بسم الله الرحمن الرحيم
ضرورة إطلاع الناس على ما تم إنجازه
أسأل الله تبارك وتعالى التوفيق لجميع السادة، وآمل من الله أن يوفقكم لخدمة هذه البلاد والعمل على تحسين أوضاعها عما نحن عليه الآن.
هناك بعض المواضيع المهمة التي أود طرحها عليكم.
إن أخطر ما نعانيه اليوم، هو هذه الإختلافات، ولو لم تسعوا جاهدين لحلّها ووضع حد لها، فستفسحون المجال للمستشكلين عليكم أعمالكم أن يتمادوا في ذلك. فما من شك أن أولئك الذين يجوبون الأسواق والأزقة ويبثون سمومهم هنا وهناك سيستغلون تلك الإختلافات أيما استغلال، ولو أنكم عملتم على حل هذه الإختلافات فيما بينكم بالعقل وحسن التدبير دون أن تسمحوا لها بالتسرب إلى الخارج، لساهم ذلك في تهدئة النفوس وخلق أجواء هادئة تنجز فيها الأمور بسرعة أكبر وبنحو أفضل. وأمّا بالنسبة إلى ما ذكرتموه من منجزات تم تحقيقها، فمن الأفضل أن لا تبقى حبيسة هذه الغرفة، وأن يتم إطلاع الناس عليها؛ إمّا عن طريق الإذاعة والتلفزيون أو عن طريق الصحف والمجلات، ودعوتهم إلى إبداء رأيهم فيما تم إنجازه، ولو كان لديهم أية إعتراضات أو إنتقادات في هذا الشأن أن يعكسوا ذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة. ويبينوا مواطن العيب والنقص والتقصير فيما تم إدعاء تحقيقه من أمور، أو كذب ذلك إن لم يكن له واقع على الأرض، فلو لم يكن لهكذا إنتقادات وجود، فهذا دليل على صحة ما ندعيه من أن جمهوريتنا الإسلامية حققت الكثير من الإنجازات، وبطلان وزيف ما يدعيه الآخرون من أنها لم تحقق شيئاً وأنها لا تختلف شيئاً عن الأنظمة التي سبقتها. فعلى الناس أن لا يصغوا إلى أولئك المدعين بأن الحكومة لم تحقق شيئاً. كما أني لا أقول بأن إطلاعكم الناس على ما تم تحقيقه من إنجازات سيلغي الإنتقادات والإعتراضات بشكل كامل، وإنما سيخفف من حدتها، ويحول دون تصديق الناس لكلام أولئك المغرضين، فإن سكوتكم كان له دور كبير في دعم موقف هؤلاء، وإن كان بعضكم يعلن عما أنجزه ولكن ليس بالمستوى المطلوب، فعلى السادة الوزراء وجميع المسؤولين أن يطلعوا الناس على كل ما يحققونه من إنجازات وأعمال، وأن ما لا يجب على الإنسان قوله هي العبادات الشخصية، وأمّا الخدمات والأعمال التي تنجزونها، فإن عدم إطلاع الناس عليها فيه مفسدة عظيمة وتضعيف للحكومة والجمهورية الإسلامية. إذاً فعلى كل واحد منكم أن يطلع الناس، من خلال وسائل الإعلام المختلفة، على كل ما حققه وأنجزه ويدعوهم لإبداء وجهات نظرهم وإعتراضاتهم حول ماتم إنجازه، وأن يعكسوا ذلك من خلال الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون، فيبينوا مواطن الخلل و النقص أو التقصير أو مخالفة الواقع فيما تم إدعاء تحقيقه من الأمور.
طبعاً السيد باهنر «1» تحدث في أحد الأيام عن المدارس التي تم إنشاؤها وقال: بأن ما تم إنشاؤه من مدارس في السنتين الماضيتين يعادل ثلث ما تم إنشاؤه من مدارس طوال العهود السابقة. فهذه الأمور يجب إطلاع الناس عليها، ليتعرّف الناس على ما تقدمه حكومتهم لهم من خدمات وتنجزه من أعمال. فهل من المقبول أن يقوم شخصٌ بتقديم خدمات جمّة للمجتمع، ويبقى المجتمع جاهلًا بها وليس على إطلاع بما تم إنجازه؟! طبعاً لاشك أن أبناء القرى والأماكن المستفيدة مما تم إنجازه سيدركون ذلك، ولكن أبناء المدن، لا سيما أبناء الطبقات المرفهة لن يدرك أكثرهم مقدار ما تم تحقيقه من إنجازات.
الوقوف في وجه أنشطة العناصر الفاسدة في الوزارات
المهم برأيي أن تعملوا على حلحلة هذه الخلافات السطحية ذات الجذور النفسانية، وأن تسعوا بأنفسكم لوضع حد لها، وإذا ما تبين لكم أن شخصاً ما يسيء التصرف ويقوم بأعمال مخالفة، فعليكم أن تنبهوه إلى خطئه بأسلوب لين وبحسن تدبير، فلو أصرّ على عمله، ولم يتقبل منكم النصح فأقيلوه من عمله، وإذا ما تبين لكم فيما بعد خطأكم في إقالة بعض الأشخاص، فأعيدوهم ليستأنفوا أعمالهم من جديد، وكلي أمل أن تزول هذه النقائص، وأن تنتهي هذه الحرب سريعاً. وعلى ما قيل اليوم صباحاً، فقد تم تحقيق الكثير من التقدم. نأمل من الله سبحانه وتعالى يستمر الوضع على هذا المنوال ويعم الهدوء والإستقرار كافة أرجاء البلاد. ولكنهم لن يتركونا ننعم بالإستقرار بهذه السرعة، وسيسعون إلى إثارة الأوضاع علينا في أماكن أخرى، لذا فعلينا جميعاً، شعباً ومسؤولين، أن نعقد العزم على حفظ وصون ما حققناه وكسبناه، فإن ما فقدناه لا يعد شيئاً في مقابل المكاسب التي حققناها. فمما لا شك فيه أن الشباب الأعزاء الذين فقدناهم هم أعزاء علينا كثيراً، ولكن كل أمة تريد الحرية والاستقلال والحياة الكريمة والعزيزة لابد لها من دفع ضريبة ذلك. ولأن شعبنا شعبٌ متحد ومتضامن، ويرى نفسه المالك الحقيقي للدولة والبلاد وأن الحكومة هي حكومته وليست شيئاً مستقلا عنه، لذا فمن المتعذر على أولئك الذين يريدون الإضرار بالبلد أن يفلحوا في ذلك، فإنما قوة الحكومة بشعبها وجماهيرها، فعليكم إطلاع الشعب بما يتم تحقيقه من إنجازات وما يتم تقديمه من خدمات، ليشعر معها بأن حكومته تعمل لأجله فيمنحها الثقة والولاء، فأخبروا الناس بما حققتموه وأنجزتموه من أعمال ولا تتركوهم في غفلة عن ذلك، واذهبوا إليهم واطرحوا هكذا مسائل عليهم لتقطعوا الطريق بذلك على تلك الفئات وأولئك الأشخاص الذين لا يريدون للجمهورية الإسلامية أن تتحقق، ويعملون على إضعافها وتشويه سمعتها بين الناس.
العلاقة الفريدة بين الشعب والحكومة
على أية حال، إن شعبنا ليس له مثيل، ولا أظن أن هناك بلداً في العالم يتحد فيه الشعب مع حكومته على هذا النحو الذي عندنا ويعملان سوية على إنجاز مختلف الأعمال. فسابقاً على عهد الطاغوت لم يكن الشعب يتعاون مع الحكومة بل كان يسعى لوضع العراقيل في طريقها، لأنه كان يشعر بأنها بعيدة عنه ولا تفكر بحاله أبداً. فعليكم أن تشعروا الناس بأنكم إنما جئتم لخدمتهم، وأن جميع الدوائر والمؤسسات هي لصالح خدمة الشعب، ليدخلوها بنفس مطمئنة ومرتاحة، لا أن يكون الوضع كما كان سائداً في عهد رضاخان ومن بعده ابنه. فقد كنت شاباً في ذلك الوقت وذقت بعضاً من المرارات التي كان يتجرعها الناس من دوائر الحكومة وخصوصاً مخافر الشرطة ومراكز الأمن، فقد كان يتوجب على الشخص الذي يريد السفر إلى آذربيجان مثلا، أن يراجع قسم الشرطة ويأخذ ورقة من هناك بالإذن له بذلك، وكم كان يصيب الناس الخوف والرعب من مراجعاتهم لهكذا مراكز، لسوء المعاملة التي كانوا يلقونها هناك. وكأن أحدهم إذا ذهب إلى هناك فسيقبض عليه ويلقى به في السجن، فعلى دوائرنا ومؤسساتنا أن لا تكون كذلك بحيث يشعر الناس بالخوف عند دخولها، وخصوصاً أولئك المساكين من القرويين الذين يظنون بأن الإدارات لا تزال كما كانت في السابق.
فعلى الدوائر أن تفتح أبوابها أمام الناس وتستقبلهم بصدور رحبة وأن يبين الناس لها مشاكلهم وآلامهم، وأن تسعى بدورها لمساعدتهم وحل هذه المشاكل، ليشعر الناس معها بأن الحكومة حكومتهم وأنها تعمل على خدمتهم، فإن الشعب إذا ما لمس هذا الإخلاص والتفاني في العمل من قبل الحكومة ومختلف دوائرها ومؤسساتها ومسؤوليها وموظفيها وأنهم ليسوا كموظفي ومسؤولي الأنظمة الظالمة السابقة فسيولونها بمقتضى فطرتهم السليمة كل الحب والولاء والثقة، خصوصاً بعد ما لاقوه من الظلم والاضطهاد على أيدي الأنظمة الطاغوتية السابقة، وربما أكثركم لا يزال يتذكر هكذا قضايا. فالآن وبعد كل هذا القهر والظلم والإستبداد الحكومي، إذا لمس الشعب بأن هذه الحكومة ليست كسابقاتها، وإنما تريد وبكل إخلاص وتفاني أن تعمل على خدمته، وتأمين حياة كريمة له، ينعم فيها بالراحة والإطمئنان، ويصل من خلالها إلى كل ما يحتاجه وعلى كافة الأصعدة سواء الثقافية منها أو الاقتصادية أو الاجتماعية. فعندما يشعر الناس بأن الدولة باتت دولتهم، وأن عهد الشاهنشاهية و (فلان الدولة) و (فلان السلطنة) قد زال، وأن مسؤولي الدولة جميعاً من أكبرهم إلى أصغرهم هم أشخاص عاديون مثلهم ويعيشون كما يعيش الناس وربما يكون وضع معيشتهم أدنى من الكثير منهم، وقد اعتادوا سابقاً أن يكون مسؤولو الدولة شيئاً غير هذا، فقد كانت هذه المناصب حكراً على أشخاص معينين، فعندما يدرك الناس هذه المسائل ويرون ويسمعون بما تقدمونه لهم من خدمات من خلال الإذاعة والتلفزيون أو من خلال الصحف، فإنهم بالتأكيد سيولونكم كل المحبة والدعم والتأييد.
والآن بحمد الله فإن شعبنا بأسره يقف خلف الجميع ويعلن عن تأييده للجميع قيادة وجيشاً وحكومة، ويعتبرهم جزءاً منه، فهل كنتم تتصورون يوماً أن يهب الشعب الإيراني برمته لنصرة دولته فيما لو نشبت حرب؟ لم يكن هكذا أمر ممكناً في السابق، فلم يكن الشعب يبدي أي تعاون أو تأييد للدولة هذا إذا لم يعمل هو نفسه على إضعافها والقضاء عليها. أمّا الآن فنجد الأمر قد إختلف وأصبحت تجد الصغار والكبار وحتى المسنين، يأتون بكل ما يملكون ويقولون: هذا لمنكوبي الحرب، هذا للجيش والمجاهدين في الجبهات.
إن هذه نماذج لا يدرك أبعادها إلا أولو القلوب والأبصار لا أولئك الذين عميت قلوبهم، الذين يقولون إن الجمهورية الإسلامية هي عين من سبقها من الأنظمة. ففي أي مرحلة من مراحل التاريخ أم في أي بلد من بلدان عالمنا المعاصر تجدون شعباً متضامناً ومتلاحماً بأجمعه مع الحكومة والجيش وجميع القوات المسلحة، ويعملون جميعاً يداً بيد؟ فهل هناك أفضل من هكذا جمهورية إسلامية؟
مقارنة الأوضاع في عهد الشاه وما بعد الثورة
حسناً، هناك مشكلات، وهذا النوع من المشكلات موجود في جميع البلدان حتى تلك التي مضى على ثورتها أكثر من ستين عاماً، مثل الاتحاد السوفيتي. فعلى ما ذكره لي أحدهم نقلًا عن ابنه المقيم هناك، فإن الصفوف الطويلة وأنواع النقص في بعض السلع وهكذا أمور لا تزال موجودة هناك، ومع كل القوة التي يتمتع بها السوفيتي الآن، إلّا أنهم لا يزالون محتاجين لأمريكا في تأمين بعض من المواد الغذائية، فكيف الحال بالنسبة لثورة مثل ثورتنا، مضى عليها حتى الآن أكثر أو أقل قليلا من عامين، ومع هذا ورغم جميع العقبات والصعاب التي واجهتها وتواجهها، لا تزال تمضي قدماً في مسيرة الإعمار والبناء، وتقديم أنواع الخدمات من خلال تعاون جميع أفراد الأمة وتضامنهم، وقد حققت في هذه الفترة القصيرة من المنجزات وقدمت من الخدمات لم يتم حصول مثله في أي بلد من بلدان العالم، ومع هذا يأتي بعض المغرضين والجهلاء ليقولوا بأن هذا النظام لا يختلف عن نظام الشاه الذي سبقه، وأنه لم يحقق شيئاً جديداً. هل يصل بهم عدم الإنصاف إلى هذا الحد الذي يقارنون فيه الجمهورية الإسلامية مع نظام الشاه الطاغوتي، على الرغم من كل هذه الخدمات التي قدمتها لهم والحريات التي وفرتها لهم، بحيث بات بوسع أحدهم أن يتحدث بهكذا كلام وغيره من الأقوال غير المنصفة بكل حرية ودون أن يتعرض له أحد، بل حتى الخروج إلى الشوارع والهتاف ضد هذه الحرية الممنوحة، فأيكم كان يجرؤ على مثل ذلك في عهد النظام السابق؟ ألم تكونوا جميعاً مطأطئي الرؤوس لهذا النظام؟ حتى الجيدون منكم كانوا قد أخلوا الساحة ولزموا بيوتهم، أو ربما اكتفوا بذكر بعض العموميات في هذه الصحيفة أو تلك، والآن أنتم تعيشون في جو من الحرية وتمارسون حرياتكم فيه. فما الذي يمكن أن تقدمه الجمهورية أعظم من هذه الحرية؟ كنا في السابق نعيش التبعية للغير في كل شيء، والآن وبحمد الله تحررنا من هذه التبعية. طبعاً من المؤكد أن العالم يحتاج بعضه إلى بعض، وهذا ليس من التبعية، مثلًا نحن نحتاج إلى شراء القمح، فنعطي المال ونشتريه تماماً كأي شخص يعطي الخباز نقوداً ليشتري الخبز، وهذا ليس اسمه تبعية. فالتبعية هي مثل الذي كان سائداً زمن الشاه، وإلا فإن الاتحاد السوفيتي يشتري القمح من أمريكا وليس تابعاً لها. كذلك أمريكا تحتاج لشراء بعض الأمور من غيرها، كاليابان مثلا، فهذه مبادلات تجارية وليست تبعية. فالتبعية هي ما كان سائداً زمن الشاه، بأن على الغير أن يأتي ويدير جميع أمورنا وأن يأتي المستشار الفلاني لينظم ويدير جيشنا وأمثالها من الأمور. فالمبادلات التجارية والبيع والشراء المتبادل لا يسمى تبعية. وإيران الآن لا تعيش التبعية لأي أحد، وهذا أفضل ما قدمته الجمهورية الإسلامية، طبعاً بالإضافة إلى الحرية. فمع أن هذا المقدار من الحرية ليس من المعلوم أن يسمح به الإنسان ولكنه موجود وقبل مدة كان أكثر. لذا، فإن هؤلاء الذين يثيرون بعض الأمور، هنا أو هناك مثل أن هذه الحكومة لا تختلف عن سابقتها وأن هناك الكثير من المشاكل وأننا لا نزال نعيش التبعية، وفقدان الحرية ... وغيرها من الأمور، فالواقع في حقيقية الأمر ليس كذلك، وهؤلاء إن لم يكونوا مغرضين وهدفهم زعزعة الأوضاع وخلق المشاكل، فهم أناسٌ مخدوعون أو مخطئون في قراءتهم للأمور، فهل هذا كلّه ناتج عن منعكم من الكلام و طرحكم لما تريدون من المسائل، أم المسألة أن هناك أشخاصاً مغرضون لا يمكن ردعهم بأي شكل، يرون لأنفسهم الأحقية في أن يستلموا زمام الأمور، مع أنهم لا يؤمنون بالإسلام ولا حتى بالجمهورية الإسلامية، ولكن عندما أدركوا تعذر ذلك، راحوا يلوثون الأجواء بأمثال هذه الإنتقادات الباطلة والشكايات الزائفة. فهكذا أفراد كانوا يمنون أنفسهم باستلام الوزارة الفلانية أو المنصب الفلاني أو حتى تشكيل حكومة، ليس من السهل عليهم أن يسكتوا ويتنحوا جانباً دون أن يعكّروا الأجواء بالشكوى والإنتقادات الباطلة.
ولهذا فهناك نوع من التقصير من جانبنا نحن، وذلك لأننا لا نطلع الناس بما تم انجازه وتحقيقه من الأمور، وأن هناك الكثير من المؤسسات في مختلف أنحاء إيران لم يتم إصلاح وضعها بعد، فلا يزال هناك بعض المشاكل. فمما لا شك فيه أن هذه المحاكم واللجان وغيرها من المؤسسات المدنية والعسكرية، كحرس الثورة مثلا، هي عرضة، ومن الممكن أن يكون هناك عناصر فاسدة قد تسللت إليها وتمارس الفساد فيها تحت نفس هذا العنوان، فهكذا أشخاص كانوا موجودين حتى في صدر الإسلام، فقد كانوا يدخلون الإسلام للقيام بأعمال فساد وتخريب في داخل المجتمع الإسلامي. طبعاً هكذا مسائل يجب علينا متابعتها، ومعالجة جميع مواطن العيب والخلل في هذه المؤسسات، وهي كثيرة ولكن على أن يتم التحقيق في كل حالة واكتشاف الأسباب الكامنة وراءه، وخصوصاً تلك الحالات التي يثيرها هؤلاء، مثلا وضع المحاكم والسجون وغيرها من الأمور، فيجب التحقيق فيها ومعالجتها، وكلي أمل أن يتم معالجتها.
نأمل من الله أن نوفق لإقامة جمهورية إسلامية بمعناها ومحتواها الحقيقي وأن نوفق للحفاظ على هذا التحول الإعجازي الذي ليس له مثيل والذي تشهده إيران اليوم، بحيث انقلبت، وخلال مدة وجيزة، أحوال هذه الأمة وشبابها لتتحول من أمة غارقة في الفساد، يمضي شبابها أعمارهم متنقلين بين النوادي والحانات، إلى أمة مجاهدة يتطوع شبابُها وبكل شوق وحماس للذهاب إلى الحرب طلباً للجهاد والشهادة، بل إن بعضهم كان يأتي إليّ دامع العينين لأتوسط له عند المسؤولين ليسمحوا له بالذهاب إلى الجبهات. أسأل الله أن يحفظ علينا هذا التحول، لأنه ما دام فينا، فلن يمسنا وبلادنا سوء مهما فعلوا ضدنا، حتى التدخل العسكري، بل إن في نفس هذه الضغوطات والمضايقات خيرٌ للأمة، وعلى فرض القضاء علينا جميعاً- لا قدر الله- فنكون قد عملنا بتكليفنا.
لا معنى للخوف في طريق الحق
نحن مسلمون، وجميعنا مسؤولون أمام الله عزوجل، وقد أصبحت البلاد في أيدينا وأنتم أيها السادة العاملون على إدارتها مسؤولون أمام الله عزوجل، وأيّ عمل أو فعل أو حتى لفظ يصدر عنكم يعلمه الله، وهو سائلكم عنه غداً، وحتى على فرض المحال، أننا أُبدنا جميعاً، فإننا نكون قد أبدنا في سبيل الحق، وهذا ليس معناه العدم بل إنه الوجود والخلود بعينه. فإن هكذا أمر على فرض وقوعه في إيران، فإنه سيزلزل العالم بأسره، وسيبعث فيه الحياة، ولهذا لم نخف يوماً من هكذا مسائل وهكذا تهديدات بالحرب وغيرها من الأمور، وعلينا أن لا نخافها في أي وقت. فلماذا فخاف؟! ما دمنا على الحق، ونعمل في سبيله، تماماً كما أجاب علي بن الحسين (ع) أباه عندما أخبره بما سيحل بهم جميعاً من القتل والسبي حيث قال: أولسنا على الحق؟ قال: بلى، قال: فمما نخاف إذاً؟ «2» فالمسألة هي كذلك.
فراقبوا أنفسكم وأعمالكم، فإن الله سبحانه وتعالى يراها، وهي تكتب عليكم، كما أن عليكم أن تراقبوا أوضاع دوائركم والأشخاص الذين يعملون تحت أيديكم، وتوخوا الدقة في إنتخابهم، لئلا تتسلل بعض العناصر المنحرفة إليها فتعيث فيها فساداً، وعلى فرض إكتشافكم لبعض الأفراد غير الثقات، فحاولوا أن تعظوهم، فلو رأيتم أنهم غير قابلين للإصلاح فأقيلوهم، واستبدلوهم بافراد آخرين صالحين.
وكلي أمل أن تُصلح جميع الأمور، وأن نخطوا إلى الأمام بنجاح في ذلك وأن تزول جميع هذه المشاكل إن شاء الله.