بسم الله الرحمن الرحيم
انتصار المقاتلين هو سبب معارضة القوى الكبرى
أقدم شكري سلفاً لأنني التقيتكم ايها الشباب الأعزاء والمقاتلون في مثل هذا اليوم، ونأمل إن شاء الله أن يكون مفتاح جميع الانتصارات.
إن ما يصلنا خبره دوماً من الخارج، وأولئك الذين يحيطوننا علماً وقد ترسل الينا أحياناً بعض الشخصيات رسائل تخبرنا فيها أننا أنفسنا لا ندرك عمق العمل الذي قمنا به. إن جميع هذه الدراسات، هي دراسات ظاهرية، وتطورات ظاهرية لهذه القوى الإسلامية. وأما أعماق هذه التطورات الظاهرية، فإنها كما يقال لنا، ويراسلوننا، فإنها ما تزال غير واضحة كثيراً لنا أنفسنا، فما هو التحول الذي أحدثته الجمهورية الإسلامية وهذه النهضة التي ظهرت في إيران في عمقها الطبيعي والمادي. وعليكم أن تعلموا أن الشعوب، حتى تلك الشعوب التي ليست إلهية، هذه الشعوب تتطلع كلها علماً أنها جزء من مستضعفي العالم، وكانت ترزح دوماً تحت هيمنة المستكبرين إلى هذه النهضة التي حدثت في إيران.
وإنها لقضية كبيرة حدثت لمقاتلينا ولشعبنا في هذا البعد الطبيعي، حيث أن عمقها يبلغ درجة بحيث أن جميع القوى الخارجية وجميع وسائل الاعلام الخارجية هبّت ضد هذه الثورة. فلو كان هذا الأمر عادياً لما ثارت كل هذه الضجة في العالم، وحدثت كل هذه المعارضة. وكلما كان عمق معارضة وسائل الاعلام والقوى الكبرى كبيراً، فإنه يكشف عن أن عمق تحولاتكم العسكرية والطبيعية أكثر. لو كان هذا الأمر عادياً، لما عملت أميركا إلى هذه الدرجة على أن تخنقه هنا بأية حيلة. إن هذا الأمر الذي حدث هو غير عادي. ونحن اذا ما لاحظنا العمق الظاهري لهذه القضية أيضاً، بنفس هذه القيم الظاهرية التي تدرسها وسائل الاعلام، ويدرسها المسؤولون العسكريون في العالم، فسنلاحظ أن عمقها كبير وأنه يتكشف للعالم شيئاً فشيئاً، وحتى الآن لم يحظ في الخارج ذلك العمق المعنوي الذي حدث في هذه النهضة وفي هذا الشعب بالاهتمام الذي يستحقه. إن جميع الآراء تركزت على القضايا العسكرية والتطورات العسكرية فهم مقتنعون أن هذه الهجمات التي يشنّها هؤلاء المقاتلون الإيرانيون، لا سابقة لها، ووضعها يختلف عن أوضاع الحروب في العالم. إنهم كلهم يركزون اهتمامهم على هذه ا لتطورات والهزائم وأمثالها. فهم يأخذون بنظر اعتبارهم أن إيران وعلى الرغم من أن عدد سكانها محدود إذ لا يتجاوز 40 مليوناً وأن جميع القوى تناهضها، إلا أنها استطاعت أن تقوض النظام بعد الثورة ذلك لأن الثورة هي بحد ذاتها ظاهرة تقلب الأوضاع أينما حدثت ولكنهم عندما لاحظوا أننا نمر اليوم بالسنة الرابعة من الثورة وأن كل شيء أفضل من البداية، بمعنى أننا اذا كنا نعاني من نقص في البدء في نظامنا، ومن نقص في قواتنا العسكرية والأمنية، ونقص في التلاحم بين القطاعات المسلحة، فإن هذا النقص قد زال اليوم. إن كل ذلك محسوب بالحسابات المادية. ونحن لا نستطيع في الحقيقة أن ندرك عمق هذه القضية من الناحية المعنوية. فلقد حاولوا أن يشيعوا الجهل طيلة التاريخ وخاصة في ظل النظام السابق، بين أبناء الشعب، وسعوا من أجل أن يجعلوا شبابنا هؤلاء الذين يجب أن يخدموا هذا البلد، يبتلون بالمخدرات، ومراكز الفساد. لقد أسسوا كل تلك المراكز للشهوة وممارسة الفحشاء وعرضوها على هذا الشعب طيلة هذه العقود الأخيرة حيث تصاعدت، وبلغت ذروتها أكثر من أي وقت مضى في عهد محمد رضا.
وأنتم عليكم من الناحية الأخلاقية والثقافية في إيران أن تؤمنوا لهذا المعنى وهو أن هذه الثورة لو أنها لم تكن قد أنقذت إيران، لسقطت إيران في هاوية الانمحاء والفناء ولكان من المفترض أساساً أن ينمحي اسمها من التاريخ. لقد أشاعوا الدعايات بشكل بحيث أنهم كانوا يستهدفون ربط كل شيء يعود لنا بالخير، وأن يفهمونا أننا لا نستطيع فعل أي شيء، بل إن الحرب لا معنى لها أساساً، وأننا لا نستطيع خوض الحرب أصلًا ضد أي بلد. لقد استطعنا خلال هذه السنوات الثلاث، ما يقرب من أربع سنوات أي عندما دخلنا السنة الرابعة استطعنا أن نقنع العالم بهذا العمق في التطور الظاهري وكذلك حكومات العالم وقواه الكبرى. إن هذا العمل الذي قمتم به أيها الاخوة أنتم وأصدقاؤكم ورفاقكم، جعلهم يقتنعون أننا نمتلك القدرة على أن نواجه أية قوة رغم قلة عددنا.
التحول الإلهي في الشعب الإيراني
[يجب] أن يكون ولكن ذلك العمق الثاني الذي يمثل أساس الموضوع العمق المعنوي لهذه القضية. فلقد بذلوا الجهود بكل قواهم في هذا البلد ولسنين طويلة من أجل أن يفرغوه من هويته من خلال شريحة من المثقفين عبر الأقلام، والإعلام، والتعليم، ومن خلال قطاع الصحافة ووسائل الاعلام؛ أي أن يجعلوا عقيدته على هذه الشاكلة، ويغسلوا أدمغته، ويوحوا لنا بأننا لا شيء، وأن يجب أن [نعيش] إما تحت لواء الشرق أو الغرب، فكان الغرب يقول إن علنيا أن نعيش تحت لوائه، وكان الشرق يقول إن علنيا أن نعيش تحت لواء الشرق، وإلا فاننا لا نستطيع القيام بأي عمل، وهكذا حدثت هذه الثورة بين هذا الشعب الذي خضع في السنوات الخمسين الأخيرة على الأقل وأكثر من أي وقت مضى لمثل هذه الأساليب التربوية؛ فلقد ربوا جامعاته على هذه الشاكلة، وربوا جيشه على هذه الشاكلة، وهكذا الحال بالنسبة إلى كل شيء فيه، وهذا هو العمق المعنوي، وهو ان هناك تحولًا قد حدث في مدة أقل من سنة في الحقيقة وقد بلغ هذا التحول من العمق بحيث انقلب هذا الشعب إلى كيان آخر؛ فتحول ذلك الشعب الطالب للرفاهية إلى شعب شجاع ومقاتل، وتحول ذلك الشعب الذي لم يكن يعنيه أن يقوم بأعماله بنفسه إلى شعب مفكر في قضاياه وكادح لبلده والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي لحياته!
ولو أن الله تبارك وتعالى لم يكن قد تدارك هذا الشعب، فان الله هو وحده العالِم إلى أي درجة كانوا قد نشروا قضية الفحشاء. لعل الكثير منكم يعلمون تلك الحادثة التي وقعت في شيراز «2» وذلك العقد الذي حدث بين صبي ورجل. لقد كانوا يبحثون عن شيء كهذا؛ كانوا يريدون أن يوصلوا هذا البلد إلى هذا الحد. ولكن الله استجاب صراخات هذا الشعب؛ الشعب المظلوم، وحوّله إلى شعبِ ينتمي إلى حزب الله، شعب يقدم كل ما لديه إلى الله. وهذه القضية مهمة؛ القضية المتمثلة في أن هناك أشخاصاً يعملون على التهذيب، وعلى تزكية النفس، ويبذلون الجهود منذ خمسين سنة، ثم يتولون المناصب بعد جهود كثيرة استمرت خمسين سنة.
كما إن الله تبارك وتعالى أوصل هؤلاء الشباب خلال مدة قصيرة جداً إلى درجة لم يصل إليها أولئك الذين بذلوا الجهود لخمسين سنة، فلم يبلغوها، ولم يبلغوا المرتبة التي لا يريدون فيها شيئاً سوى الله، ويطلبون الشهادة بهذه الكيفية. إن هذه القضية مهمة. وعلينا أن نأخذ بنظر الاعتبار دوماً أن هذه القضية ليست عادية بحيث أن شخصاً واحداً، أو آلاف الأشخاص، أو الجميع يستطيعون إنجازها. لقد كانوا يريدون أن يربوا على الإنفلات بلداً يضم 40 مليوناً، وكانت جميع القوى تعمل على ذلك، جميع أجهزة الاعلام والخطب والكتابات كانت تعمل على ذلك، إلا أن هذا البلد تحول فجأة إلى بلد أصبح فيه الجميع من حزب الله، فنبذ جانباً تلك الأشياء الشهوانية وتلك الأشياء المرتبطة بالشهوات النفسية، ووقف في مقابل القوى الكبرى وهزمها. إن هذا التحول هو تحول لا يستطيع الشرق والغرب فهمه. إنهم يستطيعون فهم كل شيء، ولكنهم يقيّمون الأشياء على المستوى المادي، ومن الذي انتصر، ومن الذي لم ينتصر. إنهم لا يستطيعون على المستوى المعنوي أن يتصوروا أساساً كيف تحول بلد يضم أربعين مليوناً بحيث أن الشعب يقدم شبابه ثم يبكي متمنياً أن يكون له شباب آخرون. لقد فقدوا أطرافهم ولكنهم مع ذلك يشعرون بالحزن لأنهم لم يعودوا يمتلكون هذه الأطراف كي يذهبوا إلى [الجبهة] مرة أخرى! إن هذه المشاهد المفعمة بأجواء الايمان التي ترونها في الجبهات والتي تعرفونها أكثر منا، ما أروعها. عندما يأتي السادة هنا ويتحدثون معي، فإن الإنسان يتعجب حقاً مما حدث، ومن القضية التي حدثت بحيث حدث مثل هذا التحول. وبالطبع فإن ذلك ليس عجيباً لأن هذه القدرة هي قدرة الله، وقد حدث ذلك بقدرة الله وعلينا أن نعتبر النصر من عند الله اليوم وغداً وقبل كل شيء. فالنصر له. ونحن لسنا بشيء. فالنصر، هو النصر الذي منحه إيانا.
التواجد الرائع لعالم الدين والعسكري والحرس في جبهات الحرب
إن هذه القوة الموجودة في إيران اليوم والتي يحسب لها الجميع الحساب، وتحسب جميع البلدان لها الحساب، ودبّ الخوف دون داع في كثير من البلدان منها، هي قوة منحها الله، فهي ليست مما نستطيع الحصول عليه، بل هي شيء تفضل به الله علينا. وعلى هذا، فإن علينا دائماً أن نعتمد على هذه القضية، وهي أننا أنفسنا لسنا شيئاً وأن كل ما هو موجود له مصدر غيبي، وأن هذا المصدر الغيبي هو الذي يعيننا. فليس من قبيل المزاح أن ينطلق عدد قليل من الصحراء باتجاه عدد كبير قد بنى لنفسه بعد جهود مضنية قلعة من القلاع الحصينة ليلوذ بها، ثم يجبرهم على الاستسلام. إنهم يستسلمون لأنهم يخافون. فمن الذي بث فيهم الخوف؟ ومع ذلك فإن عددنا ليس كعددهم. لقد كنا في الصحراء وكنا متعرضين للضرر، وكانوا هم في الملاجئ وفي القلاع التي كانوا قد شيدوها ولم يكن يشيع بينهم هذا الخوف. لقد كان خوفاً اخبرنا عنه الله تبارك وتعالى في القرآن «3» وحدث في صدر الإسلام، وأقسم به الله لأنه كان يمثل عاملًا من عوامل الانتصار، وهكذا الحال بالنسبة إلى بلدنا الإسلامي، فقد كان الله يلقي الرعب في قلوب أعدائها. اننا مدينون لهذه الرحمات الإلهية الكبيرة وفي نفس الوقت، نحن مدينون لهذا الشعب الذي يقدم كلُّ أبنائه سوية، المساعدات. فنحن لم يسبق وان شهدنا أبداً منذ بداية التاريخ وحتى الآن أن يقف عالم الدين والعسكري والشرطي وأمثالهم إلى جانب بعضهم البعض، إن هذه الحالة لم نشهد لها مثيلًا أبداً، في أي مكان، لا الآن ولا فيما بعد، علما أننا لا نعلم ماذا سيحصل فيما بعد، إلا ببركة الإسلام، حيث تظهر مثل هذه الحالة في مكان آخر ويقف الجميع إلى جانب بعضهم البعض. وإن هذه المشاهد التي نراها في الخنادق حيث تسود الوحدة بين الجميع كما ينقل لي هي حقاً مشاهد إعجازية. فعليكم أن تعرفوا قدر هذه المشاهد.
شروط منطقية للصلح
وأما بالنسبة إلى بعض القضايا التي نواجهها: فأنتم تعلمون أننا منذ أن بدأت هذه الحرب وحتى الآن، سواء في ذلك اليوم الذي كان صدام يدق فيه طبل القادسية وسواء اليوم، حيث لم يعد له اسم، ورحل إلى حيث يعلم الله، إن قضايانا كانت قضايا واحدة؛ والسبب في ذلك أن القضايا التي قلناها لم تكن قضايا كنا نريد فرضها، لقد كانت قضايا عندما نعرضها على جميع عقلاء العالم وجميع مقاتلي العالم، فإنهم يتقبلونها.
لقد كنا نقول منذ البدء انكم اجتحتم بيتنا، ومدننا، وبلدنا، هاجمتمونا ودخلتم على حين غفلة بلدنا وتسببتم في كل ذلك الدمار، وارتكبتم كل تلك الجرائم وكل تلك المذابح، وعليكم أن تخرجوا. أي إنسان يمكن أن يقول أن هذا الشرط، هو شرط مفروض؟ لقد دخل لص بيتنا، وسرق أثاثنا، وجمعها، ثم يقول: تعالوا لنتصالح، وهذه الأموال لي! هذه هي الحقيقة؛ لقد كانوا لصوصاً اجتاحوا هذا البلد ونهبوا كل ما كان في هذه المدن. لقد نهبوا كل ماكان يمتلكه الأهالي، فإن استطاعوا حملوا مقادير منها بأنفسهم، وإلا فإنهم نهبوها واتلفوها وتسببوا في كل ذلك الخراب غير المعهود في أي مكان. وحتى المغول الذين هاجموا إيران لم يكونوا كذلك بأن يدمروا المدن التي يسيطرون عليها بأكملها. لقد فعلوا ذلك بمدننا. ونحن نقول إنكم دخلتم [بلدنا] وارتكبتم كل هذه الجرائم، وانتم تدعوننا الآن لأن نتصالح؛ إذا تصالحنا فإن هذا يعني أن خوزستان لكم، وأن المقدار الذي نهبتموه لكم. كلا، أبداً، فلا أحد يقبل بذلك، نحن نقول إن عليكم أن تخرجوا دون قيد وشرط. واذا ما لم تخرجوا، فسوف نخرجكم. فمن الأفضل لكم أن لا تأتوا بهؤلاء الشباب المساكين بالقوة وتعرضوهم للقتل. فعليكم أن تخرجوا من تلقاء أنفسكم. وهذه قضية يقبلها منا جميع عقلاء العالم قائلين إن شخصاً دخل بيتكم وقام بأعمال تخريبية والآن تقولون له: أخرج، فإن أردتم أن يكون هناك تفاهم، فعليكم أن تخرجوا.
التشجيع على التصالح مع المعتدي
القضية الثانية هي قضية الأضرار التي ألحقوها بنا. فقضية التعويض عن الأضرار لها جانب مادي، وجانب سياسي ومعنوي. ورغم أن جانبها المادي كبير بالنسبة الينا، فقد دمروا جميع المدن وقوضوا كل ما كان لدينا وبالطبع فإن كل واحد من شبابنا تعادل قيمته جميع جيشهم ولكننا فقدناهم؛ ومع ذلك فإن القيمة المادية للقضية ليست كبيرة جداً، بل إن القيمة المعنوية هي الأساس والقيمة السياسية للقضية. فإذا تقرر أن يأتي شخص، ويرتكب ما يحلو له من الجرائم وما يستطيعه، ثم يدعونا بعد ذلك إلى الصلح، ليخرج؛ حسناً، هل نتصالح! فلماذا إذن هذه الجريمة التي ارتكبتها؟ إننا إذا غضضنا النظر عن قضية معنوية؛ وشجعنا ظالماً ومجموعة ظالمة على أن يمارسوا [الظلم] مرة أخرى. فمن الممكن أن يعودوا غداً مرة أخرى ويرتكبوا نفس هذه الجرائم، ثم يقولوا بعد ذلك إننا مستعدون للتصالح مرة أخرى! وهكذا يستمرون في المخالفات ويردّدون الدعوة إلى الصلح! إن علينا أن نحول دون ذلك، يجب أن يحال دون مثل هذه الاعتداءات التي تحدث. ومن الحالات والجوانب التي يجب أن يحال دونها أن يعوّضوا عن جميع الأضرار التي تسببوا فيها، إنكم تقولون الآن- وهم كاذبون طبعاً- إننا سنخرج ونوافق على فلان، طيّب، فليخرجوا الآن، وليأتي الآن الخبراء وليحددوا المجرم. إننا إذا تركنا المجرم اليوم؛ اليوم حيث نمتلك القوة، [فإنه سوف يتجرأ] لقد كانت هذه هي قضايا منذ أن كان صدام يدّق الطبل الكذائي، واليوم حيث نمتلك زمام المبادرة، ولا يوجد هناك صدام، فاننا نقول نفس ذلك الكلام، وهو أن يعيّن المجرم. اذا كنا نحن المجرمين، فليقل العالم ما يريد لنا، واذا كانوا هم المجرمين، فيجب أن تصدر الاحكام وفق العدالة. نحن نريد العدالة. نحن لم نكن نريد الحرب منذ البدء. لو أن العراق لم يكن قد هاجمنا، لما دافعنا. ولكننا دافعنا، إننا لم نشن الحرب حتى الآن. في نفس الوقت الذي استأذننا فيه مقاتلونا وقادة جيشنا وحرسنا في خوض الحرب هنا [قلنا لهم: دافعوا فقط]، طيب، نحن أيضاً نريد أن ندافع؛ فالدفاع قضية عقلية. قضية طبيعية، فحتى الحيوانات تدافع أساساً عندما تريد ان تُهاجم. لقد دافعنا حتى الآن، ولم نبدأ الحرب أبداً.
صلح صدام يشبه صلح إسرائيل
نحن نقول إننا لسنا غزاة مثلكم؟! إننا نقول الحق ولدينا شهود، ولذلك فاننا نكتفي بالدفاع. إن الصلح الذي تدعون إليه يشبه دعوة إسرائيل إلى الصلح. فإسرائيل تقول الآن هي الأخرى: تعالوا لنتصالح. فأي صلح هذا؟ إن هذا يعني أنها دخلت واحتلت مدن لبنان ثم تقول الآن: تعالوا لنوقف إطلاق النار. إن اليوم الذي يوقف فيه إطلاق النار هو اليوم الذي تصفع فيه إسرائيل وتُخرج من مدنهم، وحينئذ يمكنهم أن يقولوا: ليوقف إطلاق النار! اجلسوا وحددوا المجرم. على أن الصلح يجب أن لا يتم على هذه الكيفية يجب أن يعين المجرم. ترى هل يعني وقف إطلاق النار أن تأتي إسرائيل لترتكب ماتشاء من الجرائم، ثم تقول بعد ذلك إنها لا شأن لها بعد ذلك، وانشغلوا أنتم بأعمالكم، وأما المناطق التي سيطرنا عليها فهي لنا! فهل هذا هو وقف إطلاق النار، إنه نفس وقف إطلاق النار الصدامي. إنه وقف إطلاق النار الذي تطرحه إسرائيل أيضاً الآن؛ أي، اننا أعطينا كل ما نملك، والآن يكفي؛ طيب، تفضلوا، فلنتبادل القبلات على الوجوه وأما ما أخذتموه، فإنه لكم! على أن وقف إطلاق النار الذي يطرحونه الآن [هو هشّ] فبعد ثلاث ساعات منه سوف يفتحون نيرانهم على آبادان ويقتلون الناس في حين أن آبادان منطقة مدنية، ففيها سكان منشغلون بأعمالهم. إنهم يقولون إنهم هاجمونا ونحن هاجمناهم، ترى متى حدث ذلك؟ متى ألحقوا الأذى بمدنكم؟ إنهم يحاربونكم وأنتم أيضاً تحاربونهم. أنتم تدعون إلى وقف إطلاق النار، طيب، تقولون إننا هاجمناهم لأنهم هاجمونا. ترى هل هاجموا مدنكم أم هاجموكم؟ فهل تهاجمونهم هم أنفسهم وتهاجمون آبادان انتقاماً؟ إنكم تمارسون الآن نفس الأعمال التي كنتم تمارسونها منذ البدء بشأن آبادان، وهذا ليس وقفاً لإطلاق النار.
إننا نطرح الآن نفس الشروط التي طرحناها في البدء، واحدها خروج جميع أفراد الجيش العراقي وهذه المقاتلات العراقية من بلدنا دون قيد وشرط، يجب أن لا يكون هناك أي قيد وشرط، بعد أن قالوا الآن إنهم سيخرجون. إنهم يقولون: فليأتوا، ونحن نخرج كي تأتوا أنتم وتعبروا، ولكن بشرط أن ينعقد الصلح، فلتنته القضية؛ أي، بشرط أن لا تأخذوا بنظر الاعتبار أي ضرر الحقناه بكم، وأية جريمة ارتكبناها! إن هذا مضحك حقاً! هناك أناس يريدون أن يأتوا ويساعدوكم، وأنتم تقولون: الآن وقد قررتم أن تساعدونا، فكفوا إذن عن هذه الادعاءات التي تطلقونها، فلم يعد من الواجب أن تعرفوا المجرم، فلنتصالح، وليس من الضروري أن يتم التعويض عن كل هذه الجرائم التي لحقت بكم! إن هذا ليس بوقف لإطلاق النار وليس بصلح. إن جميع مسؤولينا الحكوميين يطرحون نفس الموضوع الذي طرحناه نحن منذ البدء. إن عليهم أن يخرجوا دون قيد وشرط، فإن لم يخرجوهم، فسوف نخرجهم دون قيد وشرط. وإذا بقوا أكثر فسيتحملون أضرارا أكبر. كلما بقوا أكثر فإن ضرر ذلك سيكون أكبر عليهم، وعليهم أن يدفعوا لنا جميع الخسائر التي ألحقوها بنا، علماً أننا لا نعرف حجمها، بل يجب أن يعين الخبراء حجمها، يجب أن يتحقق ذلك أيضاً، ويجب أيضاً أن يتم تعيين المجرم.
إننا نتمتع بالجانب المعنوي من هذه القضية. إذا كفّ العراق، ورحل حزب البعث من العراق ومضى لشأنه، وعيّن الشعب المظلوم حكومته بنفسه، فاننا سوف لا نطالبهم بقرش واحد، ذلك لأن ذلك الجانب المعنوي سوف لا يعود له وجود. إن علينا أن [نحل] الجانب المعنوي من القضية. نحن مسؤولون عن هؤلاء الشباب. نحن مسؤولون عن هذا الجيش. نحن مسؤولون عن هؤلاء النساء والرجال الذين فقدوا أطفالهم وشبابهم. إننا لا نستطيع أن نقول تعالوا لنتصالح دون قيد وشرط، فهل علينا أن نساعدكم لأننا نريد أن نرحل؟ فليس من شأن الإسلام أن نساعدهم؟ ونقدم لهم أيضاً رشوة. نعم، إن بعض الحكومات هي كذلك، إنها تقدم ثرواتها النفطية، ثم تتوسل إليهم. إن الحكومة الإسلامية ليست كذلك.
الصلح المفروض يعني تشجيع المجرم على الجريمة
إننا ما نزال ثابتين على مواقفنا التي اتخذناها في البدء. فليس هناك أي تراجع عن ذلك. نحن لا نريد أن نفرض، ولا نقول شيئاً غير عقلي وغير منطقي ولا نريد أن نتراجع عن ذلك الشيء الذي يقبله أي عقل؛ وعبر ذلك الجانب المعنوي الذي تتميز به القضية، وعبر أننا يجب أن لا نشجع هذا المجرم على جريمته. نحن نريد الصلح، ونريده حقاً، ولكن الصلح دون قيد وشرط. إنه يعني هل إنكم ستبقون حيث أنتم أم لا، أخرجوا، ولكن ما تبقى قد حدث مهما كان. كلا، إن مثل هذا التسامح. يسيء إلى كيان الإسلام، وليس من حق أي شخص أن يتسامح هكذا. وبالطبع فإن السماح بالذهاب إلى سوريا لأزالة [سوء التفاهم] معهم لا يمثل قضية تمنّون بها علينا؛ بل نحن الذين نمنّ عليكم اذا كان الأمر على القواعد العادية. وبالطبع فلأنه واجب إلهي فإننا لا نمن على أحد. ولكن عليكم أن لا تأخذوا منا شيئاً كي نسارع إلى مساعدتكم، أنتم الذين تقولون إنكم تعارضون إسرائيل وأنا أعلَم إنكم تكذبون وشرط أن تأتوا وتمروا من هنا أن ينعقد الصلح، وأن يتم تجاهل كل ما فعلناه. فهل هذا هو معنى الصلح؟ هل هذا هو معنى فسح المجال؟ إنكم تعلّقون فسح المجال بشيء لا يمكن أن يحدث.
على العالم أن يعلم أننا مستعدون للصلح، مستعدون أن نتقدم هناك، ولكن في نفس الوقت الذي يذهبون فيه جانباً ويطرحون أحد الشروط. إننا أنفسنا نقبل- خلال مجيء هذين الفريقين، خلال هذه الأيام الخمسة عشرة التي ينوون فيها، على فرض أنهم لا يكذبون- الرحيل، وخلال ذلك فليأت فريق يحظى باهتمام الجميع، فريق دولي، ليأت وليتحقق في هذه الجرائم التي ارتكبوها، في هذه الأضرار التي ألحقت بمدننا، وقرانا. وبالطبع فإن هناك أضراراً لا يمكن التعويض عنها ألا وهي شبابنا. يجب من الجانب الآخر أن تتم المحاسبة عليها عند الله. في نفس الوقت الذي تقولون فيه: إننا سنرحل فتعالوا أنتم لأننا سنفسح لكم الطريق، فليأت فريق وليحقق في هذه الجرائم: كم هو حجمها، وكم من الأضرار الحقتموها بإيران. وعيّنوا فريقاً يأتي كي يعيّن المجرم. إذا ماحدث كل ذلك [فسوف نتصالح] ولكن فسحكم المجال لنا للذهاب إلى هناك، يجب أن تسلمونا شيئاً تسليم اليد بأنكم تريدون الرحيل كي تحاربوا أعداءنا. إذا كنتم صادقين في ادعائكم أنكم تعارضون إسرائيل ولا تريدون أن تخدعونا بهذه الذريعة وتتصورون أن إيران لا تهتم بهذه القضايا، ولا يهتم الأشخاص الرفيعو المستوى بهذه القضايا، اذا كنتم لا تريدون التآمر علينا، وترتكبوا مخالفة، فافسحوا المجال لنا كي نذهب.
الدعوة إلى الصلح، ذريعة
وأما بالنسبة إلى القضايا التي طرحناها منذ البدء، فإنها لم تتغير. إننا الآن نقبل منكم أن تأتوا وتخرجوا، نحن نقبل بذلك، فليتفضلوا بالخروج. ولكن هذا لا يعني أن القضية تنتهي بالخروج. هذا هو أحد الشروط التي كنا نريدها. وبقي شرطان آخران وهما أننا نأخذ بنظر الاعتبار بعدها المعنوي، وبعدها السياسي، لا بعدها المادي كي تقولوا تجاهلوا القضية، ولا تستوفوا منا مطالبكم. إننا لا نستطيع أن نغض النظر عن شيء تشجع الجاني على جريمته، إن علينا أن نفضح المجرم في العالم ونستوفي منه الجريمة التي ارتكبها كي يتم الحد من هذه الأمور على الأقل؛ إن لم نستطع القضاء عليها. إن علينا أن نحول دون أن يجتاح أي شخص مدن الآخرين ويدمرها، وينهب أموال الناس ويحرقها، ثم يقول بعد ذلك: لنتصالح! فليس هذا صلحاً إنه يعني أن علينا أن ندفع الأتاوات كي تتصالحوا معنا، وهذا اليوم ليس ذلك اليوم الذي تقولون فيه هذا الكلام. إن عليكم أن تنبذوا جانباً هذا الكلام. أنتم لم تعودوا تمتلكون القدرة على أن تطرحوا مثل هذه القضايا وتتصوروا أن الآخرين يدعمونكم. إن أولئك الآخرين هم مثلكم أيضاً. إن اولئك الذين يريدون أن يكونوا أجَراء لكم من الخارج، لا يريدون أن يعملوا لكم، بل لأنفسهم. وهم من شأنهم أن يزولوا بنفخة واحد. وعلى هذا، فإن القضية هي اننا مبتلون اليوم هنا بمثل هذا الحزب، ومبتلون هناك بمثل ذلك النظام الفاسد؛ نظام إسرائيل، نحن مستعدون للقتال في الجبهات. إن هذا المكان لنا ونحن نحارب فيه، وذلك المكان لنا أيضاً. نحن مستعدون، ولكن أن تفسحوا المجال لنا للذهاب، وأن نقدم شيئاً لكم كي تفسحوا الطريق [فإن هذا غير معقول!] علينا أن نترك المجرم وشأنه! يجب أن نجلس لنتصالح، ونتعانق جزاء له على جرائمه! لأنك تريد الآن أن تتصالح معنا، فتعال وقدم لنا شيئاً كي نتصالح معك! كلا، إن هذه القضية غير منطقية وسوف لا تحدث أبداً. إن قضية فسح المجال هي شيء يجب أن تلتمسوه كي نأتي ونقوم بذلك العمل. نحن متطوعون، عليكم أن تترجونا كي نأتي ونساعدكم كي نذهب ونحول دون ذلك، إن كنتم صادقين في أنكم تعارضون إسرائيل، وإن لم تكن هذه القضية، وكنتم لا تعارضون إسرائيل وتريدون أن لا نذهب إلى هناك، وتجعلون الشرط أن نتصالح دون أي قيد، فحينئذ تفضلوا بالمجيء. على أن «تفضلوا بالمجيء» هو كلام، ليس من المعلوم أن يتحقق.
إني آمل إن شاء الله، أن ننتصر في المعنويات كما انتصرتم في جبهات الحرب وتنتصرون، وآمل أن تكونوا منصورين دوماً، فالمعنويات مهمة فالماديات تابعة لها فكلما تعززت هذه المعنويات، سوف تزدادون قوة. فالإنسان المؤمن يمكنه أن يواجه آلاف الأشخاص العديمي الإيمان، وقد رأيتم خلال هذه المدة التي حاربتم فيها، أن القضية بشكل بحيث أن الايمان عندما يدخل في الساحة فإنه سيقضي على كل شيء. يقضي على كل شيء أمامه.
نأمل من الله أن يزيد من إيماننا كلنا. وأن يقويكم في هذين القطبين المعنوي والمادي. وأن ينقذ الإسلام، إن شاء الله من شر جميع الأقوياء. وأن يبقى إن شاء الله هذا التحول الموجود في إيران. وأن يستطيع هذا الشعب أن يسلّم هذا البلد إلى امام الزمان كما ينبغي إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله