بسم الله الرحمن الرحيم
الاقتداء بالإمام علي (ع) في التعامل العادل مع الناس
أبارك هذا العيد السعيد لكل الشعب الإيراني خاصة حرس الثورة و القوات المسلحة الاخرى. أبارك لكم هذا اليوم الذي جعلته ولادة الإمام- عليه السلام- يوم ولادة العدالة المطلقة وولادة الرحمة الإلهية. أتمنى لهذه العدالة الإلهية التي ظهرت في الوجه النير لعلي بن أبي طالب- سلام الله عليه- أن تتجلى في شعبنا خاصة في قواتنا المسلحة. انكم باعتباركم حرس الجمهورية الإسلامية، وحرس الإسلام والقرآن، يجب عليكم كما كان الإمام- عليه السلام- مظهراً للعدل والرحمة، إن تقتدوا به، وأن تتعاملوا بالعدل والعطف مع الناس وفيما بينكم.
من الخصائص التي يذكرها الله تبارك وتعالى للمؤمنين أنهم: أشداء على الكفار رحماء بينهم «1»، انهم أشداء وأشاوس في مقابل الكفار، لكنهم رحماء عطوفون فيما بينهم. إذا أردنا أن نعرف هل نحن مؤمنون ونمتثل لأحكام الإسلام، علينا أن نتحرى هذا المعيار في أنفسنا، هل نحن مزمجرون ساخطون على المشركين، ورحماء عطوفون على المسلمين؟ كونوا رحماء بينكم. أتمنى أن نستطيع تطبيق هذه العدالة التي ظهرت في الإنسانية بيمُن وجود الإسلام وأولياء الإسلام، بعد 2500 عام من الظلم والأنظمة الظالمة، وبعد خمسين سنة من الخيانة والظلم والجور والنهب أتمنى أن نستطيع إن شاء الله تطبيقها في إيران أولًا، ثم في انحاء العالم.
الحفاظ على التحول الروحي الاعجازي لدى الشعب
على الاخوة أن يلاحظوا أن أي صفة كمال تريدونها في الدنيا، يجب أن يبدأها الإنسان من نفسه. إذا أردتم تطبيق الثورة الإسلامية والثورة الثقافية في إيران، يجب أن تنبع هذه الثورة من باطنكم أولًا؛ يجب أن يحصل تغيير جذري في نفوسكم. والحمد لله تعالى أن نفوس أبناء شعبنا وخاصة الشباب والحرس والجنود قد تحولت في هذه النهضة وفي هذه الثورة، تحولت تحولًا اعجازياً. تلك النفوس التي ما كان بالمستطاع تحويلها بسنوات من المجاهدة، تحولت بين ليلة وضحاها إلى نفوس إنسانية مضحية من أجل الإنسان والإسلام. شبابنا الذين جروهم طوال التاريخ وخاصة في الفترة الأخيرة إلى مراكز الفساد، حيث كانت خطتهم تقضي باستمالة الشباب إلى مراكز الفساد، لكي تخلو الساحة للناهبين، هؤلاء الشباب تحولوا في هذه الثورة بنحو اعجازي من مراكز الفساد إلى سوح الجهاد.
الذين لم يكونوا يفكرون الا باللهو وما شاكل، تحولوا فجأة إلى أناس أداروا ظهورهم لذلك النظام، ولتلك العلاقات التي بناها في هذا العالم، أداروا ظهورهم لها وتوجهوا نحو القرآن الكريم والإسلام. بورك عليكم هذا اليوم، وبورك عليكم هذا التحول. لكننا نحتاج من الآن فصاعداً أيضاً أن يبقى هذا التحول الروحي، نحتاج كلنا، ويحتاج الإسلام، وتحتاج التعاليم الإسلامية السامية أن تحفظوا هذا التحول الروحي الذي حصل في بداية الثورة وكان تحولًا معجزاً. إذا حصل انحطاط أخلاقي أو فكري أو عملي، لكان هذا نكوصاً إلى الوراء ورجعية. وإذا تقدمتم إلى الامام بنفس الخُلق الذي تجلى فيكم أثناء الجهاد، وبنفس التحول الذي حصل أوائل الثورة، وبواسطته استطعتم تدمير الظلم، ستسيرون إن شاء الله نحو القرآن ونحو الإسلام ونحو الله.
الصراط المستقيم صراط الإنسانية والكمال
هذا هو الطريق، هذا هو الطريق المستقيم. الطريق الذي تقرؤون في سورة الحمد أثناء الصلاة: (إهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) «2»، الصراط المستقيم هو صراط الإسلام، صراط الإنسانية، صراط الكمال، أنه الطريق إلى الله. هنالك ثلاثة طرق: الطريق المستقيم، والطريق الشرقي؛ المغضوب عليهم، والطريق الغربي؛ الضالين. سيروا على هذا الطريق المستقيم وهو طريق الإنسانية وطريق العدالة وطريق التضحية في سبيل الإسلام والعدالة الإسلامية. إذا سرتم في هذا الطريق المستقيم بدون انحراف لهذا الجانب أو ذاك، وبدون انحراف نحو الشرق والغرب، وبدون انحراف صوب تلك العقائد الفاسدة، فسيفضي بكم إلى الله. إذا سرتم بطريقة مستقيمة في هذا العالم، سوف تجتازون بنحو مستقيم ذلك الصراط الذي خُطَّ على جهنم. جهنم هي باطن هذه الدنيا. إذا سرتم هذا الطريق بنحو مستقيم ولم تنحرفوا يساراً أو يميناً، فسوف تجتازون صراط ذلك العالم بنحو مستقيم أيضاً من دون أي ميول نحو يسار أو يمين، إذ لو ملتم يساراً صرتم إلى جهنم، وإذا تحولتم يميناً صرتم إلى جهنم. طريق الله مستقيم؛ صراط الذين أنعمت عليهم.
الصراط، سبيل الذين منَّ الله عليهم وانعم؛ نعمة الإسلام اعظم النعم، نعمة الإنسانية اعظم النعم. لقد سرتم على هذا الطريق المستقيم، على هذا الطريق الذي قطعتموه وجئتم لأجل الإسلام ولأجل حماية الإسلام. ولكننا وكل الشعب يجب أن يكونوا حراساً للإسلام والقرآن الكريم. هذا الصراط مستقيم؛ إنه صراط حراسة الإسلام، صراط الجهاد في سبيل الإسلام، في سبيل الله، هذا هو الصراط المستقيم. انه الصراط المستقيم الذي تطلبونه من الله في الصلاة. لا تنحرفوا، فأحد جانبي الانحراف هم المغضوب عليهم، وجانبه الآخر هم الضالون؛ أولئك الذين غضب الله تبارك وتعالى عليهم، والذين ضلوا، كلاهما طريقه إلى جهنم. أيها الاخوة، مسيرتكم إلى الآن جيدة ومنّ الله عليكم بالتوفيق، فسيروا من الآن فصاعداً بنحو جيد أيضاً والله يؤيدكم. عاهدوا أنفسكم وعاهدوا ربكم أن تسلكوا هذا الطريق إلى آخره، وأن تكونوا جنود الإسلام إلى النهاية. وستقطعون أيادي كل المغضوب عليهم والضالين عن هذا الوطن. وفقكم الله وأيدكم جميعاً. وأنا خادمكم والداعي لكم جميعاً.