بسم الله الرحمن الرحيم
إعادة سمعة واستقلال الجيش في الثورة الإسلامية
طبعاً إلى الآن لم أكن موفقاً من رؤية السادة عن قرب. والآن وقد حصل هذا التوفيق، فمن الضروري أن أذكر بعض النقاط للسادة:
الأولى هي أنكم كنتم حاضرين في الساحة منذ بداية الثورة وإلى الآن وكنتم شاهدين على تلك المآسي التي مرت على إيران. وكل منكم قد قرأ التاريخ وشاهد أيضاً ماذا فعل النظام الشاهنشاهي وخصوصاً في هذه الخمسين سنة من ناحية القوى الكبرى وماذا مر على بلدكم؟
وربما يمكن القول أن ما مر على الجيش هو أكثر قسوة، لأنه وبقدوم المستشارين الأجانب وبما جلبوه من امور، فقد كانوا بصدد أن يكسروا شوكة الجيش.
يستطيع الجيش أن يحافظ على استقلاله وقوته عندما يرى أنه موجود وأن له وزنه، وليس أن يأتي شخص من الخارج أو يأتي مستشارون يريدون أن يديروه. فمعنى (القدوم من الخارج) أن الجيش جيش استعماري، ليس له أي شرف من نفسه. ومن هذه الناحية فإن ما مر على الجيش بحسب القاعدة يجب أن يكون أسوأ مما مر على باقي الفئات.
فلو كان هؤلاء محرومين- وكانوا كذلك- ولو تحملوا العذاب والآلام- وقد تحملوا جميعاً- فهذه المسائل كانت قابلة للتحمل لدى أولئك.
لكن الجيش الذي يجب أن يحفظ البلد، ويحفظ الحدود، ويدافع عن البلد، يريدونه أن يكون مرتبطاً وتابعاً لبلد آخر، مهما كان ذلك البلد، ومهما كانت قدرته كبيرة، فمعنى هذا أن يقضوا على كل عزة الجيش.
ومن هذه الناحية فإن إحدى الأمور القيمة جداً التي أعطتنا إياها الثورة وهي هدية قد أهدانا إياها الله تبارك وتعالى هي أن أيدي القوى العظمى قد قُطعت عن الجيش وقد طُرد مستشاروهم خارجاً، والآن أنتم موجودون وأنتم القادة.
فعندما يكون القادة منكم فأنتم القادة، فلم يعد الأمر كذلك بأن تشعروا بعدم الراحة في قلوبكم بأنكم تحت أوامر أعدائكم. وتعلمون أنتم أن هذه القوى العظمى هي عدوة الشعب وعدوة البلاد، وخصوصاً البلاد الإسلامية. أن يشعر الإنسان أنه يجب أن يكون خاضعاً مقابل عدوه، مقابل عدو الإسلام، مقابل عدو بلده، فهذا مؤلم جداً.
فكرة تصديق الغرب فكرة تابعة ومنحرفة
ومن هذه الناحية، فإن هذه الهدية التي منحها الله تبارك وتعالى للجيش، ربما تكون أكثر قيمة مما منحه لباقي الفئات. وطبعاً هي قيّمة، فكل ألطاف الله قيّمة، لكن الجيش يجب أن يكون جيشاً مستقلًا وكبرياؤه يجب أن يكون محفوظاً، الآن بحمد الله، هذا محقق لكم. وكل المخاوف المحتملة- طبعاً هي احتمال، واحتمال ضعيف، ولكن من الجيد ذكره- في أن تدخل بعض الأيدي في العمل وهي تريد أن تعود المسائل السابقة. طبعاً لقد دُفنت مسائل العهد الشاهنشاهي، فتلك مسألة غير مطروحة أبداً، ولكن أن يهيئوا مسائل بشكل آخر. فبعض الأشخاص منهم إما أن تكون أفكارهم في ذلك الاتجاه أو- حسب زعمهم- يعتبرون أن صلاح الشعب هو في التبعية.
فهناك بعض الأشخاص المتدينين، المصلين، وربما يصلّون صلاة الليل، ولكنّ أفكارهم قد تربت وترعرعت بهذا الشكل، أي أنهم كانوا يقولون لهم منذ الطفولة أن هذه الدول الضعيفة لا يمكنها الاستمرار بالحياة بدون التبعية إما لهذه الجهة أو لتلك الجهة! وعندما دخلوا إلى المدارس كانوا يلقنونهم بهذا. وعندما دخلوا المجتمع أيضاً كانوا يسمعون ذلك كثيراً، وقد كتب عن ذلك كثيراً في الصحف والمجلات، وقد ورد هذا الكلام في كل مكان بأنكم لا تستطيعون أن تسيروا شؤونكم بأنفسكم.
فلو هربتم من الشرق، فيجب أن تلجأوا الى الغرب! فهؤلاء الأشخاص المتدينون والمصلون أيضاً، متدينون ولكن هذه الفكرة موجودة في أذهانهم وهي بما أن الاتحاد السوفياتي ملحد في الذات ولا يقبل في الأصل مبدأ ما، فلو هربنا منه كنا مضطرين للجوء إلى مكان ما والالتحام به، فيجب أن نذهب إلى الغرب والآن هو أمريكا. فهؤلاء ليس هدفهم- مثلًا- أن يوجهوا صدمة إلى الإسلام، لا، فهم في الأصل قد تربوا بهذا الشكل، وفكرهم هكذا، ويعتبرون أن صلاحهم في هذا.
ولهذا فإنه خلال هذه المعمعة التي حصلت في السنتين الأخيرتين والتي كنت في أثنائها في باريس، طرحوا هذه المسائل بحيث أن يبقى الشاه الآن ويكون سلطاناً وليس له حكومة، فيعمل طبقاً للقانون.
فكنت أعلم أن هؤلاء مغفلون، وقد جاء بعض المحترمين وطرح هذا الأمر، فقلت: إنكم تقولون أن يبقى الشاه في السلطة ويترك الحكومة فنأتي نحن ونقبل ذلك، فهل أنتم مطمئنون أن يقبل الشاه بهذا الأمر؟ أو أنكم تقولون هذا مجرد كلام، فأصدق أنا ذلك مثلكم وأتصالح معه، فسوف يُقضى عليكم جميعاً فيما بعد؟ فلم يستطع هذه المرة أن يجيب! ولم يكن في الواقع يملك جوابا.
فلقد تربي هؤلاء على ذلك ويريدون أن يحذو الناس حذوهم في ذلك. ولكن عندهم أساليب مختلفة.
فالأساليب السياسية المختلفة التي يملكونها تعمل بحيث يعيدوننا ثانية إلى تلك الحالة- لا سمح الله- وليس أن يكون الشاه في السلطة الآن، على أساس الجمهورية الإسلامية وهذه الأمور، مثل الجمهوريات الإسلامية في البلدان الموجودة: فاسمها جمهورية إسلامية ولكن ليس فيها ما ينبئ عن الإسلام والكل تابعون!
فأنا أعتقد أنه لو عاش الإنسان في عناء ومرارة وكانت حياته بنفسه مستقلة ولو كان يأكل خبز الشعير، فإن قيمتها أكبر بمئات المرات مقارنة بالإنسان الذي يعيش في قصور عظيمة وهو يمد يده إلى الآخرين ويخضع لهم.
هذا أمر يؤيده كل إنسان شريف وخصوصاً في الجيش فيجب أن يكون هذا الأمر مؤيداً بشكل أقوى. فلا يجب أن يكون المطروح هناك ما هو نوع سيارتي؟ فالمطروح يجب أن يكون فيما يتعلق بكرامتي العسكرية. يجب أن ينظر إلى الكرامة العسكرية.
الانتباه إلى وجود تيار منحرف
والآن يوجد تيار في الساحة- فأنا لا أريد الآن أن يتم الحديث عن أشخاص لا قيمة لهم- ولكنه تيار موجود لو انتبه الإنسان إلى المسائل التي طرحوها في الآونة الأخيرة، في الصحف المختلفة، إنه تيار موجود يخيف الإنسان كونه يريد أن يدفع هذا البلد للزحف نحو أمريكا، يريدون أن يتقدموا عن هذا الطريق. وهذه مسألة هامة إلى درجة ما في نظر الإسلام ويجب أن يكون لها هذا المقدار من الأهمية في نظركم أيها القادة والآخرون بحيث أنه لو تتنبأون كذلك فيجب أن تقفوا في مقابله، وليس أن تتيقنوا بأن المسألة بهذا الشكل.
فلو أن الإنسان احتمل بعض الأشياء، واحتمل شيئاً صحيحاً، فيجب أن يتعقب هذا ويعترض عليه. فلو تحتملون- احتمالًا صحيحاً- كأن هناك أفعى الآن في الغرفة تنهضون وتخرجون، تحترزون منها. فلو احتملنا هذا المعنى بأن هناك تياراً يُشاهد في الصحف وشوهد، تيار بحيث أنه لا يسمح لهذا البلد بالثبات، فيجب أن نتابع قضية الاستفتاء تلك وقبلها قضية حل مجلس الخبراء الذي طرح في زمن الدولة المؤقتة وعُلم فيما بعد أن أساسها من أمير انتظام «1» وتلك المسائل. فقد أتى إلينا السادة وهم بازركان «2» ورفاقه فقالوا: نحن نرى أن نحل هذا المجلس. فقلت: ما هو عملكم أنتم في الأصل حتى تريدوا أن تفعلوا هذا! ما هو منصبكم حتى تستطيعوا أن تحلوا المجلس؟ انهضوا واذهبوا إلى أعمالكم. وعندما رأوا أن المسألة مُحكمةٌ تنحوا جانباً. فمسألة حل مجلس الخبراء كانت أساساً حيث أنهم غير ملتفتين للمسائل، فقد أجبروا هؤلاء السادة- والذين لا يدركون كثيراً هذه المسائل وجذورها- على هذا الأساس حيث رأوا أن مجلس الخبراء هو مجلس إسلامي، مجلس أكثره من العلماء. فهم يخافون من هؤلاء، يخافون من هؤلاء العلماء- فقد تلقوا ضربة منهم. فرأوا مجلساً هو مجلس علماء، فلو كتب هؤلاء قانوناً فإنهم يكتبون قانوناً لايلائم مزاج الغرب أو الشرق وهو لا يريد شرقياً أو غربياً. فقد وسوسوا لهؤلاء السادة وأجبروهم. فهؤلاء السادة لا يدركون المسائل بشكل جيد- مع الأسف- مع أنهم كانوا متمرسين في المسائل السياسية. فطرحوا هذا الأمر من هذه الناحية. فأتى وراء هذه المسائل قضية الاستفتاء، فبدأوا بالكلام في الصحف بل العودة إلى زمن 22 بهمن.
فمن لسان أحد هؤلاء السادة أن معنى العودة إلى 22 بهمن هو أن نعود إلى زمن ما قبل 22 بهمن والشاهنشاهي، نرجع إلى ذلك الوقت الذي قمنا فيه بالثورة وأن تكون كل تلك الأمور التي قمنا بها إلى الآن لا شيء، نأتي ونضرب كل هذه الأمور ببعضها! نضرب كل ما فعلناه من أجل الهدوء والاستقرار للجمهورية الإسلامية خلال سنتين، ونقول الآن ان هذا لم يكن برأينا، فلنقترع وننتخب ونرى ماذا يحدث! احتياطاً. من أجل ماذا؟ لأنهم شاهدوا أن المجلس هو مجلس أكثره من أهل العلم والعلماء وأكثريته القاطعة من الإسلاميين ..... وهكذا بالنسبة للحكومة أيضاً فهي حكومة إسلامية .....، والسلطة القضائية هي سلطة قضاء بيد اسلاميين ..... وهذا غير ذلك الذي نريد، وغير ذلك الذي يريده أولئك.
فقد كانوا يريدون مجلساً بشكل مجلس، مثل بعض المجالس السابقة وفيه أشخاص من أولئك الأشخاص التابعين والذين تنبض قلوبهم الغرب. ورأوا أن ذلك لم يحدث.
فأخذوا يسعون من أجل زعزعة كل شيء! ثم نجلس أيضاً ثلاث سنوات أخرى ثم نجري استفتاءً:
استفتاء لأصل الجمهورية! الآن إذا لم يقولوا لأصل الجمهورية، استفتاء للدستور، استفتاء لرئيس الجمهورية، استفتاء للمجلس، نجري استفتاء لهذه الأمور. فما معنى هذا؟ معناه هو أن نفقد ثبات البلد. من مفاخر هذه الثورة أنه تم اصلاح كل شيء خلال هاتين السنتين، فيأخذوا هذا من يدنا، ويقولون غير جائز، مرة أخرى من البداية! مرة أخرى من البداية! فالآراء هي آراء الشعب. حسناً، إذا كان الميزان هو آراء الشعب، فالرأي هو رأي هؤلاء الموجودين. لم يأتوا من أوروبا! فهذه هي آراء نفس هذا الشعب، نفس الشعب الذي أعطى المجلس رأيه، وعين النواب، وهم هؤلاء الناس الذين أعطوا أصواتهم للجمهورية الإسلامية ونفس الناس الذين أعطوا أصواتهم للدستور وهو نفس الشعب الذي أوجد كل هذه الأمور.
والآن نذهب ثانية من البداية وراء أي شعب؟ نعود ثانية إلى هذا الشعب! فهذا الشعب هو ذات الشعب الذي لن يتغير حتى لو تغير النظام خمسين مرة. فهؤلاء مخطئون فهم يظنون أنه لو تخلخل النظام ثانية سوف تأتي المجموعة الفلانية إلى الحكم. فهم لا يعلمون أنه لو تغير هذه المرة فلن يأتي أحد منهم أبداً! لقد فهم الشعب هذه المرة من هم الذين يعتقدون بالإسلام ومن هم الذين لا يعتقدون بالإسلام أو ليسوا متمسكين به كثيراً.
فلو تغير النظام هذه المرة وجرى استفتاء، فإنه سوف ينحيهم جميعاً جانباً، ويأتي بأشخاص آخرين وأولئك الأشخاص هم ما يريده الشعب، ولن يأتي بأشخاص غير مرغوب فيهم.
لكن المسألة هي أنهم احتاطوا ونحن أيضاً نحتاط بهذا الأمر، لعله إن شاء الله، تتغير الأوضاع، ثم يحدث تزلزل لمدة سنة أو سنتين، فيصبح هناك طريق من أجل أمريكا حتى تستطيع تربيتنا بشكل صحيح، حيث أننا لا نستطيع أن ندير البلد بأنفسنا، فليأتوا ويديروا أمورنا! لذلك قاموا بخلق هذه المسائل.
فأنا أريد أن أقول لكم أيها السادة أن تكونوا يقظين وحذرين! فإن أعداءكم خلف أبواب طهران وخلف بوابات إيران. ويوجد في داخل هذا البلد أعداء لإيران. فليسوا جميعاً من الأعداء، ولكن البعض منهم يعمل عمل الأعداء نتيجة الجهل. والبعض منهم من الأعداء الأشداء والذين لا يريدون بقاء الجمهورية الإسلامية، وليكن أي شيء آخر. جمهورية، جمهورية ديمقراطية، جمهورية بأي شكل تكون، جمهورية منافقي خلق، أن لا يكون إسلام فيها، لأنه لو كانت جمهورية إسلامية وأصبح القانون قانوناً إسلامياً، فلن يكون لأولئك الأسياد أي طريق. وعندها وبقولهم، فإننا سوف ننزوي عن قافلة الحضارة وعن الدول المتحضرة! أو نجعل ظل أمريكا فوق رؤوسنا أو ظل روسيا وإذا لم يتحقق هذا، فإننا رجعيون ويجب علينا الانزواء!
إن هذا هو خطأ أولئك السادة. وقد أخافوهم منذ البداية. فقد أصبحوا أولاداً خائفين! لم يكونوا يعرفون منذ البداية ما هي المسألة، لا يعرفون ما هي قدرة الإسلام، لا يعرفون ما هي قدرة شعب ما. فإن أي شعب مهما كان محدوداً، ومهما كان عدده قليلًا، ولكن عندما تكون إرادة شعب ما نحو شيء معين، فإن القوى العظمى لو أرادت أن تعمل خلافاً لرغبة الشعب، فسيكون ذلك بضررها، لأن هؤلاء يريدون أن يعمر هذا البلد، أن يكون فيه السوق حتى يسرقوا أشياءه.
فكما أنهم لا يريدون أن يأخذوا بادية أو صحراء! فإنهم يعلمون أنه لو وقف أفراد شعب ما في دولة ما أو أكثرهم، ولو وقفوا في مقابل كل المآسي، فإنهم لن يخافوا من أن أولئك سوف يأتون ويضربون ويقتلون ويأخذون. فهؤلاء يخططون لكي يخربوا هؤلاء من الباطن. فيحضرون الأشخاص الذين يعلمون هذه الخطة بشكل جيد إلى العمل حتى يستطيعوا أن يخربوا هذا البساط. فيجب عليكم أن تكونوا حذرين ويقظين!
منع القوى العسكرية من التدخل في الأمور السياسية
وإن من واجب كل عسكري وكل معسكر للجيش أن لا يتدخل في الأمور السياسية للحكومة، لأن العسكري لو تدخل في الأمور السياسية فإنه سيفقد شخصيته العسكرية.
فلو انشغل العسكري بمن يجب أن يكون في المقدمة وفي الخلف، وكيف يمكن هذا، وماذا سيحل بهذه المجموعة وتلك، فإن هذا لم يعد عسكرياً، فهو شخص سياسي قد لبس اللباس العسكري عنوة! فيجب عليكم جميعاً أن تلتفتوا، فإن قادة هذا الجيش وكل القوى المسلحة يجب أن يكونوا مكلفين بالمحافظة على كل الجيش لعدم التدخل في الأمور السياسية. فإن التدخل في السياسة يفقد الجيش شخصيته. السياسة في الجيش هي أسوأ من الهيروئين.
فكما أن الهيروئين يفعل بالإنسان ويميته، فالأمور السياسية تميت باطن الجيش. وتقضي على فكر الجيش ورؤيته.
فمن هذه الناحية، ومن الأشياء الضرورية لكم التي يجب أن تذكروها في كل مكان بكل جدية وقدرة، هي أن لا تسمحوا لهم بالدخول في المسائل السياسية.
لا تسمحوا للسياسيين الذين يريدون القدوم إلى هناك من أجل التحدث عن السياسة. طبعاً ليأتوا من أجل الموعظة، ليأتوا من أجل الدعوة إلى الإصلاح، فليشجعوهم، فكل ذلك جيد، أما إذا أرادوا أن يُدخلوا السياسة في الجيش، فهذه خطة وحتى لو كان القائل ليس المخطط، فهذه خطة قد وضعت وأدخلوا هذا القائل إلى المعركة مع العلم أنه هو ذاته لا يعلم.
فإن ذلك الشيء المهم أكثر من كل شيء بالنسبة للقوى العظمى هو أننا نملك الآن هذا الجيش الذي رأينا انسجامه بحمد الله وقدرته العسكرية ويحارب منذ تسعة أشهر يتقدم وكل يوم يتقدم، فقد أوجد هذا خوفاً في قلبهم، وهم ييأسون شيئاً فشيئاً.
فمن هذه الناحية يريدون أن يخلقوا مشاكل في داخل الجيش. فأحد الإشكالات الكبرى هي أن يدخلوا الأمور السياسية في الجيش ويأتون فيتحدثون بأحاديث سياسية وكلام سياسي.
فتأتي مجموعة ما لتفعل شيئاً بمجموعة أخرى، فادخلوا أنتم هذه الساحة، ولتكن منكم مجموعة تتبع فئة ما وأخرى من الحزب الفلاني، وتذهب أفكاركم دائماً خلف اللعب مع الأحزاب وخلف هذه المسائل. وهذا هو ما يضيع الجيش، ويأخذ كل شيء من الجيش.
ولهذا أنا آمر قادة الجيش بأن لا تدخل السياسة في الجيش. فلو أراد أشخاص المجيء إلى هناك للتحدث، فلو كانوا من السياسيين، فلا تدعوهم يأتون ويتكلمون في المعسكرات. حتى لو لم يكونوا منتبهين ولكنهم يتحركون مع حركة الآخرين. فهذا من المسائل الضرورية للجيش.
فكما قلت حول المواد المخدرة للسادة ويجب أن تنتبهوا أنتم أيضاً، فلو دخلت هذه في الجيش فإنها ستضيع الجيش. فيجب أن تطبق هذه الأمور في الجيش بكل قدرة.
تآمر بعض الفئات لحل الجيش
ولكن من الممكن أن بعض هذه الفئات السياسية التي يمكن أن تشيع بين الجيش بأنه ليس للإسلام ارتباط بكم وليس للجمهورية الإسلامية عمل معكم، فقد رأيتم منذ أن انتصرت الثورة أن أول خطوة لهم أنه لم يعد للجيش أي لزوم، وأول كلامهم التابع للسياسات الخارجية كان أن هذا الجيش هو جيش طاغوتي، فيجب أن يُقضى على هذا الجيش الطاغوتي.
فقد قالوا هذا حتى يستغفلوا الناس! ولكن، كنا نعلم ما الأمر وماذا يريدون أن يفعلوا.
من هذه الناحية، لقد استنكرنا هذا الأمر منذ البداية وقلنا يجب أن يكون هناك جيش، وهو ذلك الجيش الذي استطاع الشعب أن يتقدم معه وقد وضعوا أيديهم بأيدي بعضهم وحققوا التقدم في الأمور. فقد أراد أولئك أن يسلبوا من إيران هذه القوة وأن يقضوا على الجيش ليحل وتبقى إيران بلا جيش حتى يأتي صدام بكل سهولة وراحة بال إلى أي مكان يشتهيه! وليأت السيد كارتر وريغان وليعملا ما يريدان، وليفتحا الطريق أمام هذه المسائل.
ويجب أن تنتبهوا إلى أن الإسلام يخصص للجيش مكانة رفيعة. ويعتبر الإسلام أن الجيش ضروري ويحترمه ويدعمه. وبما أن الشعب الإيراني هو شعب مسلم وبما أننا نحن مسلمون فيجب أن نحافظ على الجيش بكل قوة. وإن ما يقال من وساوس بين الجيش أحياناً ومنها أنه ماذا سيحدث لكم في وقت ما، وماذا ستصبحون في وقت ما، فعليكم أن تنسوا هذه المسائل بشكل كلي وتضعوها جانباً.
فإن إيران وكل الشعب المسلم صديق للجيش وداعم له، وكما ترون أنكم تحاربون الآن هناك، والشعب خلفكم يقدم لكم المساعدات، بدون أن يلزمهم أحد.
الطفل الصغير يأتي ويقدم لعبته لكم، وتأتي العجوز في السبعين من العمر وتقدم لكم ما ادخرته من ذهب. فالجيش ضروري لإيران. الإسلام يريد الجيش، ولكن يريده جيشاً إسلامياً.
فيجب أن أذكر هذا الأمر أن إحدى المهمات اللازمة في الجيش هي أن تكونوا إسلاميين.
فبإسلامكم قد تغلبتم على القوى العظمى. فقد كان الجيش وأيضاً حرس الثورة والباقون بقدراتهم الإسلامية يعتبرون أن الشهادة فوزٌ وكلما يأتون إليّ والكثيرون ممن يأتون إلي يبكون حتى أدعو لهم بالشهادة وأنا أدعو لهم بالنصر ( (....)) فعندما توجد معنوية كهذه عند شخص أو أشخاص، فهم منتصرون. وهذه هي المعنويات التي كانت موجودة. وقد وجدت هذه الروح والمعنوية في ظل الإسلام. فلا يستطيع أي تنظيم أن يخلق كهذا الذي يبكي كي يأذن لي بأن أُقتل.
أتى أمس رجل قد قُطعت رجله إلى هنا وكانت العصا تحت إبطه. فصافحته. قال: ادعُ لي أن استشهد. فهذه الروح من آثار الإسلام. اسعوا وأنتم في معسكراتكم لتقوية الإسلام.
إن هذه الاتحادات الإسلامية مفيدة لكم. ولو أن شخصاً ما قال أن هذه الاتحادات الإسلامية لا تنفع ورجعية، فهو الرجعي بنفسه إذ يقول لنا جميعاً ولكم. وهو الرجعي ذاته الذي يريد بهذه الكلمة أن يبعدكم جانباً ويأتي بأولئك الأشخاص (الراقين)! فمن أولئك الأشخاص الراقون؟
فإما أن يأتي هؤلاء من أمريكا أو من الاتحاد السوفياتي. فالرجعية في مقابل الرقي، تعني الإسلام وإيران في مقابل أمريكا والاتحاد السوفياتي. فهذه الاتحادات الإسلامية كلها مفيدة لنا.
وطبعاً لقد أوصيت الاتحادات الإسلامية أيضاً أن يأخذوا النواحي الإسلامية فقط بعين الاعتبار وأن لا يتدخلوا في أي أمر آخر- فالتدخل خاص بالقادة- ولكن انتبهوا إلى أنه لو أتى بعض الأشخاص في وقت ما ووسوسوا لكم أن هذه الاتحادات الإسلامية- مثلًا- ليس لها تلك الفائدة أو فيها ضرر أو أنها رجعية، فهذه هي نفس الخطة التي يسعون لها من أجل أن يحصل الاستفتاء، لربما يخرج الشيوخ جانباً، والمتدينون، وأن لا تكون هناك اتحادات إسلامية، فربما تحدث تلك المسائل التي كانت في زمان الطاغوت وتعود إلى الوجود، فيفرغون باطن هؤلاء مما يجب أن يكون. فهذه أيضاً من الأمور المهمة التي يجب أن تنتبهوا لها.
التوصية بتقوية التحام الجيش بالشعب
وأنا على علم بداخل الجيش. فليس الأمر كأنه لا علم لي بذلك. فأنا أعلم من يأتي أحياناً من الأشخاص ومن يتكلم منهم وما هي ردود الفعل الحاصلة.
فكونوا حذرين لكيلا يأتي وقت يقول الشعب الإيراني- لا سمح الله- أن هذا الجيش هو جيش كذا وليس له علاقة بالإسلام وأمثال هذه الأشياء. فإنكم تملكون القوة والقدرة عندما يكون الشعب خلفكم. فكما أن الشعب لا يستطيع أن يتابع حياته بدون الجيش، فالجيش لا يستطيع أيضاً أن يتابع حياته بدون الشعب. فالجيش الذي يخالفه الشعب، لا يستطيع أن يكون جيشاً، كما لو أن الجيش كان مخالفاً لشعبه فلا يمكن للشعب أن يعيش. فاسعوا بكل ما تستطيعون لأن يكون التحامكم بالشعب أقوى وهذا يكون بتقوية النواحي الإسلامية.
فعندما يرى الشعب أنكم على طريق الإسلام وهم قد ضحوا بدمائهم، وصرخوا بكلمة الله أكبر وخرجوا للشوارع وأمام المدافع وتحملوا الكثير من المصائب، فيرى أنكم على ذات الطريق ولكم نفس السلوك فإن الشعب سيكون معكم. وأما لو شعر في وقت ما بانكم قد انحرفتم شيئا ما عن الطريق، فإن الشعب سوف يترككم. فلم يعقد الشعب عقد أخوة مع أحد! ولا مع أي منا.
فلو رأى أنني وفي أي وقت وضعت قدمي خارج الطريق الذي يسلكه الشعب وهذا السيل المتدفق، فأردت أن أسبح عكس هذا السيل، لأزالني من الوجود، وكل شخص هكذا كائناً من يكون.
فنحن يجب أن نسعى، بواجبنا الشعبي وواجبنا الإلهي، نسعى من أجل حفظ وطننا. ويكون حفظه بأن يكون جيشه جيشاً إسلامياً وفدائياً وأن يكون مرافقاً للشعب، ومنسجماً. وأن يكون الجيش منسجماً مع بعضه.
وأن تكون باقي القوات المسلحة إخوة للجيش- وهم كذلك- فاحتضنوا حرس الثورة، وليحتضنكم الحرس. فيجب أن تسعوا جميعاً لكي تخلّصوا بلدكم.
والنقطة الأخرى أيضاً- مع أنها صغيرة، ولكن من الجيد أن أذكّر بها أيضاً- هي أنه من الممكن أن يتواجد في هذه المعسكرات البعض من الخاسرين، فأحياناً يريدون- مثلًا- الثرثرة والكلام. أشخاص هم من المخالفين لهذا الطريق وهو طريق الإسلام يريدون أن يدعموا أياً كان في خلاف مسيرة الإسلام. فيجب على القادة أن يلاحقوا هؤلاء. وأن يبقى في الجيش من كان يريد هذه المصالح الإسلامية، ومن يريد مصالح البلد حيث إن مصلحة الإسلام، هي مصلحة البلد، أي شخص يريد بلده ومصالحه ومصالح الإسلام مع الروح المحبة للإستقلال.
هذا الجيش هو الجيش الإسلامي، من جنديه حتى قائده الأول. فلو- لا سمح الله- أن شخصاً يرى أنه لا يمكنه العيش بهذا الشكل، حسناً، هناك أعمال أخرى، فليس من الضروري أن يبقى في الجيش. فسوف يقيلهم قادتهم كأن يذهب إلى مكان من أجل أن يعيش. لا يبقى فإنه يقضي- لا سمح الله- على الجيش. فهذه هي النواحي التي أردت أن أقولها للسادة.
والناحية الأخرى هي أن تسعوا- ويجب أن يلتفت القادة إلى هذا- من أجل أن تكون هذه التطورات التي يقوم بها الجيش أكثر، لأنه من الممكن أن يكون صدام وأصدقاؤه يبلغون بأن قادة هذا الجيش قد خرجوا من قيادته فإن الجيش قد ضَعُف.
مع أنني كنت أعلم أن أمثال السيد بني صدر مبلّغون جيدون، ولكن بالنسبة للتطور في المسائل، فأنتم من يتقدم، فالجندي هو من ينجز العمل، ولكن من الممكن أن يبلّغ أتباع صدام أحياناً لكي يرفعوا من معنويات جيشهم بهذه الحيلة ويضعفوا من معنويات جيشنا.
فلو تمكنتم من الانتصار بعد هذه الحادثة مرة أو مرتين، فإن هذا الأمر سيسقط ولن يستطيع صدام أن يشيع بأن المعنويات ضعيفة، لا فالمعنويات على ما هي عليه، فلم يحدث أي شيء وكل شيء في الجيش كما هو، والقادة في أماكنهم، فلم تحدث مسألة جديدة. فرئيس الجمهورية، في مكان عمله، وليس من الضروري أن يكون قائداً للقوات أيضاً.
كانت هذه هي الأمور التي أردت أن أذكرها وأطمئنكم أن الإسلام يوافقكم، ما دمتم جنود الإسلام، والشعب موافق لكم، ما دمتم تسعون في طريق الإسلام وطريق البلد- وبحمد الله أنتم كذلك وستبقون كذلك، وقد تجرعتم مرارة زمان محمد رضا وقد كنتم ترون بأنكم أسرى لممالك أخرى- تقريباً- ورأيتم الاستقلال الذي ظهر، فقد ذهب ذاك الطعم المر وأصبح الطعم بفضل الله تبارك وتعالى وب- (الله أكبر) طعماً حلواً وسيكون إن شاء الله أحلى. والنصر والغلبة لكم.
احفظوا الإسلام! واحفظوا استقلال بلدكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.