بسم الله الرحمن الرحيم
كل ما عندنا من الله
على أعتاب شهر محرم العظيم يسرني ان ألتقي علماء اعلام وخطباء اعزاء واساتذة الحوزات العلمية. فلقد شهدنا على اعتاب حلول شهر محرم مصائب كبيرة. حيث شهدت مدينتا دزفول وانديمشك استشهاد عدد من شبابها الذين هم شبابنا واخوتنا واخواتنا واعزائنا جميعاً، ممن نالوا الشهادة على يد عملاء امريكا واولئك الذين لا يؤمنون بالاسلام ويعادونه. وقد التزم العالم الصمت مقابل هذه الجريمة. فكل ما ذكرته وسائل الاعلام العالمية في هذا الصدد هوان العراقيين يدعون بان الايرانيين قاموا بمهاجمتهم، فيما يقول الايرانيون ان العراقيين قصفوا مدنهم. ورغم زيارتهم للبلاد ومشاهدتهم لهذه المصائب التي حلت بنا، الا ان هذه المنظمات التي تسمي نفسها منظمات حقوق الإنسان، تندد بالمظلومين بدلًا من الظالمين. واني آمل ان يمن الله تبارك وتعالى على هذا الشعب بالقوة والصبر لمقاومة كل هذه المحن والثبات مقابل المصائب النازلة به. وبما اننا نستقبل شهراً يعلمنا ان علينا الاقتداء بمولانا الامام الحسين بن علي عليه السلام الذي ضحى بكل شيء وقدم كل ما عنده فداء للاسلام، وانكم يا من تسمون انفسكم من اتباعه وشيعته ومحبيه، مطالبون بالاقتداء به والتضحية بكل ما عندكم. ونحن لا نملك شيئاً، إذ ان كل ما عندنا من الله سبحانه وتعالى وليس عندنا شيء نقدمه في سبيله، اللهم لو وقع شيء بايدينا فاننا سنقدمه في سبيله. فكلنا منه، وشبابنا منه، واموالنا منه، وكل شيء عندنا منه وحده، ونحن نضحي بهذه الاشياء كقرابين في سبيله، وكل ما يعود له نضحي به في سبيله. هناك موضوعات عديدة أود طرحها غير أن ذلك غير متيسر الآن. لذا سأكتفي بالإشارة إلى بعضها بقدر ما يسمح به الوقت.
اللجوء إلى بث الفرقة، أسلوب جديد للاعداء
انتبهوا ولا تتغافلوا عن الشياطين. فهؤلاء الشياطين يتشبثون بكل ما وقعت عليه ايديهم ويسلكون اي سبيل للنفوذ إلى صفوف هذا الشعب والوسوسة له. فموضوع الهجوم العسكري ليس بذات الاهمية، والرد عليه يتكفله ابطال الاسلام وقد فعلوا والحمد لله. كما لم يعد لما تنشره وسائل الاعلام وتبثه اي تأثير في العالم، لانه بات واضحاً للجميع نوايا هذه الوسائل وان الموضوعات التي تنشرها لا يمكن تصديقها، وانها لم تعد قادرة على تضليل وخداع شعبنا والتلاعب بافكاره. واللعبة التي لجأوا اليها مؤخراً لزرع بذور الفرقة- حسب تصورهم- لن تنطلي على احد، فهم يزعمون على سبيل المثال ان نهج فلان كذا وكذا وان خط فلان مسؤول يتعارض معه. في حين ان هذين المسؤولين وسائر شخصيات النظام متحدون جميعاً وتجمعهم رابطة الصداقة والاخوة في كل شيء، وهم يعرفون انهم لا طريق امامهم سوى ذلك، لكن بعض السذج قد يصدقون احياناً هذه المزاعم. ومما يطرحه هؤلاء ان نهج فلان حوزة هكذا، وتلك الحوزة كذا، وخط فلان شخص كذا. وخط ذاك الشخص كذا، وطريق رجال الدين لفلان جهة كذا، وطريق البقية كذا وكذا. فهم يطرحون خطوطاً مختلفة ويريدون اكراه الناس على التصديق بوجود مثل هذه القضايا في ايران وان لكل شخص خطا خاصاً به، في حين ان الحقيقة ليست كذلك، ولا يوجد في ايران اي خط سوى خط الاسلام وان الجميع يسيرون في خط وطريق واحد. وان السادة الذين يرتقون المنبر في شهري محرم وصفر تقع على عاتقهم مسؤوليات ومهام عديدة. احدى هذه المهام استنكار وشجب اعمال الذين يطلقون مثل هذه المزاعم، من ان فلاناً يتبع فلان خط وفلاناً يتبع خطاً آخر. يجب على الخطباء توعية الناس بأن أمثال هؤلاء أعداء لهم وانهم يثيرون موضوعات تهدف إلى نزع ثقتكم ببعض وبمسؤولي النظام ورجاله.
واني اؤكد لكم ان جميع المسؤولين اليوم متفقون في الرأي، وكبار الموظفين والمدراء يمارسون اعمالهم بانسجام كامل ويبذلون جهودهم المخلصة من اجل الاسلام ويتحركون لاجله، ولا يوجد عندنا خطوط مختلفة او متعارضة في ايران. وانه مجرد افتراء يفتعله اعداؤنا واذنابهم في الداخل. فبعد يأسهم من وقوع انتفاضة مسلحة داخل ايران، واحباط محاولاتهم المختلفة، لجأوا إلى انتهاج سبيل آخر وهو ان" حوزة قم العلمية" تقول كذا وحوزة" رابطة علماء الدين المجاهدين" تدعي كذا، وان المسؤول الفلاني يسير مع عدة اشخاص في كذا طريق، فيما اختار آخر مع عدة اشخاص طريقاً آخر، ورجال الدين في فلان منطقة يرون كذا، وكل ذلك لا أساس له من الصحة، واني اعرف بانكم تدركون هذه الحقيقة، لكن بعض السذج يمكن ان يصدقوا هذه المزاعم.
اتخاذ العبرة من الحركة الدستورية
ان التاريخ يحمل دروساً وعبراً لنا. فانتم عندما تقرأون تاريخ الحركة الدستورية ترون انه بعد شروع الحركة الدستورية، تدخلت بعض الايادي وراحت تصنف الشعب الايراني الى طبقتين. ولم يقتصر الأمر على ايران وحدها، بل زعموا ان كبار علماء النجف انحاز بعضهم للحركة الدستورية، وبعضهم عاداها، وان جماعة من علماء ايران نفسها يؤيدون هذه الحركة وجماعة يعارضونها. وان عدداً من الخطباء تحدثوا ضد الحركة الدستورية وعدداً آخر تحدثوا ضد الاستبداد. واذا كان شقيقان في بيت واحد فهم يدعون ان احدهما موال للحركة والآخر مستبد. وكانت تلك مؤامرة تركت تأثيرها بحيث لم يدعوا للحركة الدستورية ان تطبق عملياً بالصورة التي خطط لها العلماء الكبار. واوصلوا الامور الى حد ان تلقى المطالبون بالنهضة الدستورية ضربة عنيفة على يد عدد من الاشخاص. ووصل بهم الامر الى حد ان شخصية كالمرحوم الشيخ فضل الله نوري «1» تم شنقه في طهران ورقص الناس وصفقوا طرباً لذلك لا لشيء الا لانه صرح بضرورة ان تكون الحركة الدستورية حركة مشروعة واننا لا نقبل الحركة الدستورية المستوردة من الغرب او الشرق. علماً ان كل هذه الامور لم تكن موجودة في الحركة الدستورية اثناء انطلاقتها. الا ان اولئك الذين رأوا ان مصالحهم تعرضت للخطر بسبب هذه الحركة وان مكاسبهم آخذة بالزوال، لم يحلوا لهم ان يكون الدستور مطابقاً للاسلام، حتى تحول عدد من هؤلاء المستبدين انفسهم الى دعاة مطالبين بالنهضة الدستورية ولجأوا الى الشعب يلتمسون حمايته. فاولئك المستبدون انفسهم جاؤوا بعد ذلك وامسكوا بالحركة الدستورية بأيديهم واوصلوها الى المرحلة التي نعرفها جميعاً.
