بسم الله الرحمن الرحيم
المسؤولية المتزايدة لخدّام النظام الاسلامي
اتقدم بشكري إلى السادة المحترمين ممثلي المجلس والسادة في مجلس القضاء والقضاة المحترمين الاسلاميين والمدعين العامين المحترمين الذين التقيناهم من خلال تشريفهم إلى هنا ونبارك جميع السادة والشعب ومستضعفي العالم بانتصارات الاسلام، واود هنا ان ادلي بكلمة مختصرة حول الاوضاع التي تسود العالم الان. طبعا الموضوع الذي تفضل به رئيس المجلس المحترم، لا استطيع الان ان اتحدث عنه كما ينبغي وسأكتفي بذكر خطوط عامة وآمل ان شاء الله ان تحل القضايا والمشاكل في فرصة اخرى. صحيح اننا نواجه بعض المشاكل كما تفضل وانا ايضا ارى ان لدينا مشاكل كثيرة، الا اننا الان نعمل على حل المشاكل فالجميع يعملون الان على ازالة المشاكل؛ المجلس المحترم الذي هو تجمع الهي وكذلك مجلس القضاء والقضاة والمدعون العامون المحترمون حيث انهم كلهم ملتزمون ويتمتعون بروح الخدمة وكذلك الحكومة ومسؤولوها التنفيذيون وهذا ما يزف بشرى حل المشاكل، ان المشاكل الكبيرة جداً تتجسد، ولكن من المؤمل بعد اتخاذ القرار وبدء العمل ان نتجه نحو حل المشاكل بهذه البداية ونأمل ان شاء الله ان تحل المشاكل بسرعة. ان ما يجب ان أقوله في هذا الاجتماع الجليل هو مسؤولية السادة وجميع الاشخاص الذين لهم دور في امور هذه النهضة الاسلامية، سواء الحكومة ام الآخرون تزداد كلما خطت هذه الثورة خطوة إلى الامام. في وقت من الاوقات كانت الثورة في بدايتها وكانت مشاكلها كثيرة وكان من غير الممكن تجنب مظاهر الفوضى التي يجب ان تواجهها اية ثورة، في ذلك الوقت كان العذر مقبولا، وهناك وقت ايضا كان فيه المفسدون والمنافقون والمنحرفون احرارا ويواصلون اعمالهم الاجرامية والحرب قائمة والاجواء حربية، في هذا الوقت الاعذار مقبولة ايضا إلى حد ما. ولكن هذه القضايا التي هي بمثابة اشواك في طريق السادة يجب ان نعتبرها محلولة؛ قضية الحرب التي هي على اعتاب الحل والحمد لله وكذلك هؤلاء المنحرفون والمرتبطون بالقوى الكبرى فانهم في طريقهم إلى الفناء. ولذلك فاننا سواء السادة في مجلس الشورى الاسلامي الذين يتمتعون بأعلى المناصب وسواء مجلس القضاء والسلطة القضائية التي تتمتع بأهمية كبيرة وكذلك الحكومة التي تنفذ القانون، قوانين الاسلام، كلنا مسؤولون؛ اي اعتبارا مني انا الطالب وحتى انتم والحكومة والسلطة القضائية والقضاة المحترمين والمدعين العامين المحترمين في كل مكان وائمة الجماعات والجمعة ومراجع الاسلام العظام وطلاب العلوم الدينية والمفكرون الملتزمون بالاسلام، كلنا نضطلع في هذا الوقت بمسؤولية كبيرة، اي ان الله تبارك وتعالى لا يقبل منا العذر الان الا قليلا. اننا لا نستطيع ان نقول الان ان الظروف هي ظروف ثورة واننا لا نستطيع فعل شيء في ظروف الثورة ولا نستطيع القول ان الحرب في ايران بشكل بحيث ان ايدي الجميع مقيدة ولا نستطيع القول ان هذه الفئات المعادية ينشطون إلى درجة بحيث انهم شغلوا اذهاننا. ان كل ذلك يمثل قضايا اما انها قد حلّت او قريبة من الحل. ولذلك، فان على المجلس الان ان يخطو خطوات اوسع وان يسرع من اللوائح التي يقدمها او انه يريد هو نفسه ان يضع قوانين تكون اسلاميتها مضمونة. فان كانت هناك ملاحظة غير اسلامية في قانون او لائحة او اقتراح، فان ذلك مرفوض من وجهة نظر الاسلام والله تبارك وتعالى.
السعي من اجل تطبيق الاسلام في شؤون البلاد
ان علينا ان نسعى جميعا لان نحقق الهدف الذي حمله ابناء شعبنا الذين ندين كلنا لهم بالفضل فلقد انتصرت الجمهورية الاسلامية بجهود هذا الشعب والحشود الاسلامية المليونية ونحن جميعا مدينون لجهودهم وتضحياتهم فليحفظ الله الجميع ويجعل الرحمة والسعادة من نصيب جميع شهدائنا. اننا مكلفون بان نواصل تحقيق ذلك الهدف في شعاراتهم منذ بداية الثورة وحتى الان وفيما بعد ان شاء الله ستكون الشعارات محفوظة. انهم يريدون الاستقلال يريدون الحرية يريدون الجمهورية الاسلامية؛ الجمهورية التي يجب ان يكون اساسها قائما على الاسلام وان تكون جمهورية يقبلها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وامام الزمان روحي له الفداء-. فاذا تعرضت احكام الاسلام لخدشة واحدة فلا النبي سيقبل ذلك ولا ائمتنا. ان علينا ان نسعى تكون جميع خطواتنا اسلامية ومتجهة إلى الاسلام في نفس الوقت الذي يجب ان نخطو فيه خطوات سريعة. وانتم لا يمكنكم ان تجدوا العذر لانفسكم إن صادقتم في المجلس على موضوع مخالف للاسلام واذا خطا القضاة المحترمون وجلس القضاء خطوة واحدة- لا سمح الله تتعارض مع ما هو مقرر فانهم ليسوا بمعذورين وهم مؤاخذون. واذا اتخذ ائمة الجماعة ورجال الدين المنشغل كل واحد منهم بعمل في هذه الجمهورية الاسلامية، اذا اتخذ لا سمح الله خطوة تتعارض مع مصالح الاسلام، فانه سيتعرض للعقوبة. جميعنا معاقبون وكلنا مسؤولون؛ كلكم راع وكلكم مسؤول «1». ان علينا ان نسعى ان نتجه إلى الاسلام وان نطبق في هذا البلد وفي اسرع وقت ممكن قوانين الاسلام، قوانين الاسلام في القضاء، قوانين الاسلام السياسية واطمئنوا إلى انكم اذا اردتم استطعتم؛ في نفس الوقت الذي تعتبر فيه جميع القوانين في تلك الانظمة السابقة تقريبا، الكثير من القوانين، قوانينها الجزائية والسياسية كانت تعاكس مسيرة الاسلام، او ان الاشخاص المسؤولين عن القضاء كانوا يتصدون لهذه المهمة خلافا للموازين الاسلامية فهم في النار. واذا ما ارتكب المتصدون لجميع الامور والمنشغلون في الخدمة مخالفة- لا سمح الله- حتى وان كانت مخالفتهم هذه من باب الخطأ فان عليهم ان يلاحظوا بكل دقة ان لا يحدث شيء مخالف لما يجب ان يقع. وانا بدوري ادعو لجميع السادة فمن واجباتي الدعاء، آمل ان تدعوا لكي لا اقصر في ذلك.
تحذير إلى مؤتمر دول عدم الانحياز
واما تلك القضايا التي تقع الان في المنطقة والعالم، فانكم طبعا تعلمون كلكم او اكثركم، ما الذي يحدث فالقوى الكبرى اعتبرا من امريكا وحتى فرنسا والمانيا والبلدان الاخرى استنفرت كل قواها وهي تريد ان تقيم الدنيا كي تعرف ماذا سيحدث في هذا الوقت. ان هذه الفئات التي تريد ان تحيي صداما او تطهره سواء ذهبت إلى بغداد واجتمع فيها ما يسمون بعدم المنحازين وسواء لم تذهب، فان الاوان قد فات عليهم، فهذا [الرجل] «2» ميت ولا يمكن احياؤه. واذا ذهبتم إلى بغداد «3» فانكم ستجعلون انسانا ميتا رئيسا لكم، وستكونون بذلك قد اخترتم مجرماً ميتاً وهذا عار عليكم يا رؤساء الدول غير المنحازة سيبقى منقوشاً على جبينكم حتى يوم القيامة. واذا ظننتم انكم ستستطيعون من خلال الذهاب إلى بغداد وتعيين صدام للرئاسة او شخص آخر مثله، ان تطهروا شخصا تبلغ جرائمه من الكثرة بحيث لا نستطيع ان نذكرها باللسان والقلم، فانه بحار العالم سوف لا تستطيع تطهيره واذا اردتم ان تطرحوه وتحيوه، فان نعشه ماثل الان، انه الان ليس سوى نعش يلفظ انفاسه الاخيرة. انكم لا تستطيعون ان تفعلوا ذلك، فلا تتعبوا انفسكم عبثاً ولا تريقوا ماء وجوهكم ولا تتسببوا في المتاعب لنا ايضا. واما اولئك الذين قدموا من ما وراء البحار والذين يتنزهون هنا، فانهم ايضا اذا ارادوا ان يحيوا صداما فان علينا ان نقول لهم الكلام نفسه. وحتى اذا جاء عيسى- عليه السلام- الذي كان يحيي الموتى فانه لا يستطيع هو الآخر ان يحيي هذا الميت؛ ذلك لان احياءه يكون بالهداية وقد قال الله تبارك وتعالى لنبي الاسلام الذي هو اشرف من النبي عيسى- سلام الله عليه-:» إنك لا تهدي من احببت « «4». لقد كان سيدنا عيسى يحيي الموتى الطبيعيين، ولكن الميت الذي مات قلبه، الميت الذي تم القضاء على كيانه، وعلى وجوده وتحولت قادسيته إلى فناء، فان عيسى لا يفعل ذلك وليس بامكانه. وعلى هذا، فماذا يريد هؤلاء القيام به؟ هؤلاء الذين يجتمعون كي يعقدوا بعض المؤتمرات متمثلة في مؤتمر عدم الانحياز، علهم يستطيعون ان تشكيله في بغداد، ليس من المعلوم ان ان توافق الكثير من الدول؛ فالحكومات التي تأخذ الاحداث بنظر الاعتبار، الحكومات التي لا تخشى امريكا والبلدان الاخرى، الحكومات التي تأخذ كرامتها بنظر الاعتبار والحكومات التي تفكر في الاسلام، ليس من المعلوم ان توافقكم فهل تريدون ان تشكلوا ذلك المؤتمر رغم عدم موافقتها وتختاروا ذلك الرئيس، اعلموا انكم بذلك تلحقون بأنفسكم في التاريخ عاراً لا يمكن غسله حتى بالبحار فأنتم لا تستطيعون ان تعيدوا الكرامة إلى شخص لم يكن يمتلكها منذ البدء، وحتى ان كان يمتلكها، فانها ذهبت مع الريح. ان الانسان الذي لاحظتموه كان قد اوصى في تلك الرسالة التي كتبها إلى قادته العسكريين في مدينة خونين شهر، خرمشهر، ان يضربوا ويقتلوا ويفعلوا كذا وكذا حتى آخر رصاصة وآخر شخص، لقد رأيتم ان قادته انفسهم لم يمتثلوا لاوامره، بل لم يستطيعوا تنفيذ اوامره اساسا، فلم تسنح لهم الفرصة لقراءه مثل هذه الاشياء واستسلموا افواجا. ان مثل هذا الانسان الذي قال على اثر ذلك انه امر بالانسحاب- الانسحاب التكتيكي طبعا- هذا الانسان لا يمكنكم ان تعيدوا المكانة له. فلاتضيعوا انفسكم في سبيل هذه الكرامة.
تحذير بشأن جرائم صدام
اننا نقدم نصائحنا، وايران تقدم نصائحها لكم بان تخلوا إلى انفسكم قليلا وان يمحو من اذهانكم امريكا والاتحاد السوفياتي والقوى الكبرى الاخرى وفكروا في ما عساكم ان تفعلوه ان انتم ذهبتم إلى بغداد. وانا احذركم من انه ليس من المستبعد من صدام، ان يقتل عددا منكم ثم يلقي بمسؤولية ذلك على ايران لانه يحتضر، لكي يجبركم على ان تعارضوا، ان احتمال ذلك كبير جدا. عليكم ان لا تتصوروا ان هذا المجرم لا يستطيع فعل شيء؛ ان هذا المجرم تصدر منه جرائم كثيرة وهذه الجرائم يحتملها الانسان؛ فكما انه يقصف بعض المواقع ثم يقول ان ايران هي التي ضربتها، وهو نفسه صديق لاسرائيل وأخ لها ويقول ان الاسلحة تأتي من اسرائيل والان فان القوى الكبرى وابواقها يريدون بهذه المناورات المثيرة للسخرية ان يثيروا الشبهات من هذه الجهة او تلك. فيصور الجميع الموضوع وكأنه مفروغ منه موحين إلى الشعوب ان اسرائيل هذه باعت الاسلحة إلى ايران في حين انهم جميعهم واسرائيل نفسها توصلت إلى هذه القناعة وهي ان اسرائيل لو وضعت اصبعها في البحر المحيط، فانه سيتنجس لانها شعرت بذلك. انها تريد ان تشوه سمعة ايران بقولها «انني قدمت اليها المساعدات»، من باب ان تعلم ان موافقتها لايران هي تشويه لسمعة ايران، انها هي نفسها تدرك ذلك.
و على اي حال، فان القضايا التي تحدث جارية كلها وانا اخشى انهم لو اجتمعوا، ان يضرب عدد منهم ويقتلوا في الطريق ثم تلقى مسؤولية ذلك على ايران او ان يغادر صدام نفسه المكان الذي يجتمعون فيه ثم يدمره لكي يغسل يديه. انتبهوا جيدا إلى ان لا تقعوا في الفخ، في فخ صدام هذا فهو رجل خطر. والاشخاص الذين يقضون ايامهم الاخيرة، المجرمون الذي يمرون بلحظات عمرهم الاخيرة، يقولون ليذهب الجميع ما دمنا نحن انفسنا ذاهبين؛ اقتلوني ومالكاً «5»، والقضية الان هي كذلك. والان فليجلسوا وليتفكروا هل ان صدام بجثته المتعفنة هذه يستحق ان تضحوا ببعض القيم في سبيله؟ ان اميركا تقول انها لا يمكن ان تبيع اسرائيل لأي شخص، انها تأخذ منكم كل تلك الموارد ثم تقول انها لن تبيع اسرائيل لكم. فهل يستحق الامر ان تضحوا بكل كرامتكم وكيانكم امام شعوبكم وامام شعوب العالم والاجيال القادمة رغم خدمتكم لها؟ انني آمل ان يصحوا وينتبهوا إلى حقائق الامور ولا يلقوا بأيديهم إلى التهلكة ولا يسببوا لنا ايضا المتاعب. نسأل الله ان يعرّف جميع المسلمين على واجباتهم وان يتفضل علينا جميعنا بتوفيق العمل للاسلام وتطبيق الاسلام في كل مكان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبرکاته