بسم الله الرحمن الرحيم
ظهور القيم في أيام الشدة
القيم الإنسانية لا تعرف في الأوقات العادية كما لا تعرف قيمة الأشخاص والجماعات في أوقات الهدوء التي يعيشها الوطن والمواطنون. في مثل هذه الأوقات ربما يدعي جميع الأشخاص أنهم أصحاب قيم وأنهم ثوريون ولكن قيم الأشخاص والمجموعات لا يمكن أن تتحقق بعد الثورة وانتصارها لأن جميع المجموعات تاتي بعد الانتصار وجميعها تظهر المحبة والانتماء الثوري. تأتي مجموعات من جميع الجهات من أجل الحصول على المنافع وقطف ثمار بستان حاضر الثورة وأحياناً، بل في كثير من الأوقات فان هذه المجموعات والأشخاص الذين جاؤوا لقطف الثمار لا يقبلون بأن يشاركهم في قطف الثمار صاحب البستان الأصلي! يريدون كل شيء لأنفسهم فقط. وقد شهدتم بعد الثورة كيف ظهرت مجموعات وأشخاص وجميعهم ظهروا بمظهر ثوري وأرادوا الاستفادة من هذه الثورة. ومع الأسف لم يقبلوا بأن يشاركهم أصحاب البستان الحقيقيون أنفسهم. اليوم الذي تعرف وتتجلى فيه قيمة الأشخاص والرجال والمجموعات هو يوم الشدة ويوم الموت.
في ذلك اليوم الذي جئتم فيه أنتم أيها السادة في القوات الجوية وأعلنتم فيه معارضتكم للنظام الطاغوتي، في ذلك اليوم سجل التاريخ قيمتكم كما أنها محفوظة عند الله تعالى.
العمل الذي قمتم به في ذلك اليوم يختلف كثيراً عن الأعمال التي تقومون بها اليوم. إذا كنتم أنتم أو أي شخص آخر في ذلك اليوم يريد الانضمام إلى صفوف الشعب والعودة إلى أحضان الإسلام كان يواجه الموت ويواجه المصائب ويواجه القدرة الشيطانية وفي ذلك اليوم خضتم الامتحان. الأشخاص المشابهون لكم والذين حضروا إلى الساحة لمواجهة الطاغوت أو أضربوا أو تظاهروا، هؤلاء أيضاً عرضوا قيمتهم. ولكن أنتم الذين كنتم جزءاً من القوات العسكرية ومن القوات الجوية للطاغوت في ذلك الحين عرضتم تلك القيمة أكثر من الآخرين حيث انسلختم عن الطاغوت والتحقتم بالإسلام. وإن انتصار الثورة مدين لجميع الشعب ومدين لما قمتم به وما قامت به سائر القوى التي التحقت بالإسلام واستعرضت قيمتها. ذلك اليوم يجب أن نعده من أيام الله. اليوم الذي عبّأكم فيه الله تعالى أنتم أيها الأخوة وأنتم القوة الإنسانية العظيمة، قمتم بطاعة الله تبارك وتعالى والتحقتم بالصفوف الإنسانية الإسلامية للشعب وجئتم إلى أحضان الإسلام. إننا جميعاً نقدّر ذلك اليوم. ذلك اليوم يوم سجّل في التاريخ، وفي تاريخ القوات الجوية، وانا اتقدم بالشكر إلى جميع القوات سواء القوات الجوية أوالقوات البحرية أوالقوات البرية والى جميع من كان في القوات المسلحة في ذلك الوقت كان في خدمة الطاغوت ثم رجع إلى خدمة الإسلام كما أن الأمة الإسلامية تقدرهم جميعاً.
تجنب القوات العسكرية التدخل في الشؤون السياسية
الموضوع الذي أريد أن أقوله لكم وللقوات المسلحة وخصوصاً الجيش وقوات الدرك وكل من له علاقة بالقوى العسكرية أنه يجب عليكم أيها السادة أن تعرفوا أن هناك توجهات سياسية ودعاية سياسية في إيران، وربما يأتي اشخاص ويحاولون النفوذ والتسلل في صفوفكم والقاء رؤى سياسية لا تنطبق مع الرؤية الإسلامية فهي رؤى سياسية شرقية أو غربية. لا تدخلوا في هذه الاتجاهات السياسية وفي المواضيع السياسية. لتكن عندكم رؤية سياسية ودراسات ومطالعات سياسية. ليس هناك مانع من هذا ولكن الاتجاهات السياسية وعناصرها يمكن أن ياتوا إليكم ويتحدثوا معكم ويتسللوا في صفوفكم ويعملوا على إخراجكم عن الطريق الذي اخترتموه دون انتباه منكم بعد أن انفصلتم عن الطاغوت ورجعتم إلى الإسلام. السياسيون عندهم دراسات سياسية ليس للأشخاص العاديين اطلاع عليها. من الممكن أن يأتي أفراد من هؤلاء الأشخاص السياسيين ولكن رؤاهم السياسية لا تتوافق مع المصالح الوطنية ويعملوا من خلال دعايتهم لا قدر الله على انحرافكم؛ وبالتالي على سلبكم هذه القيمة التي حصلتم عليها في الدنيا ومن خلال الإسلام وفي وطنكم. يجب أن تنتبهوا كثيراً إلى الشياطين الذين يريدون جرّكم إلى الانحراف نحو اليمين أو اليسار ولو كان هذا باسم الإسلام وباسم إيران يجب أن تنتبهوا كثيراً لئلا تنحرفوا وتنفصلوا عن الإسلام العزيز.
الحكومة الإسلامية ملتزمة بالأخلاق والقيم الإنسانية
الإسلام أتحفكم وأتحف البشر وجميع الناس. تحفةً عامة وللجميع. في رأس اهتمامات وأولويات البرامج الإسلامية الهداية، هدايتكم إلى طريق يعمر دنياكم وآخرتكم. لن يكون في أي نظام وفي اي دولة اهتمام والتزام بالاخلاق والقيم الانسانية كما هو في الدولة الإسلامية وفي النظام الإسلامي. الإدعاءات كثيرة وإلى أي مكان ذهبتم فان رؤساء الدول في كل مكان ولاسيما القوى الكبرى فان ادعاءاتهم كثيرة؛ إدعاء اننا نحن نريد الجماهير ومصالح الجماهير والشعب والعمال ومصالحهم. هذا الادعاء كثير وهو كثير من القدم. إدعاء أننا نحترم حقوق الإنسان ونحن أوفياء لحقوق الإنسان، هذه الادعاءات كثيرة كانت في السابق وهي الآن موجودة. لكنكم انظروا إلى أعمال هؤلاء المدعين وليس إلى كلامهم، إن كلامهم حلوٌ ولكن أعمالهم أمر من السمّ. وهؤلاء الذين يدعون ضرورة الالتزام بالقوانين والاتفاقيات الدولية هم أول الذين لا يهتمون بحقوق الإنسان ولا بهذه المؤسسات التي أوجدوها بأيديهم. عندما تنظرون إلى أعمال هؤلاء الذين يدعون اننا قمنا بالثورة من أجل الجماهير ومن أجل المستضعفين سترون انهم أول الأشخاص الذين يعملون ضد الإنسانية وضد شعوبهم. وجميع الدعايات هي من أجل الحصول على السلطة. دعاية جميع الشرق والغرب ملوثة بالأهواء النفسية التي لا يشبع الإنسان منها. يستغفلون الناس بكلمات جيدة واقوال معسولة. يستفيدون من الناس أنفسهم من أجل أسر الناس سعيا وراء القدرة والقوة. هؤلاء الذين يدعون انهم جماهيريون وانهم من أجل الجماهير بعد أن انتصرت ثورتهم قاموا بالقاء ملايين الناس من هذه الجماهير في السجون وقضوا عليهم. هؤلاء الذين يدعون حقوق الإنسان أهلكوا الناس طيلة فترة حكمهم وحرموا جميع مستضعفي العالم حقوقهم الأولية.
لا تستمعوا إلى الدعاية الغربية ولا إلى الدعاية الشرقية ولا إلى دعاية الجماعات السياسية التي تريد أن تاخذ الشعب وتأخذكم إلى طريق غير طريق الإسلام.
إفتحوا أعينكم وآذانكم جيداً. الأشخاص الذين يتصلون بكم ومن الممكن أن يتسللوا إلى صفوفكم دققوا جيداً في كلماتهم وأقوالهم وانظروا هل هي نفس ما كانت الأمة تقوله في بداية الثورة وهو عبارة عن وحدة الكلمة والتوجه إلى الله. وحدة الكلمة هذه هي التي جعلتكم تنتصرون على القوى العظمى مع كونكم قليلين فانقذت بلدكم الذي كان يرزح لمدة سنوات طويلة تحت سلطة الأجانب أو تحت سلطة حكام الجور. واعطتكم الاستقلال وقطعت أيادي الآخرين عن بلدكم وحررتكم من سيطرتهم عليكم. يجب أن تنتبهوا إلى الخطباء الذين يأتون إليكم أو الأشخاص الذين هم بينكم ويطرحون قضايا في آذانكم، إنتبهوا هل ما يطرح هو من أجل إيجاد التفرقة وفصل فئة عن فئة أم إنه دعوة إلى الوحدة والانسجام؟! إذا رأيتم الخطباء يدعون إلى اتحاد جميع فئات الشعب ولا يريدون فصلكم عن الحرس ولا يريدون فصل الحرس عنكم ولا يريدون فصلكم عن علماء الدين ولا يريدون فصل علماء الدين عنكم ولا يريدون إيجاد الفرقة بينكم وبين رؤسائكم ولا بين رؤسائكم وبينكم ويدعون إلى ما دعا إليه الله تبارك وتعالى عندما دعا الجميع إلى الوحدة والتمسك بالإسلام وبحبل الله وحذر من التفرقة، إذا قال الخطباء والمتحدثون نفس هذا المعنى فاعلموا أنهم إسلاميون وأن هذا الكلام كلام إسلامي ويمكن قبوله.
وإذا رأيتم أن متحدثين أو مجموعات أو اشخاصاً يخالف كلامهم ما امر الله تبارك وتعالى به واعتصموا بحبل الله جميعاً «1». عند ذلك اعتصموا بحبل الله. جميعكم مامورون بأن لا تدعوا للتفرقة. إذا رأيتم أن هناك اشخاصاً يريدون غرس التفرقة بينكم وبين الشعب ويدعون إلى مواجهة الشعب أو فريق منه فاعلموا أن هذه الدعوة خلاف دعوة الإسلام وخلاف دعوة أنبياء الله وخلاف دعوة الله الذي أمركم بالاتحاد جميعاً. المجموعات التي تعلن عن وجودها في إيران الان ايضا في اليوم أو اليومين السابقين هي نفسها التي تسمي نفسها فدائيي الشعب وتدعي بأنها تعمل من أجل الشعب وتدعو من أجل الشعب. ترون أنهم لا وجود لهم في الجبهة مطلقاً ولا في داخل الجبهات ولكنهم يعملون خلف الجبهات من أجل عرقلة طريق أعزائنا الذين يحاربون في الجبهات ويقومون بواجباتهم هناك. لا علاقة لهم بالإسلام ولا بالإنسانية ولا بالشعب بل هم أعداء الشعب وأن اعتبروا أنفسهم إنهم (فدائيي الشعب). وهذه نفس الخدعة التي تستفيد منها الدول الكبرى من أجل إبقاء الشعوب الأخرى تحت نير الظلم حتى شعوبهم أنفسهم وهي أننا نحن رفاق ونرفق بجماهير الشعب بل وينادون شعوبهم باسم (رفيق) ويسمون أنفسهم بال- (رفيق) ولكنهم أعداء الشعب. الشرق والغرب كلاهما يعارضان الناس ولا يفكران بشيء آخر غير مصالحهما وقدرتهما.
الادعاءات الكاذبة لمؤيدي الجماهير والشعب
قارنوا بين رؤساء الدول القوية والرؤساء الذين كانوا في الإسلام وكانت قدرتهم في صدر الإسلام أكبر من قدرة هؤلاء. ولاحظوا الفرق كم هو شاسع بينهم. أنظروا الى الحكومة الإسلامية أية حكومة هي؟ والحكومة غير الإسلامية اية حكومة. مع الأسف لم تسمح القوى الشيطانية بتطبيق الإسلام. ولم يسمحوا بعرض الصورة الحقيقية للإسلام كما هي. كان الإسلام غريباً من البداية وهو الآن غريب أيضاً. الآن أيضاً عندما اردتم انتم أيها الشعب الإيراني وأنتم يا جنود ايران الاعزاء عندما أردتم إحياء الإسلام من جديد في إيران وتخليده من جديد في إيران ترون أن جميع القوى تقريباً، الأكثرية الساحقة من القوى تعارضكم؛ ويسارعون إلى إدانتكم في كل اجتماع لهم. الآن وقد ابتليتم بهذه الحرب وهم الذين هجموا عليكم وصدام هو الذي هاجم بلدنا، الآن ترون هذا الامر الواضح وهو أن دولة صدام الفاسدة هي التي هاجمت شعبنا وقتلت شبابنا وأطفالنا وقامت بارتكاب المجازر الجماعية بحق شبابنا وشيوخنا ونسائنا، مع كل هذا فانه عندما يذهب إلى مؤتمر الطائف يتظاهر بالمظلومية! ولا يوجد شخص واحد في ذلك الاجتماع ليقول له إنك أنت الذي بدأت الهجوم وليس إيران. المؤتمر الذي حضره مندوبون من مختلف الدول واجتمعوا مع بعضهم وتعاهدوا على الوقوف ضد الإسلام وضد المصالح الإسلامية باسم الإسلام. جميعكم تعرفون ونعرف ماذا فعل الكثير منهم طيلة مدة ملكهم او رئاستهم بحق شعوبهم وماذا فعلوا بالإسلام وكم كانوا متوافقين مع الصهيونية وفي نفس الوقت فانهم يجتمعون في اجتماع عام ويأتي هذا الشخص ليتحدث اليهم ويؤيده في حديثه الكثيرون منهم. المزاعم كثيرة لكن الواقع خلاف تلك المزاعم. كثيرون هم الأشخاص الذين يلهجون بالإسلام ولكن عندما ينظر في عملهم فانهم يخالفون الإسلام مائة بالمائة. كثيرون هم الأشخاص الذين يتحدثون عن الشعب والوطنية ولكن عندما يصلون إلى السلطة فانهم يعملون خلافاً للشعب والوطنية. هذا بختيار «2» الذي رأيتموه جميعاً. كان من الجبهة الوطنية ومن الوطنيين ورأيتم ماذا فعل مع شعبنا ولو أن قدرتكم لم تمنعه من الاستمرار ماذا كان سيفعل. لا تغركم الأقوال. لا تغركم الادعاءات. أنتم فكروا. إفتحوا أعينكم جيداً واعلموا أن الإسلام هو سند الشعوب.
ارتباط الامة الدائم بالإسلام
الحكومات الإسلامية في صدر الإسلام كانت سنداً للشعوب وكل همها هي الجماهير. الآخرون يتحدثون والإسلام يعمل. هؤلاء يتحدثون عن حقوق الإنسان ويعملون خلافاً لحقوق الإنسان، الإسلام يحترم حقوق الإنسان ويعمل بها ايضا. ولا يضيع حقاً لأحد ولا يسلب حرية أحد باسم الحرية ولا يسمح بتسلط أحد عليه وسلبه الحرية باسم الحرية وسلب الاستقلال، باسم الاستقلال، كونوا مع الإسلام دائماً ومتنوا علاقتكم معه يومياً وانتبهوا إلى الشياطين الذين يريدون سلخكم عن الإسلام وعن الشعب وسلخ الشعب عنكم وسلخكم عن علماء الدين الذين يهتمون لكم وسلخ علماء الدين عنكم. إنتبهوا جيداً لهم لئلا يوفقوا في عملهم لا سمح الله.
وإن شاء الله يصل هذا النصر إلى هدفه النهائي و يوفقكم الله كافة من جميع الشرائح إلى الالتزام بهذا الطريق المستقيم الذي هو طريق الإنسانية وطريق الله حتى النهاية وغايته هي الله والنعم الإلهية الكبرى، ادامكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته