بسم الله الرحمن الرحيم
الحرس الثوري ولجنة الإغاثة من بركات الإسلام
أود في البدء أن أتقدم بالشكر للسادة العلماء والمؤمنين الذين قدموا إلى هنا ووفقنا للقائهم. من الأمور التي ينبغي الالتفات إليها هو أن الثورة الإسلامية تتسم بإبداع غير مسبوق. فبعد الثورة ظهرت هيئات وجمعيات نظير لجنة الإغاثة، لا أعتقد ان لها سابقة في التاريخ. فأنا لم أسمع بوجود نظير لجنة الإغاثة في بلد آخر يتركز عملها حول متابعة شؤون الفقراء والمحرومين والفلاحين والمزارعين في المناطق النائية. والشيء نفسه بالنسبة للمؤسسات الأخرى أمثال الحرس الثوري واللجان الثورية والتعبئة إلى غير ذلك. ان كل ذلك ابتكارات وجدت ببركة الإسلام وتمسك شعبنا به وهي غير مسبوقة.
فلم يسبق أن حصل بعد حدوث ثورة، نهوض فئة باسم الحرس، وثانية باسم اللجان الثورية، وثالثة باسم التعبئة، وكلها تكرس جهودها للمحافظة على الحدود واستتباب الأمن الداخلي. كما أنه لم نسمع عن مبادرة أبناء الشعب من علماء ومؤمنين، إلى تشكيل لجنة للإغاثة تكرس عملها لخدمة الفقراء والمحرومين في مختلف انحاء البلاد. إن كل هذا من بركات الإسلام. وان عمل هذه الفئات العزيزة ولجنة الإغاثة، يتسم بالدقة والظرافة والنبل، حيث نأمل أن تتمكن لجنة الإغاثة- إن شاء الله- من اجتثاث جذور الفقر والحرمان في مختلف انحاء البلاد، وان تكرس كل جهودها لإغاثة الشعب الإيراني العظيم بهمة الحكومة الإيرانية العظيمة. إن عملكم ايها السادة عمل نبيل للغاية ويحظى برضا الله تعالى وموضع عنايته. إذ أن الله تبارك وتعالى قد أوصى بالفقراء والمحرومين والمعوزين بنحو لم تحظ طبقة أخرى بمثل هذا الاهتمام.
المحرومون والمستضعفون هم الحماة الحقيقيون للثورة والإسلام
لقد اخذتم على عاتقكم أداء عمل يحظى بعناية الله تبارك وتعالى الخاصة. ولا بد لي من التنويه رغم أن السادة يدركون ذلك جيداً، إلى أنه ينبغي أداء هذا العمل بدقة خاصة كي لايتصور المحرومون والفقراء بأنهم موضع اهتمام لجنة الإغاثة لكونهم من الطبقات الدنيا في المجتمع. بل أنهم في الصفوف المتقدمة للمجتمع. إن الفقراء والمحرومين والمنسيين يقفون في طليعة المجتمع. إن هؤلاء المحرومين من سكنة المغارات وبيوت الصفيح، هم أنفسهم الذين حققوا النصر للثورة. هؤلاء الذين ضحوا بكل ما لديهم في سبيل الإسلام العزيز ويفعلون الشيء نفسه اليوم. فهم أنفسهم الذين يضحون في جبهات القتال دفاعاً عن الإسلام والبلد. وهم أنفسهم المنهمكون في صيانة البلد ودعم الإسلام، وان الشعب الإيراني النبيل يدرك جيداً قدر هؤلاء الشباب وهذه الأسر التي انجبت أمثال هؤلاء الشباب. والأهم من كل ذلك أن هؤلاء المضحين يحظون بمكانة خاصة عند الله تبارك وتعالى. فلو لم يكن هؤلاء المحرومون وكان المجتمع متمسكاً بهذه الدنيا مثلما هو حال أبناء الطبقات المرفهة، ولو لم تكن همة هؤلاء المحرومين وهؤلاء القرويين، لما كان بالإمكان التخلص من ظلم النظام السابق ولما استطعنا الصمود والصبر أمام المشكلات. فكل ذلك من بركات هؤلاء الذين نهضتم أنتم اليوم لمساعدتهم. فأمثال هؤلاء يستحقون أن نقدم لهم أنواع الخدمة بكل تواضع ونبذل ما في وسعنا من أجلهم. ويجب أن لا نتوانى جميعاً عن خدمتهم. فهؤلاء أصحاب فضل إذ انقذونا من قيود القوى العظمى التي كانت تكبل أيدينا وأرجلنا .. هؤلاء أصحاب فضل علينا وعلى بلدنا حيث عملوا على سيادة الإسلام في هذا البلد. أنهم هم الذين أوصلونا إلى ما نحن فيه الآن كي نتمكن من مواجهة القوى المتسلطة وان نكون مرفوعي الرأس، ولا نتّجه إلى الشرق والغرب، علماً أننا لسنا بحاجة إلى تبعيتهم .. فنحن شعب مستقل. اننا بلد حر مستقل، وقد عملنا على استئصال جذور الفساد، وإذا ما كانت هناك بقايا فسنتمكن من اجتثاثها بإذن الله تعالى، وكل ذلك ببركة هؤلاء المحرومين. انني لا استطيع أن أنسى ذلك المنظر الذي عرضه التلفزيون لأبناء سكنة الأكواخ وبيوت الصفيح، حيث رأيت يخرجون عدداً من النساء والرجال عجائز وصغار من أحد هذه الأكواخ، وقد سألهم مراسل التلفزيون: إلى أين ذاهبون؟ فقالوا: نذهب للمشاركة في التظاهرات.. إن هؤلاء هم أنفسهم الذين كانوا يفتقرون إلى الطعام، نزلوا إلى الساحة بهمهم العالية وبتلك القوة المعنوية الإلهية السامية وقدموا الشهداء وانتصروا. وهم اليوم أيضاً لا يتوانون عن تقديم مختلف أنواع الدعم للجمهورية الإسلامية، ويتواجدون بقوة في جبهات القتال وخلف الجبهات.
ولا يخفى أن معظم طبقات الشعب تعاني من الاستضعاف، وهؤلاء من المستضعفين، لأن الدول الكبرى عملت على جرّنا إلى الاستضعاف نحن وجميع شعوب العالم. ففي عهد النظام البائد، كانت كل الطبقات في نظرهم مستضعفة ويجب أن تطيع أوامرهم، بدءً من طبقة علماء الدين ومروراً بالكسبة وانتهاء بالقرويين والآخرين في مختلف انحاء البلاد. ولكن الجميع تحرر اليوم من الأسر، ونهض هؤلاء المحرومون والمستضعفون والفئات الأخرى، دون ان يهابوا أحداً، وقد أمدهم الله تبارك وتعالى بقوته، وبفضل الإمدادات الغيبية والمظاهر المعنوية ودعم ومساندة الإمام ولي العصر- ارواحنا له الفداء- نلنا حريتنا وحققنا استقلالنا. إذن فهؤلاء أصحاب فضل علينا ومن واجبنا أن نخدمهم. من واجب الحكومة أن توفر احتياجاتهم وتحرص على خدمتهم.
خدمة المحرومين من أعظم التوجهات المعنوية
إن كل من بوسعه أن يخدم هؤلاء المحرومين يجب أن لا يتوانى عن خدمتهم، انهم يستحقون كل خير. وقد تم افتتاح حساب مصرفي لجمع التبرعات لإنفاقها على خدمة هؤلاء المحرومين، لأن ما يقدم لأمثال هؤلاء يبقى خالداً. فالذي يبقى هو الجانب المعنوي، وان أحد الجوانب المعنوية الكبرى يتجسد في خدمة خلق الله تعالى، في خدمة المحرومين فما يُحفظ للإنسان وينفعه في الآخرة هو خدمة المحرومين. فما يجمعه الإنسان من مال وثروة يتركه في النهاية ويذهب إلى مقرّه الأخير. غير أن بوسعه أن يعمر آخرته لأن الدنيا مزرعة الآخرة. واني آمل أن يبادر الأثرياء إلى مساعدة هؤلاء المحرومين الذين هم أولياء نعمتنا، وان يجودوا بما في أيديهم كي يتسنى القضاء على الحرمان إن شاء الله بهمة الجميع، وان تعيش الغالبية من أبناء المجتمع حياة حرة كريمة.
ادعياء حقوق الإنسان يتجاهلون ملاحقة جرائم صدام
نأمل أن يتم إحباط كافة محاولات الفاسدين في إلحاق الضرر بهذا البلد إن شاء الله تعالى. فكما تعلمون فإن الحكومة الإيرانية طلبت منذ فترة من منظمة الأمم المتحدة إرسال مبعوثين للتحقيق في الجرائم التي ارتكبها النظام البعثي العراقي الملحد في مدينة دزفول والمدن الإيرانية الأخرى. غير أننا لم نر أي أثر لهم حتى هذه اللحظة وهو أمر غير مستغرب. فلو كان المنافقون وأمثالهم قد ذكروا موضوعاً مختلقاً لا أساس له، بأن يذكروا مثلًا بأن المئات تقتل كل يوم في شوارع إيران، وان الحكومة الإيرانية تمارس في سجن ايفين كذا وكذا؛ لأخذت هذه المنظمات هذه المزاعم واعتبرتها سنداً لها وأثارت ضجة مفتعلة وأصدرت البيانات ضدنا. ولكنهم غير مستعدين لارسال مبعوث واحد للتعرف على ما يفعله النظام البعثي المجرم بحق أبناء المدن الحدودية الإيرانية، وما ترتكب من جرائم في خوزستان وفي دزفول. غير مستعدين لإرسال مبعوث للاطلاع على ما يفعله هؤلاء الذين يزعمون بأنهم عرب ويتفاخرون بالحمية العربية، وبالعرب في خوزستان وبالاكراد. إن الذين يزعمون مناصرتهم لحقوق الإنسان غير مستعدين للاستماع إلى هؤلاء المظلومين الذين يرزحون تحت ممارسات الظالمين بقيادة أميركا الظالمة التي هي السبب في كل معاناتنا. غير أنهم لا يكفون عن اصدار البيانات ضدنا وإدانتنا. علماً اننا لا نعبأ ببياناتهم وإدانتهم وامتناعهم عن المجيء إلى هنا.
اشكر ثانية السادة الذين يواصلون أداء هذه الخدمات النبيلة والعظيمة. فان هؤلاء هم أخوة لكم وقد عانوا على مرّ التاريخ من الظلم والحرمان، فلا تدعوهم يعانون ثانية من الحرمان في ظل النظام الإسلامي. ونحن نعلم جميعاً بان همتكم العالية استطاعت أن تحقق الكثير لهم ونأمل في المزيد. وفقكم الله تعالى جميعاً، ونسأله تعالى أن يقطع دابر الظالمين، وان يمنّ علينا بنور هدايته.
والسلام عليكم ورحمة الله