بسم الله الرحمن الرحيم
إنا لله وإنا إليه راجعون
إن النبأ المؤسف للغاية والمحيّر، لاستشهاد ست شخصيات من بيت المرحوم آية الله الحكيم- رحمة الله عليه- على يد مجرم الدهر الوحش صدام العفلقي، والذي وصلني عن طريق نجله الفاضل سماحة حجة الإسلام السيد محمد باقر الحكيم- حفظه الله تعالى-، يؤلم كل إنسان ذي ضمير غير منحرف عن الفطرة الإنسانية ويدعوه للتأسف.
إننا نعيش في عصر تتحكم فيه شلة من المولعين بالإجرام، ممن تسيطر الاطباع الوحشية على الغالبية منهم، بمقدرات الشعوب المظلومة الرازحة تحت الأسر. إذ إبتلى العالم في عصرنا والعصور المماثلة بحكومات لا تحكم بغير شريعة الغاب. اننا نحيا في عصر يثنى على المجرمين ويؤيد ممارساتهم بدلًا من التوبيخ والتأديب . اننا نحيا في عصر تتولى المنظمات التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان، حماية مصالح المجرمين الدوليين والدفاع عن ظلمهم واعوانهم. اننا نواصل حياتنا المميتة في منطقة يضفي معظم حكّامها- بآذان وعيون مسدودة بأمر من أميركا- المشروعية على جرائم إسرائيل وحزب البعث العراقي، ويسعون إلى هدم الإسلام والقرآن الكريم . إننا نحيا في بيئة يسحق فيها المظلومون ممن ليس لهم ذنب سوى الدفاع عن الحق، تحت اقدام الظالمين. فيما يقوم المعممون الخبثاء من وعاظ البلاط باضفاء الشرعية على هذه الأعمال.
إننا والعالم المسيحي نحيا في عصر يساند البابا، زعيم الكاثوليك، أميركا ويوصي الظالمين الآخرين بالتعاون معها، بدلًا من إدانتها على جرائمها بحق البشرية ودعوة اتباعه لمواجهة الظالمين.
فما هو واجب الشعوب الرازحة تحت أسر القوى العظمى واذنابها وعملائها، في هذا العالم الملوث الذي يعتبر التنفس فيه بمثابة موت بطيء؟ هل ينبغي الجلوس والتفرج على ارتكاب هذه الجرائم، والسماح باحراق العالم من خلال التزام الصمت؟ ألا يتحمل علماء الدين والكتّاب والمتحدثون والمفكرون والمثقفون من كل شعب ودين، واجبهم الإنساني والديني والوطني والأخلاقي، أم ينبغي أن يقفوا موقف المتفرج في بلدانهم؟ ألا ينبغي لهؤلاء الزعماء والقادة تعبئة الشعوب المظلومة الواقعة تحت الأسر من خلال أحاديثهم وكتاباتهم، للتخلص من الظالمين والقضاء عليهم، وتسلّم المستضعفين مقاليد الحكم مثلما حدث في إيران بهمة الشعب العظيم وعزمه؟ فهل كانت في المنطقة قوة كالنظام الشاهنشاهي الظالم المتجبر. وهل كان هناك شعب رازح تحت الأسر كالشعب الإيراني المظلوم؟ وقد رأيتم كيف استطاع، وبأيد خالية وبالتضحية والإيثار، أن يحرر نفسه من القيود خلال فترة قصيرة، ويقود الظالمين واللصوص إلى الأسر أو طردهم. فلا بد للمحرومين والمظلومين على مرّ التاريخ، من النهوض بأنفسهم وأن لا ينتظروا أن يأتي الظالمون لإنقاذهم.
إنني اتقدم بالتعازي في هذه المصيبة الكبرى التي طالت بيت الحكيم المعظم، واستشهاد ستة من أبناء الرسول الكريم المظلومين على يد ازلام صدام بذلك الوضع الفجيع والمؤلم؛ إلى أجدادهم العظام والى الإسلام العظيم والمسلمين الملتزمين في العالم والى الشعبين الإيراني والعراقي.
ويجب على الشعب العراقي أن يعلم بأن الأمر لا يقتصر على بيت الحكيم المعظم، فهؤلاء الذين استشهدوا تحت التعذيب استشهدوا على طريق الإسلام العزيز ومصالح الشعب العراقي والتحقوا بلقاء الله ليحشروا إلى جوار أجدادهم المعظمين. وانما المهم هو الإسلام. فإذا أمهل هذا الملحد المعارض للإسلام بالفطرة، فسوف يسحق الإسلام العظيم والشعب العراقي العزيز تحت أقدام ازلامه المجرمين، ولن يدع حرثاً ولا نسلًا للشعب العراقي.
فالى متى يتحمل الجيش العراقي، الذي هو من هذا الشعب وأبناء هذه الأرض، كل هذا الإذلال الذي يمارسه هذا المجرم؟ والأعجب من ذلك هو أن ادعياء المساعي الحميدة في المنطقة ممن شمروا- حسب زعمهم- عن سواعدهم للإصلاح بين حزب البعث والجمهورية الإسلامية الإيرانية، غافلون عن أن المصالحة مع هذا النمر المكشر عن أنيابه، تعد ظلماً بحق المحرومين وبحق الإسلام والمسلمين، متناسين أن هذا الشخص وبسبب هزائمه في الحرب وفقدانه كل شيء، اضحى بدرجة من الجنون بحيث لا يعبأ بأي اتفاق ومعاهدة. وان الشعب الإيراني، ورغم الآلام والدمار الذي يشهده على يد هؤلاء المجرمين، يرفض مثل هذه المصالحة تماماً. فالإسلام العزيز لن يسمح بممارسة الظلم بحق الشعوب المظلومة باسم المصالحة.
مرة أخرى أعزي كافة المسلمين لا سيما أسرة الحكيم المعظمة وسماحة حجة الإسلام السيد محمد باقر الحكيم، بهذه المصيبة العظيمة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
6 رمضان المبارك 1403/ 1362 3 28
روح الله الموسوي الخميني
طهران، جماران
استشهاد ستة من أسرة السيد الحكيم في العراق
الشعبان الإيراني والعراقي
جلد ۱۷ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۴۰۳ تا صفحه ۴۰۴
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417