بسم الله الرحمن الرحيم
فزع الساسة الأمريكان من ثبوت الجرائم
يجب أن أشكر السادة الذين تجشموا العناء وجاءوا إلى بلدنا المدمر المظلوم. منّ الله على الجميع بالتوفيق لمواصلة طريق الحق ونصرة المظلومين في كل البلدان، إن شاء الله. لدي سؤال؛ وهو: لماذا يفزع السيد كارتر كل هذا الفزع من مجيء هذه الوفود إلى إيران. ولماذا فرض الغرامات على من جاؤوا إلى ايران من أبناء بلده علماً أنهم من الشخصيات البارزة؟ ولماذا يخشى إلى هذا الحد عودة الشاه إلى إيران؟ ولماذا يخاف محاكمة هؤلاء المحتجزين في السفارة هنا، والتي نسميها نحن وكر التجسس؟ إذا لم يكن قد تدخل في مقدرات بلادنا، ولم يكن للحكومة الأمريكية شأن بمصير بلادنا، ولو كانت سفارتها كالسفارات الصالحة، كان عليها أن تبادر الى ارسال هيئات للمتابعة. فلماذا تفزع كل هذا الفزع من اجراء تحقيق في هذا المجال؟ ما الذي فعلته يا ترى؟ ما الذي فعلته الحكومة الأمريكية في بلادنا حتى تفزع الآن؟ إذا كان الأمر كما تزعم ويزعم أنصارها، من أنها عملت بمنتهى الحسن واحترمت القوانين الدولية، ولم تعامل إيران بالظلم والجور، عليها حينما ندعي نحن شيئاً، أن تبعث هي الأخرى وفداً، وتأتي جمعيات من كل ارجاء العالم إلى هنا ويروا كيف تصرفت بطريقة حسنة! وكم تعاملت بإنسانية مع الجماهير الإيرانية، وان الإيرانيين هم ناكروا الجميل! لو لم يكن لنا أي دليل آخر على اجرام أمريكا سوى حيلولتها دون مجيء شخصيات من بلدها، وهم شخصيات كبيرة من شعبها، حيث فرضت عليهم غرامة خمسين ألف دولار وعشرة أعوام سجن.
ما الذي حصل يا ترى؟ ما الذي فعلته هنا يا ترى حتى فرضت غرامة على من يريدون المجيء إلى هنا للتحقيق في جرائمها؟ لو لم يكن لنا أي دليل إلا هذا، لأدرك الذين لم يكونوا مطلعين، أن ثمة شيئاً تخافه أمريكا. هنالك ممارسات قامت بها وهي الآن تخشاها.
البلدان الضعيفة ساحة دائمة لهجمات القوى العظمى
المؤسف أن الشعوب الضعيفة والبلدان الضعيفة تُسحق في حال الحرب وفي حال السلام. يقال أن الديك يُذبح في العزاء وفي العرس على السواء، وهكذا هي الشعوب الضعيفة. إنني أتذكر كلتا الحربين العالميتين، ولا أظن أن أحدكم يتذكر الحرب العالمية الأولى. لقد عشنا الحرب العالمية، كنت صغيراً لكنني كنت أذهب للمدرسة، والجنود الروس كنت أشاهدهم في مراكزنا هناك، في خمين، حيث كنا عرضة للهجمات في الحرب العالمية الأولى. والكثيرون منكم يتذكرون الحرب العالمية الثانية كيف تعرضنا لغارات القوى الثلاث؛ أمريكا وبريطانيا والسوفيت. كان جنودهم منتشرون في كل بلادنا تقريباً. السوفييت من تخوم طهران حتى خراسان تقريباً، وبريطانيا في قم وما جاورها، والآخرون في أماكن أخرى. كنا عرضة للهجمات وجعلوا منّا جسراً لانتصاراتهم. كان يجب أن نتعرض للغارات والهجمات حتى ينتصر السادة. وبعد ذلك حينما انتصروا وبدأت فترة السلام، ذبحنا تارة أخرى.
هكذا هي البلدان الضعيفة، تتعرض للغارات والهجمات والذبح في أوان السلام، وكذلك في أوان الحرب. كانت حالنا في السلام أسوأ من حالنا أثناء الحرب. في حين أن العالم أثناء السلام افضل واهدأ حسب ظنهم. فالقوى الكبرى أثناء السلم لم تكن في حالة حرب، وهذا ما أتاح لها الفرصة لتسلبنا كل ما نملك.
وطوال المدة التي كانت لبريطانيا وأمريكا سيطرة مباشرة ها هنا، لم يكن لنا أي شيء. لا ثقافتنا كانت ثقافة سليمة ولا هي بثقافتنا، ولا جامعاتنا كانت تربي اشخاصاً يكونون نافعين للشعب. لا قواتنا العسكرية كانت منا ولا وجودها من أجلنا. ولا الجوانب الاقتصادية كانت لمصلحتنا. كل المشاريع التي كانت تُطرح كانت تأتي من هناك. كَتَبَ الشاه المخلوع في أحد كتبه وقد جمعوه من الاسواق لاحقاً: أن هذه القوى الثلاث بعدما جاءت واجتمع زعماؤها في إيران، رأوا من الصالح أن أكون أنا، أن نكون نحن على رأس السلطة في إيران. ولا شك أن الذين كانوا حوله افهموه بعد ذلك انه ارتكب حماقة سيئة، فجمعوا الكتاب بعبارته تلك واتلفوه كما قالوا.
هذه وثيقة عن لسان شخص كان يحكم هنا ظلماً، هذا اعتراف منه بانهم هم الذين نصبوه هنا. ومن قبله حدث ذات الشيء لأبيه، ولكن في تلك المرة اعترف البريطانيون أنفسهم بهذا الأمر في إذاعة دلهي، وقالوا إننا نحن الذين جئنا برضا خان وسلمناه السلطة في ايران، إلا أنه خاننا فطردناه. وهذا اعتراف من بريطانيا، وذلك اعتراف من الشخص الذي كان عميلهم وصنيعتهم. في إحدى أحاديثه، قال محمد رضا أن قائمة نواب مجلس الشورى كانت تكتبها السفارة وتبعثها إلينا، وكنا ملزمين بأن نعينهم نواباً. ونحن أيضاً نعرف النواب من هذا القول، ونعرف كذلك محمد رضا، ونستطيع ان نعرف الأجهزة الحكومية من خلال هذا القول أيضا، وكذلك أمريكا والسوفيت وبريطانيا. هذه شواهد موجودة.
عدم وصول صرخة ظلامة الشعب الإيراني إلى العالم
نريد أن نعلم ما الذي كان يقوله شعبنا. منذ بداية مجيء رضا خان إلى السلطة وانهماكه في الافساد، ونهضة علماء الإسلام، من آذربيجان مرة ومن خراسان أخرى، ومن اصفهان مرة، حيث انضم إليهم علماء إيران من أماكن كثيرة تقريباً، هل كانوا يريدون الحرب؟ ما الذي كان يقوله هؤلاء؟ ما الذي قالته الجماهير في 15 خرداد؟ 15 خرداد التي تمر غداً ذكراها السنوية، ما الذي قالته الجماهير حتى استحقت ان يذبح منهم خمسة عشر ألف مظلوم كما قيل؟ وقيل أيضاً أن التوجيه كان من قبل الشاه المخلوع نفسه. ما الذي قاله هؤلاء حتى استحقوا هذه الأمور؟ ما الذي قاله شعب إيران طيلة هذه العشرين عاماً تقريباً منذ 15 خرداد إلى الآن؟ للأسف فإن كل وسائل الإعلام في الخارج والبعض في الداخل يخدمون القوى العظمى. لا نستطيع إيصال صوت ظلامة هذا الشعب إلى العالم، ليست لدينا وسائل. كل الصحف في الخارج تكتب ضدنا. كل الإذاعات ومحطات التلفزة في الخارج تبث ضدنا الأكاذيب. يصورون إيران في العالم وكأنّها غابة فيها مجموعة من المتوحشين يفترسون أرواح الناس ويقتلون الجميع ويقطعون أثداء النساء ويفعلون كذا وكذا. كيف نوصل نداء مظلومية هذا الشعب إلى العالم؟ من الذي يوصل هذا النداء إلى العالم؟ الكل في خدمتهم. لنرى هل بإمكانكم ذلك أيها السادة والسيدات الذين جئتم إلى هنا وحققتم في هذه الأمور؟ هل لديكم القدرة على اطلاع العالم على قضايا إيران؟ نحن نريد الحقيقة فقط، لا نريد الانحياز إلينا أبداً، نريد الانحياز إلى الحقيقة. أوصلوا الحقيقة إلى بلدانكم. قولوا لهم ما هي قضية 15 خرداد وسوف تشاهدون غداً إن هذا الشعب يعيش عزاءً على الدوام في ذكرى 15 خرداد، وما الذي صنعوه بهم في 17 دي «1».
أننا طيلة هذين العامين اللذين تصاعدت فيهما النهضة، كانت لنا مشكلة كل يوم، مشكلة مذبحة عامة. هل اطلعتم على السجون في زمان رضاخان ومحمد رضا، وخاصة في زمان محمد رضا؟ هل تستطيعون تصور ما فعله هؤلاء بشبابنا في طوامير السجون هذه؟ هل شاهدتم التلفزيون البارحة أو قبل البارحة حينما بث تقرير المحكمة لتروا ما هي قصة هؤلاء الذين تحدثوا عن تعذيبهم؟ كانت حالة أو حالتين. هل تعلمون أنهم قطعوا أرجل بعض رجال ديننا بالمنشار في السجن؟ هل تعلمون أنهم وضعوا بعض شبابنا في المقلاة إلى ان فاحت راحه الشواء؟ كيف نستطيع إيصال صوتنا للعالم؟ أتصور أنكم أيضاً لن تستطيعوا، غداً حينما تعودون إلى بلدانكم، ستبدأ الأقلام المأجورة وخونة الإنسانية بالكتابة ضدكم حتى يبطلوا مفعول كلامكم، ولكن قولوا الحق بقدر استطاعتكم.
الشعب الإيراني لا يخشى التدخل العسكري والحظر الاقتصادي
إن شعبنا قد ثار الآن ونهض، وأنا أرجو أن يسير قدماً، ولا تستطيع أية قوة أن تفعل في إيران مثلما كانت تفعل في الماضي. كل ما يسعى إليه السيد كارتر وأمثاله الآن أن يعيدوا الأمور إلى ما كانت عليه في زمن الشاه المخلوع، لكن هذه أمنية يجب أن تأخذها معها هذه القوى العظمى إلى القبر. إن إيران لن تسمح بعد اليوم بان يتدخلوا في شؤونها. إذا تصوروا أن لديهم الكثير من العسكر والكثير من المعدات الحربية والكثير من وسائل الدمار، فنحن لدينا الكثير من المظلومين والكثير من القبضات المشدودة، ويوم المظلوم أشد من يوم الظالم. يريدون أن يفرضوا علينا الحظر الاقتصادي وقد فعلوا. وللأسف فإن هذه الدول التي تزعم انها متحضرة ومستقلة، تتكشف حقيقتها من خلال هذه القضية. كارتر يجلس هناك ويحكم. وهذه الشعوب، اقصد الحكومات، هذه الحكومات المفروضة على الشعوب، تسمع وتطيع؛ وهذا يعني إنها ايضاً غير مستقلة. ليس الدول الضعيفة غير مستقلة فحسب، بل اتضح أن الدول القوية أيضاً غير مستقلة. إنهم عاجزون. يخافون من أمريكا إن عارضوها. إنهم لا يريدون معارضتنا، لأن معارضتهم تضرهم أيضاً، وربما تضرهم أكثر مما تضرنا. قالت لنا كثير من الحكومات اننا نعطيكم ذات الأشياء التي تأخذونها من الآخرين. وحتى لو لم يعطنا أحد شيئاً، فنحن شعب مظلوم ونصون استقلالنا.
إذا دار الأمر بين أن نعود إلى الوضع السابق للبشرية، حيث نتنقل بالحمير هنا وهناك مقابل ان نحفظ حريتنا، أو نكون عبيداً للسيد كارتر وأمثاله من القوى العظمى مقابل أن يكون لنا كذا وكذا من الرفاه، فاننا نفضّل تلك الحالة، ان شعبنا يفضّلها الآن. شعبنا يرجح الشهادة الآن، ويقول اننا نريد الاستشهاد. منذ بداية النهضة تقريباً- كنت حينها في النجف- والى الآن، تأتي النساء والرجال والشباب ويطلبون مني أن أدعو لهم بالشهادة، وانا أدعو لهم أن ينالوا ثواب الشهداء. في مجلس عقد قران أقيم قبل مدة في طهران، المرأة والرجل اللذان تزوجا، اعطتني المرأة ورقة قرأتها فوجدت انها تطلب مني أن ادعو لها بالشهادة. المرأة التي تزوجت تواً، تقول ادعو لي أن انال الشهادة. الشعب الذي يطلب الشهادة ويدعو أن ينال الشهادة، هل يخاف من التدخل العسكري؟ هل يخشى الحظر الاقتصادي؟ حتى لو اغلق العالم كله ابوابه بوجهنا، ونكون نحن، هذه المجموعة، الثلاثون والنيف من الملايين الذين يعيشون في إيران، حتى لو شيدوا سوراً حول إيران وحبسونا داخل إيران، فاننا نفضّل هذا على ان تكون الأبواب مفتوحة ويهجم الناهبون على وطننا. ماذا عسانا أن نفعل بهذه الحضارة الأسوأ من الوحشية، هذه الحضارة التي تفضُلها حيوانات الصحراء سلوكاً. ما الذي نرجوه من هذه الحضارة؟ بوابة الحضارة التي كان الشاه المخلوع يريد فتحها في وجوهنا، أي يسلّط القوى علينا لتنهب كل ممتلكاتنا، ويبعث لنا بضع دُمى، يأخذون نفطنا ويقيمون لأنفسهم قواعد على أرضنا، ما الذي نريد أن نفعله بهذه الحضارة الكبرى؟ هل هذه حضارة؟ هذا الأب والابن، وخاصة هذا الابن ارجع بلادنا إلى الوراء وأذهب كل ما نملكه ادراج الرياح، بحيث لو تعاضد كل الشعب الآن وقد تعاضد فعلًا والحمد لله، وأراد اصلاح ما جرى علينا طيلة هذه الخمسين عاماً تقريباً، وما جرى على بلادنا من قبل أمريكا منذ اكثر من عشرين عاماً، لتطلب ذلك سنوات طويلة حتى نستطيع اصلاح الامور. ما عسانا أن نفعل بالعلاقات مع الذين يريدون نهبنا؟ هل علاقتنا معهم الا علاقة الناهب بالمنهوب؟ لماذا نحرص على هذه العلاقة؟ ليغلقوا كل الأبواب ويحاصرونا اقتصادياً. إننا ها هنا بلد واسع، لدينا مياهنا، وسينزل الله المطر علينا، نزرع بأنفسنا ونأكل، ولا نحتاج لهذه الأمور إطلاقاً. لا يخيفون الشعب الذي يرغب في الموت ليحفظ استقلاله. هذا الاستقلال الذي حصلنا عليه وهذه الحرية التي حصلنا عليها هدية سماوية، هدية إلهية مُنحناها، ونحن مكلفون بالحفاظ عليها. إن لم نحافظ عليها، فمعنى ذلك أننا لم نثمّن نعمة الله، ونكون قد كفرنا بنعمة الله. علينا المحافظة عليها. اننا لا نخاف من تهديداتهم وسفنهم التي يأتون بها الآن إلى الخليج مثلًا، ومن هذا الصوب ومن ذاك الصوب. لقد اصبح هذا الكلام قديماً. في السابق نعم، كان الوضع على هذه الشاكلة، في السابق كانوا حينما يريدون فرض معاهدة ما، وعبّر أحدهم عن التذمر مثلًا، كانت تأتي سفينة من بريطانيا إلى مياه الخليج وتنتهي المشكلة.
الإمداد الغيبي الإلهي في دحر الظالمين
الآن حتى لو جئتم بكل سفنكم، وبكل طائراتكم إلى هنا، فإن الحالة تختلف عما كانت عليه. اننا نتوكل على الله. نحن نؤمن بأنّ لهذا العالم مدبراً. الذين لم يكونوا قد تنبهوا لحد الآن، ليتنبهوا جيداً كيف استطاع الشعب الذي لم يكن يملك سوى سلاح (الله اكبر)، وهو كل شيء، أن يزيح كل القوى، هذه القوى الشيطانية التي دعمته كلها، ليس القوى العظمى فحسب، حتى القوى الصغرى وقفت كلها خلفه وما كانت تريد لنا ان نعيش ونعمل، كلهم وقفوا الى جانبه. أي شيء نصر هذا الشعب الضعيف الذي كان يفتقر للتجهيز والتدريب العسكري، على كل هذه القوى؟ هل هو الا الرعب الذي قذفه الله في قلوب هؤلاء الرؤساء، ونصرنا بهذا الرعب الذي قذفه في قلوبهم؟ هل هو الّا ما نصر عدداً قليلًا في صدر الإسلام على عدد كبير، وقذف من الرعب في قلوبهم مما أعجزهم عن المقاومة قبال ثلاثين ألفاً من العرب الذين كان لكل جماعة منهم سيف واحد، ولكل مجموعة منهم ناقة واحدة، بينما كان عدوهم سبعمائة ألف طليعتهم ستون ألفاً، فانتصر أولئك على هؤلاء، ماذا كان سبب ذلك النصر؟ هل هو سوى أن يداً غيبية كانت تتدخل؟! أفلا يجب أن يصحو الذين لا يبالون للأمور المعنوية ولا يؤمنون بهذا الغيب؟ أفلا يجب أن يستيقظوا؟ من الذي اسقط هليكوبترات السيد كارتر التي أرادت الدخول إلى إيران؟ هل نحن الذي اسقطناها؟ الرمال هي التي اسقطتها. الرمال كانت مكلفة من قبل الله، الرياح كانت مكلفة من قبل الله، أهلك قوم عاد بالرياح. هذه الرياح مكلفة من قبل الله، وهذه الرمال مكلفة. ليجربوا مرة ثانية.
الحفاظ على معنويات انطلاقة الثورة
لكننا يجب ان لا نصاب بالغرور. انني اخاطب الشعب الإيراني أن لا يصيبك الغرور. القوة كلها قوة الله، ويجب أن تتكلوا عليه، وتذوبوا في تلك القدرة الكبرى. ما دام الشعب الإيراني محافظاً على تلك القدرة الأولى، التي كانت قدرة معنوية، وسائر قدماً بشعار الله أكبر، فذلك ضمان لكم، انكم في عين وجنب الله. لا قدر الله لهذه الأيدي التي تعمل الآن وتريدكم أن تيأسوا، أن تنتصر في أعمالها الشيطانية، وتنحرف بكم عن تلك الحال التي كنتم عليها في بداية الثورة، فيوم ذاك سوف يسلب الله تبارك وتعالى رعايته لكم لا سمح الله، وتعودون إلى سابق عهدكم.
حافظوا على تلك الحال التي كنتم عليها في بداية النهضة. انكم لم تنتفضوا لأجل اشباع بطونكم، ولم تنتفضوا لأجل الغرف والباحات، ولم تنتفضوا لتحرزوا منصباً. انكم لا تتمنون الشهادة لتحصلوا مثلًا على سجادة أو أشياء مادية. حافظوا على هذه الحالة، وهي حالة إلهية، فانكم منتصرون طالما حافظتم عليها، وانا اعدكم بان تنتصروا، وقد وعدكم الله تبارك وتعالى بالنصر: إن تنصروا الله ينصركم «2». ثبتوا أقدامكم وحافظوا على قبضاتكم المشدودة وهي قبضات إلهية، ولا تهابوا أية قوة عظمى، ولا ترهبوا أية دعايات داخلية أو خارجية اطلاقاً. اننا نسلك دربنا وهو درب الله.
يقظة المسلمين، الخطوة الأولى على طريق مواجهة المستكبرين
أتمنى لهذه الهيئات التي جاءت وحققت، مع انها لا تستطيع ان تحقق في كل آلامنا، تلك المصائب التي شاهدتها حلت بهذا الشعب في زمن رضا خان كأنما قد نُسيت الآن وصارت قديمة، والذين ادركوها قلائل. انكم الآن لا تستطيعون الاطلاع عليها، لا تستطيعون الاطلاع على ما مر بنا طيلة هذه الخمسين عاماً، وما مر على هذا الشعب، ولا تستطيعون تصور المعاناة التي عانى منها شباب هذا الشعب في هذه الزنازين والطوامير السافاكية، ولكن بمقدار ما اطلعتم وبمقدار ما زودتم به من وثائق، وإذا ذهبتم الى هناك (مقر السفارة الاميركية) وشاهدتم ذلك المكان ايضاً، وشاهدتهم الأشياء التي هناك، حيث انها لا تشبه السفارة من قريب أو بعيد، عندئذ ستقتنعون أن القضية ليست قضية احتجاز مجموعة من الدبلوماسيين كرهائن. الأقلام والصحافة في الخارج هي التي تفرض عليكم أن تقولوا انهم دبلوماسيون. وإلا فلو شاهدتموهم ستعلمون أن هذا المكان ليس مكان دبلوماسيين، وان هؤلاء الاشخاص لم يكونوا دبلوماسيين. إنني أسأل الله تبارك وتعالى أن يمن علينا جميعاً وعلى كافة مظلومي العالم وكل المستضعفين بالنصر، لنخرج كلنا من تحت نير هذه القوى العظمى. وهذا شيء يجب أن يحصل. الذي حصل الآن هو أن المستضعفين انتفضوا قبال المستكبرين واستيقظوا. الصحوة هي الخطوة الأولى. اليقظة هي الخطوة الأولى.
وفي السير العرفاني أيضاً تعد اليقظة الخطوة الأولى. وفي هذه المسيرة، التي تعد أيضاً مسيرة إلهية عرفانية، الخطوة الأولى هي الصحوة، وقد استيقظت البلدان الإسلامية، والشعوب المسلمة، والشعوب المستضعفة في كل اصقاع العالم، والأمريكيون السود يدفعون حالياً ضريبة هذه الصحوة، وسينتصرون إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته