بسم الله الرحمن الرحيم
«والى الله المشتكى»
مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك الذي ينبغي أن اباركه لجميع المسلمين في العالم وخاصة حجاج بيت الله الحرام المتوجهين إلى المذبح العظيم لأبي الأنبياء سيدنا إبراهيم الخليل- صلوات الله عليه- أقدم التعازي ليس فقط لإعتداء الشيطان الأكبر اميركا المجرمة على حرمة المسلمين وليس فقط لهجوم حكام إسرائيل الإرهابيين والمجرمين المحترفين على البلد الإسلامي العزيز لبنان .. وليس لجرائم صدام العفلقي خادم امريكا وإسرائيل ضد المسلمين العرب وغير العرب في جنوب وغرب ايران... وليس لفرح وسرور حكام مصر والاردن والسودان والمغرب وغيرهم لانتصار أعداء الإسلام والبشرية على المظلومين في لبنان وليس لقتل آلاف الشباب والشيوخ والأطفال والنساء والناس الأبرياء رغم إن كل هذه مصائب وتستوجب تقديم التعزية لكن المصيبة الكبرى والفاجعة العظمى التي لا تعتبر جميع المصائب والفجائع شيئاً قبالها هي الممارسات الإرهابية الصهيونية التي تهاجم المسلمين بأبشع الأساليب، هؤلاء المسلمون الذين يستطيعون بما عندهم من امكانات معنوية ومادية ان يصدوا الامريكان بعمل بسيط فضلا عن اسرائيل. ولسنا نشعر بالالم بسبب تشريد المظلومين من ديارهم ولا يوجد ملجأ يأويهم فقط بل ان المصبية الكبرى هي ان هذه الجرائم تجري على مرأى ومسمع من الدول التي تدعي الاسلام. والفاجعة العظمى هي ان هذه الدول التي تدعي الاسلام تعمل لارضاء امريكا واسرائيل ويطبقون معاهدة كمب ديفيد او ما يشبهها بحذافيرها بعد هذه الجريمة الكبيرة ويريدون الإعتراف صراحة باسرائيل وبسيادتها عليهم، وفاجعة المسلمين هي ان بعض الدول التي تنتسب الى الاسلام تمنع المسلمين من الاعراب عن مظلوميتهم فالمصيبة العظمى هي ان امريكا استطاعت على مدى نصف قرن ان تظلم المسلمين في العالم وخاصة في هذه المنطقة ما ارادت ذلك وتنهب خيراتهم. ان هذه الدول ليست فقط عاجزة عن سماع مظلومية شعوبهم خوفا من اميركا بل اخذت تعارض ايران اكثر من معارضة امريكا واسرائيل وتعادي الشعب الايراني الذي يريد من خلال نهضته الاسلامية ان يوصل صرخته الى شعوب العالم المظلومة. واخذت تساعد المعتدي على ايران بكل ما تملك من اعلام وسلاح. وبدلًا من ان تمد يد الاخوة والوحدة الى الشعب والحكومة في ايران تظهر العبودية والذل لامريكا واسرائيل واخذت تتآمر على الشعب الايراني. لذلك فاننا يائسون من كثير من الدول التي تدعي الاسلام ولا نأمل هدايتهم الا ان يشاء الله ذلك بفضله ويوجد تحولًا في هؤلاء لتعيد حساباتها وتتأمل في المسألة كما يجب وتنقذ نفسها ودولها من قبضة الذئاب المفترسة. والآن ارى من الضروري ان اذكر زوار بيت الله الحرام واولئك الذين يحضرون في مذبح خليل الرحمن ببعض الامور:
1- من الضروري ان يتعلم الحجاج جيداً مسائل الحج من الواجبات والمحرمات من العلماء الاعلام حتى لا تقع اشكالات- لا سمح الله- مما تؤدي الى هدر اتعابهم وتؤدي الى ان لا يكونوا محلين عن الاحرام.
2- من الضروري ان يلتفت الزوار الايرانيون المحترمون الذين توجهوا الى الحج من البلد الاسلامي الثوري والملتزم باحكام الاسلام ويتطلع اليهم الاصدقاء ويراقبهم الاعداء ان يبرهنوا للزوار الاخرين التزامهم بالاسلام ويحفظوا حيثية الثورة الاسلامية العظمية من خلال اسلوب تعاملهم مع مسلمي العالم وان يتحملوا مشاق هذه الرحلة والتي تعتبر من طبيعة مثل هذه الرحلة المقدسة وان يعلموا ان الله تعالى حاضر في كل الامور ويعودوا الى بلدهم العزيز مرفوعي الرأس وان يصدروا الى مسلمي العالم والدول الاسلامية ثورتهم الاسلامية العزيزة، لأنه عندما يصدر عن بعضهم- لا سمح الله- خطأ مناف للاخلاق والسلوك الاسلامي امام عيون اخوانهم المسلمين وان كان هذا الخطأ صغيراً فان ذلك يعني هتك حرمة الاسلام والجمهورية الاسلامية ويعتبر من الذنوب الكبيرة التي لا تغفر ويقوم الاعداء الذين يريدون تشويه سمعتهم بتضخيم تلك الاخطاء في ابواقهم الدعائية وتشويه سمعة الاسلام والثورة وعرضها امام الاجانب والعالم بشكل مقلوب ويطرحوا الاسلام بانه بعيد عن القيم الانسانية السامية، ويصوروا الشعب الايراني بانه شعب متخلف وبعيد عن الحضارة. وينبغي على مسؤولي الحج المحترمين ان يعلموا ان مسؤوليتهم خطيرة وكبيرة جداً امام الله تعالى والشعب الايراني المجاهد الشريف، ولا يتصوروا ابداً ان هذه السنة حيث تحاول القوى العظمى وعملاؤهم ان يشدوا قبضتهم على الدول الاسلامية والمظلومين في العالم وان دماء شباب المسلمين المظلومين تقطر من قبضاتهم تشبه السنين الماضية.
3- من الضروري ان يلتزم زوار بيت الله المحترمون من اي ملّة ومذهب كانوا بتعاليم القرآن الكريم ويمدوا يد الاخوة الاسلامية الى بعضهم البعض مقابل الشيطان الذي يريد قلع الاسلام المناهض للشرق والغرب وعملائهم. وان يلتفتوا الى الآيات الالهية الشريفة التي تأمرهم بالاعتصام بحبل الله والاجتناب عن التفرقة والخلاف، وان يلتفتوا ايضاً الى هذه الفريضة الاسلامية العبادية السياسية في تلك الاماكن الشريفة التي اسست حقاً من اجل مصالح المسلمين والموحدين في العالم وان يستفيدوا سياسياً ومعنوياً منها ويدركوا سر المذبح الابراهيمي- الاسماعيلي الذي وقف ليضحي بأعز ثمرة وجوده في سبيل الله تعالى ومن اجل الهدف الاسلامي المقدس. وينبغي طرد الشيطان الاكبر والوسط والصغير في العقبة الاولى والثانية والثالثة من الحرم الاسلامي المقدس والكعبة الشريفة. وينبغي قطع ايادي الشياطين من الكعبة وحرم الدول الاسلامية والاستجابة لدعوة الله تعالى، كما ينبغي على حجاج الجمهورية الاسلامية الايرانية المحترمين ان يوصلوا صرخة المجاهدين الشجعان والشعب الشريف المجاهد المضحي الى أسماع مسلمي العالم في مؤتمر المسلمين العام. وان يحملوهم مسؤولية ابلاغ رسالة الشعب الايراني وصرخته (يا للمسلمين) الى اسماع العالم ويؤكدوا لهم ان الشعب الايراني لا يطلب اغاثتهم من اجل مصالحه الشخصية والاقليمية وانما من اجل الاسلام الذي يعاني اليوم من مكائد المجرمين العالميين. واذا لم يقف المسلمون بالاخوة الاسلامية امام هؤلاء فان الكفر والالحاد سيعمان العالم.
4- يجب ان يعلم المسلمون انه بعد الثورة الاسلامية وظهور قوة الاسلام الاعجازية بدأت المؤامرات والخطط الامريكية لايجاد الفرقة بين السنة والشيعة وازداد الهجوم على ايران التي تمثل مركز ثقل الحركة الاسلامية وامتدت الى لبنان وان جميع هذه المؤامرات هي من اجل محاربة الاسلام واضعاف هذه القدرة الالهية. ويجب ان يعلموا ان مخطط امريكا الذي ينفذ بيد اسرائيل لا ينتهي عند لبنان وبيروت. بل الهدف هو الاسلام في كل مكان في البلاد الاسلامية خصوصاً منطقة الخليج الفارسي والحجاز الذي يعتبر مركز الوحي الالهي. وهم يريدون ان يسمع حكام المنطقة الى اوامر امريكا من دون اعتراض، والانكى من ذلك هو ان يكونوا مثل اسرائيل ويقبلوا بكل ذل وهوان. وفي مثل هذه الاوضاع والفاجعة العظمى لا ينبغي للمسلمين ان يكونوا لا اباليين، كما لا ينبغي التقصير في سبيل حفظ الاسلام والبلاد الاسلامية. وما اكثر ايلاماً ومصيبة ان تتجرأ اسرائيل وهي الى جوار المسلمين والدول التي تدعي الاسلام وتعتدي بهذه الصورة على الشعب اللبناني المظلوم وعلىسكان بيروت الاعزاء. وبدلًا من ان تنهض الدول الاسلامية للدفاع باعتباره فريضة الهية وانسانية تبدي اللاابالية تجاه ذلك بل تعمل من اجل تحقيق اهداف امريكا واسرائيل المشؤومة، وبدلًا من انتقاد اسرائيل الجائرة اخذت تنتقد ايران الاسلامية والاسلام في ايران. واذا ما استطاعوا اليوم ان يقدموا التبريرات والاعذارعلى سكوتهم وتأييدهم لاهداف المجرمين المشؤومة لكن هل يستطيعون تحريف التاريخ وهل يستطيعون خداع الشعوب الحرة؟ وهل يستطيعون اقناع الله المنتقم بهذه الاعذار غير المبررة؟ وهل يغفر الله لهم هذا الذنب العظيم حيث اتخذوا الاسلام العظيم العوبة بيدهم؟ وهل يستطيعون ان يجيبوا على دماء النساء والرجال والاطفال والابرياء في بيروت؟
5- نظراً لضرورة التنسيق بين جميع قوافل الحجاج في هذه الزيارة المباركة حول الشؤون الاسلامية- السياسية والحيلولة دون الممارسات العشوائية والامور المنافية للاخلاق الاسلامية بشكل كامل. من الضروري ان يطبق الحجاج المحترمون وقوافل الحج تعاليم المسؤول عن شؤون الحج والحجاج سماحة حجة الاسلام السيد موسوي خوئينيها فاذا عملت كل قافلة وكل جماعة بشكل مستقل وبدون التنسيق فان من الممكن ان تقع فاجعة وقضايا غير سليمة الامر الذي يؤدي الى تشويه صورة الاسلام والجمهورية الاسلامية والثورية. وهذا اثم عظيم ومسؤولية عظيمة عند الله والعباد.
انني يحدوني الامل ان يلفت الحجاج الاعزاء- أيدهم الله تعالى- وينبهوا انفسهم وزملاءهم حتى لا يلوثوا هذه العبادة الالهية العظيمة بالمعصية. وعندما يقفون في المواقيت الالهية والمقامات المقدسة في جوار بيت الله تعالى المبارك ينبغي ان يراعوا آداب الحضور في محضر الله المقدس وان لا تتعلق قلوبهم باي شيء غير الحق وتتحرر من كل ما هو غير حبيب وان تتنور بانوار التجليات الالهية حتى تتجمل هذه الاعمال ومناسك السير الى الله بمحتوى الحج الابراهيمي ومن ثم الحج المحمدي وان يعودوا الى أوطانهم سالمين من ايام الانانية يحملون معهم زاد معرفة الحق وعشق المحبوب، وان يجلبوا لاصدقائهم الهدايا الابدية الباقية بدل الهدايا المادية الفانية وان يلتحقوا بزملائهم عشاق الشهادة وهم يحملون القيم الانسانية- الاسلامية التي من اجلها بعث الانبياء العظام من ابراهيم خليل الله الى محمد حبيب الله (صلى الله عليهم وآلهم اجمعين). فان هذه القيم والدوافع هي التي تحرر الانسان من اسر النفس الامارة بالسوء ومن الارتباط بالغرب والشرق وتوصله الى شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية. واذا ما ادرك المسلمون في العالم دافع الانبياء- عليهم السلام- الذي تجلى نوره في آخر كتاب يربي الانسان وهو القرآن الكريم. هذا الكتاب الذي جاء للهداية من مبدأ النور (الله نور السموات والارض) «1» الى مشكاة القلب النوراني لخاتم الرسل- صلى الله عليه وآله وسلم- ليحرر قلوب الناس من حجب الظلمة ويجعل العالم نورا على نور، واتصلوا بمحيط النور لا يمكن ان يقعوا في اسر الشيطان وابناء الشيطان ولن يقبلوا الذل من اجل اوهام المنصب والرئاسة الخيالية ولن يؤيدوا معاهدة كمب ديفيد واشباهها من اجل التقرب الى الشيطان الاكبر. فانتبهوا يا من فصلتم انفسكم عن القرآن والاسلام وعودوا الى دينكم واستضيئوا بهذا النور المطلق حتى لا يطمع فيكم ناهبو العالم وتقطع عنكم ايادي التطاول والعدوان لتنالوا الحياة الشريفة والقيم الانسانية وتتخلصوا من هذه الحياة الذليلة حيث يحيط بكم حفنةمن الاسرائيليين ويحكمونكم ويسحقون المسلمين المظلومين على مرأى ومسمع منكم، فتفضل علينا يا رب بالصحوة واليقظة ونبّه حكام الدول الاسلامية ليحكموا المسلمين بالمعايير الاسلامية ويحطموا الاصنام المشؤومة والطاغوت.
6- ينبغي على العلماء المحترمين والكتاب والخطباء الملتزمين ان يردوا في الوقت المناسب وامام المسلمين على الدعايات المغرضة التي تبثها وسائل الاعلام الامريكية والاسرائيلية والمرتبطة بها والشائعات الاكاذيب التي تنشرها ضد الاسلام والجمهورية الاسلامية، وان يدافعوا عن الاسلام والثورة الاسلامية ويطرحوا وجه الاسلام الحقيقي على العالم، وان يطلعوا الشعوب على الانجازات الاسلامية التي تحققت بجهاد الشعب الايراني الملتزم على الرغم من جميع المصائب والابتلاءات والعراقيل التي يضعها اعداء الاسلام في الداخل والخارج. وان يفضحوا ويكشفوا حقيقة التهم التي توجهها الابواق الدعائية ضد هذا الشعب ويفضحوا المخططات والمؤامرات الامريكية وعملائها ضده. وان يطلعوا المسلمين على ما يرتكبه بعض الحكام المتأمركين ضد الاسلام والمسلمين واسوأها الاعتراف باسرائيل بعد هجومها الوحشي على لبنان البلد الاسلامي وقتل وجرح عشرات الالاف من الابرياء هناك. ويتحدثوا عن عدوان جيش صدام العفلقي بأمر من امريكا وتأييد الدول التابعة لها. عسى ان تعمل الشعوب بالاعتقاد بالله تعالى وان تحول دون هذه الفاجعة التاريخية التي تسيء الى سمعة المسلمين في العالم. وان ينقذوا انفسهم من هذا التحقير والمذلة التي يبعث الحديث عنها القشعريرة في كل مسلم غيور.
7-- وفي الختام احذر دول المنطقة التي اجتمعت لمعاداة للاسلام وتعاليم القرآن، ان لا يقوموا بأي عمل ضد الاسلام والشعوب الاسلامية، واذا ما فعلوا ذلك فان الحكومة الايرانية التي تعتبر اعظم قوة في المنطقة وباذن الله تعالى سوف لن تغفر لهم وانهم يتحملون مسؤولية عواقب ذلك. ولن يقبل الله اي عذر منكم انتم الذين تملكون عصب وشريان حياة الاقتصاد والصناعة معا في العالم.
ارجو ان يوفق الله تعالى الاسلام العزيز وبحماية الشعوب الاسلامية في العالم وخاصة في المنطقة الى تحقيق آماله وان ينتصر مسلمو العالم على المستكبرين.
والسلام على عباد الله الصالحين.
طهران، جماران
عيد الأضحى المبارك
شرح مصائب المسلمين وفاجعة شيوع سياسة المساومة للزعماء العرب مع الكيان الصهيوني
مسلمو العالم وزوار بيت الله الحرام
جلد ۱۶ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۸۴ تا صفحه ۳۸۸
«۱»-قسم من الآية ۳۵ من سورة النور.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417