بسم الله الرحمن الرحيم
الانتقال من مرحلة الشعارات إلى مرحلة الفهم والعمل بأحكام الإسلام
شكراً على قدوم السادة لرؤية إيران عن قرب، ومشاهدة المسائل التي في إيران؛ إذا وجدت الفرصة لمثل هذا الامر أو كانت هناك رغبة بتحديد الظالم من المظلوم والمعتدي ممن اعتدي عليه. لو أردت تبيين ما كان ولايزال في إيران والمصائب التي جرت على هذا الشعب حتى ولو بالاجمال فان هذا سيتسبب بفقدان سلامتي كما أن وقتكم لا يسمح بذلك. ولذا سوف اتحدث لكم عن بعض الأشياء. وآمل من المسلمين وخصوصا رؤساء المسلمين أن يتركوا رفع الشعار الإسلام (الذي هو ستار لعدم العمل بأحكام الإسلام) وأن يعملوا ويفكروا بالإسلام بحسب ما هو موجود.
إن مصيبة المسلمين حتى اليوم والشعوب المظلومة هي أن رؤساءهم يكتفون بالشعار الإسلامي في حين أن لديهم أهدافاً أخرى ينفذونها من خلال التستر بغطاء الشعار. آمل أن تنتقل الشعوب الإسلامية وخصوصاً دولها من الشعار إلى التفهم والعمل بالإسلام والقرآن الكريم.
وصف أوضاع إيران في الحرب المفروضة
لقد أتيتم إلى بلد كان لمدة الفين وخمسمائة سنة تحت الضغط والقهر. تحت حكم سلاطين الجور باسم العدالة وباسم التمدن وباسم الإنسانية. لقد أتيتم إلى بلد يريد مظلوموه أن يخرجوا من تحت الظلم إلى الاستقلال والحرية. بعد سنوات طويلة من الظلم وانعدام الحرية سحق بلدهم باسم الإسلام، وباسم الرقي. بواسطة عملاء القوى الكبرى في الشرق والغرب. الأهواء النفسية لعملاء القوى الكبرى لم تفسح المجال للشعب أن يتنفس نفساً واحداً بحرية. لقد جئتم إلى بلد قدم ستين ألف شهيد وأكثر من مئة الف معوق وما يقارب خمسين ألفاً من الأسر التي أصبحت بلا معيل. في بلد تعرض لكل هذه المصائب. أتيتم إلى بلد فيه ما يقارب المليون ونصف المليون شُردوا من مدنهم ومنازلهم وفيه مشردون تعرضوا لجميع أنواع الظلم. أنتم جئتم إلى بلد دخل اليه بعض الظلمة بسبب عمالتهم وارتباطهم بالقوى الكبرى وعبروا حدودنا فجأة واغتصبوا بعض مدننا ظلماً وقتلوا جميع شبابنا ومن كان معهم في الجبهات. إما قتلوهم وإما أسروهم. أتيتم إلى بلد ذنب شعبه هو انه يريد خدمة الإسلام والرجوع إلى الإسلام. يريد أن يقطع أيدي القوى الكبرى التي كانت تعيث فساداً هنا (خلافاً للموازين الإنسانية والإسلامية) وأن يقضي على حكومة الجور وأن يقيم الدولة التي يريدها في بلده وأن يعيش تحت لواء الإسلام. القوى الكبرى لانها لا تريد اتحاد الشعوب الإسلامية والدول الإسلامية، وتخاف من مجتمع يقارب مليار مسلم، يخافون ان يكون كل هؤلاء تحت راية الإسلام، هجموا علينا من كل جانب هجوماً عسكرياً، دبروا مؤامرة انقلاب، وفي النهاية كلّفوا شخصا باسم صدام حسين بالهجوم العسكري. أنتم قدمتم إلى بلد المظلوم فيه مقابل الظالم؛ مقابل أشخاص يظلمون ويبطشون. لا تذكروا اسم الشعب العراقي والإيراني. الشعبان الإيراني والعراقي أخوان، هما معا، وكلا الشعبين عدوّان لهذه الحكومة العراقية. إذا أردتم أن تعتبروا الإسلام اكثر من شعار يجب أن تاتوا وتروا ماذا جرى على شبابنا ونسائنا وأطفالنا. مدننا المدمرة لازالت تدل على آثار الجريمة حتى الآن. إذا أردتم الانتقال من الشعار الإسلامي إلى الشعور الإسلامي، والدول الإسلامية إذا ارادت الانتقال من الشعار إلى الشعور والى الواقع والعمل يجب أن تتخلى عن أهوائها وعن الظلم وأن تلتحق بالشعوب.
لا معنى للسلام بين الإسلام والكفر
لو بقيتم هنا مدة، وتركتم الدعاية التي روجت ضد إيران جانباً، وكنتم واقعيين في إيران، ورأيتم مسائل إيران وتوجهات الشعب الإيراني والحكومة الإيرانية: هل أنهم يريدون الإسلام ويلتجئون إلى الإسلام؟ أم لا، هم يريدون إيجاد الفرقة وإثارة النعرات القومية ورفع الفرس ووضع العرب وجعلهم في مرتبة أدنى.
أنتم والذين كانوا في مؤتمر الطائف استمعتم إلى ما قاله صدام لمدة ثمانين دقيقة. في هذه الثمانين دقيقة لم يتكلم دقيقة واحدة بما يرضي الله. ولو ذكر الإسلام فهو الإسلام الذي جيء به إليه هدية من أوروبا وأمريكا؛ وليس الإسلام الذي جاءه من المدينة والحجاز، وجاء للجميع. لقد استمعتم إلى كلامه الفارغ الذي قاله لمدة ثمانين دقيقة. في الوقت الذي هو في بلدنا وجيشه يعمل قتلا في بلادنا فانه يقول: إن إيران هي المعتدية! ولم تسألوه أين هو اعتداء إيران؟. هل نحن الآن نحارب في العراق أم نحارب داخل إيران؟ إذا كانت الحرب داخل إيران فالاعتداء من قبل العراق. لو اعتدينا يوماً واحداً على العراق فنحن المعتدون. إذا كنا نحن ندافع عن حقوق الشعب وندافع عن الإسلام و ندافع عن حقوق العراق وندافع عن المسلمين، فلا يجوز السكوت في مؤتمر الطائف؛ لا يجوز أن تفكروا أننا نحن شعبان في مقابل بعضنا البعض، فكما أن الشعب الإيراني ساخط على الحكومة [العراقية] فان الشعب العراقي ساخط أكثر. لأن الشعب العراقي خسر علماءً وشباناً وشيوخاً ويافعين وأطفالًا بسبب هذا النظام الفاسد. إذا أردتم التفكير بالإسلام، فيجب أن تكون الآيات القرانية هي الحكم، فكما أمرت الآية القرانية لو أن طائفة من المسلمين (على فرض كونهم مسلمين) هاجمت طائفة أخرى من المسلمين فان الواجب يقضي على بقية المسلمين ان يقاتلوا إلى جانبها. «1» اعملوا انتم بهذا الواجب الالهي فقط. ولا نريد شيئا اكثر من ذلك. انتم اعملوا بهذا الواجب الذي امر به الله. امركم به وامر جميع المسلمين انه اذا اعتدت طائفة من المسلمين على طائفة أخرى فيجب قتال الطائفة المعتدية، أنظروا إلى الاعتداء، وأرسلوا- اذا لم يكن لديكم وقت- عيّنوا- رسلًا عنكم وأرسلوهم إلى الحدود والمدن التي اعتدى عليها هؤلاء، وشاهدوها. أرسلوهم ليروا المقابر التي أنشاها هؤلاء لنا، وإلى قبور شهدائنا، والمشردين الذين خلفهم الشهداء، والناس المظلومين في غرب البلاد وجنوبها. لير رسلكم هل نحن الذين اعتدينا أم أن هؤلاء هم الذين اعتدوا؟ إذا اكتشفتم بأننا المعتدون فحاربونا، وإذا كانت النتيجة أنهم هم المعتدون فقاتلوهم. لا معنى للصلح بين الإسلام والكفر. لا يجوز لمسلم أن يتخيل أنه يجب إيجاد حالة من الصلح بين الإسلام وغير الإسلام، والمسلم وغير المسلم. بل يجب العمل بحكم الله. يجب أن نكون حميعاً تابعين للقرآن الكريم.
قانون الإسلام هو محاكمة ومعاقبة المعتدي
لا تظنوا أن في إيران اليوم حكومة مستبدة، تستطيع أن تتصالح مع شخص يعارضه الشعب. او ان رئيس الجمهورية مستبد بحيث يستطيع أن يتحدث مع الآخرين ويقوم بعمل خلافاً لرغبة الشعب. هنا آراء الشعب هي التي تحكم. هنا الشعب هو الذي يمسك بزمام أمور الحكومة. الشعب هو الذي يعين الأجهزة. ولا يجوز لأي منا أن يخالف حكم الشعب ولا يمكن له ذلك. إذا كان لديكم مهمة لاطفاء نار الحرب (وهو أمل جميع المسلمين) يجب أن تجروا المعتدي إلى المحاكمة. وأن تؤدبوا المعتدي. أخرجوا من منهم في بلادنا، وأن تحكموا على صدام بان يخرج من بلادنا، وأن يتوقف جيشه عن الاعتداء، وبعد توقفه عن الاعتداء فلتأت هيئة دولية- بعد ان تؤسس الهيئة في مكان ما- تأتي إلى هنا لتنظر في الجرائم الحاصلة؛ فإذا كنا نحن المجرمين فليؤدبونا، وإذا كان صدام هو المجرم فليؤدب. هذه هي طريقة الإسلام.
الإسلام امرنا بأمور صحيحة. قال لنا أن نكون جميعاً مع بعضنا، وأن لا نكون متفرقين (1). وأن نتجاوز الشعار إلى الواقع، وأن نكون جميعاً مع بعضنا. وأن لا نكتفي بأن نجتمع في اجتماعات وندوات دون أن يكون لها أي أثر واقعي. دققوا أنتم في هذا المعنى، وهو أن المؤتمر الذي أقيم في الطائف ماذا فعل للمظلومين هنا في بلادنا والمظلومين في فلسطين، والمظلومين في لبنان؟ ماذا فعل للمسلمين؟ فقط نجتمع، إننا مسلمون وأن ننادي بالإسلام؟ هذا الشعار لا نردده نحن فقط، كان يردده محمد رضا أكثر، و يردده صدام أكثر، ويردده الاشخاص المتسلطون ظلماً على الإسلام، والحكومات والشعوب الإسلامية، وهم يرددون هذا الشعار بظلم. ولكن أنتم إذا أردتم التحقيق حقيقة، وإذا كان عندكم حسن نية، واتيتم فعلا من أجل اطفاء نار الحرب يجب ان تجلسوا للتحكيم، ويجب ان تروا الحدود، وذلك الجانب وهذا الجانب ويجب ان تروا الشعوب. الشعب العراقي هل هو راض عن حكومته أم لا؟ ويجب أن تروا الشعب الإيراني هل هو راض عن حكومته؟ وهل يؤيد هذا الرئيس؟ وهل يؤيد رئيس الوزراء؟ وهل يؤيد هذا المجلس؟ وإذا كانت الشعوب تؤيدهم فالحكومات قانونية، وإذا لم تؤيدهم فالحكومات غير قانونية، ويجب أن لا يؤيد العالم الحكومة غير القانونية، إذا كانوا صادقين في قولهم فان الشعوب يجب أن تحكم. وإذا كان ما يقولونه صحيحا في ضرورة مراعاة حقوق الإنسان؛ يجب الرجوع إلى الشعوب. ونحن مستعدون أن تاتوا إلى هنا وأن تجروا استفتاء وتجعلوا مراقبين لكم على الاستفتاء: لتسألوا الشعب هل تؤيدون هذه الحكومة وهذا المجلس وهذا الرئيس أم لا؟. وأن تذهبوا إلى العراق بطريقة من الطرق بحيث لا يكون هناك اجبار واكراه، وان تجروا هناك استفتاء، وانظروا هل يؤيد الشعب العراقي كما يؤيد الشعب الإيراني حكومته أم لا؟ إذا رفض الشعب الإيراني الحكومة الإيرانية ورفض رئيس الجمهورية والمجلس يجب أن تقولوا لهؤلاء المسؤولين أن يذهبوا جانباً ثم يقوم الشعب بدوره بنفسه. وإذا لم يرفضهم الشعب، إذهبوا إلى العراق وأجروا أيضاً هناك استفتاءً واسألوا الناس هل يؤيدون هذا الحزب وهذا المجلس الحزبي وهذا [المسمى] بصدام ورئيس الجمهورية هذا (كما يقولون) أم إنهم لا يؤيدون؟ اذا كانوا يؤيدون عندئذ أجلسوا وصالحوا. وإذا كان هؤلاء لا يؤيدون فنحن أيضاً لا نؤيدهم ولا يؤيدهم أحد إلا من كان معهم من أتباعهم وأمريكا والاتحاد السوفياتي.
إذا كان هذا هو موضوع اجتماعاتكم فلا أثر لها فان كلامنا وكلامكم لن يصل إلى نتيجة. يجب أن نكون جميعاً تحت لواء الإسلام وتحت راية الإسلام ولكن ليس بالشعار، بل في الواقع والحقيقة، وإذا كنا حقيقة تحت راية الإسلام عندها يمكن القيام بعمل ما. ولكن إذا كانت مجرد مراسم، يوماً في الطائف، ويوماً في إيران، ويوماً آخر في مكان آخر، وهكذا حتى النهاية. وسيبقى المسلمون تحت ضغوط الأجانب حتى النهاية. وسنبقى مظلومين حتى النهاية، وستبقون مظلومين حتى النهاية. نستطيع أن نخرج نحن وأنتم من تحت سيطرة الظلم، ظلم القوى الكبرى عندما نعي ذاتنا مع مليار مسلم مع كل تلك الثروات التي عندنا وعندما نعي الإسلام، وعندما ننتبه إلى الإسلام ونعمل بأوامر الله. إذا عملنا بأمر الله فان الله تبارك وتعالى سينصرنا (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم). «2»
والسلام عليكم ورحمة الله