدراسات موسعة، حتى قبل ظهور السيارات والطائرات وما شاكل ذلك، بعثوا خبراءهم الى الشرق فجابوا هذه البلدان شبراً شبرا. كانوا يجوبون الصحاري على الجمال، ويرافقون القوافل ليجولوا في هذه الصحاري، وإذا عثروا على شيء يسجلونه ويرسمون خريطته. كان من مهامّهم معرفة ما تحويه بلدانكم، وما هي ثرواتكم. وليس هذا شأنهم اليوم، بل تابعوا هذه الأمور منذ أن شقوا الطرق في السابق. والقضية الأخرى التي ربما أولوها اهمية كبرى هي دراسة احوال الشعب الإيراني والشعوب الشرقية. وما يعنينا الآن هو إيران. هذه العشائر الإيرانية، عشائر بختياري، عشائر خوزستان- هناك الكثير من العشائر في ايران- كانوا يبعثون افراداً داخل هذه العشائر ليدرسوا وضعها واحوالها، وكيف يمكن اثارتها، وكيف يمكن كبح جماحها. لقد أجروا دراسات موسعة في هذا المجال، وعلى اشخاص آخرين من غير العشائر. لهم دراساتهم، التي تتضمن كيفية ايجاد الأحزاب ودفعها لمحاربة بعضها. دراساتهم كثيرة. وعلينا الآن أن نلتفت الى أنهم يكرّسون اهتمامهم حالياً للتخطيط لإثارة وتأليب الأفراد والجماعات في إيران ضد بعضهم، ثم يقولون إن الايرانيين لا نظام لهم ولا حكومة. والآن إذا لاحظتم الصحف الاجنبية التي تأتيني خلاصتها، تجدون إنهم وكتابهم والمرتبطين بالنظام السابق، يثيرون هذه الأمور باستمرار ويقولون إن أحداً لا يدري الآن أين هو مركز القرار، ولا أحد يدري ما هي ايران، ومن الذي يقودها، ومن الذي يحدو هذه القافلة؟ في البداية يشككون ويقولون لا أحد يدري ما القضية. وبعد ذلك يقولون إن هناك بلداً لن يبقى سوى بضعة ايام، وإنه يلفظ أنفاسه الأخيرة.
يقول بختيار في أحدى كتاباته التي قرأتها البارحة ربما، أو صباح اليوم إن (الخميني يلفظ أنفاسه الأخيرة فماذا سيكون مصير هذا البلد؟). إنهم ينوون ان يفعلوا شيئاً في الداخل وعلى أيدي الناس أنفسهم. يريدون أن يخلقوا وضعاً ليقولوا في الخارج إن إيران تفتقر لأي نظام يحكمها. وكل بقعة من بقاع إيران تفتقر لكل شيء؛ فلا نظام في جيش إيران؛ ولا نظام في مخافر إيران، ولا نظام في قوات الدرك الإيرانية، لا نظام في أي مكان من إيران، وبهذا لو أرادوا ان يتدخلوا عسكرياً يكون تدخلهم مبرراً. أي يقولون أن هنالك بلدا لا تزال الحرية مبكرة بالنسبة له. فالشعب هناك لم ينضج إلى درجة قبول الحرية، والاستقلال مبكر عليه ايضاً. يوحون للشعوب في الخارج باقلامهم المسمومة أن الحرية عندما مُنحت لهذا البلد شاعت فيه الفوضى، واضطرب كل شيء. وبهذا يبررون فعلهم لو أرادوا يوماً ان يتدخلوا، فيقال في الخارج ان هناك شعباً لابد من حمايته وهو شعب يفتقد إلى النظام، وتكاد الفوضى ان تدمّركل شيء فيه. ونحن نريد الوصاية على شؤون هذا الشعب الذي لم يرشد بعد، ولابد له من قيّم.
الصفعة التي تلقاها الأعداء من الإسلام
على شعبنا أن يفكر بهذا الأمر بأعمق ما يكون التفكير. عليكم ان لا تخافوا من الخارج. مالم يتزعزع الداخل ينبغي عدم الخوف من الخارج. خافوا من الداخل. انظروا في كل خطوة قطعناها وقطعها الشعب لتقوية الحكومة، كانوا قد عارضونا. أراد الشعب أن يصوت للجمهورية الإسلامية، كانت هذه الخطوة من اجل الشعب، والشعب أراد أن يصوت. وإذا بجماعة لم تكن تريد وقوع هذا الأمر، ظلت تتخبط هنا وهناك للحيلولة دون قيام الجمهورية الاسلامية. حتى إنهم حطموا بعض الصناديق، وأحرق عناصرهم بعض مراكز الاقتراع، ومنعوا الناس بقوة السلاح من المشاركة في التصويت. لكن الشعب بادر وفضحهم، إلّا أنهم لم يكفواعن محاولاتهم.
بعد ذلك حينما تقرر تدوين الدستور، راح بعض أصحاب الأقلام يُشكِلون ويُشكّكون، وكان هذا دأبهم منذ البداية، إذ يثيرون كلَّ ما هو أشكال في نظرهم. قال البعض بأن يبقى الدستور السابق، وقال آخرون ليبق الدستور السابق مع تغيير بعض مواده. وبدأوا وضع العراقيل ضد انتخاب الخبراء. بعد ذلك تشكل المجلس [مجلس الخبراء] وتقدم الشعب بهذه الخطوة ايضاً الى الأمام وحدد خبراءه. طوال المدة التي اشتغل فيها هؤلاء بدراسة الدستور، كان اولئك مشغولين بالإشكال عليه بأنه ليس وطنياً. المجلس الذي عينه الشعب بنفسه يقولون عنه إنه ليس وطنياً. كان لابد أن يطابق رغبة اقلية من الناس ليكون وطنياً. واستمر الحال على هذا المنوال الى أن تقرر التصويت من قبل الشعب على الدستور، وإذا بهم يعودون الى وضع العراقيل هنا وهناك. والآن حينما يريد الشعب أن يصوت للقانون، وينتخب رئيس الجمهورية، يرون إن هذه الخطوة إذا نجحت وتقدمنا خطوة أخرى الى الأمام، سيزداد استقرار الحكومة، لذلك شرعوا بالعرقلة مرة أخرى. فأثاروا الاضطرابات في تبريز، وفي قم، وفي طهران، وفي كل مكان. يريدون أن لا تقوم هذه الجمهورية الاسلامية. وقد شرعوا منذ البداية، وتقدموا خطوة خطوة. كل خطوة اتخذها الشعب نحو الأمام قطعوا هم الخطوة التالية، ولم ييأسوا.
الإخلال في انتخابات رئاسة الجمهورية
وهم غير يائسين الآن ايضاً. يريدون ان لا يُنتخَبَ رئيس الجمهورية الذي يجب أن ينتخبه الشعب بنفسه. رشح 124 شخصاً أنفسهم لرئاسة الجمهورية. فما معنى هذا الفعل؟ 124 شخصاً لا تعرف الجماهير أغلبهم. ربما لا يعرف الجماهير أكثر من عشرة منهم. بينهم أشخاص لا عقل لهم. هكذا يقال، أنا لا أدري. ولكن يقال إن بينهم اشخاصاً منحرفين. لِمَ كل هذا؟ مئة وعشرون ونيف من المرشحين. هل يؤمنون بالترشيح حقاً؟ هل يحتملون ان يفوزوا؟ هل يتوقعون أن ينتخبهم عدد كبير من الناس؟ كلا، إنما يريدون الاخلال. إنه الإخلال، هذا هو الإخلال بعينه. يريد أكثر من مائة شخص أن يكونوا رئيساً للجمهورية في بلد واحد. مائة ونيف من الأشخاص بعضهم ربما كانوا بقالين مثلًا. هكذا يوجد بينهم. لست أدري. لست أدري بالضبط. هذا بحد ذاته اخلال أن يتقدم مئة وعشرون ونيف للترشيح لرئاسة الجمهورية. وبعد ذلك سترون في الدعاية التي يجب أن تقوم، سترون أية جماعة ستقوم بالدعاية. لا من باب انهم يريدون الفوز برئاسة الجمهورية، بل لأنهم لا يريدون ظهور رئيس للجمهورية، فيمارسون الاخلال على الأقل بمقدار أن يشيعوا في الخارج ان هذا هو الشعب الإيراني، وإن ايران هكذا بلد بين البلدان.
مئة وعشرون ونيف من الأشخاص يريدون أن يصبحوا رئيساً للجمهورية والكل في صراع مع الكل. وبعدها سنرى أي وضع سيوجده هؤلاء. هذا كله اخلال. وربما كان معظم شبابنا غافلين عن هذه القضايا. ثم بعد ذلك لا يعلم إلا الله ما الذي سيحدث عند اجراء انتخاب مجلس الشورى. فما أمامنا هو الأنكى، إذ المطلوب مائتا نائب، ولكن سيرشح عدة آلاف أنفسهم للرئاسة ثم يريدون أن لا يحدث شيء. في زمن ما كان هنالك اشخاص، كنا نواجه اشخاصاً لم يكونوا يعتقدون ان طريقنا هو الصحيح. لو كان لهم طريقهم الصحيح. فلا ضير ولكن كانوا يجلسون وينظرون هل هذا الطريق هو الصحيح أم ذاك. أما الآن فالقضية مختلفة. القضية هي إنهم يخافون من الإسلام، كما يخافون من هذه الجموع التي تؤمن بالإسلام، والعاملة في سبيل الإسلام. لقد تلقت القوى العظمى صفعة من ايران، لم يتلقوا مثلها منذ بداية حياتهم الى الآن.
خوف الأعداء من انتصار الثورة
الحرب العالمية كانت بين قوتين عظميين. قوة في هذا الجانب، وعدد من الدول في ذلك الجانب. التحمت هذه القوى الكبرى في حرب ضروس. أنا أتذكر كلا الحربين، لكنكم لم تكونوا. وقتئذ كانت الحرب ان تصطف قوتان مقابل بعضهما وضربت احداهما الأخرى الى ان انتصرت احداهما. أما في ايران فليست القضية ان مجموعتين قويتين تقفان بوجه بعضهما. كانت جماعة واحدة، كانت هنالك مجموعة، وهي الحكومة تمسك في يدها بكل القوى. كان هنالك الشاه المخلوع وبيده كل القوى. وكانت أميركا تقف وراءه والسوفيت يقفون وراءه، وكذلك سائر البلدان، وحتى البلدان الإسلامية للأسف.
كنت أواجه مثل هذه القضايا وأنا في باريس. أميركا كانت أشد الجميع متابعة للموضوع، حينما كان ذلك الوضيع «1»، المخلوع، كانوا يصرون، ثم لما حل بديله الأسوأ منه «2» تقريباً، واصلوا المتابعة الى أن قالوا لا تذهب الى ايران، من المبكر أن تذهب الى ايران. أعداؤنا كانوا يفكرون في مصلحتنا ويقولون ان ليس من الصالح الذهاب الى ايران حالياً. كانوا [يخافون] من قدرات هذا الشعب، الشعب الذي لم تكن لديه ادوات حربية او تدريب عسكري. هذا الجانب لم تكن لديه خبرة عسكرية. كانوا مجموعة من الكسبة، ومجموعة كبيرة من السيدات، ومجموعة كبيرة من الشباب، من الجامعيين. لم يكن أي منهم قد تلقى تدريباً عسكرياً. أما خصومنا فكانوا مدربين عسكرياً. نحن في هذا الجانب لم تكن لدينا أية ادوات حربية. ربما كانت هناك اربعة بنادق غنمتموها منهم، وإلا لم يكن في أيديكم شيء. كان هناك احراق الإطارات مثلًا، وهل كان هذا يمثل شيئا مقابل الرشاشات والمدافع. وطبعاً فالقضية هي أن الله اراد هذا. نحن غافلون عن النصر الإلهي. بما أنه كان هنالك شعب مظلوم، شعب قام لله، يهتف لقيام جمهورية اسلامية، يهتف ضد الظلم، فقد أيّده الله. أي منّ سبحانه على هذا الشعب بانتصارات لا مثيل لها في التاريخ، إلا في صدر الإسلام. كل القدرات كانت في يد الطرف المقابل، ولكن إما انه كان يخشى استعمالها، أو إنه حينما كان يصدر الأوامر لا تطاع. لقد قذف الله في قلوبهم خوفاً كان من شأنه أن يحقق النصر لنا. كان ذلك انتصاراً بحد ذاته.
أحياناً كان جيش الإسلام يقذف مثل هذا الرعب في قلوب العدو. فقد كان يشاع في جيش العدو إن هؤلاء العرب يأكلون البشر، فيستولي الرعب على قلوبهم ولا يستطيعون المواجهة. وهذا ما حصل لشعبنا في هذه القضية، كان الله هو الذي أيد هذا الشعب، وما كان غير الله بقادر على فعل شيء. ذلك الإجماع على أمر واحد أكثر من ثلاثين مليون من أبناء الشعب يجتمعون على أمر واحد، ويسيرون في طريق واحد، فهل هذا ممكن؟ وهل بوسع أحد ان يصنع مثل هذا؟ هل يمكن بالدعاية ايجاد هذا الشيء؟ لو مارس الإنسان الدعاية عشرين عاماً لما استطاع التحكّم بسوق طهران. لكننا في مدة وجيزة شاهدنا ان ايران كلها اتفقت على كلمة واحدة.
مساعي العدو للاضرار بنا من الداخل
حينما كنت في باريس جاءني شخص من ايران- ولا أتذكر من هو الآن- وقال إني سافرت إلى كل أرجاء إيران، (وذكر اسماء) قرى جابلغ وكمره «3» وأماكن أخرى كنت على معرفة بها. بل انه ذكر ناحية كنت قد ذهبت اليها بنفسي، قرية، وأقل من قرية، إنما هي قلعة، قلعة في الجبل. قال إن جميع المناطق التي قصدناها، كانت حينما يشرق الصباح، يسير رجل الدين في القرية أولًا وخلفه أهالي القرية يتظاهرون. وقال لي إني ذهبت إلى قلعة حسن فلك «4» وهي قلعة صغيرة، فوجدتهم يقولون مثلما يقول أهالي طهران. فتفاءلت في باريس بأننا إن شاء الله منتصرون. حينما ينهض شعب بهذه الصورة فإن في المسألة يد الهية. لأن هذه أمور لا تتحقق بالتبليغ والكلام وبعمل المعممين والمنابر. كان امراً اراده الله وقد انتصرنا والحمد لله. وأتمنى أن ننتصر حتى النهاية. ولكن ينبغي أن ينتبه شعبنا إلى أنهم يريدون ضربنا من الداخل وجعلنا ضعفاء من الداخل. كانت هذه خطة بدأوا بتنفيذها في قم وتبريز في وقت واحد. هذا مخطط، كما بدأ في قم بدأ في تبريز ايضاً بنفس الكيفية، وفي نفس الساعة قبل ظهر يوم الجمعة. بدأ الاخلال هنا بوضع خاص، وفي تبريز ايضاً حدث نفس الشيء، في نفس الوقت، وبنفس الوضع. وكأنهم مجموعة واحدة انقسمت الى جماعتين. جماعة هناك وجماعة هنا. بدأت هناك بنفس الوضع فاتضح انها مؤامرة في قم وفي تبريز. والآن اخبروني انهم يستعدون مرة ثانية. يريدون أن لا يسود الاستقرار في البلاد ليقال في الخارج ان هؤلاء غير جديرين بالحرية.
علينا أن نبذل قصارى جهدنا لاحباط هذه الخطة. على كل شخص في كل مكان أن يعمل جيداً. أن يعمل بطريقة إسلامية، وان يعتمد على الإسلام. أنتم في هذا المكان اعملوا بطريقة اسلامية. هذه الأخوات اينما كنّ ليعملن على نهج الإسلام. المزارعون في مواقعهم ليعملوا بطريقة إسلامية. إذا عمل الجميع في كل مكان على نهج الإسلام ساد النظام. إذا تم العمل بطريقة اسلامية في الجيش، وفي قوات الدرك، وفي الشرطة، وفي الحرس، إذا تم العمل في كل مكان بنظام واحد وعلى شاكلة واحدة، ستتقدم الأمور الى الأمام.
تحتاج بلادكم الآن الى نهضة مثل نهضتكم الأولى. لم يكن احد منكم يفكر بمطالب. أيام كنتم تنزلون الى الشوارع وتهتفون (الله أكبر) ويجب أن يزول هذا النظام، لم تكونوا تفكرون مطلقاً ماذا سيكون غداؤنا اليوم، او كيف وضع منزلنا اليوم. لم تفكروا بهذه الأمور مطلقاً.
ولو فكرتم لما تحقق كل الذي تحقق. الآن وقد انتصرنا عدتم إلى وضعكم ولنرى كيف هو وضعنا. عدتم إلى وضعكم ووجدتم ان هناك مشكلات. بدأ هؤلاء باختلاق المعضلات. بدأوا في هذا الظرف باختلاق المعضلات والمتاعب. طالما ذهبوا لأصحاب المصانع ليقولوا لهم انظروا كم يعطونكم من الرواتب، وان تلك الجماعة تحصل على مرتّبات أكثر. وكيف وضع بيوتكم، وكيف وضع بيوتهم. وذهبوا للمزارعين كي يقولوا لهم الشيء نفسه. وكذلك قصدوا الثانويات والأماكن الأخرى لنفس الغرض. قصدوا كل الأماكن التي استطاعوا. الآن وقد حانت فترة ما بعد الثورة وبدأ السخط، راحوا يثيرون هذا السخط، يضاعفونه وهم منهمكون الآن بهذه المهمة.
مواصلة النهضة بالمشاركة في الانتخابات
واجب شعبنا الآن، وكل شخص أينما كان، مواصلة نهضته الأولى حيث لم يكن احد يفكر في ما يملك وما لا يملك، يجب مواصلة تلك النهضة الى ان تستقر الحكومة. نحن لا نزال في منتصف الطريق. تم التصويت على الدستور وتم التصويت على مبدأ الجمهورية الإسلامية. لكن ليس هناك رئيس جمهورية، ولا مجلس. على المجلس ان ينهض بمهامه. بلادنا يعوزها الاستقرار الآن. علينا أن نحافظ على النهضة التي سرنا بها الى الآن كي نستطيع اجتياز المراحل الآتية بسلام.
إذا أردنا من الآن ان نختلف على رئيس الجمهورية وعلى من سينتخبون لنيابة المجلس، وإذا بدأنا باختلافات كالتي في بعض الدول المستقرة، ستكون سلبيات هذه الاختلافات عندنا مضاعفة مئة مرة؛ لأن حكومتنا غير مستقرة في الوقت الحاضر. يتّضح الأمر من هؤلاء المائة والعشرين ونيف من المرشحين لرئاسة الجمهورية، ماذا يريدون أن يفعلوا؟
إذا غفلنا عن الأمر ولم ننتبه إلى هذا المعنى ولم نفهم ان هذه مؤامرة، هؤلاء المائة والعشرون ونيف لم يندفعوا من انفسهم لهذا الأمر، إنما دفعوهم إلى الترشيح لأجل اختلاق ضجة، ثم الله أعلم ماذا سيحصل بالنسبة لنواب المجلس. إن لم نفتح أعيننا، ولم يجعل كل واحد- أينما كان- عمله اسلامياً، ويعتبر نهضته غير تامة ولم تبلغ مبتغاها، ويعلم إننا في منتصف الطريق، وفي منتصف الطريق لايزال قطاع الطرق منهمكون كلهم بالتآمر.
السعي لقطع أطماع العدو
على كل الشباب أينما كانوا ان ينبهوا الشعب في إعلامهم، وفي أحاديثهم، الى الوحدة وأن يكونوا مع بعضهم. وهم كذلك والحمد لله. هم ايجابيون مع بعضهم. ولكن ينبغي ان تتضاعف هذه الحالة. يجب فعل ما يقطع اطماع العدو بابتلاع هذه البلاد مرة ثانية. فهم ما يزالون طامعين ووقحين.
لكننا يجب أن نفعل شيئاً، ومن واجبنا جميعاً ان نفعل شيئاً يحافظ على هذا الإجماع ووحدة الكلمة، والأهم من ذلك، الإيمان الذي استطعنا واستطعتم تسيير الأمور به، كي نستطيع إن شاء الله بهذه الحرارة ان نخبز هذين الرغيفين في هذا التنور الساخن، أعني موضوع رئاسة الجمهورية وموضوع الانتخابات. إذا خرج هذان الرغيفان من التنور، عندها سيكون الباقي سهلًا ان شاء الله.
أيدكم الله جميعاً، ووفقكم وسلّمكم، أدعو لكم جميعاً، وأتمنى أن لا تغفلوا عن التوجه لله. فكل شيء منه. وما من شيء من عندنا، كل ما لدينا منه، توسلوا به وتقدموا إن شاء الله.