بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية مجلس الشورى في إصلاح الأمور أو فسادها
لا بد لي من شكر السادة الذين تجشموا عناء المجيء كي يتسنى لنا التباحث في بعض القضايا التي نواجهها.
إن قضية الخامس عشر من خرداد هي من جملة القضايا التي قلما يعلم أحد عما سبقها وما تلاها، وستبقى يلفها الغموض حتى النهاية. علماً اني مطلع على الكثير من الأمور التي حدثت قبل 15 خرداد، وكذلك ما تلاها، ولكن لن اتحدث عنها. ومهما يكن فقد شكّل الخامس عشر من خرداد، الذي كان وليد همة شباب البلد وتضحياتهم من أجل الإسلام، منطلقاً للتطورات اللاحقة. واسأل الله تبارك وتعالى أن يمن بالرحمة على شهداء 15 خرداد الذين لهم حق علينا. وان ينعم سبحانه بالصبر والأجر على أسر الشهداء في الوقت الحاضر وفي المستقبل.
إن من الموضوعات التي ينبغي لي الحديث عنها- وربما تحدثت عنها كراراً- هي أهمية مجلس الشورى الإسلامي. وكما ذكرت من قبل فإنه إذا ما تم إصلاح الجامعات والفيضية، فسوف يصلح البلد. وان كل الخيانات التي شهدتها الأنظمة المنحرفة قد تمت على أيدي الجامعيين المنحرفين.
أما بالنسبة لمجلس الشورى، فلا بد لي من القول أن بلداً كإيران حيث تقام- ولله الحمد- الجمهورية الإسلامية بمعنى الكلمة وهي بصدد تطبيق الإسلام في كافة المجالات، إذا ما كان مجلس الشورى مجلساً إسلامياً يتم تشكيله عن طريق انتخابات نزيهة والشعب يساهم مساهمة حقيقية في انتخاب اعضائه، فسوف يتم اصلاح جميع شؤون البلد على أيدي النواب. لقد لعب المجلس ومنذ أحداث الحركة الدستورية دوراً رئيسياً في كافة الانحرافات التي ظهرت بالتدريج ووصلت إلى ذروتها في عهد النظام البهلوي، إذ حرفوا الحركة الدستورية وجعلوا من المجلس مجلساً للمنحرفين وحرموا الشعب من الإدلاء باصواتهم. ولم يقتصر الأمر على النظام السابق وإنما كان ذلك السمة الغالبة في كل الفترات السابقة. غاية الأمر أن تعيين النواب كان يتم عن طريق الاقطاعيين والنافذين في السلطة. ولم يكن للناس أي خيار أو رأي، وإذا ما تمت الاستفادة منهم فانها تتم بعيون وآذان مغلقة. فكانوا يجمعون الفلاحين ويأتون بهم إلى صناديق الاقتراع ليدلوا بأصواتهم مثلما يراد منهم دون أن يعوا ماذا يفعلون وماذا يعني التصويت.
وبعد ذلك وعندما جاء عهد رضا خان وما تلاه، فان الغالبية منكم على اطلاع بما كان يجري وما كان يحدث في العقود الأخيرة، وما الذي كان يحل على رؤوس أبناء الشعب. وقد كان المجلس مسؤولًا عن جميع الأحداث التي شهدتها البلاد. حيث كانت هناك عدة تتقدم بالقوائم ويقوم محمد رضا باقرارها، غاية الأمر أنه كان يقول: كانت القوائم في السابق- ويقصد عهد أبيه- تأتي من السفارة، وفي عهد محمد رضا كان الوضع بنحو أسوأ حيث يجب أن توافق أميركا على تعيين نوابنا. ولم يكن هناك أي خيار للشعب والحكومة الإيرانية، ولا يحق لأحد أن يبدي رأيه في هذا الصدد. إذ كان النائب يعين من قبل هؤلاء بالاسم والصورة إلا قلة قليلة في طهران حيث لم يكن غير ذلك ممكناً إلى أن انتهى الأمر بذروة تسلطهم. وعليه فان تعاسة الحكومة كانت نابعة من المجلس. إذ كانوا ينفذون كلما يريدون عن طريق المجلس، ويتظاهرون بالمعارضة والموافقة، ومن ثم تتم المصادقة بالصورة التي يراد لها. وقد أراد الله تبارك وتعالى أن تنتهي تلك العهود سواء عهد الإقطاعيين أو تدخل السفارات.
وفي هذه الدورة من مجلس الشورى الإسلامي ساهم أبناء الشعب بأغلبية ساحقة بأصواتهم ولم يتدخل أي من الخوانين في نتائج التصويت، وإذا ما حدث يتم رفضه من قبل المجلس. «1» وسيتواصل تواجد أبناء الشعب في الساحة بهذا النحو في المستقبل أيضاً، وسيقومون بانتخاب نواب متمسكين بالإسلام وحريصين على مصالح البلد، ونأمل أن يتعزز ذلك أكثر فاكثر عاماً بعد عام. ونحمد الله تعالى على أن هذه الدورة من مجلس الشورى الإسلامي تضم وجوهاً نورانية كثيرة ومفكرين وفقهاء كباراً، ولم يتبق غير عام واحد على انتهاء هذه الدورة. واني آمل أن تبذل الدورة القادمة المزيد من الجهد في متابعة قضايا البلاد وشؤون المحرومين والمستضعفين.
الحرص والدقة في المصادقة على اللوائح والمشاريع
اننا نأمل أن يبذل مجلس الشورى في دورته الجديدة جهوداً مضاعفة لأسلمة القضايا وإيجاد حلول لها، بالدقة المعهودة لدى أهل العلم لدى بحثهم المسائل العلمية. فكما أن المسائل العلمية بحاجة إلى بذل المزيد من الدقة، كذلك القضايا السياسية لا تقل عن ذلك. فلا بد للسادة النواب من التفكير في تقديم طروحات وإقرار لوائح كثيرة تلبي حاجة البلد في العهد الجديد عهد الجمهورية الإسلامية. ومثلما يفعل أهل العلم لدى تناولهم المسائل العلمية بالبحث والتمحيص، فان عمل المجلس يجب أن يكون بهذه الصورة أيضاً كي يتسنى سن لوائح وقوانين تصب لصالح البلد وتوجد حلولًا لمشاكله. واني انتهز هذه الفرصة لأتقدم بالشكر للسادة النواب للجهود الكبيرة التي بذلوها خلال السنوات الثلاث الماضية حيث تم تجاوز مشاكل كثيرة، واليوم أيضاً يمارسون مهامهم بقوة كافية. وكما هو واضح فقد تخلص المجلس هذا العام من أولئك الذين كانوا يضعون العقبات ويعيقون عمل الحكومة، وهو في الأساس وضع العقبات أمام تقدم مسيرة الإسلام. وبات المجلس اليوم يعمل بكل كفاءة وبقلوب مطمئنة وعزم راسخ على إيجاد حلول لكافة القضايا المطروحة امامه وسيكون قدوة للمجالس القادمة.
مقارنة مجلس الشورى الإسلامي مع المجالس في النظام البهلوي
المجلس هو الذي يقود البلد إلى الصلاح أو الفساد. والمجلس في عهد النظام البهلوي هو الذي أوجد كل ذلك الفساد ومهد لتلك الخيانات. والمجلس اليوم هو الذي يقف وراء كل هذه الإنجازات التي تحققت وهو بصدد المزيد. وارجو أن لا يفهم من كلامي باننا حققنا كل الذي نريده وانجز كل شيء على أحسن ما يرام، كلا، ولكن عندما نقارن بين هذا المجلس والمجالس التي كانت في عهد رضا خان وعهد محمد رضا نجد فارقاً كبيراً بين النواب الذين كانوا في عهد رضا خان- إلا نادراً- وفي عهد محمد رضا بدون استثناء، وبين النواب في وقتنا الحاضر، من حيث تاريخهم النضالي واهتمامهم بشؤون الفقراء والمحرمين. فما كان في السابق لا نرى له وجوداً اليوم. وإذا ما افترضنا بأن لدى أحد النواب توجهاً يتعارض مع توجهاتكم فان ذلك ليس أكثر من تباين في الأذواق ولا يعتبر انحرافاً كما كان في السابق. إذ كانوا يأتون بالمنحرفين في السابق ليتسلموا مهام المجلس، وكانت الأوامر تنص على ذلك وليس بوسع أحد معارضتها. وإذا كان هناك صوت معارض فهو واحد أو اثنان وكانوا أقلية تماماً. فالجميع اليوم- ولله الحمد- بعيدون عن الشرق والغرب معاً وينشدون الخدمة فقط وان كان لديهم بعض التباين في الأذواق.
ضرورة مطابقة قوانين المجلس مع أحكام الإسلام
إن الطريقة التي يتعامل بها المجلس مع اللوائح والقوانين المقترحة تحظى باهمية بالغة. فلا بد من دراسة اللوائح المقدمة بدقة في اللجان أولًا ومن ثم في الجلسة العامة وأخيراً في مجلس صيانة الدستور، حتى إذا ما خرج قانون من المجلس يكون قانوناً شرعياً مائة في المائة، سواء وافق الأحكام الأولية للإسلام أم الأحكام الثانوية. وكونوا على ثقة أنه إذا ما تواصل هذا النهج وبقي المجلس على قوته فسوف تصلح الحكومة أيضاً وكافة أركان النظام الأخرى، ولا يعود هناك وجود لأي احتمال للانحراف .. الاختلاف والانحراف يبدءان عادة من داخل المجلس وليس من الخارج. الموجودون في الخارج يصدرون الأوامر، وهؤلاء ينفذون ما يملى عليهم. فإذا كان المجلس مستقيماً وتسير الأمور حسبما تقتضي مصالح البلد وأحكام الإسلام، ويتم التأكد من كل شيء بدقة متناهية، لا سيما القضايا المهمة والحساسة التي ينبغي أن تبحث وتناقش مثلما تبحث المسائل العلمية في أوساط العلماء. فقد اعتاد السادة على بحث المسائل بهذه الصورة وتربوا في الحوزات على الإستشكال والدليل والبرهان. ويجب أن يكون بحث اللوائح داخل المجلس بهذه الصورة أيضاً، لأنها تتسم بالأهمية ذاتها، فتلك أحكام الإسلام وهذه قضايا الإسلام.
على أية حال لم يتبق من عمر المجلس في دورته الحالية غير سنة واحدة ونأمل أن يواصل النواب جهودهم كما في السنوات الثلاث الماضية، وان يتفرغ السادة لخدمة هؤلاء المحرومين والمظلومين طوال التاريخ. كما نأمل أن يواصل المجلس في دوراته القادمة مهامه بما يحقق أهداف الإسلام وتطلعاته.
معارضة المتغطرسين لتقدم الإسلام
إن ما نواجهه اليوم هو معارضة جميع المتغطرسين في العالم للجمهورية الإسلامية، ومثل هذا الأمر ليس خافياً فالجميع يعترف بذلك. انهم جميعاً يصرون على عدم هزيمة صدام. ولا يخفى أن الأمر ليس حباً بالعراق أو صدام، وانما هو للحيلولة دون تقدم الإسلام .. صدام ليس مهماً بالنسبة لهم، فانه سينتهي يوماً ما، ولكن ما يخشونه هو إيران لذا يسعون لهزيمتها. ورغم كل ما يقال، حيث زعم الرئيس الأميركي مؤخراً بأنهم يلتزمون الحياد، غير أن العالم بأسره يعلم حقيقة مواقفهم ولا توجد ضرورة للبرهنة عليها. الجميع يعلم من هو المحايد، ومدى التزام أميركا والاتحاد السوفيتي وفرنسا وآخرين بالحياد. ولكن الموضوع ليس موضوع الحياد وانما محاولة دحر الإسلام بأية وسيلة ممكنة.
مقاومة المشكلات الناتجة عن الحرب المفروضة
غير أن الشعب وكافة أركان الجمهورية الإسلامية من مجلس الشورى والجيش والحرس الثوري وبقية المؤسسات الناشطة في البلاد، يواصلون- ولله الحمد- صمودهم بكل عزم وهم على أهبة الاستعداد للتصدي لأي عدوان. واننا نأمل أن تنتهي هذه الحرب التي فرضت علينا، وتتفرغ الحكومة لخدمة المستضعفين ويعمل مجلس الشورى على إيجاد حلول للمشكلات التي نعاني منها لا سيما مشكلة الغلاء. فنحن نعلم جميعاً بان الغلاء اليوم لا يطاق، وان شرائح كثيرة تعاني منه. غير أن هذه المعاناة لا تمثل شيئاً أمام المعاناة التي تجرع مرارتها الرسول الأكرم نفسه وزوجته العظيمة السيدة خديجة، خاصة في السنوات الثلاث «2» حيث يروى بأنهم كانوا يسخنون القربة في الماء ويمضغونها لعلهم يتغذون على السمن المتبقي فيها. فعندما يضحي هؤلاء بكل هذا من أجل الإسلام، فانتم أيضاً أمّة هذا العظيم فلا يجب أن تشكوا- مثلًا- من شحة الشيء الفلاني. فالارزاق غير شحيحة وما هو مفقود في الأسواق هو الكماليات. ولكن البعض لا يطيق ذلك، ولا يخفى أن الغلاء موجود في كل مكان. وسوف يتم حل كل هذه المشكلات في فترة قصيرة إذا ما انتهت الحرب، ببركة الإسلام وتواجد الشعب الإيراني في الساحة.
ازدواجية الاعلام العميل من قمع الأكراد
من القضايا المهمة التي أود التحدث عنها الآن تاركاً الحديث عن القضايا الأخرى إلى وقت آخر، هي قضية دخول القوات التركية إلى الأراضي العراقية لقمع الأكراد. ما أريد أن أقوله هو أن الأكراد في كل من إيران والعراق وتركيا هم قومية واحدة. والفارق هو أن الغالبية من الأكراد في إيران يؤيدون الجمهورية الإسلامية ويعارضون الجماعات الفاسدة التي تنتسب إليهم. إن كردستان اليوم تؤيد الجمهورية الإسلامية بمختلف شرائحها، من أئمة الجمعة إلى علماء الدين إلى المواطنين العاديين. وان من يمارس الفساد هم جماعات تنتمي بعضها إلى الشيوعية وبعضها الآخر إلى ما هو اسوأ منها. والسؤال هو: ما الذي حدث حتى أصبحت وسائل الإعلام العالمية بهذه الدرجة من الحساسية بالنسبة لأكراد إيران حتى انها أكثر حساسية من الأكراد أنفسهم. فالأكراد أنفسهم يطالبون بالقضاء على هؤلاء المفسدين، غير أن وسائل الإعلام تدين إيران دائماً وتتجاهل دخول القوات التركية الأراضي العراقية لقمع الأكراد، وتواطؤ الحكومة العراقية معها. فلماذا كل هذا التركيز على إيران. فإذا كان أكراد تركيا يطالبون بالانفصال، فان الأكراد الفاسدين لدينا أكثر. فما الذي حدث حتى جنّد العالم كل طاقاته لتشويه صورة إيران واتهامها بأنها تقمع الأكراد وتفعل بهم كذا وكذا. لماذا لا يتحدث هؤلاء الفاسدون الذين يتباكون على أكراد إيران، عن القمع والبطش الذي يتعرض له الأكراد في العراق وتركيا.
لقد ابتليت البشرية بهذه المصائب وهذه المعاناة، حيث معاداة الحق وسحق القيم الإنسانية. وما لم يمنّ علينا الله تبارك وتعالى بظهور منجي البشرية- ونأمل أن يكون قريباً أن شاء الله- فان هذا الدمار سيكتسح العالم بأسره.
إن عدداً كبيراً من المظلومين يتعرضون للقمع والاضطهاد في مختلف أنحاء العالم، ولا يوجد من يحاول التحدث عنهم. ففي أميركا توجد أعداد كبيرة من المظلومين والمضطهدين، غير أنه ليس هناك من يتحدث عن القمع والبطش الذي يتعرضون له. والشيء نفسه بالنسبة للاتحاد السوفيتي. وهكذا بالنسبة لدول المنطقة، حيث تتم مصادرة حقوق الشعوب وظلمهم دون ان تجد من يتحدث عن ذلك .. يتحدثون عن إيران فقط. فالحكومة الإيرانية تمارس الكبت، والشعب الإيراني يعارض الحكومة، وان الجماهير تجبر على المشاركة في المظاهرات!! فماذا نسمي هذا الذي يجري في العالم؟ ماذا ينبغي أن نطلق على هذا الذي يمسك بالقلم ويتحدث عن القيم بالمقلوب؟ ماذا تسمي هذا الذي يصدر الأوامر إلى وسائل الإعلام وينسق فيما بينها بنحو بحيث حتى ترى أحياناً تناغم أصواتهم بنحو عجيب. فاي أناس هؤلاء؟ وما هي تركيبة عقولهم؟ اننا نواجه مثل هذه الممارسات، وقد عانت جمهوريتنا من هؤلاء المنحرفين طوال السنوات الماضية. فإذا ما انتهت هذه المعاناة وعاد العالم إلى صوابه وأخذ يتناول الأحداث بشكل واقعي وموضوعي، سنتمكن من إصلاح كل شيء.
تبعية المحافل الدولية للقوى الكبرى
أنا لا أدري ما الذي سيقوله هؤلاء السادة الذين قدموا إلى هنا وتحققوا من الدمار الذي لحق بإيران، وتوجهوا إلى العراق حيث جاؤوا لهم بعدد من الجرحى وزعموا بأنهم جرحوا إزاء قصف المدن. ولكن لم يكن لديهم دمار حتى يطلعوهم عليه، وربما هدموا جدارين حتى يروهم إياه! فما الذي سيقوله هؤلاء. حتماً سيقولون بأن إيران ارتكبت خطأ وكذلك العراق. فليس لديهم غير هذا الكلام. هل يريدون حقاً أن يتحروا عن الحقيقة ويتعرفوا على حجم الدمار الذي لحق بإيران؟ ففي نفس الوقت الذي كانوا منهمكين بالتحري كانت إيران تقصف من قبل الصداميين. ولا شك أن مثل هذا يدل على أن الصداميين واثقون من النتائج التي سيعلن عنها هؤلاء السادة.
على أية حال إننا ننتظر لنرى ما الذي سيقولونه وماذا سيفعلون؟. ونأمل أن تكون مواقفهم نابعة من وجدانهم وضميرهم وتوجهاتهم الإنسانية وان ينقلوا في تقاريرهم ما شاهدوه حقاً. وان لا يعبأ بعد ذلك من يقدم إليهم التقرير بما تراه أميركا والاتحاد السوفيتي وفرنسا، وان يحكّموا ضميرهم ويقولوا الحقيقة فقط. فنحن لا ننتظر منهم غير ذكر ما شاهدوه بأم اعينهم وإعلان الحقيقة للعالم.
ضرورة التصدي للمعتدين على الإسلام والمسلمين
اني آمل أن يواصل أبناء الشعب تواجدهم في الساحة وأن لا يشعروا بالتعب من الحرب. فالإسلام واجه الحرب منذ أن اعلن عن إقامة حكومته. ويبدو أنهم كانوا يخططون لها قبل ذلك. فحينما قدم رسول الله إلى المدينة واقام حكومته، فرضت عليه الحرب حتى وفاته. وفي اليوم الذي التحق بالرفيق الأعلى، كان جيش (أسامة) «3» معسكراً خارج المدينة يتأهب للتوجه إلى الحرب. فالحرب ضرورية لتحقيق العدالة. فإذا كانت العدالة سائدة وكان الناس متمسكين بالعدل انتفت ضرورة الحرب. لو تمسك الناس بقيمهم الإنسانية لما كانت هناك حرب. ولكن عندما تحاول عدة معدودة أن تسحق الأكثرية المستضعفة، وتهدد مصداقية الإسلام والمسلمين، ويكون شعبنا وبلدنا مهددين، فلا مناص من التصدي للعدوان. فاننا لم نبدأ الحرب، ونحن الآن في حالة دفاع، ولا بد من القول بأن آبادان تقصف كل يوم دون استثناء، إضافة إلى المناطق والمدن الأخرى التي تعلمونها جميعاً. اننا عازمون على قطع أيدي هؤلاء كي لا يتجرأ أحد على الاعتداء على شعبنا. اننا ندافع عن شعبنا وبلدنا، وكنا نرغب منذ البداية بأن يسود السلام. فهل توافقون أن نجلس مع صدام عدو الإسلام على طاولة واحدة؟ صدام الذي كان يعادي الإسلام منذ البداية. فعندما كنت في النجف، كنت أعلم بأن هؤلاء يعادون الإسلام، وقد كفّرهم المرحوم آية الله الحكيم «4». إنهم مشركون، ملحدون. فهل تقبلون بأن نجلس مع هؤلاء على طاولة واحدة لنتصالح؟ واية مصالحة؟! المصالحة التي تقتضي أن يقول: أنا الذي فعلت كل هذا، اعتذر عما صدر مني، وعلينا أن نقبل اعتذاره. أي ضمير إنساني- إسلامي يقبل بذلك؟. اننا نصرّ على موقفنا- الذي هو حق- واننا ندعو العالم للتحلي بالعدل والانصاف في موقفه تجاهنا. فنحن لا نريد أكثر من هذا. لقد اعلنا منذ البداية بأننا لسنا طلاب حرب وانما ندافع عن أنفسنا. وان الدفاع حق مشروع أقرّه الإسلام وغير الإسلام، لكل إنسان .. نحن الآن في حالة دفاع. لقد ضحى شبابنا بأرواحهم، وقدّمت الأمهات كل هؤلاء الشهداء، قدّم الآباء كل هؤلاء الشهداء، قدّم الشباب كل هذه الدماء؛ قدموا كل ذلك من أجل أن تتخلص إيران من شرّ القوى الكبرى. واليوم حيث وصلنا إلى هذه المرحلة وتمكنا من دحر المعتدين، فهل يعقل أن نتراجع حتى يعود هؤلاء للاعتداء علينا ثانية؟ انني أقول لكم، بأننا إذا ما تراجعنا خطوة واحدة، فان هؤلاء سيتقدمون مائة خطوة. فلا بد لنا من الصمود والثبات في مواجهة هؤلاء المعتدين كي يتسنى القضاء على الذي أوجد كل هذا الفساد في المنطقة، وفضح أولئك الذين كانوا يزعمون بأنهم حياديون وانهم يدعون للسلام ويعملون له ومن أجله.
غطرسة القوى الكبرى وسحق المظلومين في العالم
نحن نعرف أميركا جيداً، وكذلك الاتحاد السوفيتي. إن أياً منهما لا يريد السلام. كلاهما مغامران ويريد أن يقضي أحدهما على الآخر، وغاية الأمر أنهما قوتان تقفان في مواجهة بعضهما البعض." اللهم اشغل الظالمين بالظالمين" فلا هذا يجرؤ على المبادرة ولا ذاك. ولكن المظلومين وحدهم المتضررون والمسحوقون. واننا لا نسمح لأنفسنا بأن يكون مصير إيران رهن مغامرة هذه الأفاعي بأن تفكر بالهجوم علينا ثانية ونهب خيراتنا وثرواتنا، وجر شبابنا إلى الفساد مثلما كانوا يفعلون في عهد رضا شاه وابنه محمد رضا. اننا عندما نكون على حق ونسعى إلى سيادة الحق في هذه البلاد والبلدان الأخرى إن شاء الله، لا نخشى غلاء الفاكهة مثلًا، أو أن السلعة الفلانية غير متوفرة في الأسواق. فلو عدتم إلى التاريخ ستجدون أن الحروب التي شهدتها البلاد تخللتها مجاعات أهلكت الناس. ليس غلاءً وانما مجاعة. ولله الحمد لا توجد عندنا مجاعة وان الناس غير قلقين لفقدان بعض السلع. أما الغلاء فنحن قلقون منه جميعاً، ولكن ما العمل؟ ما الذي نستطيع فعله؟ طبعاً ثمة جهود تبذل في هذا المجال ونأمل أن يوفقوا إلى إيجاد حلول لهذه المعضلة إن شاء الله. وأنا اسأل الله تبارك وتعالى لكم جميعاً العافية والتوفيق والعزة والعظمة. واسأله تعالى علو الدرجات للشهداء منذ 15 خرداد وحتى يومنا هذا. الشهداء الذين ضخوا بأرواحهم في سبيل الإسلام. واسأله تعالى الصبر والأجر لذويهم إن شاء الله. وأوصي كافة السادة بأن يدعوا في مجالسهم أبناء الشعب لأن لا يغفلوا عن الأدعية الواردة عن الأئمة المعصومين، وان شهر رمضان المبارك على الأبواب، فليدعوا الله تبارك وتعالى بالخير والعافية لهذا الشعب، والهزيمة والخذلان لأعداء الإسلام.
والسلام عليكم ورحمة الله