بسم الله الرحمن الرحيم
على أعتاب الذكرى السنوية الرابعة لانتصار الثورة الاسلامية الايرانية، عندما نلقي نظرة على السنة الاولى للثورة، وعلى الايام الاولى للنصر حتى اليوم ولاحظنا بدقة التقلبات والتحولات التي حدثت خلال السنوات الاخيرة بعد انتصار الثورة، وتأملنا في توجهات وتصرفات الفئات والجماعات المختلفة، نصل الى تقييمات قيمة ونتائج مفيدة جدا تكون درسا للاجيال الحالية والقادمة في التربية والتهذيب، ولعل المؤرخون وكتاب السير والمثقفون والملتزمون؛ يقفون اجلالا لهذا العمل. ان نظرة عابرة على ممارسات الجماعات والقوى المختلفة منذ الايام الاولى للثورة حتى اليوم وتقييم تلك الممارسات، يجعلنا قادرين على الفصل الى حد ما بين الادعياء من اصحاب التوقعات الكثيرة وبين المضحين الذين لا يتوقعون شيئا .. فالفئات التي صنعت هذا النصر بتضحياتها السخية من دون ان يكون لها مطامع ولم يألوا جهدا في الدفاع عن الثورة وحل المشكلات وحملوا عبء الثورة على كواهلهم دون ان يطمعوا في منصب وعنوان .. هؤلاء هم الجماهير المليونية ومحرومو المجتمع أعزهم الله بالقوة وتفضل عليهم بالسعادة. وبالمقابل هناك فئات وجماعات إما أنها لم تشارك ابدا في الثورة وتحقيق النصر وإما أنها تآمرت وما زالت ووضعت العراقيل أمام الثورة دفاعا عن النظام السابق أو إعادته أو اقامة نظام غير اسلامي. او أن هناك اشخاصا وجماعات حاولت وتحاول ان تجعل من الثورة الجماهيرية ودماء الشباب الطاهرة جسرا للوصول الى مآربها الشيطانية واستغلت اسم الاسلام لاهدافها المشؤومة. وهناك جماعات اخرى مرتبطة بالمدارس الفكرية المنحرفة وتعمل في الداخل والخارج من خلال افكار منحرفة وتمني نفسها بالافعال الصبيانية، غير ان هؤلاء لا يعرفون شيئا عن الاسلام وقوته المعنوية ولا عن المجتمع الايراني وقوته الايمانية او انها تمر عليها مرورا عابرا. ونحن اليوم نفتخر بالجماهير العظيمة الملتزمة بالاسلام العزيز وبالشباب الغيارى المقاتلين الذين انتفضوا بشجاعة منذ بداية الثورة ولبوا نداء الحق حتى التحق جمع كثير منهم بالله محققين آمالهم، فيما اصيب جمع آخر من الاعزاء بعاهات بدنية من اجل الاسلام والهدف ولكننا نراهم اليوم بوجوه مشرقة. ونفتخر ايضا بالامهات الباسلات اللاتي فقدن اعزاءهن، وبالآباء الاعزاء الذين استشهد شبابهم. ولكنهم يقبلون علينا وكأنهم يحتفلون بزفاف اعزائهم وشبابهم. وانني كلما ارى هؤلاء الاعزاء أو اقرأ وصية تربوية لاحد الشهداء أشعر بالضيعة والمسكنة. فهؤلاء يحملون معهم وثيقة ايمانهم والتزامهم بالاسلام، وان قبور الشهداء واجساد المعاقين ألسنَةٌ تنطق وتشهد بعظمة الروح الخالدة لهؤلاء، واذا ما اشتكوا من شيء؛ فمن عدم نيل فيض الشهادة او انهم نالوا ثواب الشهادة ولكنهم يتألمون لعدم قدرتهم على العودة الى جبهات القتال، ويهتفون بشعار (حرباً حرباً حتى النصر).
على اميركا وعملائها ان يستفيقوا ويتوقفوا عن التآمر حيث لم تعد ايران مكاناً لجولاتهم وصولاتهم. ويحدونا الامل ان تستفيق ايضا الدول التابعة لاميركا والتي فتحت خزائن اموال شعوبها وأخذت تقدمها هدية لاميركا وتتقرب بذلك اليها لمحاربة الاسلام والجمهورية الاسلامية عسكريا واعلاميا، ونأمل منها ان تكون الى جانب شعوبها. وتلقي عن نفسها نير الارتباط بالاجنبي. ألم تشاهد هذه الدول العميلة كيف ان البيت الابيض اعلن انه لن يتخلى عن اسرائيل بسب هذه الدول ونفطها؟ وألم تلاحظ هذه الدول ان اميركا لا تعير أدنى اهمية لها من خلال استخدام الفيتو وتهديد المنظمات الدولية؟
واليوم حيث تحتفل بلادنا بذكرى عشرة الفجر وذكرى استقلالها وهويتها التي انتزعتها من مخالب القوى الاجرامية، نأمل ان نحتفل قريبا بسقوط النظام البعثي في العراق. فانني ابارك هذه الذكرى للشعب الايراني المحترم وبالخصوص للشهداء والمصابين والمعاقين وذويهم. ان انتصارات ومفاخر الشعب مدينة بتضحيات هؤلاء الاعزاء وان هؤلاء المضحين علامات فخر في جبين الامة. وسيذكر التاريخ ويدون الملائكة في السجلات الملكوتية هذه التضحيات. ادعو الله تعالى ان يمن على الشهداء برحمته الواسعة ويمن بالصحة والسلامة على ذويهم واهاليهم. السلام على الشعب المجاهد وتحية للشهداء والمقاتلين المصابين والفخر والسعادة والنصر لمجاهدي الاسلام في جبهات الدفاع عن الحق.
روح الله الموسوي الخميني
طهران، جماران
الذكرى السنوية لانتصار الثورة الاسلامية (22 بهمن)
تقويم قضايا الثورة في الذكرى السنوية الرابعة لانتصارها/ الاشادة بدور الشعب
الشعب الايراني «1»
صحيفة الإمام الخميني ج ۱۶ ص ۲۷ الى ۲۸
«۱»-نص رسالة الامام الخميني في يوم ۲۱ بهمن في المراسم التي اقيمت تكريما للشهداء ومضحي الثورة الاسلامية في قاعة الوحدة بطهران، وقد قرأت من قبل السيد احمد الخميني.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417