وكان هؤلاء قد حاولوا فعل الشيء نفسه في عهد" الميرزا الشيرازي" «2». فعندما اصدر المرحوم الميرزا فتواه بتحريم التدخين (التنباك) اندس الشياطين بين صفوف الشعب ووسوسوا لهم لمعارضة هذه الفتوى حتى وصل الامر الى قيام بعض اهل العلم بارتقاء المنبر في بعض المدن- كما نقل لنا- وتدخين النارجيلة للتعبير عن معارضته لفتوى المرحوم الشيرازي. لكن الميرزا ولأنه كان يتمتع بقدرة استثنائية، وكان لديه انصار اقوياء وأصحاب نفوذ كبير أمثال الميرزا آشتياني «3»، فقد استطاع ان يحول دون تحقيق مآربهم. غير ان هذه الحالة لم تكن موجودة في الحركة الدستورية، إذ كان الطرفان قويين. وفي النجف كان بعض العلماء المعروفين معارضين لهذه الحركة وبعضهم أيدها. وفي ايران اوجدوا بين العلماء مثل هذه الاختلافات والانقسامات، ولم تكن هذه الخلافات لتحدث من نفسها. علينا استلهام العبر من التاريخ لئلا يأتي يوم يتمكن فيه بعض المغرضين من الاندساس بينكم انتم رجال الدين، او بين الناس وينزغون في قلوبكم، وان يحدث- لا سمح الله- ما حدث خلال الحركة الدستورية.
امكانية تحقيق مآرب العدو من خلال إثارة النفاق
بعد فترة قصيرة ستبدأ الانتخابات في البلاد. وسمعت ان البعض أخذ ينشط ويتحرك بشكل جدي وفاعل. هناك اشخاص لا يؤمنون اصلًا بنظام الجمهورية الاسلامية، لكنهم يريدون المشاركة في الحملات الانتخاباتية لا لشيء الا لضرب وهزيمة الجمهورية الاسلامية، لا من باب انهم يريدون ان يصبحوا ممثلين للشعب، لكن من باب عزمهم على دحر الجمهورية الاسلامية. فأمثال هؤلاء ومن خلال إثارة الوساوس يهدفون إلى زج البعض للتدخل بشكل مؤثر في هذه الامور. واذا لم ينتبه العقلاء، فمن الممكن ان تؤدي هذه الانتخابات الى ايجاد انقسامات عديدة مثلما حصل في الحركة الدستورية. يجب ان يلتفت الشعب لما يجري، وبالاخص علماء الدين، علماء الدين المجاهدين بطهران، واساتذة الحوزة المحترمين بقم، وعلماء الدين بمشهد واصفهان، وفي كل مكان، عليهم ان ينتبهوا لئلا تتحول القضية الى قضية الحركة الدستورية. وأن لا يصبح الأمر بنحو بان تقوم جماعة وبسبب دعمها لأحد المرشحين، بضرب وتدمير الآخرين، وتقوم تلك الجماعة بضرب وتخريب هذه الجماعة من اجل فوز مرشحها. فاذا كان الجميع يعملون لله، عليكم التفاهم فيما بينكم. وطبعاً لا مانع من الدعاية للانتخابات، لكن لا تجعلوا الوضع يصبح مثلما حدث أثناء الحركة الدستورية. ولا تكون الامور بنحو بأن يضرب احدنا الآخر وتتهيأ الفرصة لان ينفذ اعداؤنا خطتهم بايجاد خطوط مختلفة ومتناحرة في الانتخابات. فكلكم تتطلعون إلى تطبيق الاسلام في هذا البلد، وكلكم تبغون اقامة الجمهورية الاسلامية وبقائها، واستمرار ذلك يتطلب منكم ان تنتبهوا لما يحاك ضدكم. فاذا ما رأيتم الشياطين يحيكون لكم الدسائس والمؤامرات لزرع بذور التفرقة بينكم وجعلكم تتنازعون فيما بينكم، عليكم الجلوس الى طاولة واحدة والتحاور والتفاهم لحل المشاكل الطارئة بينكم لاحباط مخططات الاعداء وتبديد آمالهم في ايجاد الفرقة بين صفوفكم. فاليوم اعداؤكم، واعداء الجمهورية الاسلامية، يعدون العدة ويرسمون الخطط لزرع بذور النفاق بينكم في الانتخابات، وهذا خطر داهم يهدد بلادنا. فهؤلاء لا يمكنهم فعل شيء بالقوة، ولا يمكن لامريكا ولا لروسيا ان تضر دولة يكون الجميع فيها متحدين فيما بينهم حتى لو استخدموا القوة، لكن عملاءهم واذنابهم في الداخل يمكنهم من خلال التآمر زرع النفاق والتفرقة فيما بينكم منتهزين فرصة الانتخابات.
تحاشي الخلافات واجب على جميع القوى
ان ابناء الشعب مكلفون شرعاً بالكف عن الخلافات المدمرة، وهذا الامر يشمل الجميع، اي انه تكليف شرعي يقع على عاتق الجميع، على عاتقي انا طالب العلم الجالس هنا، وعلى عاتقكم انتم العلماء وكل علماء البلاد وشرائح الشعب، وجميع المفكرين والكتاب والمتحدثين. يقع على عاتق الجميع تكليف شرعي بعدم السماح لتحول الاوضاع الى ما كانت عليه أثناء الحركة الدستورية.
عليكم الاتعاظ مما حدث، فاذا آل الوضع إلى ما كان آنذاك، فسيأتي أولئك الذين عارضوا الاسلام والجمهورية الإسلامية، وكلهم من اللاعبين في الساحة، ويستولون على زمام الحكم. أنه أمر لابد من الاشارة اليه والتذكير به، وعلى السادة الانتباه إليه جيداً. كما عليهم ان يذكروا الناس بأن ايران اليوم، وكل المسؤولين والمتصدين لادارة البلاد والمتولين لشؤونها، سواء في مجلس الشورى او في الحكومة او في السلطة القضائية، سائرون على نهج واحد. لا ننكر ان الشيطان ينزغ للقلة النادرة منهم، لكنهم وبحسب الظاهر يسيرون جميعاً في خط واحد، ولا توجد خطوط مختلفة في مجموعة النظام.
وهذه المؤامرة التي يريدون تمريرها باسم الخطوط المختلفة، من قبيل جعل احدى الجماعات توالي احد الأجنحة وجعل جماعة اخرى تناصر جناح آخر، وفي حالة عدم وجود خلاف بينها، يتنازع اتباع هذه التيارات فيما بينهم ويحصل ما شهدته الحركة الدستورية رويداً رويداً في كل انحاء البلاد، حيث اعلن جماعة من الخطباء تأييدهم للحركة الدستورية فيما عارضتها جماعة اخرى من اهل المنبر، وكانت هذه الامور متفشية في البيوت والاسواق .. عليكم الانتباه لئلا تصبح الامور هكذا بان يتنازع ويتخاصم الناس فيما بينهم، هذا لولائه لفلان شخصية وذاك لتأييده لتلك الشخصية، في حين ان ذلك كله لا يعدو كونه مجرد توهم لا اكثر. كما على السادة الانتباه إلى ما يجري في الانتخابات، فهم مطالبون بارشاد الناس ولفت انظارهم الى حقيقة انكم اذا كنتم تريدون الحفاظ على الاسلام فعليكم انتخاب اشخاص ملتزمين ومتمسكين بالاسلام ومنفذين لتعليماته وأحكامه، وغير تابعين لا للشرق ولا للغرب.
وينبغي لكم توعية الناس بان تكليفهم الشرعي هو التصرف بشكل لائق خلال الانتخابات واداء مهامهم كما ينبغي، وان علماء الدين والخطباء مكلفون بالعمل وتحمل المسؤوليات المناط بهم ليحذو الناس حذوهم ويمارسون دورهم المطلوب منهم حتى يكون عندنا مجلس يخلو من المندسين المناوئين لمبدأ الجمهورية واحتلالهم لمقاعده.
ضرورة توجه علماء الدين الى الجبهات
ومن الامور التي أرى لزاماً عليّ طرحها هنا، هو ان جبهات القتال بحاجة الى علماء الدين، وان جميع ابناء الشعب محتاجون لان يرشدهم علماء الدين ويبصروهم بواجباتهم باحباط وافشال كل مخططات ومؤامرات الاعداء المحاكة ضدنا. ففي الجبهات وفي المدن الحدودية هناك حاجة ماسة لعلماء الدين والخطباء. لذا على العلماء والمبلغين التوجه الى الجبهات والذهاب الى المناطق الحدودية وارشاد الناس وتبصيرهم بواجباتهم لاجل الله. فالشياطين في كل مكان، ويجب ان يكون جند الله في مواجهتهم دوماً. وقد طرح هذا الموضوع كراراً بان يأتي علماء الدين والخطباء الى الجبهات التي هي بحاجة لوجودهم. وليس من الانصاف ان يبذل شبابنا الاعزاء كل هذه التضحيات ويطلبون منكم ان تعالوا الينا وارشدونا، دون أن تلبى رغبتهم. فهذا الأمر ايضاً من القضايا التي ينبغي للسادة الاهتمام بها والالتفات لها. وان ايام محرم وصفر تعد فرصة جيدة للسادة للذهاب الى هناك حيث يمكنهم التبليغ في المدن الحدودية، ولو بشكل متناوب، بان يذهب السادة الى تلك المدن ويقيمون فيها شهراً، ثم يأتي مبلّغ آخر ويبقى شهراً آخر، ويمارسون دورهم في ارشاد الناس وتوعيتهم بتكاليفهم الشرعية وامور دينهم ودنياهم. كما عليهم توعية شبابنا الاعزاء في انحاء البلاد، بعد تقدير خدماتهم في صيانة الثورة والجمهورية الاسلامية ضد ضربات الاعداء، وابلاغهم بانهم في وسط الطريق، وان هناك حاجة ماسة لتواجد الشباب، واننا لم نبلغ الهدف الذي رسمه الاسلام بعد، وانه ينبغي للسادة المبلغين حث الشباب على مواصلة التواجد في جبهات القتال واعمارها بوجودهم.
شدة الكبت السائد في العراق
الحمد لله ان التسلط والاقتدار يعم الجبهات وان كل شيء بأيدينا الآن، لكننا يجب ان لا نغتر بكوننا احكمنا تسلطنا وقبضتنا على الجبهات. بل علينا ان نفكر دائماً بالسير قدماً، ويجب علينا دفع شر عدونا وقطع دابره عن بلادنا. وقد أوضحت لكم مراراً وتفضل به مسؤولو النظام المحترمون أيضاً بأننا لم نكن البادئين بالحرب أبداً ولن نكون المهاجمين، لكن من المؤكد ان تقدمنا داخل الاراضي العراقية انما يهدف الدفاع عن بلادنا، الدفاع عن الشعب العراقي. فالعراق يعاني اليوم من مصائب وابتلاءات اكثر مما تعانيه بلادنا، كما ان الشعب العراقي يمر بمحنة اشد مما نمر به، فالكبت والقمع الذي يعم العراق اليوم، لم يشهده اي عصر من العصور. وفي الوقت الذي لا يمتلك رموز السلطة في العراق اي معرفة بجوهر وماهية الاسلام نراهم يدعون ويتظاهرون بالتمسك بالإسلام، لكنهم داسوا الاسلام بأقدامهم وفرضوا حكماً قمعياً واستبدادياً على ابناء العراق المسلمين واحكموا حلقة الخناق على رقابهم وسلبوا منهم الامن والامان. وقد سمعنا من بعض الاخوة الذين قدموا حديثاً من العراق بان الشعب العراقي مسلوب الامن ويفتقد للامان. فابناء الشعب العراقي لا يعلمون ماذا سيحل بهم في الغد، ولا يعرفون ما سيفعل بهم البعثيون لاحقاً. فنحن ندافع عن الاسلام، ولا يمكننا رؤية الاسلام يؤول للزوال في العراق. وانا ادعو افراد الجيش العراقي من غير البعثيين، ادعوهم للنهوض وعدم السماح لحزب البعث بسحق الاسلام بأقدامه والقضاء على الشعائر الاسلامية. ولا يساوركم ادنى شك بأن أمثال هؤلاء إذا ما تسنى لهم ذلك فانهم لن يتوانوا عن تدمير العتبات المقدسة وتسويتها بالارض، كما فعل الجهال والمنحرفون بقبور اولياء الله في البقيع حيث محوا آثارها، فأمثال هؤلاء سيتعاملون بهذا الأسلوب مع كل ما هو اسلامي في العراق ولن يبقوا على هذه البقاع الطاهرة، اذا وصلت إليها ايديهم لا سمح الله. لماذا لا يلتفت الشعب العراقي الى هذه الحقائق؟ فصدام اصبح على شفا جهنم، وحزب البعث صار على حافة السقوط في نار جهنم، والامر بحاجة الى تحرك ولو ضعيف في العراق.
تسلط امريكا على المنطقة بسبب عدم أهلية حكامها
اننا لا نريد فرض اي حكم في العراق. فنحن نحترم العراق وسيادته كما نحترم ايران بل ان احترامنا للعراق اكثر لان فيه الامام امير المؤمنين عليه السلام والامام الحسين عليه السلام. واننا نتطلع لأن يعيش الناس في احضان هذه البقاع الطاهرة بهدوء وامان، وليس بالصورة التي نراها الآن حيث لا يعلم العراقيون ماذا سيحل غداً من بلاء بهم وباولادهم وعلمائهم. وان ما آمله ان يشمل الله سبحانه وتعالى العراق برعايته كما شمل ايران برعايته وانقذها من النظام الشاهنشاهي الفاسد، وان يوقظ شعب العراق وجيشه وموظفيه وعماله وفلاحيه من سباتهم ويجعلهم ينتبهون لما يجري في بلادهم كما حصل في بلادنا، آمل ان يحدث هذا التحول والتغيير الذي حصل في ايران، ان يحدث في العراق إن شاء الله. ونحن نرى اليوم كيف تمكنت امريكا من فرض هيمنتها وسلطتها على منطقتنا بسبب عجز الانظمة الحاكمة. وقد استطعنا قطع دابر امريكا ولم يعد بمقدورها ان تفعل شيئاً، وصار الخليج بايدينا وإذا فكرت امريكا بارتكاب حماقة فسنقطع تدفق النفط عنها. لكن غفلة هذه الحكومات ادت الى ان تمد امريكا يدها من الجهة الأخرى من العالم والتحكم بهذه البلدان ذات الانظمة الضعيفة. فأمثال هؤلاء الحكام عاجزون عن ادارة امور بلدانهم رغم كل ثرواتها. وفيما كانت إيران في السابق تحت النفوذ الاميركي، فالجيش كان بيد امريكا وكل شيء كان تحت سيطرتهم، لكن شعبنا كان واعياً واتسم قادته بالعقل والحكمة لذلك نراهم افلحوا في ايقاظ هذا الشعب من غفوته ولفت انتباهه لما يجري حوله، وكان شعبنا جديراً بهذا العمل. وبالنسبة للدول الاخرى، فان شعوبها طيبة غير أنها تفتقد إلى القائد المدير القادر على ادارة امورهم واقناعهم بعدم فسح المجال امام تسلط امريكا للبقاء والاستمرار على ما هو عليه او التوسع اكثر. والشيء نفسه يصدق على تسلط الاتحاد السوفيتي. فالسلاح بيدكم. لكن ينبغي لمن يحمل السلاح ان يعلم ما يفعل به، واين يستخدمه، وانتم حملتم السلاح لضرب الاسلام. انكم تدركون جيداً ان الجمهورية الاسلامية تتطلع إلى نشر الاسلام في هذا البلد وفي جميع البلدان، لكنكم حملتم اسلحتكم لمواجهة الاسلام والجمهورية الاسلامية. انتم تمتلكون السلاح لكنكم لا تفقهون. فاذا اتحدت وتوحدت الحكومات العربية، فان بقية المسلمين سيلتحقون بها، ونحن ايضاً سنقف الى جانبها. يجب عليهم جميعاً توحيد صفوفهم وان يقولوا لامريكا وبكل قوة: من انت وما هو شأنك لتأتين الى المنطقة للتحكم بها؟ ومن يكون الاتحاد السوفيتي كي يأتي من الطرف الآخر من العالم ويريد ان يفرض سلطته على افغانستان؟ وما هو الداعي لذلك؟ انهم يحاولون استغلال جهل جماعة وخيانة جماعة اخرى لتحقيق مآربهم. فهناك جماعة من الجهلة والخونة يتحركون في الداخل، وجماعة من البائسين مغلولي الايدي الذين ليس بوسعهم فعل شيء. اني ادعو الله سبحانه وتعالى ان يمن علينا وعلى جميع مظلومي العالم بالنجاة والخلاص من قيود تسلط هؤلاء الظالمين مصاصي دماء الشعوب المقهورة.
ضرورة بيان البعد السياسي لواقعة كربلاء
وانتم ايها السادة مطالبون بارشاد ووعظ الناس من على المنبر وفي اماكن اخرى. عليكم تقوية ارشادكم ووعظكم في هذين الشهرين المباركين وتوضيح التعاليم الاسلامية للناس بشكل مكثف، الى جانب القضايا السياسية، وتوعيتهم بأن واقعة كربلاء، التي تعد اهم القضايا السياسية، يجب ان تبقى حية في النفوس بنفس الصورة التي حدثت، مع تغيير بعض الكلمات والعبارات. فالمصائب هي هي. ولا يمكن تغييرها، ويجب شرح البعد السياسي العميق لحادثة كربلاء. فسيد الشهداء، واستناداً للروايات المنقولة وحسب معتقداتنا، كان يعي تماماً عندما انطلق من المدينة المنورة، ما هو فاعل، وكان يعلم بأنه سيستشهد، وقد أبلغ بذلك حتى قبل ان يولد، استناداً لاحاديثنا وعندما قدم الى مكة وخرج منها بتلك الحالة، أراد بذلك تحركاً سياسياً كبيراً حيث كان خروجه من مكة في وقت كان الناس متوجهين الى مكة. فذلك الخروج كان بمثابة تحرك سياسي، وكل تحركاته وسكناته كانت ذات مغزى سياسي، وذات أهداف إسلامية سياسية، لذا قوبلت بقمع شديد من قبل بني امية، ولولا هذا التحرك وهذه الثورة، لقضي على الاسلام وضاع اثره.
تحذير الناس من مؤامرات الاعداء
في اليوم الذي يدرك الناس- ويحتملون- أن الاسلام في خطر، يتوجب عليهم ان يقوموا بما قام به الامام الحسين عليه السلام. وفي اليوم الذي نحتمل أن الاسلام معرض للخطر، ينبغي لنا جميعاً تقديم التضحيات، وعلينا التحرك والقيام بخطوات عملية. فاذا احتملنا تعرض الاسلام والجمهورية الاسلامية للخطر الداهم بسبب الحملات الدعائية للانتخابات، علينا ان نكف عن مثل هذه الحملات الخطرة على الاسلام، لكونها مضادة للاسلام ولانها تجري احياناً باسم الاسلام، في حين تحدث امور منافية ومناقضة للاسلام. وان نفس هذه الحالة كانت سائدة خلال الثورة الدستورية، حيث كانت ثمة جماعة اشبع فكرها إلى درجة جعلوها تعتقد ان التعامل مع الاحداث يجب ان يكون بهذا الشكل. فقد اوحي لطلاب السلطة آنذاك وعبئت اذهانهم بفكرة ان الناس روجوا للاستبداد- اي ان احدى الجماعات، من اهل المنبر هم كذلك- وان الوضع الراهن هو كذلك ايضا. يمكن لبعض الشياطين ان يندسوا بين صفوف الناس ويروجوا لفكرة انهم سيحددون لنا تكليفنا الشرعي وعلينا معارضة فلان شخصية او فلان مسؤول واصدار الاوامر بابراز المعارضة لفلان شخصية .. استيقظوا من نومكم! فهناك ايادٍ تتحرك لتحرير دسائس شيطانية. ومؤامرات شيطانية إضافة إلى هذا التحشيد للجيوش، وهو امر ليس بالمهم، فتلك المؤامرات المحاكة ضدنا يمكن ان تزرع الفرقة بين صفوفكم لا سمح الله، وهؤلاء المتآمرون يمكنهم ان يضعوا البلاد في مهب الريح ويعيدوها الى الوراء، ويشكلوا حكومة ذات صبغة شاهنشاهية وربما إسلامية ولكن من نوع الاسلام الذي يريدونه هم.
على عملاء امريكا الكف عن اعمالهم ودسائسهم، واقل ما نتوقعه منهم، هو ان يذهبوا ويجلسوا في اماكنهم لانجاز اعمال اخرى. واوجه كلامي لاولئك العملاء المقيمين في الخارج ويبثون كل هذه الدعايات المعادية لايران ويزعمون بأن الايرانيين اداروا ظهورهم للجمهورية الاسلامية، فاقول لهم: حسناً، اذا كان الجميع معكم، اذن تفضلوا وشرفونا هنا! وما هو الداعي لهروبكم من بلادنا؟ الآن وقد اغلقتم ابواب قلاعكم وحصونكم من حواليكم. فاذا كان جميع الايرانيين او غالبيتهم مؤيدين ومناصرين لكم، وانهم يذهبون الى صلاة الجمعة بوحي من خوفهم ويبذلون كل هذه التضحيات، فاذا كان الأمر كذلك فعلًا، حسناً فالجميع معكم، اذن لماذا ذهبتم الى الخارج وجلستم هناك؟ ولماذا لا تجرأون على العودة الى الوطن، ان هؤلاء هم انفسهم ممن يريدون النفوذ والتسلل الى قلوب الناس البسطاء، ولن يكتب لهم النجاح ان شاء الله في مسعاهم، فقد حقق الاسلام والحمد لله تقدماً باهراً في العالم بأسره، حيث أفاقت الشعوب وراحت انظار مظلومي العالم ترنو إلى الجمهورية الاسلامية. وكلي امل ان نبقى ملتزمين بالاسلام وبالنظام الجمهوري الاسلامي، وان توفقوا جميعاً لخدمة هذا الشعب وخدمة هؤلاء المحرومين، وتوفق الحكومة لخدمة الذين قدموا هذه التضحيات الجسام في سبيل الاسلام. خدمة اهالي دزفول واهالي انديمشك وخوزستان الذين قدموا كل ما يملكون وضحوا بكل شيء في سبيل الاسلام. فهذا واجب شرعي يقع على عاتقنا جميعاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته