شناسه مطلب صحیفه
نمایش نسخه چاپی

خطاب‏ [خمسون عاما من التآمر لزرع الفرقة بين فئات الشعب‏]

طهران، حسينية جماران‏
خمسون عاما من التآمر لزرع الفرقة بين فئات الشعب‏
أساتذة وطلاب الحوزة العلمية- أساتذة وأعضاء الاتحادات الإسلامية لطلبة الجامعات في انحاء البلاد
جلد ۱۲ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۲۷۲ تا صفحه ۲۸۱

بسم الله الرحمن الرحيم‏

النيل من علماء الدين؛ الخطة الأصلية لرضا خان‏

علي أن أقدم لكم أيها السادة ممن لم يدرك عهد رضا شاه عرضاً تاريخياً موجزاً، حتى تدركوا طبيعة هذه الأيدي التي تعمل الآن. فبعد أن قام رضا خان بانقلابه وجاء واستولى على طهران، بدا رجلًا مقدساً إسلامياً يخدم الشعب. حتى قيل أنه كان يحضر المجالس التي كانت تقام في الكثير من التكايا التي كانت في طهران آنذاك.
وقد رأيت بنفسي مواكب العزاء التي يقيمها العسكريون في طهران، وشاهدت أحد مجالس العزاء التي أقامها رضا خان نفسه وحضر فيها. هكذا كان الحال إلى أن استتب حكمه. لقد خدع الشعب، خدع كل فئات الشعب، إلى أن قوي موطئ قدمه. حينما قوي موطئ قدمه، كان هدفه الأول وفي طليعة برامجه التي رسموها له، النيل من رجال الدين. بدأ مخططه بإضعاف هذه الشريحة. كانت الخطة أن تخسر هذه الشريحة سمعتها في أوساط الشعب، حتى يتمكنوا من القيام بما يريدون. استعد الصحفيون آنذاك ووسائل الاعلام العامة واصحاب الأقلام، وانهمكوا في العمل ضد رجال الدين. عملوا حتى عزلوا رجال الدين وقاطعوهم، حتى ان سيارات الأجرة ما كانت تقلهم. كانت الدعايات واسعة إلى درجة أنهم انحرفوا بشبابنا، حتى الشباب المتدينين. الهدف الأول كان رجال الدين. هذه المدرسة الفيضية التي تلاحظونها، كان يسكنها آنذاك ستمائة أو سبعمائة من الطلبة، هؤلاء كانوا لا يستطيعون المكوث داخل المدرسة خلال النهار، كانوا يهربون إلى الحقول ويعودون أواخر المساء، لأن رجال الشرطة كانوا مكلفين بإلقاء القبض عليهم وأخذهم ونزع عمائمهم. كانوا يلاحقون علماء طهران. كانوا يأخذون بعض العلماء المعروفين إلى مخفر الشرطة ويقصون ثيابهم هناك حتى لا تكون طويلة ولا تكون ثياب رجال الدين، كانوا يقصونها هناك بالمقص. أية يد هذه التي أسقطت رجال الدين آنذاك وقمعتهم؟ ورغم أنهم كبتوهم إلى هذه الدرجة، لكن الجماعة الوحيدة التي نهضت في وجه رضاخان هم رجال الدين، مرةً علماء تبريز، ومرةً علماء خراسان، وتارة من‏ اصفهان حيث كانت الأبعاد أوسع. جاء علماء إصفهان إلى قم والتحق بهم علماء البلاد، وللأسف فان السلطة قمعت الانتفاضات كلها. وقم التي كانت نهضتها الأقوى، فقد خدعوا الكثير منهم وضحكوا عليهم. كان على رأسهم المرحوم الحاج نور الله الاصفهاني الذي يقال أنهم دسوا له السم ومات في قم «1». أية يد هذه التي قمعت علماء الدين هكذا وما هي الأهداف؟ أية يد هذه التي فصلت علماء الدين هكذا عن الجامعيين حتى لم يكن بالإمكان ذكر اسم عالم الدين في الجامعة، ولا اسم الجامعي في المدرسة الفيضية؟ أية يد هذه التي فصلت بينهم هكذا وزرعت بينهم العداء؟ وأية يد هذه التي جعلت جامعتنا على تلك الحال حتى أن المتخرجين منها- باستثناء شريحة من الملتزمين- كانوا منحرفين ميالين لمدارس وعقائد أخرى؟ وأية يد هذه التي جعلت من الجامعة بؤرة حربية الآن في زمان انتصار الثورة؟ وأية يد هذه التي تعمل الآن وتريد ضرب رجال الدين تارة أخرى؟ ما الذي كانوا قد رأوه من رجال الدين، وما الذي رأوه مؤخراً حتى فكروا هكذا بإعادة ما كان في زمان رضاخان في البلاد، وإهانة وسب رجال الدين والمعممين؟ من هم رجال الدين أصلًا وما الذي رأوه منهم؟ أية يد هذه التي فصلت هكذا بين هاتين الشريحتين، وتفصل بينهما الآن أيضا؟ إلا إذا اتحدا بالفضل الإلهي إن شاء الله.

الهيمنة عبر فصل علماء الدين عن الجماهير المسلمة

إنهم بدراساتهم المطولة حول الجماهير في الشرق والمسلمين والبلاد الإسلامية، وخبرائهم الذين جاؤوا بأشكال مختلفة لهذه البلاد الإسلامية وبحثوا ودرسوا، وجدوا أن الجماهير المسلمة قريبة من رجال الدين، ورجال الدين لهم نفوذهم في أوساطهم. رجل الدين في المدينة وإمام الجماعة له علاقاته بأهالي تلك المدينة. فالناس تسمع كلامه، وبالتالي إذا أرادوا تمزيق هذه الأمة والهيمنة عليها يجب أن يفصلوا الناس عن رجال الدين، ورجال الدين عن الناس. حسناً، لماذا زرعوا مثل هذا الاختلاف بين الجامعة ورجال الدين بحيث لا يمكن التفوه باسم عالم الدين في الجامعة، وإذا أراد الجامعي أن يصلّي، يجب عليه أن يصلي خفية، وفي المدارس [الدينية] أيضاً إذا ذكرت الجامعة فلا تتلقى بشكل حسن. كل هذا بناءً على دراساتهم التي اجروها، ومن الواضح أن هاتين الشريحتين العقل المفكر في المجتمع. إذا فصلوا هاتين الشريحتين عن بعضهما سيكون بوسعهم تنفيذ ما يرومون تنفيذه. اما إذا التحمت هاتان الشريحتان فلن يكون بمستطاعهم بلوغ مآربهم. ولهذا عكفت الأقلام والخطابات ووسائل الإعلام وما إلى ذلك-- حيث كانت في خدمة الأجانب-- لفصلهما وزرع العداوة بينهما. كما زرعوا الخلافات بين‏ كل فئات المجتمع. بعدما شاهدوا قدرة الإسلام وقدرة رجال الدين وقدرة الجامعة، ولاحظوا أن هؤلاء حينما اتحدوا تمكنوا من إسقاط مثل تلك القوة الشيطانية، حيث لم يكن أحد في العالم يتوقع أن تستطيع إيران طرد هذا الخائن «2»، باعتبار أن كل القوى كانت تقف خلفه، كل القوى سواء القوى غير الإسلامية وأهمها أمريكا، والاتحاد السوفيتي أيضاً، أو الحكومات المنحرفة في بلاد المسلمين. كل هؤلاء كانوا حماته. لاحظنا أننا حينما أردنا في العراق أن نبدأ بتصعيد المواجهة ضد الشاه، لم يسمح لنا العراق بالبقاء هناك. وحينما أردنا الانتقال إلى الكويت، لم تسمح لنا الكويت بالدخول إليها. وقد وجدت أن الحال ستكون على هذه الشاكلة في أي من بلاد المسلمين نريد الذهاب إليها. وأراد الله أن يكون الوضع أفضل مما كنا نتوقع وتوجهنا إلى مكان لم يكن خاضعاً لسيطرة إيران «3». ومع أننا واجهنا هناك أيضاً بعض المعارضة في البداية، بيد إن تلك المعارضة تضاءلت شيئاً فشيئاً. إنهم يفكرون الآن أكثر مما كانوا يفكرون في زمن رضا خان. كانت هناك دراسات وتصورات ترى أن عالِم الدين إذا اتحد مع الجامعي، وإذا تحققت لعالِم الدين قواه الدينية، فلن يدعنا ننتفع من إيران كما يحلو لنا. كانت هذه العقلية والتصورات موجودة، وكانت متطابقة مع الواقع، لكنها كانت مجرد تصورات. واليوم أصبحت هذه الذهنية أمراً عينياً بالنسبة لهم، فقد شاهدوا أن علماء الدين بادروا الى الاتحاد مع الجامعيين وقد اتحد معهم الجامعيون بمقدار التزامهم، وحتى الذين لم يكونوا ملتزمين حرصوا بأن يكونوا على صوت واحد، وكذلك سائر القطاعات وكل الشعب. ومع أنهم كانوا يعرفون أن لرجال الدين نفوذهم، الا انهم لم يكونوا يتصورون أن نفوذهم بهذه الشدة. حينما راح الشاه يعتذر،- حين لجأ إلى الاعتذار- وجاء بشريف إمامي «4» ونصّبه، قالوا أننا أخطأنا ولم نكن نعرف أن الناس يريدون رجال الدين إلى هذه الدرجة، وأننا سنكفِّر عن خطايانا ونخدم رجال الدين، شرعوا باطلاق هذه الوعود ليخدعوا الناس، ولكن الآذان ما عادت تصغي إليهم.

عدم خلط الأمور في الثورة الثقافية للجامعات‏

لقد شاهدوا اليوم قدرة الإسلام، شاهدوا أن شعباً قوامه خمسة وثلاثون مليوناً، والشباب الذين بوسعهم أن يعملوا ربما كانوا خمسة عشر مليوناً، أو ثمانية عشر مليوناً، أو عشرين مليوناً، من دون أن تكون لهم معدات عسكرية أو تدريبات عسكرية، انتصروا بالقبضات العزلاء على كل القوى، ولم يستطع الجميع الإبقاء على ذلك الشخص الذي أرادوا الإبقاء عليه. شاهدوا عياناً مدى قدرة الإسلام. والآن يحاولون بشكل أكبر وأسوأ أن لا يتحقق الإسلام. لماذا هذه الخنادق التي أنشئت في الجامعات ومن الذين أنشأوها؟ هل هم أولئك الذين يريدون أن تعود الجامعات- التي غدت نموذجاً مصطنعاً من الغرب- الى أصالتها فتكون جامعات إسلامية تخرِّج أفراداً إسلاميين ملتزمين، هل هؤلاء هم الذين تخندقوا؟ أم الذين عملوا وكتبوا في زمن رضا خان من أجل نسف الإسلام وقواه هم الذين تخندقوا؟
نحن ندعو الى الثورة الثقافية، وطبعاً ينبغي أن تشمل هذه الثورة كل شي‏ء، ولكن يجب أن لا نخلط الأمور. وقد سمعت إن الذين تحدثوا ويتحدثون عن الثورة الثقافية يخلطون الأمور ببعضها، وهذا ما يجعل الطريق أطول وأبعد. الجامعة والفيضية «5» ينبغي أن يتداولوا في شؤون الجامعة فقط، ولا يتداولوا فيما يخص اقتصاد الشعب. إذا جاءت الجامعة وأرادت إشاعة ثقافة تتعلق حتى بالاقتصاد، وصناعة ثقافة إسلامية، ستتأخر عن ايجاد الثقافة الإسلامية حتى في الجامعة. وإذا جاءت شريحة أخرى تستطيع القيام بالثورة الثقافية في الجيش مثلًا، وأرادت أن تخلط الأمور وتعمل بالثورة الثقافية في الجامعة، فانها ستخسر حتى مهمتها الأصلية. على كل شريحة أن تعمل في موضعها وفي المركز التي هي جزء منه وعضو فيه. يجب أن لا تخوضوا في شؤون الثورة الاقتصادية، ولا يخوض المعنيون بالثورة الاقتصادية وراء الجامعات. وأنا أقول لكم الآن أن هذا خلط للأمور، وطبعاً أنا لا أعرف من بين الذين يقعون في مثل هذا الخلط أفراداً خونة، لكنهم ذُهلوا. الذين يقولون إننا يجب أن نصلح الأمور كلها دفعة واحدة، ولا يفصلون بين شي‏ء وآخر، ولا يقسمون الأمور إلى أجزاء، بل يريدون التعاطي مع كل شي‏ء، ودمج هذا الجهاز مع ذاك الجهاز، ولا يدعون متخصصي كل جهاز يعملون على جهازهم بشكل مستقل، من المحتمل أنهم قد ذُهلوا. حينما نريد اصلاح الجامعة والقيام بثورة ثقافية في الجامعة، يجب أن لا نخلط كل الأمور ببعضها. كل شي‏ء يجب اصلاحه، ولكن كل شي‏ء في مقامه. السوق ينبغي اصلاحه، ولكن يجب على الجامعي أن لا يتدخل في شأن السوق. مجموعة معينة يتعين أن تذهب إلى السوق وتقوم بالثورة الإسلامية والثقافية هناك. ويجب أن يكونوا من رجال السوق الملتزمين.
وفي الجيش أيضاً يجب أن تقوم ثورة ثقافية، وآمل أن يكون وقت ذلك قد حان، ولكن ليس من شأن الجيش أن يتعاطى مع ما يجري في الجامعة، ما شأنه بذلك؟ ومع أنهم جميعاً مترابطون ببعضهم، ولكن، على كل واحد منهم أن يقوم بمهمته. قيل سابقاً في شعائر التشابيه- لواقعة الطف- التي كانوا يقيمونها أن الشمر الجيد هو الذي يكون شمراً، أما إذا أراد الشمر- حينما يتكلم أو يرتجل الشعر- أن يكون كالإمام الحسين فلن يكون شمراً. في حين‏ كانوا كلهم جماعة واحدة ويريدون أن ينتجوا مشهداً واحداً، ولكن على كل واحد أن يقوم بمهمته جيداً، ولا يتدخل في شؤون الآخرين. إذا تدخل كل واحد منهم في شأن الآخر، لن يخرج المشهد إلى النور جيداً. على كل واحد منا أن يقوم بمهمته جيداً. إذا تدخل كل واحد في كل شأن من الشؤون، فسيعجز عن القيام بأي شي‏ء.

مخطط زرع الفرقة بين الحوزوي والجامعي‏

وأنا أقول لكم الآن، إن الأقلام والخطابات والمؤامرات تريدكم أن لا تواصلوا ما أنتم عاكفون على إنجازه. يريدون أن لا تتحد شريحة علماء الدين مع شريحة الجامعيين. إنكم في بداية الطريق، بدأتم لتوكم. أخال أنهم سيهمسون في آذان من هم في الفيضية وفي المراكز العلمية الأخرى بأشياء تدعوكم الى الابتعاد عن هذه المجاميع. ويهمسون في آذان الجامعيين أشياء لكي يفصلوهم عنكم. لقد ساءهم اتحاد الشعب. وهم خائفون الآن من الإسلام. وقد رأوا عياناً ما الذي حدث. أنهم يرون تظاهراتكم ويرون تجمعاتكم وهتافاتكم الإسلامية فيتألمون.

القومية؛ خلاف الإسلام‏

قبل أيام قرأت مقالا لأحدهم يقول: لماذا تخافون من النزعة القومية؟ لماذا لا تقولون مجلس الشورى الوطني «6»؟ وأنا أقول لهذا الرجل، لماذا تخافون أنتم من الإسلام؟! ومجلس الشورى الوطني مضى عليه أكثر من خمسين عاماً، ولم نر له أي أثر صحيح. ما أن تظهر شخصية صالحة حتى ينبري لها خمسون من عبيد الاستعمار ويقمعونها. إنني أقول لهؤلاء أننا نتبع الشعب والجماهير. نحن بحد ذاتنا لسنا بشي‏ء، إنما نريد أن نعرف ماذا يريد هؤلاء ال- 35 مليوناً. وجدنا أن ما يريده هؤلاء ال- 35 مليوناً هو الإسلام. منذ البداية والى النهاية أقوالهم دعوة الى القومية. القومية تتعارض مع الإسلام. جاء الإسلام بنظرة واحدة للجميع، لكافة المجتمعات. القومية هو ما يحدث الآن في أمريكا بين السود والبيض. وكارتر الذي يدعي الدفاع عن الإنسانية، يقتل السود ويؤذيهم هكذا. القومية التي تدعو إليها بعض الحكومات العربية: العروبة ولا غير. القومية هي هذه العنصرية الإيرانية. هذه العنصرية العربية، وهي على الضد من أحكام الله وبخلاف القرآن المجيد. حينما نقول الجمهورية الإسلامية ومجلس الشورى الإسلامي، فلأننا لم نر أية معجزة من الدعوات القومية. فقد أعادونا إلى الوراء خمسين عاماً أو أكثر. أكثر من خمسين عاماً وهم يختلقون العراقيل.

صورية المجلس قبل الثورة الإسلامية

طوال الفترة التي كان فيها مجلس شوراهم الوطني، لم يحصل ولا مرة أن صوّتت الجماهير في كل انحاء البلاد بشكل حر. قبل رضا خان ومحمد رضا حينما كنا في زمن القاجار، أنا أتذكر، يومذاك كان الاقطاعيون والأمراء، يأتون بالناس عنوةً، جماعات جماعات إلى الصناديق ليصوتوا لهم. لم يكن للناس خيار، ولم يكونوا يعرفون الأمر. كانوا يعطونهم ورقة فيأخذونها ويضعونها في الصندوق. وحينما تسلط رضاخان وتسلط محمد رضا وكلكم تعلمون، أي انكم ادركتم زمان محمد رضا وشاهدتم أنه لم تكن له صلة بالشعب. محمد رضا نفسه قال في حوار أن لائحة هؤلاء النواب كانوا يبعثونها لنا من السفارات، وكان يريد القول أن الأمر ليس كذلك الآن. كانوا يبعثونها لنا وكنا ملزمين بتنصيبهم. هذا اعتراف من شخص كان يحكم البلد وهو غاصب للسلطة ومطلع على الأمور. وهذا ما يكشف لنا من هم الذين كانوا يدخلون آنذاك في هذه المجالس. أشخاص تفرضهم السفارة الأمريكية أو السفارة السوفيتية. قال هذا من أجل أن يقول أن الأمور ما عادت كما في السابق. حطّ من قدر أبيه ليبرز نفسه ويستميل الناس إليه. هذا اعتراف منه أن قائمة نواب المجلس كانت تأتيهم، وكانوا هم مرغمين على تعيين من فيها وتنصيبهم. هذا يكشف لنا عن طبيعة الأشخاص الذين كانوا في مجلس الشورى الوطني وليس الشورى الإسلامي. كانوا عبيداً للأجانب دخلوا المجلس بقوة أسيادهم عنوةً.
طوال تاريخ المشروطة «7» لا يمكن أن تجدوا في إيران من اقترع بنفسه، حتى في تلك الدورات الأولى. نعم، في تلك الدورات الأولى اقترعت طهران بنفسها، لكن الاقطاعيين لم يكن بمقدورهم فعل شي‏ء في طهران، اما في المدن الأخرى وفي القرى وما شاكل فكان النظام اقطاعياً، وكان الاشراف والاقطاعيون يأخذون الناس الى صناديق الاقتراع ليصوّتوا لمن يملونه عليهم. هذه أول مرة ترون فيها مجلساً إسلامياً يتشكل بإرادة الشعب. وفي كل إيران حتى لو كان ثمة شي‏ء، فلم تكن القضية بحيث يأتون بالناس عنوة ليصوتوا. ولم يكن هناك غش أو تلاعب. وما شوهد لم يكن بشي‏ء ذي أهمية. هكذا يهرع الناس بحرية نساءً ورجالًا، أطفالا وكباراً، ممن يستطيعون التصويت، ذهبوا بحرية واقترعوا. رأيتم طهران ورأيتم قم ورأيتم بعض الأماكن وسمعتم عن بعضها. خصومنا لا يريدون رؤية مثل هذا المجلس الذي هو للشعب وللإسلام واعضاؤه إسلاميون في الغالب،- عدا الأماكن التي حصل فيها تلاعب- ولا يستطيعون رؤية الجامعي ورجل الدين يلتئمان ويتعايشان تحت سقف واحد.

مساعي العملاء لضرب النظام الإسلامي‏

إني أحذركم من أنهم يعملون للتفرقة بينكم. انكم الآن نبتة صغيرة وعلاقاتكم لا تزال طرية، ابتدأت لتوها ولم تصل بعد الى موضع راسخ. وكلكم مستهدَفون من قبلهم، لكي لا يسمحوا بقيام مشروع إيجابي في الجامعة، إذا أمكن فبالبنادق والخنادق، وإن تعذّر ذلك فبالحيل الشيطانية. أية يد تلك التي تكتب تلك الشعارات على جدران الجامعة؟ وما الذي تريد أن تفعله؟ الذي يجمع الجموع ويتحدث بما يتعارض مع الإسلام، أية غاية يرومها هؤلاء؟ هل حقاً يرون أن الجامعة ورجال الدين يضرون بالشعب، ويريدون القضاء عليهم لأنهم يضرون بالشعب؟ انهم جماعة تشهر البنادق والسلاح في وجه الشعب، وأسلحتهم الآن مخبأة إلى حين تسنح لهم الفرصة. انهم أولئك الذين يريدون أن تتمرد كردستان وما إلى ذلك. وقد تم ويتم التطهير هناك والحمد لله. انهم يملكون بنادق وأشياء واضح من علاماتها انها من إسرائيل، ومن السوفييت أيضاً، من الجانبين. انهم ينظرون الى الإسلام كعقبة في طريقهم. وهؤلاء بمثابة الأطفال والأذناب، فيما أولئك الكبار هم الذين يوجهونهم ويدفعونهم إلى القيام بهذه الأمور. لقد وجدوا أن الإسلام إذا كان، وإذا اتحد علماء الدين والجامعيون، وإذا التحم هذان العقلان المفكران، فلابد أن يلتحم بهما سائر الناس، حينئذ لن يستطيعوا العودة إلى هنا والقيام بما يشاؤون.
يعلمون أنه لا يمكن تنفيذ أي انقلاب في إيران الآن، ولا أحد يفكر بهذا أصلًا، ولا يستطيع أحد أن يأتي من الخارج ويقر له قرار. لقد تلقنوا درساً من أفغانستان أيضاً، حيث جاؤوا بكل الاسلحة الحديثة وكل الهليكوبترات والطائرات وحتى العسكريين المدربين جاؤوا بهم إلى أفغانستان لكنهم لم يستطيعوا اخضاع الشعب الأفغاني، بل صاروا ينحدرون كل يوم صوب الهزيمة. أفغانستان التي تتحالف حكومتها معهم، ويؤيدهم الذين يتبعون الحكومة. وفي إيران ليس ثمة فارق بين الحكومة والشعب والجميع متكاتفون مع بعضهم، والكل متعاضدون وايديهم في ايدي بعضهم، لذلك لا يستطيعون المجي‏ء إلى هنا والقيام بعمل ما. ثم أن الله تبارك وتعالى معنا.
إننا نريد طرد هؤلاء الأجانب من بلدنا قربة إلى الله، وتنحية معارضي الإسلام أو هدايتهم. حينما نريد القيام بهذا في سبيل الله فإن الله تبارك وتعالى سيكون معنا، ولكن شريطة أن نعمل كما كنا في مطلع الثورة وفي غليان الثورة حينما استبعدنا كل الغايات، ولم تكن لنا الا غاية واحدة هي الجمهورية الإسلامية والإسلام، ولم يفكر أي منا ماذا سيكون عشاؤنا هذه الليلة، أو ماذا سيكون منصبنا في الدائرة. لا تتصوروا أن الأمر مضى وانتهى ولنذهب الآن إلى ممارسة حياتنا الطبيعية، كلا.

إيحاءات العدو لتثبيط الجماهير عن دعم النظام الإسلامي‏

إذا أردتم أن تعيشوا حياة شريفة عزيزة، يجب أن تحذروا من هذه الإيحاءات التي يوحونها إليكم، أي إلى الشعب، إذ أنهم يوحون إليهم أن الجمهورية الإسلامية جاءت ولم تفعل شيئاً. هذا من أجل أن يثبطوكم عن دعم الجمهورية الإسلامية، انها خطة من أجل أن تعتزلوا جانباً فيضربوا الجمهورية الإسلامية ويقضوا عليها. والحال إن الجمهورية الاسلامية قدمت خلال السنة التي مرت على قيامها، خدمات كثيرة لأبناء الشعب بمقدار فترة حكم هذين الرجلين الخائنين «8» رغم المشاكل التي وقعت عليها من كل صوب. أما القرى فلم تحصل على شي‏ء طيلة مدة الحكم الغاصب لهذين الخائنين، إذ انهما قد حرما الجميع من كل شي‏ء. والآن يجري العمل لتقديم الخدمات في الكثير من الأماكن، والناس أنفسهم، والشعب نفسه والأجهزة الحكومية والشعبية وضعت يداً بيد وعمرت تلك النواحي. على شعبنا أن لا يصغي لهؤلاء الذين يكتبون شعارات ضد الإسلام، ينبغي أن لا يصغوا لقولهم أن شيئاً لم يحصل. لو لم يحصل شي‏ء سوى جلوسنا أنا وأنت الآن هنا ونستطيع أن نتحدث بحرية، لكفى وهل في الدنيا شي‏ء أفضل من الحرية؟ لو لم يحصل سوى قطع يد الأجانب عن بلادنا-- وإن كانت جذورها ما تزال موجودة في حدود معينة-- لو لم يحصل شي‏ء، أفلا يجب أن نأخذ بعين الإعتبار هذه الأمور؟ أفلا نعتبر سقوط محمد رضا بكل ما كان له من قوة شيئاً مهماً؟ فهل جاءت الجمهورية الإسلامية ولم تفعل شيئاً! إذن ما هذا؟ هل ما يزال محمد رضا يحكم في بلادنا، والسافاك يمارس رذائله؟ يريدون أن يخدعوا الشباب، وشبابنا والحمد لله قد استيقظوا ولا ينخدعون بهذه السرعة. هؤلاء الذين يريدون تثبيطكم والإيحاء بأن الثورة لم تقدم انجازاً للشعب، ما الذي تريدون أن يحصل؟ في غضون سنة وعدة أشهر، تشكلت كل المؤسسات اللازمة لبلد إسلامي. وهذا ما لم يحصل في أي مكان من العالم.
في البلدان الأخرى تمضي عشرون سنة، أو ثلاثون سنة، أو خمسون سنة على قيامهم بالثورة من غير أن يكون لهم دستور. العراق الآن ليس له دستور، يجلس الآن بضعة اشخاص مع بعضهم ويحكمون الناس بالقوة. اما في إيران فلأن هذا الغليان الجماهيري كان من الناس أنفسهم وكانت هذه الثورة من صميم الشعب، والجميع كانوا إسلاميين، فقد تحققت كل الأمور الأساسية التي يتطلبها البلد. لم يبق لنا شي‏ء يوجب التأخّر في هذا المجال. بعد هذا يجب القيام بالبناء وهم إن شاء الله يعملون وسيتحقق ذلك. لا تخدعنكم هذه الأقلام المسمومة، هذه المجلات وبعض الصحف التي تخدم الآخرين، ويعطونها للأسف تراخيص صدور كل يوم، لا يخدعكم هؤلاء. هذه الأمور التي يهمسون بها في آذانكم في الجامعة، أو في المدرسة الفيضية مثلًا، ينبغي أن لا تجد آذاناً صاغية عندكم. بسبب هذا الاتحاد الموجود بينكم فقد أصبحتم الآن هدفاً لمعارضي الإسلام ومعارضي الشعب ومعارضي الفيضية، انكم الآن مستهدفون من قبلهم. إن مواصلة العمل أهم من البدء به؛ لأن البدء به ممكن، ذهبتم ثلاثة أيام إلى قم وتحدثتم وتفاهمتم والحمد لله، وتقاربتم والحمد لله، على أن مواصلة هذا العمل هو المهم. عليكم أن تضعوا موعداً كل عدة ايام وكل فترة لتجتمعوا وتوحدوا اصواتكم.

الجامعة غير الإسلامية تخدم الأهداف الاستعمارية

أتمنى أن يكون ائتلافكم هذا أمراً جد مبارك. وأن تستطيعوا بائتلافكم أسلمة الجامعات والمراكز العلمية. إننا نعرف كل مكان وكل مصنع من الأشياء التي ينتجها. المعمل الذي ينتج السكر ننظر جودة سكره، ونفهم بذلك مدى جودة ذلك المعمل. ومعمل النسيج الذي ينتج الصِرج نفهم ما هو مما ينتج. ومن نتاج مصانعنا الجامعية يجب أن نفهم ما هي، ما هي نتاجاتها. السادة الذين يقولون ماذا قدّمنا للجامعة خلال هذه السنة، لننظر نحن؛ ما الذي فعلوه هم خلال هذه السنة؟ ماذا كانت النتاجات؟ ماذا كانت النتاجات على مدى الخمسين عاماً الماضية؟ هل خرّجت الجامعات خلال الخمسين عاماً الماضية مليون جامعي مثلًا يخدمون الشعب ولا يخدمون الآخرين؟ هل خرجت الجامعة أشخاصاً يفكرون أن يعملوا لشعبهم ولا يرتبطون بالآخرين؟ من أين جاء هؤلاء الشيوعيون؟ من أين جاء هؤلاء الماركسيون؟ من الجامعات. أننا نفهم المعالم من هذه الدلالات. نفهم ما الذي كان يجري داخل الجامعات، لأن هذه هي حصيلتها. وطبعاً كان هناك عدد من الملتزمين، وهم موجودون في كل مكان. ولكن الجامعة التي ينبغي أن يكون قد دخلها عدة ملايين في غضون هذه الخمسين عاماً، يجب أن يكون قد تخرج منها اكثر من مئة مليون. لو كانت هذه الجامعة خرّجت جيلًا طيباً لكان بلدنا اليوم جنة، ولما كنا بحاجة إلى القتال أو النهضة أو الثورة. كانت حصيلتها غير طيبة، بحيث لم يستلموا منصباً إلا وعملوا لصالح الأجانب. لصالح من عمل هؤلاء الذين استلموا هذه المناصب؟ هل عملوا للشعب؟ كانوا حصيلة هذه الجامعات، انهم خرجوا من الجامعات إلى الوزارات وتسلموا زمام الأمور، ولم يعملوا إلا للأجانب. لو كانوا قد عملوا لإيران، لو كانت الجامعة في خدمة إيران، فهل كنا الآن بحاجة الى التناحر والنزاع؟ وهل كانت الجامعة بؤرة لهذه التحركات المضادة؟ وهل كانت دوائرنا بهذا النحو من الإهمال والخمول وقلّة العمل؟ لم تستطع الجامعة أن تخدم هذا الشعب. كانت في خدمة الآخرين. الجامعات هي التي جعلت شبابنا على هذه الحالة. والآن أيضاً يريدون عدم فسح المجال للجامعة بأن تكون في خدمة الشعب. حينما نقول جامعة إسلامية، إنما نريد أن تكون لنا جامعة تتناسب مع احتياجات هذا الشعب، تكون لها كراسيها وتكون لأجل الشعب. لم تكن هنالك تربية في هذه‏ الجامعة، كانت هنالك تربية مضادة. التربية والتعليم كانت مجرّد لفظة تعني وزارة التربية والتعليم، لم يكن التعليم فيها تعليماً ولا التربية تربية. كان معنى التعليم أن يوجهوا شبابنا نحو الغرب والشرق، والتربية هي أن يجعلوهم لا اباليين، وعلى هذه الشاكلة التي ترون.

الاستقلال الفكري والعمل، ثمرة الثورة الجامعية

حافظوا على وحدتكم هذه، فهم سيتكالبون اليوم لينتزعوها من أيديكم. اعقدوا الإرادة على أن يكون بلدكم مستقلًا وتكونوا أنتم أحراراً. لتكن هذه إرادتكم. وكونوا أنتم أبناء هاتين الفئتين على ارتباط دائم. ينبغي أن يتولى وضع المناهج الدراسية الجامعيون وعلماء الحوزاتِ انفسهم، حتى يكون التعليم منسجماً مع حاجة البلاد، وليس مجرّد قراءة أشياء لاتنفعنا أصلًا. هناك العديد من الأشياء لا صلة لها أساساً بالبلد، والتربية الصحيحة هي انهم حينما يتخرّجون من الجامعة يكونوا مستقلين في أفكارهم ومستقلين في أعمالهم، ولا يخضعون للاتجاهات الشرقية والغربية، ويكونون في خدمة بلدهم، لا في خدمة الآخرين. هذا هو معنى الثورة الجامعية. يجب أن نعرف ثورة الجامعة من نتاجاتها. إذا كان النتاج بعد عدة سنوات نتاجاً إنسانياً إن شاء الله، ونتاجاً إسلامياً، ونتاجاً من الذين يجدُّون ويعملون لبلدهم، عندئذ سنعرف أن تحولًا قد حصل. وإذا بقيت الحال نفسها وتخرج منها الشيوعيون، وطُرد منها الإسلاميون، إذا كان الأمر كذلك، نبقى متلكئين دوماً ويجب أن نتوقع الأسوأ. لكننا نتمنى أن يكون الله تبارك وتعالى معنا ويعيننا، وسوف تصلح بلادنا إن شاء الله بفضل جهودكم أيها العلماء والخبراء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏

«۱»-مات ليلة الرابع من شهر دي عام ۱۳۰۶ ه--. ش. «۲»-محمد رضا بهلوي. «۳»-فرنسا. «۴»-جعفر شريف إمامي تولى رئاسة الوزراء بعد جمشيد آموزكار في ذروة الثورة. «۵»-المدرسة الفيضية أشهر مدرسة علمية دينية في قم. «۶»-كلمة«ملي»-الفارسية يراد بها الوطنية والقومية. «۷»-ثورة الدستور في إيران. «۸»-رضا خان وابنه محمد رضا بهلوي.


امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417
 

دیدگاه ها

نظر دهید

اولین دیدگاه را به نام خود ثبت کنید: