بسم الله الرحمن الرحيم
محاربة رضا خان الإسلام وعلماء الدين
أشكر هذه الجماعات المختلفة التي تفضلت اليوم بالحضور هنا والذين هم على اتصال بهذه الحرب ويقومون بشؤون الاغاثة والإمدادات، وندعو لهم بالموفقية والنجاح ليواصلوا عملهم مثلما ادوا حتى الآن دَينهم الملقاة على عاتقهم تجاه الإسلام والبلد آملين بان يحقق هذا البلد العزيز على أيديهم الاستقلال التام والحرية الكاملة ويزول عنه شر الأشرار، وان شاء الله سيوفقون في ذلك.
نظرا لحضور العشائر المحترمين الى جانب العاملين في الإذاعة والتلفزيون أود ان أتحدث عن بعض القضايا التي حدثت في النظام السابق وخلال السنوات الخمسين الأخيرة، رغم إننا لا يمكننا الحديث عن جميعها. ولي الأمل ان يدقق المؤرخون والكتاب في هذه الاعوام الخمسين ليروا ما جناه هذا الأب والابن على هذا البلد. وفي هذا الحديث سنلقي نظرة قصيرة وعابرة على المؤسسات التي كانت قائمة في البلاد وكانت قادرة على الوقوف مقابل القوى العظمى، لنرى كيف تعاملت هذه المؤسسات مع البلاد وقدمت خدماتها للقوى العظمى. ومن هذه المؤسسات، المراكز السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمؤسسة العسكرية والإعلامية وغيرها من المؤسسات والاجهزة التي كانت قادرة على ان تكون قوة البلد كالعشائر ... ولنرى أيضا ماذا فعلت هذه المؤسسات خلال السنوات الخمسين ونيف وكيف تعاملت مع القوى العظمى.
عندما جاء رضا خان، كان يتظاهر بالإسلام في البداية، وعندما احكم بالتدريج قبضته على الحكم حسب خطة الإنجليز للسلطة التي كانت بيد الإنجليز اخذ يقمع المؤسسات التي كانت تملك القدرة على الوقوف أمام القوى العظمى، ثم تبعه ابنه الذي كان بنظري اخبث من أبيه. وقد كان الهدف الأول لرضا خان هو ضرب علماء الدين باسم الإصلاح وتطوير وتحديث البلاد. وقد لاحظ الأجانب والقوى العظمى التي أجرت دراسات طويلة في إيران ان واحدة من هذه المؤسسات فقط قادرة على تعبئة الشعب ضد القوى الخارجية وهي علماء الدين، لذلك بدأ رضا خان أولا بمناوشات بسيطة معهم تمهيدا لضربهم، وإذا لاحظتم الصحف الصادرة في ذلك الوقت والإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح وهي قادرة على القيام بعمل سليم في البلاد، لكنها كانت في خدمة الأجانب وخدمة هذا النظام الفاسد وضد علماء الدين، وكان هو شخصيا يأمر بقمع العلماء أينما كانوا وتحت مبررات وعناوين مختلفة، فيما كانت الصحف ووسائل الإعلام تعمل على تشويه سمعتهم وعزلهم عن الشعب، وهذا في ذاته تاريخ طويل، ويستطيع ان يفهم ذلك كل من يلقي نظرة على تاريخ السنوات الخمسين الأخيرة، وبعد ذلك جرت محاولات كثيرة لضرب الإسلام وقدرته، يدعمهم الكتاب المنحرفون ووسائل الإعلام التي كانت جميعها تحت سلطة رضا خان. وقد قرأت شخصيا في صحفهم سبهم لرسول الله! وهكذا كان هؤلاء يظنون انهم قادرون على تعبئة الناس لمصلحة الاجانب والقوى العظمى.
التخطيط لوضع الجامعة في خدمة الأجانب
الموقع الآخر الذي وقفوا ضده هو الجامعات، فالجامعات التي كان من الممكن ان تكون إسلامية وطنية ليدخل الذين يتخرجون منها المجلس ويشكلوا الحكومة ويقطعوا نفوذ الأجانب عن البلاد، وقفوا ضدها، ولا يعني انهم اقتحموا الجامعات وأغلقوها بل كانت هناك خطة أعدت من قبل وهي أنهم اعدوا أساتذة ومدرسين كانوا يخدمون الأجانب ليجعلوا الجامعات مرتبطة بالأجانب كالإنجليز ثم الأميركان، فكان الذين يتخرجون من الجامعات- إلا قليلا- يخدمون الأجانب. وهذا في ذاته قضية مفصلة تحتاج الى بحث طويل وهي انهم جعلوا جامعتنا ومن يتخرج منها وعندما كان يذهبون الى الخارج ويأتون معهم بالهدايا، تكون كلها في خدمتهم. هم كانوا يريدون هذا الشيء. طبعاً كان بين هؤلاء من لم يكونوا كذلك لكنهم كانوا أقلية. هذه حال مؤسستنا التعليمية.
أوضاع المجلس والجيش في النظام السابق
وهكذا كان المجلس وهو المركز الذي يرسم سياسة البلاد وتجري فيه صياغة القوانين، حيث دخله من كان يخدم السلطة إلا عدة قليلة قضوا عليهم بالتدريج حتى اصبح المجلس في دوراته الاخيرة خاليا منهم تماماً ولا سيما بعد ان أزاحوا أمثال مدرس، حيث لم أعد أرى نائبا كما أراده الإسلام، فاحكموا بذلك قبضتهم على المجلس وجعلوه في خدمة الأجانب.
وهكذا أيضا أصبحت الحكومة، فالحكومة التي يعينها مثل ذلك المجلس وتعمل بأمر الشاه أو من على شاكلة الشاه، من الطبيعي ان يكون أعضاؤها في خدمتهم. فالذي يقرأ صحف ذلك الوقت أو يستمع الى الأشرطة الصوتية، يعلم جيدا ان الخطة كانت تتضمن إما ان تكون الحكومة خادمة للأجانب- وخاصة أميركا- أو ان يكون أعضاؤها غير مبالين. فالمراكز التي أقيمت للفساد وتحريف الشباب والأماكن التي فتحوها لبيع الصور الخليعة والمنتجات الأجنبية ومحلات بيع الخمور ... هذه المراكز لم تقم بنفسها وإنما قامت حسب خطة مرسومة وبرنامج خاص حتى يستطيعوا إفساد الشباب في الجامعات وسعوا الى جعلهم غير مبالين بما يجري في بلادهم، وسمحوا لهم بان يفعلوا ما يشاؤون في مراكز الفساد ودور السينما. فجرى ما جرى على هذا البلد ونهبوا نفطه وثرواته وغيرها.
والمؤسسة الأخرى؛ كانت الجيش الذي استقدموا عشرات الآلاف من المستشارين الأجانب ليشرفوا عليه حتى لم يعد جيشا مفيدا للبلد. بل كان يعمل لصالح بلد آخر. وينبغي على المفكرين ان يجروا دراسات وأبحاثاً في هذا الشان ويدونوا القضايا التي جرت عليه في ذلك الوقت.
أما العشائر التي تلتزم عادة بالإسلام وتريد تحكيم الإسلام، فقد كان رضاخان يتوقع ان ينتفض هؤلاء ضده، لذلك سعى للقضاء عليهم وقد نجح في ذلك وخاصة في مجال إعداد اشخاص لتحريف العشائر بطريقة أو بأخرى، حيث كلف المنحرفون في الخارج والداخل ان يعملوا من اجل تحريف العشائر وإضعافها معنويا .. وقد أدت كل هذه العوامل الى ان نرى بلدنا على ما هو عليه الآن.
تدمير الزراعة والصناعة في النظام السابق
من جانب آخر جرى تدمير مصانعنا ومزارعنا كاملة باسم (الإصلاحات)، فإيران التي إذا تم استثمار زراعتها بشكل صحيح، ينبغي ان تصدر ملايين الأطنان الى الخارج، أصبحت تمد يدها للآخرين ليزودوها بالقمح! وهذا الأمر من الجرائم التي أرتكبها النظام بحق البلاد. أما المصانع فكان يشرف عليها أفراد لا يسمحون للإيرانيين ان يتدربوا ويتعلموا إدارة الأمور، حيث كان الخبراء الأجانب يسيطرون على الأعمال الأساسية فيما كان الإيرانيون يعملون تحت أيديهم!
وأينما تذهبون ترون فيها موطئ أقدام الأجانب، وهكذا كان الأمر في الماضي، ولكن الوضع تغير اليوم ولله الحمد. لقد كان موطئ أقدام الأجانب واضحا في السوق والجامعات حيث أرادوا إفساد هذين المركزين، وكذلك الحال بالنسبة للجيش والمعامل والمجلس والحكومة حيث تغلغلوا في كل مكان وساقوا البلاد نحو الغرب أو الشرق. فأصبحت بلادنا تابعة وضعيفة، ولو استمر الوضع بهذه الصورة لعدة سنوات أخرى لما أمكن إصلاحه أبدا.
لكن الله تعالى منّ علينا جميعا وعلى جميع الشعب والمسلمين وتفضل على هذا البلد وبعث فيه الوعي، صحيح ان معظم الشعب ربما لم يكن يولي أهمية بالقضايا التي ذكرتها، لكنهم انتبهوا الى قضية مهمة وهي ان أميركا تريد تدميرنا، مما ولد ردة فعل في جميع أرجاء البلاد تجاه السعي الأميركي لتحويلنا الى مستعمرة تابعة لها وتدمر سمعتنا وسمعة اسلامنا وكرامتنا الوطنية وخيراتنا.
لقد كان الشعب يرى بعينه ذلك، فتولدت روحية الرفض ولا يستطيع أحد ان يدعي بأنه هو الذي فعل ذلك، فما جرى خارج عن قدرة البشر، بل ساهم الشعب من الطفل الذي بدأ يتكلم لتوه وحتى الطاعن في السن الذي ينتظر الموت وهو راقد في المستشفى واصبح الجميع ينادون بأننا نريد ان نكون مسلمين وان يتحرر بلدنا ويكون مستقلًا واسلامياً.
لقد كانت هناك يد غيبية تفضلت على هذا البلد وبثت فيه الوعي، فأصبح الإسلام هو السائد فيه أينما ذهبت. فالعشائر التي كانت تئن تحت وطأة وضغط النظام السابق، استطاعت ان تتحرر وتنفتح على الإسلام .. فاذهبوا الى القرى النائية في هذا البلد وأذهبوا الى أي مكان تشاؤون فسترون الصغار والكبار ينادون بالاستقلال والحرية وينتقدون أميركا والأجانب الآخرين. وأما الذين يحاولون القيام بأعمال خبيثة سواء كانوا في الداخل أو الخارج فانهم حمقى! وفقدوا عقولهم وجعلهم حب المنصب والموقع أعمى البصيرة، فلا يدركون انهم غير قادرين على ذلك في بلد يتوجه أبناؤه الى جبهات القتال ويقدمون التضحيات، ولا يعلمون ان معاداة هذه الدولة أمر غير ممكن ويستحيل القيام بانقلاب فيها. ولا يمكن لفئة من مائة شخص أو أكثر أو أقل ان يواجهوا دولة تعشق قواتها المسلحة الشهادة وترحب عشائرها عن طيب خاطر بالشهادة.
ان خطأ هؤلاء، هو انهم لا يفهمون ولا يدركون لا قوة الإسلام ولا عرفوا شعبهم. ولذلك يقومون في الداخل والخارج بمؤامرات صبيانية حمقاء، لكنهم لا يعلمون ان العيون الحريصة الساهرة على هذا البلد تراقب حركاتهم في الليل والنهار، فيلقون بأنفسهم الى التهلكة ويريدون خداع أبنائنا الأعزاء. وعلى الذين انخدعوا بهم من الفتيان والفتيات ان يدققوا ليروا الوضع الذي عليه هؤلاء والوضع الذي عليه البلاد، وليروا الى أين لجأ هؤلاء وما هو موقف البلد حيال هؤلاء.
يحدوني الأمل ان تبقى هذه الروحية الإسلامية والتوحيدية القوية في البلاد ونسلم هذا البلد الى صاحبه الأصلي إمام الزمان- سلام الله عليه- ان شاء الله. أدعو الله ان يوفقنا جميعا ويوفق الشعب وجميع المسلمين لنعمل بمسؤوليتنا الإسلامية ان شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته