بسم الله الرحمن الرحيم
قمع العشائر مقدمة لنهب الثروات
إن صور الشهداء التي في أيديكم رجالا ونساءً هي لشباب هذه الأمة الشجعان الذين نعتز بهم وفي نفس الوقت نتأثر ونتأسف عليهم، أدعو الله أن يشملهم برحمته، وللمعاقين الصحة والعافية ولكم ولذوي الشهداء العافية والصبر. فهذا ليس مصابكم وحدكم بل هو مصاب لكافة أبناء الشعب، فهم أبناء الشعب وإخواننا.
إن ما أودّ الإشارة إليه والتنبيه له هو أن القوى الكبرى ومنذ أن جاءت برضاخان إلى إيران، ولحين انتصار ثورتنا هذه، كان لهم حساباتهم الخاصة القائمة على معاييرهم المادية والدنيوية، إلا أن هناك بعض الأمور التي لم يحسبوا لها حساباً بسبب عجزهم عن درك حقيقتها وفهمها. فقد كانت لهم محاولات كثيرة للتغلغل داخل الشعوب والأمم وخصوصاً إيران في عهد رضاخان. فقد اتبعوا أساليب مختلفة للتغلغل داخل أمتنا وبلادنا وإخضاعها لسيطرتهم ونهب ثرواتها. ومن بين هذه الأساليب؛ محاولتهم القضاء على عشائر البلاد من خلال إخراجهم عن حالة العشائرية والترحال وإسكانهم في مناطق معينة، لأنهم كانوا يرون فيها قوة داعمة لإيران. فقد كانت هذه العشائر منتشرة في كافة أنحاء إيران، في خوزستان، في كردستان، في كرمانشاه، في فارس في سيستان وبلوجستان في آذربيجان والكثير من المناطق الأخرى، لذا سعوا للقضاء على هذه العشائر من خلال رضاخان، ونحن اليوم ندرك أهمية دور هذه العشائر في إيران، فمع أن بعض هذه العشائر فقط دخل الحرب، إلا أنهم يقومون بأعمال عظيمة وشجاعة، كما أن العشائر الأخرى من قبيل عشائر بختياري، وعشائر قشقائي فارس وأمثالها من العشائر هي عشائر وفية للإسلام، ومستعدة للتطوع والإنخراط في الجبهات، وكلنا أمل أن لا تكون هناك حاجة لأن تدخل جميع عشائر إيران الحرب وإننا ندرك الآن لماذا كان هؤلاء يحسبون ألف حساب لهذه العشائر وقدرتها، فقد تلقوا ضربة قوية على أيدي أهالي تنجستان «1» عندما شنوا حملتهم للقضاء على هذه العشائر، ونفس الشيء تكرر عندما شنوا حملتهم للقضاء على علماء الدين، فقد وجه لهم علماء الدين وعلى مر التاريخ ضربات موجعة وخصوصاً الانجليز الذين تلقوا ضربات مؤلمة في قضية اتفاقية التنباك. «2» ولهذا كان من بين خططهم تدمير هذه القوة المؤثرة في المجتمع من خلال عزلها عن الناس وعزل الناس عنها. ومن المسائل الأخرى التي كانت في عهد رضاخان، مسألة منعه تنظيم مواكب العزاء في جميع أنحاء إيران، والتي كانت تنشط وتخرج إلى الشوارع في أيام محرّم وصفر، فقد كان لها دور مؤثر في استنهاض الشعب، ولهذا منعوها في ذلك الوقت وأمثال ذلك كثير. إلى أن وصل الدور إلى ابنه محمّد رضا الذي فاق أباه بالإجرام والخيانة وما فعله لا يخفى على أحد، لذا لا أرى من الضرورة التفصيل أكثر، إلى أن قامت الثورة الإسلامية.
تركيز العدو في هجماته على المؤسسات المفيدة للشعب
عندما حدثت الثورة، رأيتم كيف فرّ أكثر قادة الجيش الفاسدين إلى الخارج أو تم إلقاء القبض عليهم، ولكن أصل الجيش كان بطبيعته وفياً للإسلام والبلاد. ومنذ ذلك الحين بدأوا بإثارة الحديث عن أن هذا الجيش جيش طاغوتي ويجب أن لا يبقى، ولا زال هذا الحديث يثار حتى يومنا هذا، هذا الجيش الذي أثبت في الحرب مدى وفائه وقدرته عندما رأوا مدى إلتحامه بالشعب وأنه أصبح جزءاً منه تحول في أعينهم إلى حجر عثرة في طريقهم، ولهذا راحوا يحركون عملاءهم في الداخل ليثيروا هكذا أحاديث ويطرحوا هكذا أفكار من قبيل أن هذا الجيش وجميع قوات الشرطة والأمن مؤسسات أنشئت زمن الطاغوت ولا تزال تحافظ على طاغوتيتها، ولذا فمن الأفضل حلُّها والانطلاق من البداية. وقد انكشفت أبعاد هذه الخطة فيما بعد. حيث أن الجيش والشرطة يقومان بدور هام جداً اليوم، فقد تبين ممَّ كان خوفهم، وما الذي كانوا يريدون فعله. كانوا يريدون لنا أن نكون ضعفاء ولا نملك شيئاً في اليوم الذي سنبتلي فيه بمحاربة قوات البعث الكافرة المزودة بكل شيء. كما أنهم كانوا يركّزون على عدم الجدوى من وجود قوات الحرس الثوري، وبذلوا جهدهم لإخراجهم من الحرب، وقد رأينا ما الذي فعلته قوات الحرس في الحرب. والآن والحمد لله فإن جميع قواتنا المسلحة من حرس ثوري، وشرطة، وجيش وجميع قوات التعبئة والقوى الشعبية والعشائر تعيش الإنسجام الكامل فيما بينها، وتعمل سوية على تحطيم قوى الباطل وستهزمهم لا محالة. هذه هي الخطط التي رسموها، وهم اليوم في صدد إجرائها أيضاً، فعليكم الحذر من هذه الشائعات التي يبثونها. عليكم أن تعلموا أن أي فئة تتعرض للهجوم بشدة من قبل هؤلاء المنحرفين فذاك يعني أنها أكثر فائدة للشعب، وأكثر ضرراً على الأجانب، فإذا رأيتموهم يهاجمون حرس الثورة فاعلموا أنهم يخافونه أيضاً، وإذا رأيتموهم يسعون لطرد علماء الدين وإقصائهم عن الساحة فكونوا على علم أنهم يخافونهم ايضاً كما كانوا يخافونهم في السابق.
جهل العدو بمدى تأثير المعنويات في انتصار الثورة
إخواننا أخواتنا الأعزاء من ذوي وأحفاد صانعي مجد هذه الأمة وفخرها والمسطرين على صفحات التاريخ، صفحات عزّ لإيران، إخوتي معاقي ومصابي الحرب وصانعي فخر إيران، كونوا على ثقة بأن أسماءكم قد سجلت الآن في الدنيا والآخرة، فقد غيرتم مجرى التاريخ. إن أمتنا جعلت التاريخ تاريخاً آخر، وغيرت مسير التاريخ. لقد حسب هؤلاء لكل شيء حسابه إلا شيئاً واحداً وهو الجانب المعنوي والمعنويات. فقد كان هؤلاء ينظرون إلى الأمور بأعين لا تبصر إلا المادّة والماديات، عمياء عن عالم المعنى والمعنويات، ولهذا حسبوا حساباً للعشائر والجيش وعلماء الدين وقوات الشرطة والأمن ولقوات الحرس ولكنهم لم يحسبوا حساباً للمعنويات لأنهم كانوا غافلين عن مدى العلاقة التي كانت تربط الشعب بالله سبحانه وتعالى والإسلام، وتمدهم بالقوة والمضي في الجهاد والإستشهاد. فلا يكاد يمر يوم دون أن يأتي إلينا أشخاصٌ يصافحوننا ويتحدثون إلينا وبأعين دامعة يسألوننا أن ندعو لهم بالشهادة، فأدعو لهم بالنصر وأن يعطيهم الله أجر وثواب الشهداء. فهؤلاء لم يحسبوا لهكذا أمور حساباً، فإنهم إمّا لم يقرأوا تاريخ صدر الإسلام أو أنهم تجاهلوه. فالذي هزم هاتين الإمبراطوريتين على عظمتهما ليس قوة السلاح وكثرة العتاد، لأن المسلمين في ذلك الوقت كانوا يفتقرون للسلاح، فقد كانوا يملكون القليل من الخيول وربما تناوب اثنان أو ثلاثة على ناقة واحدة، وأما السيوف فكان منها ما هو قاطع ومنها ما هو غير قاطع ومع ذلك فقد تحدّوا إمبراطوريتين تملكان تجهيزات ومعدات حربية متميزة هما الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية الرومانية اللتان كانتا تفتقران لقوة الإيمان. فقد كانوا يضطرون لتقييد جنودهم بالسلاسل للحيلولة دون فرارهم في بعض الحروب على ما ذكر في التاريخ. لذا عليكم إخواني أن تعلموا أن أعداءكم، أعداء الثورة، يفتقرون لقوة الإيمان، وأنتم تمتلكونها بحمد الله، ولهذا فإنكم تملكون كل شيء. وكلّي أمل أن تنتصروا على القوى الكبرى وتمنعوها من التدخل في شؤون بلادكم بمعنوياتكم العالية، كما انتصرت قوة الإيمان في جيش المسلمين في صدر الإسلام على الإمبراطوريات الكبيرة التي كانت تسيطر تقريباً على أغلب بقاع العالم. وأن توفقوا إن شاء الله لدفن هذا النظام البعثي الفاسد المحتضر في مقبرة التاريخ، ولكن عليكم أن تحافظوا على هذا الإيمان، والوحدة المنبثقة عنه. فلقد قدمنا الكثير من الشهداء والمعاقين والكثير من الشباب، لكن وبحمد الله لم يفقد شعبنا، ونساؤنا ورجالنا، صغارنا وشيوخنا إيمانهم، بل كلُّهم ثقة بإيمانهم وقدرتهم على هزيمة تلك القوى التي تستهدف بلاده. أسأل الله النصر لكم جميعاً، والرحمة لشهدائنا والشفاء العاجل لمعاقينا، والأجر والثواب ووحدة الكلمة لجميع أفراد شعبنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته