بسم الله الرحمن الرحيم
التحول الرباني لأبناء الشعب مصدر استقلال البلد
لا بد لي في البدء من شكر السادة علماء محافظة همدان وعلماء اصفهان، والأخوة الذين قدموا من جزيرة (خرج)، ومن مختلف انحاء البلاد، ممن قدموا إلى هنا كي نلتقيهم عن قرب، متمنياً لهم التوفيق وأن يسدد الله تعالى خطاهم.
اتوجه بحديثي أولًا إلى أبناء الشعب والسادة العلماء من مختلف انحاء البلاد وكافة المقاتلين وفئات الشعب الأخرى اينما كانوا، سواء في الأجهزة الحكومية وفي مجلس الشورى والمؤسسات الوطنية، وسواء أولئك المنشغلون بالجهاد في الخطوط الأمامية من جبهات القتال وخلف الجبهات، وكافة الأخوة والاخوات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
مثلما قال السيد، فإن الله تبارك وتعالى تلطف علينا وشملنا بعنايته بما نعجز عن شكره .. لقد منّ الله تعالى على شعبنا- بفضله الإلهي- بأن وفّقه للتخلص من النظام الفاسد الذي كان يسعى إلى إفساد إيران والشباب الإيراني، ومن ظلمه وظلم القوى العظمى التي كانت تحكم هيمنتها على هذا البلد، وكل ذلك ببركة الإسلام وبفضل إيمانه.
ومن جهة أخرى، فإنه ليس بوسعكم أن تجدوا نظيراً في التاريخ للتحول الذي حصل في إيران. التحول من الوضع الذي كانت تعيشه مختلف الشرائح والفئات، ومن الإبتلاءات الأخلاقية والمادية، إلى وضع يعمل فيه الجميع من أجل الله والإسلام ولأجل الحرية والاستقلال .. لا يستطيع الإنسان أن يتصور الدافع الذي وجد لدى الجميع في مختلف أنحاء البلاد، بدءً من الأطفال ذوي السنتين والثلاث وانتهاء بالشيوخ والعجائز المرضى في المستشفيات، حيث انتقل الجميع من الحالة العادية إلى الحالة الربانية. فاينما تذهبون الآن وفي أية نقطة من البلاد، ترون اهتمام الناس بالإسلام. كما أن الشعب يهب لدعم الحكومة وتذليل الصعاب التي تعترضها كلما شعر بضرورة ذلك.
ولو لم يكن هذا التحول الرباني وهذا التجلي الإيماني، فليس بوسع أحد أن يصدق أن تلك الذئاب التي تسلطت على هذا البلد واحكمت هيمنتها على كل شيء فيه، ستخرج من هذا البلد صاغرة ذليلة. ولا يمكن تصور احباط جهود القوى الكبرى ومن يقف خلفها، سواء في المنطقة أو خارجها. وقد تضافرت جهودهم جميعاً في معاداة هذا الشعب المظلوم الذي نهض من أجل الله، بفضل القوة التي منّ الله تعالى بها على هذا الشعب. وهذه من الأمور التي لا نستطيع ان نؤدي شكرها مهما فعلنا.
ولكن القدر المتيسر في شكر هذه النعمة الكبرى هو أولًا أن نتقي الله تعالى في أنفسنا وان نستحضر الله تبارك وتعالى في جميع الأمور حاضراً وناظراً، في الخلوة والجلوة، في الحرب والسلم، في الفقر والغنى. فالعالم كلّه محضر الله، وكل ما يحدث في حضوره جل وعلا. ويجب علينا شكر النعم غير المتناهية التي منّ الله تبارك وتعالى بها علينا، بأن نتوجه إليه سبحانه ونتحلى بالتقوى، وان نسأله تبارك وتعالى أن لا يوكلنا إلى أنفسنا، وان لا يحرمنا من عنايته ورعايته.
وظائف أئمة الجمعة والجماعة وعلماء البلاد
ثمة كلمة أخرى أوجهها إلى علماء الإسلام خاصة علماء إيران والسادة الذين قدموا من محافظة همدان واصفهان، وكافة العلماء وأئمة الجمعة والجماعة في أنحاء البلاد، وكل من يعمل على خدمة الإسلام والبلد. وهي أن الجميع ملزم بدعوة الناس للتقوى، وتعتبر مثل هذه الدعوة واجباً في الخطبة الأولى من صلاة الجمعة .. أدعوا الناس للتحلي بالتقوى سواء بالعربية أو الفارسية. المهم دعوة الناس لأن يتقوا. كما يتحتم دعوة الناس للتقوى في الخطبة الثانية من باب الاحتياط. وهذا دليل على وجوب الدعوة إلى التقوى في هذه الخطبة، ولعلّ سبب ذلك ان عناية الحق تعالى بالتقوى تفوق الأمور الأخرى. ولهذا ينبغي لكم ايها السادة العلماء، سواء أئمة الجمعة والجماعة والعلماء والمبلغون؛ دعوة الناس للتقوى والتوجه لله تبارك وتعالى، لأن مثل هذه الدعوة إن كانت مؤثرة في النفوس فستكون سبباً في مواصلة عناية الحق تعالى بنا وأن يحفظ لنا سبحانه هذه النعمة.
هناك أمر آخر يختص بالعلماء وبقية فئات الشعب، وهو أن يتولى علماء البلاد وأئمة الجمعة والجماعة والمبلغون دعوة الناس للتواجد في الساحة. ذلك أن كل البركات التي حظيت بها الجمهورية الإسلامية حتى الآن، والانتصارات التي تحققت لهذا الشعب المظلوم- الذي كان مظلوماً على مرّ التاريخ- هي وليدة تواجد أبناء الشعب بمختلف فئاته في الساحة ودعمه ومساندته للجمهورية الإسلامية. فالإسلام للجميع والجمهورية الإسلامية في خدمة الجميع ولهم جميعاً.
اني ادعو العلماء إلى طرح ذلك على مسامع الناس باستمرار ولفت انظارهم إلى أن تواجدهم في الساحة ودعمهم للجمهورية الإسلامية والحكومة والمجلس والقوة القضائية والجيش وحرس الثورة، يمثلان سرّ الانتصار الذي تحقق لهم. وكتعبير عن شكر الشعب لنعمة الانتصار، يجب أن لا يقف مكتوف الأيدي إزاء المشاكل والعقبات التي تواجه الحكومة أو المجلس أو القوات المسلحة. فبفضل نشاطكم تم الحفاظ على الجمهورية الإسلامية، وبفضل نشاطكم ستواصل- إن شاء الله- تقدمها وازدهارها.
كذلك ثمة أمر آخر يعتبر من واجبنا جميعاً، لا سيما السادة الذين يدعون الناس للتواجد في الساحة، ألا وهو ضرورة المساهمة في انتخابات مجلس الخبراء .. لا بد من المشاركة في الانتخابات ودعوة الناس للمساهمة فيها. ويجب أن يعلم الجميع بأن بوسع كل واحد من أبناء الشعب أن يدلي بصوته بكل حرية ولمن يريد، حتى وإن لم يرشحهم علماء الحوزة العلمية بطهران أو قم، فأنتم غير ملزمين بالتصويت لكل من يرشحهم هؤلاء. طبعاً هؤلاء درسوا الموضوع جيداً ولديهم من التخصص ما يكفي، ولكن لا يعني ذلك انكم ملزمون بالتصويت لهم. فالجميع احرار بالتصويت لمن يشاؤون، وما عليهم إلا أن يضعوا رضا الله تعالى نصب أعينهم، لأن تصويتهم هذا هو بمثابة تصويت للإسلام. ومثلما صّوتم للجمهورية الإسلامية وكانت نسبة الأصوات قريبة من ال- 100%، فاننا نأمل أن تشاركوا في الانتخابات هذه المرة أيضاً بالنسبة نفسها إن شاء الله.
كما أود أن أوجّه كلمة للذين حضروا اليوم إلى هنا. اما بالنسبة لهؤلاء الذين قدموا من جزيرة (خرج)، فأنا في غاية الإمتنان لهم. وقد ذكر لي إمام جمعتهم المحترم أن الأطفال والصغار، والرجال والنساء، عملوا على إقامة السواتر الترابية حول المنشآت التي يسعى المخربون لتدميرها كي لا يتمكنوا من ذلك. إن هذا جانب من التحول الذي حصل لشعبنا. فلا تتوقعوا أن يعترض أحد إذا ما تم تدمير جزيرة (خرج) بأكملها في عهد الطاغوت، وربما كان الناس سيفرحون لذلك. لأنه سيفجر الصراع بين الشاه وأعوانه. ولكننا اليوم حيث يلقي الله تبارك وتعالى بظلال الإسلام على هذا البلد وتعم محبته الناس جميعاً، فان الجميع متواجدون في الساحة صغاراً وكباراً، وإذا ما شعروا أن هناك من يفكر بالتخريب، فإنهم يهبون دفعة واحدة للتصدي له والوقوف بوجهه. واني في غاية الشكر والامتنان لهؤلاء وادعو الله تعالى أن يحفظهم- إن شاء الله- ويوفقهم لخدمة الإسلام والبلد.
أهمية البرمجة والتخطيط لقضايا البلد
كما أتوجه بكلمة لهؤلاء الأخوة الذين يعملون في مجال البرمجة والتخطيط، إذ أن البرمجة والتخطيط تعتبران من الأمور المهمة لكل بلد ولا يمكن إدارة البلد من دون تخطيط. كذلك يجب أن يكون التخطيط في غاية الدقة وعلى يد خبراء ومتخصصين ممن لديهم احاطة بالمسائل السياسية والاجتماعية والإسلامية أيضاً. إذ ينبغي العمل بكل دقة وانسجام بما يحقق التقدم والازدهار للبلد.
ولكن لا بد لي من الإشارة إلى نقطة مهمة وهي إذا كان امر البرمجة والتخطيط يتم بمعزل عن علماء الدين وإشرافهم- أي المتخصصين من علماء الدين- فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى رفض مجلس الشورى أو مجلس صيانة الدستور المصادقة عليه، ومثل هذا يؤدي إلى تأخير تنفيذ برامج الحكومة. لذا يستحسن دعوة علماء الدين المتخصصين للمشاركة في مراحل إعداد البرامج والتخطيط لها كي يتم تلافي معارضتها للإسلام. فإذا ما جاءت مناهضة للإسلام فلن يكون هناك سوى هدر للطاقات ولجهودكم. بيد أنه بالإمكان تلافي ذلك منذ البداية من خلال مساهمة المتخصصين من مختلف الفئات، والالتفات إلى المشاكل التي يعاني منها البلد، حيث يساعد ذلك كثيراً في الاسراع بتنفيذ المشاريع وإنجازها. فإذا ما تطابقت الخطط مع المبادئ الإسلامية، ستتم المصادقة عليها سريعاً سواء في مجلس الشورى أو في مجلس صيانة الدستور. واني آمل أن تتم متابعة هذا الموضوع بجدية تامة، وان العامل المهم في كل ذلك يتمثل في التقوى كما ذكرت. فالتقوى مهمة للجميع، وأكثر أهمية للذين يتصدون لشؤون البلد. إذ أن تأثيرها بالنسبة لأولئك الذين لا يتصدون للأمور يقتصر على الشخص نفسه وأحياناً على المحيطين به. ولكن المتصدين للأمور، وبناءً على المسؤولية التي يضطلعون بها، إذا ما افتقروا للتقوى فان تبعات أفعالهم تعم البلد بأسره، ولهذا تعد التقوى بالنسبة لهم ذات أهمية كبيرة تفوق بكثير مما هي للآخرين. ولا يخفى أن غياب التقوى يشكل سبباً في الكثير من الاختلافات. وان ما ترونه من اختلافات تطرأ احياناً، وكذلك الاختلافات بين الدول، انما هو وليد غياب التقوى. فهم لايتمتعون بتقوى سياسية، أو تقوى اجتماعية، أو شخصية أو أخلاقية. ومثل هذا يقود إلى النزاعات وتكالب البعض على البعض الآخر. ولكن إذا ما وجدت التقوى وعمل كل واحد في حدود صلاحياته، لن يكون هناك نزاع أو جدل.
الخدمة الحقيقية في ظل التقوى والنوايا الحسنة
واليوم حيث يحرص شعبنا على التحلي بالتقوى والتمسك بتعاليم الإسلام واحكام القرآن، فإن الأمر المهم بالنسبة لنا هو أن يعمل الجميع على نبذ الاختلافات، وان يحرص المتصدون لإدارة هذا البلد سواء الحكومة والسلطة القضائية ومجلس الشورى وأولئك المتواجدون في جبهات القتال وكافة أبناء الشعب، ان يحرصوا على تجنب الاختلافات، لأننا نعلم جميعاً ما يترتب عليها من تبعات وكيف أنها ستقود الشعب إلى الضياع. فإذا ما حصلت الاختلافات بين كبار القوم فانها ستنتقل إلى الآخرين وحينها سنرى تشرذم المجتمع وكل يعزف على وتر.
فاذا اردتم أن تخدموا الإسلام، وتخدموا القرآن المجيد، وتكونوا مبيضي الوجوه في محضر الله تعالى؛ يجب أن تكون أعمالكم بوحي من التقوى وحسن النية وبعيدة عن الاغراض الشخصية. إن النقد شيء جيد، ومن المفيد- مثلًا- ان تتم مناقشة الموضوع داخل مجلس الشورى بدافع تطويره وإزالة نواقصه، مثلما يفعل طلبة العلوم الدينية حينما يتناقشون ويرتفع صوت أحدهم على الآخر أحياناً. ولكن الجميع ينشد الحق والوصول إلى الحقيقة. وبعدما ينتهي النقاش يعود الجميع إلى رفاقتهم وصداقتهم. فمثل هذا النقاش نقاش بناء. وعلى أبناء الشعب أن يقتدوا بذلك. فالذي يتطلع لامتلاك التربية الإسلامية، عليه أن يلتفت إلى تعاليم الإسلام. أما إذا أصروا على آرائهم فانهم سوف ينتهون إلى الضياع. وهكذا المجلس والوزارات والسلطة القضائية والقوات المسلحة. خاصة في السلطة القضائية التي يكتسب الأمر بالنسبة لها أهمية قصوى لأن عملها يرتبط بشؤون الناس.
العزة والاقتدار في ظل الاستقلال
فإذا كان نهجنا بهذا النحو، فكونوا على ثقة من أن شيئاً لن يعيق مسيرتنا ولن تتعثر. إن تعثر مسيرتنا يكون يوم نتخلى عن ذواتنا فيدب النزاع والاختلاف إلى نفوسكم، وتطمع القوى الكبرى بكم وتقضون على أنفسكم بأنفسكم. ففي معظم المناطق التي تسلطت فيها القوى الكبرى والقوى الفاسدة على الشعوب، كان ذلك بسبب الشعوب ذاتها التي مهدت بنفسها الظروف للقضاء عليها.
اننا نمثل بلداً يتطلع لأن يكون ارتباطه بالله تبارك وتعالى. نريد أن نكون مستقلين، نريد ان نعمل لأنفسنا بما لدينا من إمكانيات متواضعة. نحن لا نريد أن نكون أسرى للدول الأخرى مقابل رخائنا. فإذا ما استجبنا الآن لرغبات أي من القوى الكبرى، فانهم سيعطوننا كل ما نريد. فإذا ما استسلمت حكومتكم الآن لأميركا، فسوف يتدفق عليكم كل شيء. ولكن من أي نوع؟ من النوع الذي يقدم لحيواناتهم. فالذي يعطونه إلى خيولهم يقدمونه إلى عبيدهم وخدمهم.
ولكن إذا ما صمدنا ورفضنا الانصياع لهم، وقلنا لهم اننا لسنا شرقيين ولا غربيين، لا نريد هذا ولا ذاك، ولا شأن لنا بأحد، وليس لنا مشكلة مع أحد، فستكون لنا علاقات طيبة مع كل من يحترم إرادتنا واستقلالنا. فإذا أريد الحفاظ على استقلال أي بلد، يجب أن يشعر أبناؤه بحاجتهم الماسة لهذا الاستقلال. إن حرية البلد يجب أن تكون نابعة من احساس الناس بالحرية. يجب أن يؤمن الشعب بموقفه الرافض لأن يكون العوبة بيد القوى الأجنبية. لا بد لنا من الشعور بحاجتنا إلى الاستقلال، فنعمل على تحقيقه. فإذا شعر الشعب بذلك فإنه لن يتخلى عن هذه الحرية وهذا الاستقلال مطلقاً، كما أنه لن تطمع فيه الدول الأخرى. لأن الآخرين يطمعون في البلد الذي تعمه الفوضى ويتنازع أبناؤه فيما بينهم. فإذا ما تنازع هذا القاضي مع ذاك، وهذا الحاكم مع الآخر، وهذا المحافظ مع غيره، وهذه الفئة مع تلك، وأئمة الجمعة مع الشعب، والشعب مع أئمة الجمعة وهكذا. إذا ما حدث ذلك، فترقبوا أن يمنع الله- لا سمح الله- عنا ألطافه، ونعود للحالة المفضوحة التي كنا عليها، الحالة التي يساق فيها شبابنا إلى التيه والضياع، وتصادر فيها كرامتنا الإنسانية. ولكن إذا تحليتم بالوعي الذي انتم عليه الآن، واتجهتم للأمور الإلهية والتعاليم الربانية، والتعرف على أعدائكم وتشخيص أصدقائكم، فإذا ما سرتم على هذا النهج، لن يتغلب عليكم أحد دون أن تكون هناك حرب أو نزاع.
ثبات الشعب أمام المشاكل والصعاب
وان ما ترونه الآن بسبب الحرب التي فرضت علينا والأضرار التي لحقت بنا، انما هو نتيجة لعثورهم على أحد المجانين الذي لا يدرك ماذا يفعل. وقد كتبت بعض الصحف- ولا أدري مدى صحة ذلك- بأن هذا الشخص وبسبب اندحاره وهزيمته، ولأنه ينوي الهروب، فانه يفكر بتدمير كل شيء. ولا تستبعدوا ذلك من أمثال هذا الشخص. غير أن الواعين، والقوى العظمى ذاتها التي تدرك حقيقة ما يجري، لن تخاطر بالنزول إلى الميدان مطلقاً، وانما يفضلون دفع هذه الحيوانات للانقضاض على أرواح الناس.
فلا بد لنا من الثبات وأن ندرك بأن الأمر ليس مجرد حرب وانما هي حرب شرسة. وان العالم شهد حروباً عديدة وقد عانت إيران في الحرب العالمية الثانية- على الرغم من أننا لم نكن طرفاً فيها- من المجاعة بسبب الحرب. فلم يكن في إيران خبز. لقد كنا يومها في قم وكانت المحلات مقفلة كلّها وخاوية حيث لا يمكن العثور على شيء فيها. بيد أن النعمة متوفرة اليوم في أنحاء إيران. وإذا ما كان هناك غلاء، فأي بلد لا يوجد فيه غلاء. علماً أني أدرك ضرورة وضع حد لهذا الغلاء. وعليه فان المشاكل الناجمة عن الحرب تلقي بظلالها على معاناة الناس. وعلى الرغم من مشاكل الحرب، فقد زاد رصيد البلد من العملة الصعبة وما ذلك إلا لأن حكومتنا حكومة واعية مقتدرة تعمل على خدمة الشعب. وبطبيعة الحال إذا ما ذهب اثنان إلى القاضي في أي مكان من العالم فان أحدهما يخرج غير راضٍ، وان الحكم بالعدل يجد من يعارضه، ولكن يجب ان لا نعبأ لذلك. ويجب أن نعلم بأن الصعاب والمعاناة أمر طبيعي في حالة الثورة والحرب، فكل ثورة تحصد عدداً من الضحايا، وان ضحايا بعض الثورات قد جاوز الملايين. غير أن الثورة التي شهدها بلدنا كانت أقل ضحايا من أي بلد آخر. وان البلد الآن يخوض حرباً شنها أحد المجانين. وبطردنا للقوات الغازية سينتهي كل شيء.
ويجب أن يعلم اولئك الذين يتحدثون عن الغلاء، بأن النعمة المتوافرة في إيران غير موجودة في أي بلد آخر يمر بالظروف نفسها. طبعاً ربما فقدت من الأسواق بعض السلع غير الضرورية، كالسجائر، ولكن لا يعني ذلك نهاية العالم. افترضوا أن بعض الكماليات فقدت من الأسواق، فهل يعني ذلك ان البلد يعيش مجاعة؟ أن القوى الكبرى هي التي جاءت بالكماليات وجعلوكم عبيداً لها كي يستحوذوا على عملتكم الصعبة. ولكن السلع الضرورية والأساسية كالخبز واللحم، متوفرة إلى حد كبير، غير أن أسعارها مرتفعة قليلًا وأنا اعترف بأن هناك غلاء في البلد، ولكن الجهود مكرسة لإصلاح الأمور. واني اطمئنكم بأن اوضاع البلد ستتحسن كثيراً بإذن الله، بشرط أن تتمسكوا بالإسلام وان تلتفتوا إلى الأمور التي منّ الله تبارك وتعالى بها علينا والمحافظة عليها.
اني اخشى أن تقل عناية الله بنا ونحرم من لطفه وكرمه إذا ما رأى منا كفران النعمة. اشكروا نعمة الله. توجهوا إلى الله. وسيأخذ بأيديكم بمشيئته وتواصلوا تقدمكم وازدهاركم ويصبح بلدكم بلداً نموذجياً. ودمتم في صحة وسعادة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته