بسم الله الرحمن الرحيم
مع ان الشعب الإيراني الشريف يحمل ذكريات مريرة عن اجهزة الأمن وفئة من قوات الشرطة وبعض المتلبّسين بزي رجال الدين ممن دخلوا زيفاً إلى سلك رجال الدين وخطباء الإسلام.
الكثير من المجموعات المذكورة نالوا جزاءهم بعد الثورة الإسلامية، ولكن التقارير التي تصل من هنا وهناك تتحدث عن مؤامرات للجماعات المنحرفة التي يبدو أنها توجه من الخارج، وتريد ممارسة نفس الدور الذي لعبته في زمن رضا خان، وتجر البلد العزيز- بعد الهزيمة النهائية لرجال الدين الملتزمين والاضرار بالقوات المسلحة- إلى احضان اليسار أو اليمين، وتعامل الشعب كما عاملته في زمن النظام الطاغوتي، وهذا خطر عظيم، تؤدي الغفلة عنه واهماله إلى هدم الإسلام والبلاد. لقد عايشت عهد رضا خان من بداية الانقلاب حتى انقراضه الفاضح، وشاهدت المؤامرات التي كانت تجري على ايدي عملاء الاجانب واحدة تلو الأخرى. وشاهدت انهم اسقطوا رجال الدين في انظار الشعب باسم الرجعية والاسماء المخزية الأخرى، وحطموا خنادق الإسلام الكبرى واحداً تلو الآخر بيد الشباب غير الواعين لعمق المؤامرات، ومهّدوا الطريق امام مقاصد المستعمرين المشؤومة. وعمل شعراء البلاط والكتاب المأجورون والخطباء الذيليّون ضد الإسلام وضد خادمي البلاد والإسلام ابتداءً من الرجال الاطهار إلى كبار العلماء، بواسطة الأقلام والالسن والاشعار والمقالات، ليفصلوهم عن الشعب ويفصلوا الشعب عنهم. وبسطوا ظلال الاستبداد والاستعمار المشؤومة طوال خمسين عاماً على كل بلادنا العزيزة، إلى درجة لم يبق معها لأحد مجال لقول الحق. انني انذركم ايها الشعب النبيل المظلوم بأن مخلّفات ذلك الشيطان الكبير والشياطين الآخرين في كافة ارجاء البلاد، يخططون بشكل مدروس لنفس المشروع الذي كان في زمن رضا خان، ويحاولون تنفيذه بخبث، وهي خطة تضعيف رجال الدين الملتزمين وتضعيف قوات الشرطة بتهمة الانتماء إلى السافاك والتبعية للنظام الطاغوتي.
لذلك فانني، وانطلاقاً من شعوري بالخطر والرغبة في الحيلولة دون تنفيذ هذا المخطط المشؤوم ولصيانة البلاد العزيزة والإسلام العظيم، اعفو عفواً عاماً- على اعتاب السنة الجديدة- عن كل الزمر التي لم تتلوث ايديها بدماء الابرياء، ولم يأمروا بقتل النفوس، ولم يكونوا جلادين يمارسون التعذيب، ولم يأمروا بتعذيب ينتهي بالموت، ولم يحيفوا على بيت المال واموال الشعب، سواء كانوا عسكريين أو من سائر قوات الشرطة أو السافاك أو المتظاهرين بالانتماء إلى سلك رجال الدين من التابعين والمرتبطين بالنظام السابق. من هذا التاريخ فلاحقاً لا يحق لأي شخص التعرض لأحد، لا الشخصيات المسؤولة ولا الجماعات غير المسؤولة. ومن واجب حضرة السيد رئيس الجمهورية ان يوقف هذه الفوضى الموجودة، اكيداً وبالقوة، ويحيل إلى القانون المتخلفين من أي فئة كانوا. ومن واجب حضرة السيد قدوسي المدعي العام للثورة، ان يقدم المتخلفين من اية فئة كانوا إلى المحاكمة، ويلزمهم عن طريق السيد رئيس الجمهورية بالمثول في المحاكم، وتطبيق العدالة بحقهم.
واما العناصر المتهمة باحدى الممارسات اعلاه ممن لا يمكن العفو عنهم، فلا يحق لأحد التعرض لهم فيما عدا المحاكم الصالحة، والمكلفون من قبلها من اجل تسليمهم إلى المحاكم. وعلى كافة المحاكم في إيران بعد الفراغ من ملف المتهم، ان تبعث الملف أو نسخة منه إلى طهران إلى السيد قدوسي المدعي العام للثورة من أجل المتابعة النهائية. وعلى السيد قدوسي ان يشكل لجنة أو لجان مؤلفة من قضاة الشرع، لمتابعة هذا النوع من الملفات واجراء حكم العدل الإسلامي. ولحضرة السيد رئيس الجمهورية- بعد متابعة جرائم المحكومين الذين في السجون- ان يمنح درجة واحدة من التخفيف لمن يستحق هذا التخفيف، واطلاق سراح من يمكن اطلاق سراحهم. وينبغي ان أذكّر بان هذا العفو والتخفيف مشروط بأن لا يعود هؤلاء الاشخاص بعد العفو عنهم واطلاق سراحهم إلى سابق اعمالهم أو ما يشابهها، والا فسوف تُطبّق عليهم عقوبة جرائمهم السابقة مضافاً إلى جرائمهم الجديدة. واطلب من كافة اخوتي في الإيمان ان يجتنبوا الانتقام والتذرع، وان يتبعوا الرسول الاكرم (صلّى الله عليه وآله) في جعل العفو والتسامح منهجهم. وارجوا من الشباب الاعزاء ان يكونوا عطوفين، ويتبعوا اسلوب الاحسان الذي يرضاه الله ويؤكد عليه القرآن الكريم.
أسأل الله تعالى السلامة والسعادة للجميع.
الثلاثاء 28/ 12/ 1358 ه- ش
روح الله الموسوي الخميني
طهران، شميران، دربند
بداية السنة الايرانية الجديدة
عفو عام
رئيس الجمهورية والمدعي العام للثورة الإسلامية
جلد ۱۲ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۱۶۶ تا صفحه ۱۶۷
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417