بسم الله الرحمن الرحيم
الخدمة وتحمل الصعاب لبلوغ الهدف
إن خدمة الإسلام والجهاد في سبيل الله طريق مليء بالمصاعب والمتاعب ولكن الأمر تكليف وواجب امتثل له شعبنا وحمل رسالته السيد الصدر «1» (سلّمه الله تعالى).
عرفت السيد الصدر لسنوات طوال ويمكنني أن أقول إنني أنا الذي ربيته وأعرف فضائله وخصاله جيداً، وأعلم بكل ما قام به لخدمة وطنه لبنان ومدى حاجة لبنان إليه. آمل من كل قلبي أن يعود السيد إلى وطنه وأهله ويستفيد منه المسلمون.
يؤكد الجميع أن السيد موجود في ليبيا حالياً بناءً على شواهد وقرائن متعددة وهذا الأمر بحد ذاته خدمة للإسلام وعبادة تكتب له. على كل من يبتلى بمصيبة كهذه أن يتقبل الأمر ويرضى بقضاء الله، فما دام الإسلام هو الهدف والغاية فإن كل المصاعب تهون في سبيله. ولقد رأينا كيف واجه جميع أولياء الله وعلى رأسهم رسول الله (ص) الكثير من المصاعب والويلات فالرسول (ص) قضى عمره الشريف يتحمل الأذى والمضايقة، وكذلك أئمتنا الأطهار (ع) الذين لم يشهدوا السعادة في حياتهم ولو يوماً واحداً حسب مقاييسنا نحن الماديين، بل كانت حياتهم مفعمة بالسعادة العرفانية وهكذا منهم من قتل ومنهم من سجن وتحمل الكثير من الأذى في هذا الطريق.
لقد مضى على احتجاز السيد الصدر سنتان ولكن جده الإمام الكاظم (عليه السلام) سجن سبعة أعوام وفي رواية أخرى 14 سنة «2».
لو ألقينا نظرة إلى تاريخ حياة الأولياء والأنبياء لوجدناها مليئة بالنضال والسعي والكفاح من جهة والسعادة، نعم السعادة في خدمة الإسلام من جهة أخرى، ومن هذا المنطلق فإن هذه الحادثة تبعث على الفخر والإعتزاز وخاصة لأسرة السيد الصدر الذي قدم كل ما يملك في سبيل الإسلام وتعرض للأسر والأذى في سبيل ذلك. وسأدعو له، وآمل- إن شاء الله- أن يتخلص ويعود لنا بأسرع ما يمكن.
القومية ليست الهدف في الإسلام
الإسلام دين لا يعرف القومية والحدود المصطنعة بين الدول، بل جاء ليصهر جميع القوميات في بوتقة واحدة. فلا فرق بين إيران ولبنان مثلًا، فقضايانا واحدة وآلامنا وآمالنا واحدة، وليس في الإسلام عرب وعجم، لأن هذا التقسيم من صنعنا نحن الماديين. هذا إيراني وذاك عراقي، هذا الأمر مرفوض في الإسلام لأن الإسلام يشمل كل من آمن بالله تعالى دون النظر إلى عرقه وأرضه.
لقد جاء الإسلام للمّ شمل أهل الأرض في أسرة واحده تقودها حكومة العدل الإلهية. ومن هذا المنطلق لا يحق لنا ترك الإسلام والتعصب للقومية والعرق، فهما أمران متناقضان وقد ذم الإسلام القومية والتعصب القومي وعمل على القضاء على ذلك.
نعم، الإسلام يحترم الموطن الأصلي للإنسان الذي ولد وترعرع فيه ولكن يبقى الإسلام هو الأساس، إن كل من يعتنق الإسلام يجب أن يجاهد في سبيل الله ويخدم الإسلام، ولا فرق في ذلك بين خدمة الإسلام في إيران أو لبنان مثلًا أو حتى في السجن كالسيد الصدر حيث يقدم الخدمة للإسلام وهو في سجنه فكل ما يواجهه الإنسان من صعوبة ومعاناة في هذا الطريق يهون في سبيل الإسلام وإنه لمن الخطأ أن نسمي ذلك مصيبة. إنظروا إلى هذه الروح المعنوية العالية التي يتمتع بها شبابنا المجاهدون في إيران ولبنان. في الأمس جاء إلي شاب وشابة لعقد القران وبعد أن وصل الأمر إلى المهر، طلبت الفتاة من الشاب أن يصطحبها إلى مكة كمهر لها ولكن الشاب رد قائلًا: إن الشهادة هدفي وسأستشهد إن شاء الله. وبعد قليل من النقاش أقنعنا الشاب بالأمر وأن خدمته للإسلام ستطول أكثر وسيحيى مدة أطول إن شاء الله.
يا لها من روح معنوية عالية وأتمنى أن يتسلح شبابنا جميعاً بروح كهذه.
أسأل الله تعالى أن يفرح قلوبنا وقلوبكم بإرجاعه إلينا سالماً ليتابع خدمة الإسلام وأن يلهم عائلته الصبر ويقرّ عيون الجميع بوجوده إن شاء الله ويعود ويوفقه الله لخدمة هذه المدرسة ويستفيد شيعة لبنان من وجوده، بل جميع المسلمين إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته