بسم الله الرحمن الرحيم
الإخلاص في خدمة عباد الله
أشكر الله تبارك وتعالى على هذه الفرصة للقاء بكم والأنس بوجوهكم النورانية ايها الأعزة الذين تتفانون في خدمة هذا البلد وتعانون في توفير احتياجات المحرومين. إن الله تبارك وتعالى لن ينسى جهودكم واتعابكم المضنية ايها الأعزة مطلقاً. فكم من المتاعب واجهتموها ايها الأعزة سواء شريحة علماء الدين أو الشرائح العزيزة الأخرى، وأية خدمات قيمة قدمتموها في سبيل الله تبارك وتعالى في كافة انحاء البلاد وفي جبهات القتال وخلف الجبهات. ان مَنْ يخدم فقيراً ومحروماً له أجر كبير عند الله تعالى. وانتم الذين تخدمون ملايين المحرومين والمستضعفين، ليس بوسع أحد أن يحصي أجركم غير الله تبارك وتعالى. واني آمل أن تواصلوا عملكم بنفس هذا العزم الراسخ وبهذه الخطوات الإلهية، وان لا تعبؤوا بما يقوله الناس عنكم وما يردده المعارضون لكم. فما عليكم إلا أن تعملوا بصدق وإخلاص وخدمة عباد الله من أجل الله، واطلبوا الأجر والثواب منه تعالى لأنه هو الذي يكافئ عباده.
كما أشكر قادة الجندرمة المحترمين ممن حضروا مجلسنا هذا، الذين يتفانون في خدمة هذا البلد، فالبلد اليوم بلدكم وقد قطع دابر الشرق والغرب عنه، وان مسؤولية الحفاظ عليه وصيانته تقع على عاتقكم جميعاً. فمنذ اليوم الأول الذي انتصرت فيه الثورة الإسلامية والشعب بمختلف طوائفه وفئاته، سواء الحرس الأعزاء ومنتسبو جهاد البناء واللجان الثورية وكافة فئات الشعب، يضعون يد الأخوة في أيدي البعض ويسيرون قدماً على طريق تحقيق أهدافها. فكم من الشهداء والجرحى، وكم من الأسر قدمت شبابها على طريق الإسلام. وستبقى محفوظة كل هذه الخدمات التي تقدم على طريق الإسلام وتلك الدماء التي اريقت في طريق الإسلام. فمنذ اليوم الأول نهض الإسلام من أجل خدمة المحرومين والتصدي للظالمين. وانتم أتباع الإسلام العزيز ويجب أن تواصلوا نهجكم هذا.
تقدير المقتحمين لوكر التجسس الأميركي
في ذات الوقت الذي اتحدث إليكم ايها الأخوة الأعزاء واعرب عن شكري وتقديري لجهودكم، فان الجنود المعنويين الإلهيين يثنون على جهودكم وجهود كافة أبناء الشعب ويثمنون مواقفكم هذه. وبطبيعة الحال ثمة فئات لا تكف عن التآمر على هذا البلد. نظراً إلى أنها تعارض حرية واستقلال هذا البلد وبالتالي تعارض الإسلام الذي حقق الحرية والاستقلال لكم.
لقد أعلنا منذ اليوم الأول، أعلن الشعب واعلنتم أنتم ايها الشباب الأعزاء في شعاراتكم وفي تحركاتكم، باننا نطالب بالحرية والاستقلال والجمهورية الإسلامية. وان شعار (لا شرقية ولا غربية) كانت تردده كافة فئات الشعب في مختلف انحاء البلاد بدءاً من المناطق النائية وانتهاءً بالمدن الكبرى.
ففي الفترة التي استولى فيها شبابنا على وكر التجسس وطردوا الجواسيس الاميركان من إيران، كنا نعاني من بعض التوجهات التي تتعارض مع مصالح البلد والإسلام والتي راحت تنتقد شبابنا. الشباب الذين كانوا يتطلعون للتخلص من الغطرسة الأميركية والقوى العالمية وإدارة شؤون بلدهم بأنفسهم، تعرضوا للإهانة وليس لهم ذنب سوى الاستيلاء على وكر التجسس. ولكن بعد أن اتضحت حقيقة الأمور واعترف الذين تم اعتقالهم بصريح العبارة، ومعظمهم من المسؤولين الكبار، بأنهم كانوا جواسيس للاتحاد السوفيتي، لم يعد لديهم ما يقولونه. لذا فنحن نكن احتراماً وتقديراً لهؤلاء الشباب الذين اقدموا على اعتقال الجواسيس المناهضين للإنسانية وللإسلام، وللذين يعادون البلد والشعب والإسلام معاً. ونعتز بمواقف وزارة الخارجية ووزيرها المحترم، الذي اعلن بأن هذه العدة غير مرغوب بها وقد تم اخراجها من إيران .. فمثلما برهن أولئك الشباب الذين استولوا على وكر التجسس بأننا غير مرتبطين بالغرب واصروا على عملهم بكل شجاعة وجرأة ولم يعبؤوا بالانتقادات التي وجهت إليهم، فإن هؤلاء الشباب أيضاً فعلوا الشيء نفسه بالنسبة للاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي دون أن ينتابهم خوف أو رعب، حيث اقدموا على اعتقال الجواسيس الذين كانوا يعتبرون أنفسهم إيرانيين- وكنا نشك في إيرانيتهم- واستولوا على اوكارهم التجسسية، وفي الوقت نفسه اقدمت وزارة الخارجية على اخراج عدد من الذين كانوا يتجسسون لصالح الاتحاد السوفيتي دون أن تخشى الشرق أو الغرب.
تحذير الشياطين الذين يرددون النغمة الاستعمارية المشؤومة
وتبعاً لهذه القضية فنحن اليوم نعاني من أشخاص يتفانون من أجل الشيوعيين ومن اجل الاتحاد السوفيتي، ويعارضون مصالح البلد والإسلام ولا يكفون عن دعاياتهم المغرضة ضدنا. وكما هو واضح فإن كلتا الفئتين؛ الفئة التي تلقت ضربة قوية على يد أعزتنا في الحرس الثوري، وتلك التي تم احتجاز جواسيسها، كلتاهما وضعتا ايديهما في أيدي بعض لمواصلة شيطنتهم. ولا بد لي من تحذير كلتا الفئتين بالكف عن هذه الشيطنة. وان ما يرددونه اليوم من ان النظام الإسلامي لم يحقق شيئاً وقد بات المستكبر أكثر استكباراً والمستضعف اكثر استضعافاً، انما هو ذات النغمة المشؤومة التي لا تكف عن ترديدها أميركا والاتحاد السوفيتي. فإذا كانوا يعتبرون أنفسهم مسلمين، فعليهم أن يتخلوا عن تكرار هذه النغمة. ولا يخفى أن هناك فئة فضولية وشيطانية تلقت صفعة قوية من الإسلام وفقدت زعماءها الكبار، وهي تمارس شيطنتها بسبب ذلك، حيث تسعى لتضليل بعض السذج ودفعهم للتجمع والتظاهر وترديد الكلام ذاته الذي تردده أميركا والاتحاد السوفيتي من أن النظام الإسلامي لم ينجز شيئاً لأبناء الشعب. فئة مخدوعة وأخرى مغرضة لا يروق لهم أن يروا الجمهورية الإسلامية ويطالبون بالبديل مهما كان. فهذه تدعو للتوجه إلى الاتحاد السوفيتي والاشتراكية، وتلك تطالب بالتقارب مع أميركا والغرب. ويبدو ان هاتين الفئتين قد اتفقتا فيما بينهما وتحاولان تضليل بعض السذج في مجلس الشورى وخارج المجلس ودفعهم لطرح بعض القضايا التي تدعو إلى بث اليأس والاحباط في نفوس أبناء الشعب.
انكم ايها الاخوة ومنذ أربع سنوات لا تتوانون عن خدمة هذا الشعب، وان الخدمات التي قدمتموها لهذا الشعب لم يتحقق نظيرها طوال تاريخ الشاهنشاهية. فأولئك كانوا لا يفكرون بغير خدمة سكنة القصور، وانتم تقدمون خدماتكم لسكنة الأكواخ والمحرومين الذين كانوا مهملين على مرّ التاريخ .. فماذا تسمى كل هذه الجهود التي يقدمها الحرس الثوري في جبهات القتال وخلف الجبهات وقطع دابر المنافقين عن هذا البلد؟ أليست هذه خدمة لأبناء الشعب؟ أم ينبغي أن تكون الخدمة على الطريقة الأميركية أو الطريقة السوفيتية؟
التأسف لانخداع البسطاء والسذج
إن مما يبعث على الأسف حقاً أن ينخدع المسلم بفئة من الشياطين الخبثاء التي تسعى إلى إضعاف الجمهورية الإسلامية في المحافل العامة وتشويه صورة الحكومة الإسلامية ورئيس الجمهورية وآخرين .. انني أسف كثيراً لهؤلاء البسطاء الذين هم على درجة من السذاجة بحيث يصدقون كل ما يقوله هؤلاء الشياطين الذين يزعمون أن شيئاً لم يتحقق في إيران، وان عهد الشاه كان أفضل مما نحن فيه الآن. إن ما يردده هؤلاء من نغمة مشؤومة (بأن المستكبر بات أكثر استكباراً)، يعني أن عهد الجمهورية الإسلامية بات أسوأ من عهد الشاه. وما يزعمون من أن المستضعف بات أكثر استضعافاً، يعني أن الإسلام أسوأ من النظام الشاهنشاهي. إن من يتحدث بمثل هذا الكلام عن وعي ونوايا مغرضة، ليس أمامنا من خيار غير مواجهتهم بحزم. ولكن الذين انخدعوا بالدعايات المغرضة لهؤلاء الشياطين، ينبغي محاورتهم واطلاعهم على حقيقة ما يجري. يجب أن نقول لهم: لماذا يتم خداعكم بهذه السهولة. أنتم الذين امضيتم عمراً في خدمة الإسلام وعانيتم من القمع والبطش في عهد الطاغوت، وقد رأيتم كيف تخلصتم اليوم من النظام الظالم وتنعمون بالحرية والاستقلال، فلماذا تقولون أن الوضع اليوم بات أسوأ من قبل، وتسعون إلى اضعاف الحكومة؟ فإذا ما رأيتم بعض النواقص، والتي هي أمر طبيعي في بلد يخوض حرباً فرضت عليه، تحاولون أن تأججوا مشاعر الناس ضد الحكومة؟ لماذا لا تنظرون إلى كل هذه الخدمات التي تحققت للشعب، والخدمات التي حققها جهاد البناء وحرس الثورة واللجان الثورية وما تقوم به الحكومة؟ لماذا يتم خداعكم من قبل عدة من الشياطين المنتشرين هنا وهناك، حتى شهرتم سيوفكم لزعزعة أركان الحكومة الإسلامية، متناسين ان إضعاف الجمهورية الإسلامية هو إضعاف للإسلام، ولا شك أنكم لا ترغبون في إضعاف الإسلام ولكنهم يدفعونكم مستغلين جهلكم وبساطتكم، لإثارة مثل هذه الأمور.
معاداة النظام وإضعافه باسم الحرص على الشعب والبلد
عودوا إلى أنفسكم. انتبهوا. لا تكونوا على هذه الدرجة من السذاجة. كذلك أقول لهؤلاء الشياطين أيضاً: كفوا عن ألاعيبكم وإلا سوف تنفضحون أمام الشعب وستؤولون إلى ما آل إليه المنافقون. حيث كانوا يتظاهرون بالإسلام، واليوم أيضاً يفعلون الشيء نفسه حيث يدعون المطالبة بالإسلام الأصيل، ولكنهم في الحقيقة لا يريدون هذا الإسلام الذي تطبق فيه الحدود الشرعية والذي يقيم القصاص الشرعي ويطرد القوى العظمى من البلد، الإسلام الذي يقمع الشيوعية ويقارع الغرب. فأنتم لا تختلفون عن أولئك المنافقين وانما بنحو آخر. حيث تعملون على إضعاف القوة القضائية والسلطة التنفيذية واركان الجمهورية الإسلامية باسم الإخلاص للشعب مثلما كان يفعل المنافقون، باسم الحرص على مصالح البلد والشعب. وانكم تفعلون كل هذا لأن أياديكم قد قصرت عن ممارسة تلك المفاسد. واني اطمئنكم بأنها لن تعود مطلقاً. لذا يستحسن بكم أن تكفوا عن ممارساتكم وتتخلوا عن دسائسكم وتآمركم. فلا تعملوا على إضعاف الجمهورية الإسلامية. واعلموا أن شعبنا ليس بالشعب الذي يهاب أمثالكم. لقد استطاع أن يقضي على من هم أكثر قوة وسلطة منكم إذ دحر أميركا بكل ما كانت تتمتع به من قوة في إيران. سحق الاتحاد السوفيتي وقضى على عملائه وجواسيسه. كما استطاع هذا الشعب القضاء على المنافقين وإلقائهم في مزبلة التاريخ، رغم عددهم الكبير ودعاياتهم الواسعة وتضليلهم للكثير من شبابنا. فاين أنتم من كل هؤلاء؟ انكم أصغر من أن تتمكنوا من إعادة اميركا أو الاتحاد السوفيتي إلى إيران. وأنا أقول لكم بأن أميركا لن تتمكن من العودة إلى إيران إلى آخر عمركم، وكذلك الاتحاد السوفيتي. وإذا سارت الأجيال القادمة على هذا النهج وكان علماء الدين وكانت القوات العسكرية والأمنية متمسكة بالإسلام، فلن يتحقق ذلك طوال التاريخ أيضاً بمشيئة الله. وإذا ما حصل- لا سمح الله- على المدى البعيد، أن تداعت اركان هذا البلد ونفذ إليها الشياطين، فيومها سيعيننا الله تعالى على ذلك.
التعامل بلطف مع الشباب وتقديرهم
أسأل الله تبارك وتعالى الصحة والسلامة لكم ايها الأعزة. واوصي علماء الدين في كافة انحاء البلاد بالعمل على توعية هؤلاء الشباب. ليتحدثوا إليهم ويتعاملوا معهم بلطف ورأفة. هؤلاء الذين فقدوا أعزتهم، هؤلاء الذين لا يتوانون عن خدمة الإسلام وخدمة بلدهم. ففي ذات الوقت الذي يكرمهم الله تبارك وتعالى بثوابه وأجره، فنحن مطالبون أيضاً بتقدير جهودهم والثناء عليهم. حفظكم الله تعالى جميعاً وأبقاكم ذخراً لشعبنا، ومنّ بالهداية- إن شاء الله- على أولئك الذين يسلكون سبيلًا منحرفاً، أو عاقبهم بما يستحقونه.
والسلام عليكم ورحمة الله