بسم الله الرحمن الرحيم
اطلاع الدول المستعمرة على ثروات البلاد
بداية أتقدم بالشكر لجميع العلماء الأعلام علماء خراسان ومشهد المقدسة وعلماء شهر ري والعلماء المسوولين عن القوافل التي ستتشرف إن شاء الله إلى الحج على حضورهم في هذا المكان الضيق لنتقابل هنا ونتحدث قليلًا عن القضايا التي يجب الحديث عنها.
لقد رسمت الدول القوية وبخاصة أمريكه مخططاتها منذ سنوات طويلة وكانت بريطانيا قبلها وقبل أمريكا تقوم بالتخطيطات. لقد أكمل هؤلاء رسم الخرائط الدقيقه عن جميع البلاد التي تلفت انتباهم من حيث المصادر والموقع الجغرافي. فحتي إن بلادنا والبلاد المشابهةلها معروفة لديهم من حيث مصادر الثروة والأماكن التي يريدونها أكثر مما هي معروفه لدينا.
لقد كانوا يرسلون خبراءهم في الوقت الذي لم تكن توجد السيارات وغيرها من وسائل النقل وكانوا يجوبون البلاد مع قوافل الإبل وكانوا يقومون بمعرفةمصادر الثروة كالنفط والذهب وغير هما وأماكنهما بامكانيات كانت لديهم.
و قد قلت سابقاً بأن أحد علماء الحوزةالعلميةفي قم الذي خرج من زي العلماء فيما بعد وكان من النجباء في همدان قدأ حضرلي ورقه كبيرة عندما قمت برحلة إلى هناك وهي كانت خريطه لهمدان تشمل جميع القري والأرياف فيها وكان يقول بأنها من وضع إحدي الدول لا أذكر أية دولة ذكرها وأظنها بريطانيا أو بلد آخر- والطريف في الأمر أن بها نقاطاً عديده فلما سألته عنها أجابني إنها المناطق التي يوجدبها شيء. كالمنجم أو شي تحت الأرض. فعندما كان السير ممكناً بالإبل قد تمكنوا من الذهاب إلى جميع مناطق إيران حتى إنهم جابوا صحراء ايران وعندما كثرت الزيارات قد تقدم الخبراء كثيراً وزادت معلوماتهم أيضاً وكذلك هناك خبراء كانوا يعرفون الناس وأوضاعهم واتجاهاتهم وأصنافهم وأحزابهم والتيارات والسوق ورجال الدين وكذلك علاقات رجال الدين بالناس ومن هم رجال الدين ومن أية طبقة أو شريحة هم؟
لقد تمت دراسةهذه الأشياء كلها ونحن كنا غافلين عن خبثهم، وقد أغفلنا الأمور التي انجزها هؤلاء بواسطه عناصرهم الداخليةأو بأيديهم ولكنهم عملوا بكل ذكاء.
مؤامرة تهميش رجال الدين
من جملةالأمور التي قام هؤلاء بدارستها بشكل دقيق وأتبعوها بأعمال ودعايات بأشكال مختلفه هي قضية دراسةعلاقه رجال الدين فيما بينهم وعلاقات رجال الدين والناس ومعرفة كيفية تعبئة الناس بواسطةرجال الدين وآلياتها وأوقاتها.
كل ذلك سجّله خبراؤهم لديهم وأتبعوه بأنشطتهم ليس نشاطاً ذا بعد واحد بل هو نشاط بأبعادٍ متعددة. وحيثما استطاعوا احتقروا رجال الدين بين الناس وحيثما قدروا فانهم قد فصلوا بين رجال الدين والشعب كما كانوا يحدثون خلافات بين رجال الدين أنفسهم وإذا رأوا ذلك غير كافٍ و كانوا لايكتفون- كانوا ينصبون بعض عملائهم لينفذوا ما يريدون بممارسةالضغوط. إن قليلًا منكم قد أدرك عهد رضاخان فقضية مجيء رضاخان إلى طهران وانقلابه العسكري لم يكن أمراً اعتيادياً حدث من باب الصدف وحصل بواسطة شخص عسكري عامي وتبعته تلك الأعمال لقد جاؤوا به أولًا ثم لقنوه كما يبدو البرامج وكيفيةالعمل كلمة كلمة. ففي البداية علموه التظاهر بالتدين وبحبّ الدين وحب مراسم البكاء على سيد الشهداء وغير ذلك وهو قد أدي دوره جيداً. لقد حضرت أيام شبابي في إحدي مراسم البكاء على سيد الشهداء التي كان يقيمها الجيش ورأيت مواكب العزاء التي كانت تابعةللجيش وكانوا يلطمون فيها الصدور. فقد بدأ الرجل عمله بهذا السلاح في بلادنا لقد أتوا به بكل عنجهية وهو قد هزم بكل عنجهيةو تخطيط جميع من كانوا يمتازون ببعض القوةفي البلاد مثل العشاير وعندما استقرت الأمور له إلى حدما بدأ بمخططه الثاني.
و كان المخطط الثاني هو أن يبعد الإسلام قدر الإمكان وقام بإصغاف رجال الدين الذين كانوا معتمد الناس ومرجعهم وكانوا منتشرين في القري والمدن والمحافظات وكان لهم نفوذ حيث كانوا يستطيعون تعبئةالناس في وقت من الأوقات فقد أضعف رضاخان هؤلاء بالدعايات بحيث أن سائقي السيارات كانوا لايسمحون لهم بالركوب في السيارات. لقد قال لي أحد الأصدقاء رحمه الله بأنني كنت في مدينة أراك وكنت أقصد مدينة قم فذهبت لاكتراء سيارة للذهاب فقال لي السائق نحن معاشر السائقين قد اتفقنا فيما بيننا ألانركب في سياراتنا صنفين الأول النساء العاهرات والثاني رجال الدين.
فقد احتقروا رجال الدين هكذا ولم يكن ذلك من باب الصدف بحيث كان رضاخان يريد أن يعمل ذلك بل كان ذلك مخططاً لسلب رجال الدين قدراتهم إذ كان بإمكانهم أن يعبئوا منطقه ويسببّوا الاضطراب في بلد بأكمله. فقد سعوا واستطاعوا سلبهم هذه القدرة بحيث همشوا رجال الدين وكلما ارتفع صوت هنا وهناك أو قامت ثورةكانوا يقومون بخنقها، فمرةقام علماء مشهد فاعتقلوا الجميع حتى المرحوم آقازاده «1» الذي كانت له تلك القدرة.
و كذلك المرحوم آقاميريونس «2» الذي كان آنذاك مقيماً في مشهد واعتقلوا عدداً كبيراً من العلماء وجلبوهم إلى طهران وكان المرحوم آقازاده يساق إلى المحكمة وعلى رأسه طاقية. فالرجل الذي كان قوياً في خراسان بهذا الشكل استطاعوا إخضاعه فلم يكن ذلك من باب مخالفة رضاخان للسيد آقازاده شخصياً بل كان ذلك تمهيداً لأن لايكون رجل الدين. فكان الأمر بدأ بالعنف ثم الدعايات الواسعة وكان ذلك شعار المنحرفين.
مشروعٌ لفصل رجال الدين عن السياسة
هناك مخطط آخرتم رسمه سابقاً وكان في موازاة هذا المشروع وتم توسيعه أيضاً و قد قبل به الكثير منا أهل العلم إلا القليلين- وهو فصل رجال الدين عن السياسة. ففي المحافل التي يجتمع الناس فيها ويخطب فيها رجال الدين يجب عليهم ألا يتحدثوا عن السياسة. فقد اكثروا من الدعايةحول (ما شأن رجال الدين بالسياسة؟) بحيث أن كثيراًمن العلماء كانوا قد صدقوا ذلك ولو كان يقال كلام عن السياسةكانوا يقولون: إن هذه السياسةو لا ترتبط بنا. فإذا كان أحد رجال الدين يريد التدخل في امر متعلق بالمجتمع ومشا كل الناس وكان يريد مواجهةحكومةمثلًا- كان اولئك الذين قد صدقوا مقولةعدم التدخل في السياسةيصمونه بوصمة (رجل الدين السياسي) ويتبرأون منه. كان واجب رجل الدين الخروج من المنزل إلى المسجد وذكر بعض الأحكام الفقهيه والأخلاقيةو عليه ألا يتحدث أبداً عن مشاكل المجتمع إنهم كانوا قد ترّبوا هكذا وأثرت الدعايات عليهم وكانوا قد يخرجون إلى مجالس العزاء والفاتحه. إن هؤلاء العلماء الذين كان عليهم أن يقتدوا بالأنبياء وبالأئمة كانوا بعيدين عن هذا الجانب الذي كان في رأس الأمور عند الأنبياء وعند أئمتنا. وكان هؤلاء قد عزلوا أنفسهم وكانوا كلما انعزلوا اكثر كلّما ابتعدوا اكثر عن الأمور. بل كان يزيدهم قدراً ومنزلةبين الناس عدم اهتمامهم بالأمور وعدم فهمهم لها.
كما ربّوا الناس كذلك إذ كانوا يقولون: فديت بنفسي الشيخ فلاناً إذ لايفهم معني الجبنة وقد تغلغلوا في كل مكان بأن رجل الدين يجب ألا يتدخل في السياسةبكلمة بل يجب ألا يفهم المسائل أصلًا. ما شأنه بهذه الأمور، عليك بصلاتك ثم ذكر الأحكام الفقهيه ثم اذهب ولا تتكلم حتى عن المسائل الإسلامية وأصولها، فلو كانوا يسمحون لرجال الدين أن يذكروا مسائل الإسلام فإن فيها جيمع الأمور لكن قضايا الإسلام كانت مدفونةفي الكتب الاستدلالية فقط ولم تكن هناك رسائل عن القضايا الإسلامية الأصلية.
خوف أعداء الإسلام من رجال الدين
انظروا الآن، فإن في مصر اليوم نفس الموضوع، لقد سيطر السادات كما نقلت وكالات الأنباء على جميع المساجد ومنعها جميعاً من التدخل في شؤون السياسة. ليذهبوا إلى المسجد وليصعدوا المنابر ولكن عليهم أن يقولوا تلك المسائل التي كانت معروفه هنا وهناك وعليهم ألا يتعدوا حدود ذلك. إننا اليوم ندرك هذا الأمر فلو كنّا بالأمس لقلنا إن كلام السادات صحيح «ما شأن رجال الدين بالسياسة؟ لأن رجال الدين أنفسهم كانوا لا يتدخلون لكننا اليوم نفهم وإن شعبنا يفهم وإن علماء الإسلام يفهمون أن هذا المخطط الذي رسمه السادات هو نفسه الذي تم تنفيذه هنا. ولكن علماء مصر اليوم لكونهم مهتمين بهذه الأمور فانهم يريدون التدخل فيها فاعتراه الخوف من تدخلهم وزعزعة حكمه.
لقد خدعوا الشعوب والعلماء معاً لقد كان الرجل المقدس من لاشأن له بالمجتمع. فللحكومة مطلق الحرية فيما تعمل. إنها الحكومة يجب الاستسلام أمامها، ليعمل موظف الحكومة ما أراد لابد من الاستسلام أمامه ويجب عليهم عدم التدخل. فإذا لم تتدخلوا أنتم أيها السادة ولم نتدخل نحن فإن احترامنا يصان. فقد كانوا يمطّون لام السلام بل كانوا يبوسون الأيدي أحياناً شريطة حفظ الحدود فالسياسة لناو ذكر الأحكام الفقهية لكم. المسجد لكم ومجال السياسةلنا فإذا قبل السادةهذا الكلام فإنهم محترمون وإذا اطمأنت أمريكا إلى أن رجال الدين لايتدخلون في السياسة فإنها ستترك هذا الشعب وتترك أعمالها الشيطانية لأن من تخافه أمريكا هو رجل الدين إنها تخافهم لأنها رأت بأن رجل الدين دائماً مشغول برفع الأصوات. حتى في الوقت الذي كان كبت رضاخان العجيب حيث كان المرء يخاف من زوجته طبعاً لا علاقةبين كبت عهد رضاخان وعهد محمدرضا- ففي ذلك الوقت حصلت عدة ثورات من قبل العلماء في آذربيجان وفي اصفهان حيث تمت دعوتهم من أصفهان إلى قم كما حصلت في مشهد لكنهم أدركوا بأن الشعب مع رجال الدين ولم يتم تنفيذ مخططهم الرامي إلى الفصل بينهم حيث إن هذه الثورات ظلت مستمرة حتى في عهد الظلم والكبت. فقد كانوا يهدفون إلى وضع هذه الشريحة جانباً ولو أن ذلك كان يتم لكانت أهدافهم تتحقق بسهولة. فلا تتصوروا يوماً بأن أشخاصاً من المستنيرين والقوميين كان يمكنهم أن يعملوا شيئاً لأن الناس لايعيرهم أدني اهتمام ولايتعاملون معهم فإن من يخافه الأعداء ومن المجتمع الذي هم فيه ومن الشعب الذي هم معه أنتم رجال الدين الذين تتعاملون مع الشعب. فإن في كل قريةفي ايران يوجد عالم دين. فإن لم يكن وذلك نادرٌ فإن في كل مدينة توجد جماعة منهم أو هناك جماعات منهم في كل محافظةو هم الذين يخافهم الأعداء لأن الناس يهتمون بهم. إن أئمة المساجد عندما يدخلون المساجد فإن لديهم أتباعاً ومريدين فاذا ما ارتفع صوتهم في يوم من الأيام فإن ذلك يسبّب لهم المشاكل فإن هذا الحصن يجب تحطيمه بأي ثمن ويجب القضاء عليهم وهم كذلك اليوم. ففي الوقت الذي لم يدرك هؤلاء هذا الأمر جيداً وكانوا يخمنون ذلك تخميناً، وهو أن رجال الدين موجودون بين الناس ويستطيعون تعبئتهم. مع أن ذلك لم يحدث ولكنهم رغم ذلك عملوا بجدية كبيرة على أيدي عملائهم وصحفييهم وبجميع أبواقهم الدعائيه محاولين فصل هؤلاء عن الناس وأن يرفعوا جميع العمائم، فقد منعوا ارتداءها فكان لايمكن لطلاب العلوم الدينية أن يتحركوا في الشوارع، فكان الأمر كذلك في عهد رضاخان ولكنهم أدركوا بمرور الزمن بأنّ ذلك مستحيل وأن هؤلاء لايمكن القضاء عليهم بالعنف والضغط والسجن والنفي، وأمثال ذلك، إلّا أنهم فكرّوا في تيئيس الناس في الشؤون السياسية وأن يفصلوهم عن الناس وأمثال ذلك.
لقد كانوا يتابعون الأمر بكل جديةفي وقت لم يروا شيئاً من رجال الدين واليوم حيث رأوا ذلك وتلقوا الصفعة من الإسلام ومن رجال الدين المسلمين العظماء فقد أحسوا بأن هؤلاءهم الذين يستطيعون تعبئة الناس، إن هذه التعبئة التي تتم في إيران كلما نادي حرس الثورة ويجتمعون، فإنهم يفكرون في هذا الأمر وهو أن المساجد كانت ولم تزل مكاناً لهذه الأمور وقد دخل ذلك في أذهان الناس.
لقد أدرك غالبيةعلماء الإسلام بأننا يجب أن نكسر هذا السدالمنيع الذي وضع أمام تدخل العلماء في السياسة ويجب أن ندخل في الأمور، وعلينا التدخل، وعلينا الاهتمام بأمور المسلمين وليس الاهتمام بأمر المسلمين هو أداء الصلاة إن هذا ليس أمر المسلمين بل هو اهتمام بأمرالله، فإن أمور المسلمين هي الأمور السياسية والاجتماعية المتعلقة بهم.
لقد جاء الأنبياء منذ عهد آدم عليه السلام- وحتي خاتم الأنبياء صلي الله عليه وآله وسلم- لإصلاح الجميع إنهم كانوا يضحون بأفراد لأجل المجتمع. ليس لدينا أحد أعظم شأناً من الأنبياء كما ليس لدينا أحد أجلّ شأنا من الأئمة عليهم السلام- إن هؤلاء الأشخاص كانوا يضحون بأنفسهم للمجتمع يقول الله تبارك وتعالي بأننا أرسلنا الأنبياء وأعطيناهم البينات وكذلك أعطيناهم الآيات والميزان (ليقوم الناس بالقسط «3») فإن الغايه هي أن يقوم الناس بالقسط وأن تكون العدالة الإجتماعية قائمةو يزول الظلم والاضطهاد وأن يتم الاهتمام بالفقراء وأن يكون القيام بالقسط ويقول بعده (و أنزلنا الحديد)، ما هي المناسبة؟ إن المناسبةهي أن هذه الأمور يجب أن تتم بالحديد تتم هذه الأمور بالبينات وبالميزان وبالحديد «فيه بأس شديد» أي إذا أراد شخص أو جماعةإفساد المجتمع أو إفساد حكومةعادلة لابد من الحديث معهم بالبينات وإن لم يسمعوا فبالموازين أي الموازين العقلية وإن لم يسمعوا فبالحديد.
تدخل الأنبياء في القضايا السياسية الساخنة
إن هؤلاء الذين يشفقون على هؤلاء الفاسدين المفسدين وهم مشغولون بالتفجير والاغتيال وماشابه ذلك فانهم لايدركون لفظة «الأنبياء» فإنهم يتصورون بأن الأنبياء قد أتوامن أجل ذكر الأحكام الفقهيةفقط، أتعرفون نبياً لم يشترك في الأمور الاجتماعيه والقضايا الساخنه ولم يتزعمها؟ كان موسي وهو راعي غنم يتحرك نحو فرعون فهولا يأتي إلى السوق ليكلم الناس عن المسائل الفقهية طبعاً إن هذا موجود ولكنه يتجه نحو فرعون فإن الله تعالي أرسله إلى فرعون وقال له إذهبا إلى فرعون وادعواه بالقول اللّين «4» وما شابه ذلك وان لم يتم بالقول الليّن فانه يطالبهما بالقيام متي جلس الرسول الاكرم يوماًليتحدث عن الاحكام الفقهية ولايتدخل في شؤون المجتمع إن من يقولون (ما شأن رجال الدين بالشؤون السياسية) فهل كان يوم من أيام حياةالرسول خالياً من القضايا السياسية فقد شكل الحكومة وكان يقاتل أعداء الإسلام الذين كانوا يظلمون الناس ويحاربهم.
لقد أرادوا إبعادنا عن الساحة فقالوا بأن زي الجندي لايتناسب مع العدالة لقد كان أمير المومنين متزياً بالزي الجندي هل كان ذلك مخالفاً للعدالة؟ الم يكن سيد الشهداء قد تزيّا بالزي الجندي. لقد همشنا هؤلاء بدعاياتهم الواسعة، لقد كرروا ذلك بحيث أننا صدقنا بأن علينا الّا نتدخل في الشؤون السياسية، كلّا إن المسألة ليست هذه، إن مسألةالتدخل في السياسة في رأس تعاليم الأنبياء، إن قضية الحرب المسلحة مع من لايمكن إصلاحهم ويحاولون إفساد الناس تأتي في رأس أولويات برامج الأنبياء لقد تركنا جميع تعاليم الأنبياء جانباً وقد بقيت لدينا تعاليم تمنعنا من التدخل في السياسة وشؤون المجتمع. لقد بقيت لدينا الصلاة وتركنا البقيه. هل يمكن أن يكون الإنسان مسلماً بأداء الصلوة والصوم والحج وأمثالها وعدم التدخل في شؤون المسلمين. إذا لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم فهذه روايةمنسوبة إلى رسول الله. «5»
على شعبنا أن يظل واعياً وصاحياً ومهتماً بالمسائل كما حصل ذلك وأنّ من يخالفون رجال الدين إنما يخالفون الشعب ولايخالفون رجال الدين لو لم يتدخل رجال الدين بأمور الحكومات لكانوا مكرّمين محترمين ولكنه احترام هشٌ وهو غير محترم عندالله لأن الأمر هو أن حاكم المدينة مثلًا- يحترم الأنسان. لقد أدرك الجميع اليوم هذا الأمر إلّا من يتغابون وقد نشفت عقولهم ولا يفهمون شيئاً. ولا يدركون بأن التدخل في الشؤون السياسية من اهم المسائل التي جاء الأنبياء من أجلها أيمكن القيام بالقسط وإدخال الناس فيه دون التدخل في الشؤون السياسية.
و هل يكمن القيام بالقسط دون التدخل في السياسة والتدخل في شؤون الناس الاجتماعيه وفي حاجات الشعوب؟ فكيف يتحقق (ليقوم الناس بالقسط). هل كان بالامكان المصالحة بينناوبين محمدرضا حيث نقول له نحن لا نتدخل في أمورك؟ لقد جاء مرة معلناً يا مراجع الإسلام لقد تركت تلك الأعمال وهو نفسه كان ينعتهم (بالأشقياء) وكان يُسئ إليهم وهو نفسه جاء فقال «6» هذا الكلام لماذا قال ذلك؟ لكي يخدع الناس من جديد وكان يتصور بأنه يستطيع أن يخدعهم من جديد لاتنخدعوا، لاتدعوا الشياطين يقولون لكم لماذا تتدخلون في السياسةاذهبوا وتحدثوا عن الأحكام الفقهيةفإذا كنتم تتحدثون عن الأحكام الفقهيه فقد كنتم معزّزين ففي تلك الحالة لم يكن يحصل استشهاد ولولا التدخل في السياسة لما كنتم تقدمون عدةالآف من الشهداء والمعاقين. فهذا الإشكال مطروح باديء الأمر على النبي الأكرم. فإنه إذا كان يترك أغنياء مكة والحجاز وكان يجلس في المسجد متحدثاً عن المسائل الفقهيه فلم تكن الحروب لتحصل ولا القتل ولم يكن عمّه الكريم ليُقتل، إن هذا الإشكال يصدق على سيد الشهداء أيضاً فإذا كان يبايع يزيد ويتحدث عن المسائل الفقهية وكان يصالحه ويتحدث عن الأحكام الفقهية لكان يزيد يحترمه جداً ويقبل يديه، ولكن فهل كان الواجب هكذا؟ وهل نحن نخاف من أن يقتل عدة آلاف شخصمنا فلو أننا نخاف من ذلك فعلينا أن نترك طريقة الأنبياء جانباً ويجب أن نترك ماجاء به الأنبياء وما أمرهم الله به من الذهاب إلى هولائ الرّؤساء ودعوتهم. لم تكن الدعوة معناها الذهاب إلى الشخص وأن يقولوا له أيها السيد أسلمْ وإن لم يُسلم فإنهم يتركونه ويذهبون وراء عملهم، كلّا كانوا يدعونهم ويضربون على رؤوسهم بالسيوف حتى يَصلحوا وكانوا يَقتلون ويُقتلون، فهل الشهادةأمر ينسحب الانسان لأجلها،؟ ليقول هولا بعده لولا هذه المسائل، لو أننا كنا نصالح الشاه لما كان يحصل كل هذا القتل. فلو أن رسول الله كان يصالح أبا سفيان لما كان يحصل قتلٌ. فلو أن سيد الشهداء كان يصالح يزيد ولو أن أميرالمنين كان يصالح مخالفيه الذين كانوا مخالفين للإسلام لما كان يحصل قتل أبداً، ولما كانت تحصل وقعةصفين ولاوقعة الجمل. إنهم يغمضون أعينهم ويتغابون بل هم أغبياء ولايرون ماذا عمل الأنبياء وما هي الأتعاب التي تحملوها وماهي التضحيات التي قدّموها لأهدافهم، ومنذ صدر الإسلام حتى النهايه. ماذا عمل أولياءالله وما هي تضحياتهم واستبسالاتهم. إذا قيل لكم اليوم أيها المسلمون ويا رجال الدين الكرام ما الذي كان ينقصكم لو جلستم في أماكنكم. لقد كان محمدرضا يقوم بالأمور وكانت أمريكا تأخذ شيئاً منه فما شأننا بالموضوع؟ إن متاع الدنيا ليس ذا أهمية والنفط مادة نتنة كريهة الرائحة فلتأخذه وتريحنامنه، فلو أنكم تصالحتم معهم لما كانت هذه الاجتماعات ولاه-- ذه الأتعاب ولاهذه الإجازات ولا هذه المجازر ولا هذا الغلاء في الأسعار مثلًا- وأمثال ذلك إن كل هذه الإشكالات تصدق على الأنبياء أيضاً، فإذا كنتم تعتبرون أنفسكم أتباعاً للأنبياء وإذا كان الشعب يعدّ نفسه تابعاً للرسول الأكرم فإن عليه أن يتابع هذه الأمور بكل جدية. كما أن الرسول الأكرم عندما كان يحتضر كان قد أرسل جيشاً خارج المدينه وكان الجيش مستعداً للذهاب إلى القتال. فأي يوم من حياة الرسول خلا من القضايا السياسية والاجتماعية ومن الحرب؟ ألم يكن يعلم الرسول بأن عدداً من الناس سيقتلون في غروة الأحد وفي فلان سيموت عدد من الأحباب. ولكن هذا كان الواجب كان الله قد قال ذلك ولم يكن الرسول ليخالف الأمر الالهي، لقد أرسل الله تعالي البينات والميزان والحديد ليقوم الناس بالقسط. فإن تم بالبينات وبالميزان مهما كانت الموازين- فهو المطلوب وإلّا فبالحديد. لقد ضرب على رؤوس الناس بالحديد حتى أصلحهم وجعل المجتمع مجتمعاً سليماً.
اصلاح المجتمع هدف جميع الأنبياء
إن جميع الأنبياء قد بعثوا لإصلاح المجتمع وكان جميعهم يري بأن الفرد يجب أن تتم التضحية به لأجل المجتمع. إن الفرد مهما عظم شأنه ومهما علا قدره فإنه إذا عارض مصالح المجمتع فإنه يجب أن يضحّي به لأجل المجتمع. لقد جاء سيد الشهداء على هذا الأساس ذهب وضحّي بنفسه وبأصحابه لتتم التضحيةبالفرد للمجتمع حتى يتم إصلاح المجتمع ليقوم الناس بالقسط يجب أن تنحقق العدالةبين الناس وفي المجتمع. لقد ضحوا بالنفوس وبالأموال وتحملوا أتعاباً كثيرة لا يمكن القول بأن الرسول قد نام مرتاح البال ليلة واحدةو لا يوماً واحداً. فإنه قد بذل عمره كله لكي يصلح المجتمع من خلال القرآن وأحاديثه وكلماته ومواعظه بأي شكل ممكن فعندما يري أن ذلك غير ممكن فبالسيف، يضرب بالسيف من يريدون القضاء على هذا المجتمع وإفساد الأمة. فعند ما لا يمكن العمل بالبينة والميزان فإنه يعمل بالحديد.
إننا نزعم بأننا أمة رسول الله وشيعة على ابن أبي طالب علينا أن نطالع لكي نعرف ماذا فعلوا ليس الشيعي من يقول بأنني شيعي فهو أن ينظر ماذا فعل هؤلاء وأن يتابع ما عمله هؤلاء. كم من الحروب وقعت في عهد الرسول لتصلح المجتمع ولتقطع أيدي الظالمين والأغنياء الناهبين وأن تقطع أيدي الظالمين الجبارين. لقد كان الرسول مشغولًا طوال عمره في مكه. فهو كان دائماً يحاول العمل بالبينات والميزان والمواعظ لا أن يكون جالساً فقد استطاع جمع الناس حتى تهيأت المدينه فجاء إلى المدينه. أمّا سائر الأمور فكان معظمها الحرب والمسائل السياسيةو غيرها.
فإذا كنا من أمة رسول الله، فهذا هو رسول الله و إن كنا من شيعة على بن أبي طالب فكم من الحروب التي خاضها على بن أبي طالب وكان ملازماً لرسول الله حتى النهايه إلى أن رحل. ثم كانت هناك حرب في الباطن وهي أنه ارتأي أن يحفظ المجتمع وأن يستقر الأمر. وعندما بايعه الناس بعد كل القضايا فقد طرح الامام أموره وذكر برنامجه وكان أهم برنامج أن ماجعل صداقاً للنساء من خلال النهب فإنني سأسترده بالكامل فعندما نادي بذلك فقد رأوا بأنه لايمكن الحياة معه فهذا الموضوع موضوع آخر لايمكن أن يتحمله أحد فقد بدأوا العمل فخاض أمير المونين ثلاث حروب مهمة. كم من المسلمين قد قتلوا؟ وكم قتل من الطرف الآخر؟ وكان الجميع مسلمين لقد كان في المقابل مسلمون منخدعون وكان في هذا الجانب مسلمون على طريق الهدايةو لكن عندما ينخدع مسلم ويهبّ لمواجهة المسلمين الذين على طريق الهداية فإن مواجهته ستكون بالحديد فإن لم تنفعه البينات والميزان فإن الرد عليه بالحديد.
ضرورة تعزيز الحوزات العلمية والفقه
و أودهنا أن أقول لعموم الحوزات العلميةفي قم وفي مشهد ولجميع الحوزات العلمية بأنكم تلاحظون بأن الأهداف الخبيثة للدول الكبرى تستهدفكم، لأي شي ذلك؟ لأن الشعب يعتبركم الفقهاء والعلماء وكعلماء للدين ويري من واجبه اتّباعكم فلذلك يجب حفظ الحوزات وحفظ الحوزات الفقهية والعلميةكما كانت عليه في السابق. عليكم أن تجدوا في الدراسة وكثرةعدد الطلاب ورجال الدين لاتطنوا بأننا لا نحتاج بعد ذلك إلى رجال الدين إننا تحتاج إلى العلماء حتى النهاية فالإسلام بحاجةإلي هؤلاء العلماء حتى النهاية.
و لولا هؤلاء العلما لزال الإسلام إنهم خبراء الإسلام وهم الذين حفظو الإسلام حتى اليوم ويجب أن يكون هؤلاء ليصان الإسلام إن الإسلام لايصان بالرجال المستنيرين إن هؤلاء المستنيرين يسخرون من النص الصريح للآية القرآنيه فالإسلام بلغ ما بلغ على أيديكم أنتم وعليكم أن تخرّجوا الفقهاء بكل جديةو أن تخرّجوا العلماء والفقهاء في كل الأمور فلا ينافي أن يكون الشخص فقيها وأن يتدخل في امور المسلمين. إنهما لا يتناقضان. ولكن على شريحة الشباب أن تستمر في الدراسة ويجب أن تزداد الحوزات الفقهيةأكثر فأكثر وعلى المراجع أن يهتموا بهم وعلى المدرسين أن يعتنوابهم أكثر. وعليكم أن تحفظوا الحوزة الفقهيةعلى نفس الأساس السابق فإن لم تحفظوها فإن الناس سوف لايقبلونكم غداً. إن الناس لايريدون المعممين بل يريدون علماء فإن العمّةعلامةالعلم. فإذا ما ضعفت حوزاتنا العلمية لاسمح الله- في الدرس وفي الفقه فانهم يجب أن يعلموا بأن ذلك خيانه كبرى للإسلام إذا فكر البعض بأننا لسنا بحاجة إلى دراسةالفقه فإن هذه فكرةشيطانيةو هي مطابقةلأحلام أمثال أميركا على المدي البعيد. أيها الساده في خراسان وفي قم وفي تبريز وفي سائر الأماكن التي توجدبها الحوزات العلمية إذا لم تقدموا للمجتمع الفقهاءو العلماء، فاطمئنوا بعدم وجود اسم الإسلام بعد مضي نصف قرن من الزمان. فلولا فقهاء الإسلام منذ صدر الإسلام وحتي اليوم لم نكن نعلم اليوم شيئاً من الإسلام فإن الفقهاءهم الذين عرفونا بالإسلام ودرّسوا فقه الإسلام وكتبوا فيه وتعبوا من أجله وسلموه إلينا وعلينا أن نحفظ هذا الاتجاه وهذا تكليف شرعي الهي وهو يجب تعزيز الحوزات العلميةففي الحوزات هناك من يتدخلون في القضايا الإجتماعية والسياسية ويجب أن يتدخلوا ولكن إغفال أمر الاهتمام بالفقه سيودي إلى نسيان الإسلام لاسمح الله- بعد فترة من الزمان ويجب أن تبقي الحوزات بقوتها بل يجب أن تزداد قوه كل يوم فإن المزعجين قد ذهبوا ومن كانت تقلقهم عمائمكم قد دُفنوا.
عليكم أنتم أن تحفظوا الإسلام بحفظ الفقه فالإسلام في هذه الكتب، وإن حفظ الإسلام يكون بحفظ الفقه وحفظ هذه الكتب وبالكتابةو المناقشه وتشكيل الحوزات العلمية بالعلوم الإسلامية المختلفه واحياء الكتب المنسية والمناقشةو حفظ هذا الحصن المنيع الذي صان الإسلام حتى اليوم فإننا مطالبون بحفظ الإسلام بنفس الشكل الذي وصلنا وعلينا أن نسلّمه للأجيال القادمة إن شاء الله. وعليهم أن يسلّموه للأجيال اللاحقه وهكذا حتى يأتي صاحبه ويسلموه إليه.
و إنني آمل أن يهتم السادةالذين سيتشرفون بالحج بصحبةهذه القوافل وأن ينبهوا الحجاج حتى يكون الحجاج الإيرانيون أسوة فيما يتعلق بالإسلام وبالثورة الإسلامية وأن لايكون الأمر بحيث إن البعض يرتكبون ما يسبب الوهن على السادة أن يعظوا وأن يجتمع العلماء لهذه الأمور المختلفة وأن يتحدثوا مع الناس أينما كانوا وأن يرشدوا الناس وينبهوهم إلى المسائل وإلى مظلوميةايران وأن يقولوا لمسلمي العالم ماذا تصنع الدول الكبرى وأتباعهم بنا لأننا نريد أن يكون الإسلام موجوداً.
أرجو أن يعزّز الله الإسلام وأن يعزز علماء الإسلام ويهذبهم إن شاء الله.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته