بسم الله الرحمن الرحيم
ضرورة ثبات الأمة في أداء وظائفها ومسؤولياتها
أشكركنّ أيتها السيدات المحترمات، من ذوي وأقرباء شهداء ومعاقي القوة الجوية، على هذه الوجوه البشوشة والمعنويات العالية التي تبدينها الآن لتثبتن لأعداء الثورة بشجاعتكن وثباتكن، إنكن كمثل الأسود المتعلقين بكن، لبوات مستعدات للجهاد والتضحية في سبيل الإسلام والحكومة الإسلامية هناك آية في القرآن الكريم وردت في سورتين، في إحداهما مذيّلة بذيل صغير وفي الأخرى بدونه، وهي قوله تعالى: «واستقم كما أمرت» «1» فقد أمر سبحانه وتعالى نبيه الأكرم (ص) أن يستقيم ويثبت على ما أمره الله به، وفي سورة أخرى وهي سورة هود، قال تعالى: «فاستقم كما أمرت ومن تاب معك» «2». فبالإضافة إلى أمره سبحانه وتعالى رسوله بذلك توجه بالأمر هذه المرة إلى كل من آمن به واتبع رسوله (ص).
فالأشخاص الذين يستقيمون ويثبتون فيما ينجزونه من أعمال فيها عزهم وشرف وكرامة أمتهم ورفعة إسلامهم، ولا يسمحون للأحداث أن تزعزهم، سيصلون إلى أهدافهم ولو بعد حين. فالإستقامة مسألة مهمة وصعبة، فحسب ما ورد في الروايات إن رسول الله (ص) عندما قرأ هذه الآية من سورة هود قال: «شيبتني سورة هود لمكان هذه الآية» «3». وذلك لأن فيها أمر لجميع المؤمنين على إختلاف مسؤولياتهم ومواقعهم ولجميع شعوب البلدان الإسلامية، على الاستقامة والثبات فيما يترتب على عاتقهم من مسؤوليات ووظائف، وأن يصمدوا في وجه الحوادث ولا يتزعزعوا، فكم من الأفراد الذين يردون بدايةً في أمر من الأمور، ولكن ما أن تطفوا على السطح بعض المشاكل والعقبات حتى يفقدوا توازنهم وإستقامتهم وثباتهم. في حين أن هناك أفراداً آخرين يحافظون على ثباتهم وإستقامتهم. فالتعليمات الإلهية لجميع المسلمين، الثبات والإستقامة فيما أوكل إليهم من وظائف ومهام ومسؤوليات، وبحمد الله أن جميع أمتنا على العموم وبالخصوص جيشنا وقواتنا المسلحة، وعلى الأخص القوات الجوية عملوا بموجب وظائفهم، وضحوا وناضلوا واستقاموا في ذلك. حتى أنتن أيتها النساء المحترمات من ذوي هؤلاء الكرام، الذين تركوا لكم العزة والكرامة تذكاراً، بادٍ عليكن من كلامكن ومعنوياتكن الاستقامة.
فالأمة التي تريد الحفاظ على كرامتها والحفاظ على الإسلام مصدر عزها، عليها أن تقرن الجهاد بالإستقامة، والمقصود من الاستقامة هنا أن لا تهن ولا تضعف أمام الصعاب والعقبات التي قد تعترض طريقها في جهادها من أجل حياة عزيزة كريمة وإقامة دولة العدل الإسلامية. إنه أمر من الله لكل الأمة ولجميع المسلمين بوجوب الدفاع والصمود والمقاومة، والآن نحن في حال دفاع عن عزتنا وشرفنا، وفي حال دفاع عن إسلامنا العزيز، فعلينا أن نستقيم على ذلك كما أمرنا الباري عزّ وجل وأمر رسولنا الأكرم (ص) وهو الإنسان الذي يمثل قمة ما وصلت إليه الإنسانية من الثبات والاستقامة فيما أُمر وكُلِّف به من قِبَل الباري عزّ وجل وهذا ما تعكسه إحدى الروايات المنقولة عن أمير المؤمنين (ع): حيث قال: «كنا إذا أشتد البأس اتقينا برسول الله (ص) فلم يكن أحدٌ منا أقرب إلى العدو منه» «4». فهكذا قمة باسقة في الاستقامة والثبات لن يشيّبها أمر الباري لها بالاستقامة «أستقم كما أمرت»، ولكن الذي يشيّبها ويجعلها في قلق وتخوّف، هو أمر الباري للأمة وللأتباع بالاستقامة والثبات. فمسألة الاستقامة مسألة صعبة وليست بهذه البساطة، وإن كان الرسول وبعض الأصحاب المخلصين قادرين عليها، فليس من المعلوم أن تستطيع الأمة ذلك. فالإستقامة والثبات على أمر ما أصعب من الأمر نفسه، فلربما استطاعت أمة ما أن تحقق الكثير من الإنتصارات في أمر ما ولكن سرعان ما تخسر كل شيء بتهاونها وتقاعسها وعدم ثباتها وإستقامتها على ذلك.
صعوبات الحرب والحفاظ على قيم الثورة ومبادئها
اليوم، استطاعت أمتنا المجاهدة وقواتنا المسلحة (حفظها الله) لا سيما قواتنا الجوية المتميزة عن سائر القوى، تحقيق إنتصارات باهرة أذهلت العالم بأسره. فقد إستطاعت أن تتغلب على أعتى القوى الكبرى، وتقطع أيدي أعداء البشرية عن العبث ببلادها، مما جعلها قدوة لجميع الأمم والبلدان المستضعفة. وإن هكذا أعمال عظيمة وهكذا إنتصارات، تتطلب منا جميعاً قادة وشعباً وقوات مسلحة وجميع المستضعفين، الإستقامة والثبات. فهؤلاء الذين تضررت مصالحهم وقُطعت أيديهم عن البلاد، سيسعون بشتى الوسائل لاسترداد ما فقدوه، بتدبير المؤامرات، وفرض العزلة والحصار الاقتصادي علينا، وتحريض عملائهم في المنطقة لمحاربتنا وهذا يعني أن هناك الكثير من المحن والبلايا تنتظرنا. فالحرب والحصار الاقتصادي يعنيان القتل والدمار والخراب، الجوع والغلاء والمعاناة من النقص في بعض الأمور، وعلى هذا فإننا أمام تحديات مستقبلية كبيرة تستهدف أمن واستقلال وحرية البلاد؛ فلو كنتم تريدون الحفاظ على ما أنجزتموه من خلال ثورتكم وما حققتموه من إنتصارات قدمتم في سبيلها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين فعليكم بالثبات والصمود والإستقامة حتى النهاية.
إن ما وصلتم إليه دون غيركم من الحرية والاستقلال بجهادكم وتضحياتكم يتطلب منكم الكثير من الصبر والتعب للحفاظ عليه. ولهذا أمر الله رسوله والأمة جمعاء بالاستقامة والثبات. لذا فعليكم بالاستقامة والثبات ولا تسمحوا لبعض الأمور كالنقص في البنزين أو أي سلعة أخرى أن تزعزعكم أو تضعفكم، فإن إخوانكم في قوات الجيش والحرس وقوات التعبئة والشرطة والأمن، يقاتلون العدو بكل ثبات وإيمان وإستقامة ويبذلون الدماء والأرواح في سبيل ذلك، وقد حققوا بثباتهم هذا إنتصارات باهرة، فعلينا جميعاً أن نثبت ونصمد.
دعايات العدو الهادفة إلى إضعاف روح الثبات لدى الشعب
هناك أشخاص مهمتهم بث الدعايات المغرضة لإضعاف معنويات الشعب، مثل التحدث عن النقص في بعض السلع والمواد، فعلى الأمة أن تتنبه لهكذا مسائل، فإن هؤلاء يريدون إذلالكم وإفقادكم ثباتكم واستقامتكم وتبديد إنتصاراتكم. فالمسألة دائرة بين أمرين، إمّا أن تستمعوا لهؤلاء المفسدين أو تستمعوا لكلام الله «فاستقم كما أمرت ومن تاب معك» حيث يأمرنا جميعاً بالثبات والإستقامة، وإني أتوجه بالشكر إليكن جميعاً أيتها السيدات الفاضلات من اسر الشهداء وذويهم، كل الشهداء لا سيما شهداء القوة الجوية على هذه الروح والمعنويات العالية، التي تواجهن بها المؤامرات فتتحدثن وتكتبن المقالات وتدعين الناس إلى الصمود والتحدي والحياة. فأسأل الباري تعالى أن يتفضل عليكن وعلى جميع الأمة بالعزة والكرامة ف- «العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين» «5»، وأن يمنحها جميع المسلمين. فاستقيموا واثبتوا فأنتم الغالبون، إن شاء الله، ولا تخشوا من ارتفاع الأسعار والنقص في بعض السلع، فإن السوفييت على قوتهم وإقتدارهم لا تزال تواجههم هكذا مشاكل ويعانون من نقص بعض السلع كالقمح مما يضطرهم لشرائه حتى من أمريكا، كما أن الصفوف الطويلة على بعض السلع موجودة عندهم كما عندنا مع أنه مضى على ثورتهم أكثر من ستين سنة. حتى أمريكا نفسها، لا تظنوا أن جميع شعبها يعيش الرفاهية والترف، فإنها هي الأخرى تعاني من ضغوطات وفيها من المحرومين والفقراء ما يفوق الأماكن الأخرى، فلماذا علينا أن نصغي لهؤلاء المفسدين المأجورين من قبل القوى الكبرى لبث الشائعات المغرضة؟ لماذ علينا أن نصغي لهؤلاء وهدفهم إذلالنا وإضعاف معنوياتنا وثباتنا؟ إنكم بهذه الروحية القوية والمعنويات العالية استطعتم تحقيق المعجزات فحافظوا بثباتكم وإستقامتكم على هذه الإنتصارات التي أذهلت العالم بأسره، وأفهموا كل من يواجهكم ويشكك بذلك، أن ما فعلته إيران ليس له نظير في العالم، بل ليس له نظير في التاريخ، فماذا فوق ذلك؟ أن تنتصر أمة ال- (35 مليوناً) على جميع القوى الكبرى على ما هم عليه من القوة وتقطع أيديهم عن بلادها، فما الذي يمكن تحقيقه فوق هذا؟ فاليوم يوم الإستقامة، يوم الثبات والصمود. فعلى جميع الإخوة والأخوات أن يثبتوا وأن يستقيموا على ما هم عليه، حتى تحقق الثورة نصرها النهائي وإني أسأل الله الرحمة لشهدائكم والسلامة لمعاقيكم والعافية لكم ولأقربائكم ولكل الشعب الإيراني.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته