بسم الله الرحمن الرحيم
صلاة الجمعة في مقدمة الأمور
ان صلاة الجمعة تعد من اهم المكتسبات التي تحققت في هذه الثورة، والتي كانت مهجورة ومنسية في العهد البائد ولم تكن مألوفة عند اهل السنة وغالباً ما اقيمت تحت حراب ونفوذ القوى المتجبرة. لكن هذه الصلاة وجدت ضالتها وتحققت بمحتواها الحقيقي في ثورتنا المباركة والحمد لله، وعلى السادة بذل المزيد من الاهتمام بها عبر توصية الناس والاجيال القادمة وبيان هذه النقطة المهمة وهي ان صلاة الجمعة من اهم الاعمال والامور، وان على ابناء الشعب اجماع امرهم للحيلولة دون حصول اي خلل في هذا الامر الهام. ومنصب امامة الجمعة، يمثل منصب الارتباط بين رجل الدين والشعب، والترابط بين عالم الدين ومجلس الشورى والحكومة، وكل ذلك من الامور التي يمكن تنفيذها بسواعد ائمة الجمعة القوية، التي يؤمل لها ان تنجز بشكل أكبر وأفضل مع مرور الوقت، وان يشارك فيها عدد اكبر من المواطنين، وان تبقى هذه السنة الحسنة مصانة لشعبنا وللاجيال القادمة.
والوضع في بلادنا اليوم لا يشبه ما كان في العهد البائد حيث لم يكن بمقدور علماء الدين فعل شيء، بل اصبح علماء الدين مسؤولين امام الناس، ولا يجوز لهم ان يكتفوا بالجلوس جانباً ويشغلوا أنفسهم بالدعاء والعبادة. فاحتياجات البلاد عديدة ومختلفة، حيث اننا بحاجة ماسة الى التبليغ والارشاد والى المحاكم القضائية والقضاة، وفي نفس الوقت الذي بذل المجلس الأعلى للقضاء جهوداً مشكورة في هذا المجال، الا ان البلد مازال يشكو من نقص واضح في عدد القضاة وينبغي للحوزات العلمية والعلماء الافاضل بذل الاهتمام بتدريس القضاء في الحوزة واطلاع القضاة بفنون وعلوم القضاء التي كانت تمارس في عهد أمير المؤمنين علي (عليه السلام)؛ ومنها ان القضاء ليس شأناً علمياً فقط، بل هو فن من الفنون وعمل فني ايضاً، الذي من خلاله يصل القاضي احياناً الى الاطمئنان اللازم لاصدار الحكم، الامر الذي يعد حجة في باب القضاء.
وخلاصة القول، ان هذه الامور من مسؤولية علماء الدين وبالاخص ائمة الجمعة، المطالبين بوضع يدهم بيد بعض لحراسة هذه الثورة والدفاع عنها؛ والعمل على ان لا تصبح الاوضاع مثلما كانت عليه اثناء الحركة الدستورية حيث يصاب العاملون باليأس ويضطرون الى التنحي جانباً- كما حصل خلال الحركة الدستورية، واصبحت الساحة مفتوحة ومهيأة لمجيء المستبدين الى السلطة وتحولهم الى دعاة لتغيير الدستور واقصائهم للمطالبين بالتغيير- وترك المجال مفتوحاً امام عدد من الذين لا صلة لهم بالاسلام لا من قريب ولا من بعيد، ليحكموا باسم الاسلام وتطبيق التعاليم الاسلامية.
تهمة انتهاك حقوق الانسان
لا يخفى عليكم ان العالم يعيش وضعاً خاصاً هذه الايام، فمنظمة العفو الدولية صنفت عدداً من البلدان في خانة الدول المنتهكة لحقوق الانسان، والتي لا توجد بينها اي اشارة لامريكا وفرنسا والاتحاد السوفيتي، في حين شاهدنا وشاهدتم ما فعله الاتحاد السوفيتي في افغانستان وكذلك ما ارتكبته امريكا من جرائم في بيروت، حيث اعطوا لهذه الاعمال مسميات من قبيل انها جاءت لصالح الناس وصلاحهم؛ فهل يعنيكم مصلحة الناس وصلاحهم؟ ففي الوقت الذي اصدرت المحاكم الإيرانية أحكام القصاص ضد عدد من المفسدين الذين نشروا كل تلك المفاسد في ايران، اثاروا تلك الضجة واقاموا الدنيا ولم يقعدوها واستغلوا وسائل الاعلام لنشر الدعايات المغرضة ضد ايران. وطبعاً هم يعلمون جيداً انه لوعمت الثورة الاسلامية الارض فان ذلك سيمثل نهايتهم ويعني قطع ايديهم عن الشعوب المقهورة. والمؤسف له ان الانظمة الحاكمة في البلدان المسلمة تبدي التعاون مع هذه القوى: اما عن جهل وغفلة، او انهم يعرفون الحق لكنهم اختاروا الصمت طمعاً في البقاء اياماً اخرى في السلطة. علينا ان نقاوم هؤلاء الطغاة والوقوف بوجههم لنتمكن من تصدير الثورة والاسلام لمختلف أنحاء المعمورة.
المشاركة في الانتخابات بانتخاب الأصلح
اما قضية الانتخابات القادمة فهي من اهم القضايا التي تقع مسؤوليتها على عاتقنا جميعاً. وانتم تعلمون ان اعداء الاسلام يخططون لعرقلة الانتخابات ومنع اجرائها بصورة نزيهة وسليمة، واخراجها من ايدي المسلمين والملتزمين. لكن عليكم توظيف واستغلال كل طاقاتكم وامكاناتكم لتمهيد الارضية لاجراء الانتخابات بالصورة المناسبة والمطلوبة. فالانتخابات امتحان واختبار لكم لتروا هل انكم تريدون فعلًا انتخاب الاصلح لضمان مصالحكم ام لصالح الاسلام؟ فاذا كان انتخابكم لاجل مصلحتكم، فهو عمل شيطاني. اما اذا كان انتخاب الاصلح لمصلحة كل المسلمين، ولا يوجد فيه تعصب لاسم معين أو جهة معينة، وجاء الانتخاب بغض النظر عن الجماعة التي ينتمي لها المرشح، او كونه من فلان حزب او غير حزبي ولم يكن الحزب سبباً في انتخابه وغيره فاسداً، ان انتخاب الأصلح من اجل مصلحة المسلمين يعني انتخاب شخص يتحلى بالالتزام بالاسلام ويكون محترماً لمكانته؛ ويكون له المام ودرك لكل الامور، لان الاسلام وحده ليس كافياً لانتخاب نائب للمجلس، بل يجب ان يكون شخصاً مسلماً يدرك ويعي كل احتياجات وضرورات البلاد وله المام بالسياسة واطلاع على مصالح ومفاسد البلد، ويمكن ان لا يكون منتمياً لكم ولا لجماعتكم او حزبكم. فاذا انتخبتم الاصلح، فانكم تؤدون عملًا اسلامياً وهو اختبار ومحك لكم لتحديد وتشخيص هل هذا الانتخاب هو لاجل الاسلام وصالحه او لمصلحتكم الشخصية.
آمل ان يكون كذلك، وان تجري الانتخابات في كل دورة بشكل افضل. وعلى هذا الاساس عليكم استجماع كل قواكم لمنع ظهور اللاعبين المخادعين مرة اخرى. وعلى السادة ائمة الجمعة والى جانب عقد الندوات للتحاور فيما بينهم، التواصل مع بقية علماء الدين في طهران وقم كي تجري الانتخابات بالشكل اللائق. وهذه القضية ليست مسألة شخصية، بل هي من اجل الاسلام بشكل عام ومن القضايا المهمة جداً للبلاد. واليوم تقع المسؤوليات الرئيسية على عاتقكم، ولا ينبغي ان يتنحى احدكم جانباً ويتهرب من تحمل المسؤولية واداء الواجب. عليكم التعاون والانسجام مع الحكومة، وتدعيم وتعضيد اجهزة ادارة المحافظات، ولا تعبأوا بما يقوله المنافقون. اتمنى لكم التوفيق والنجاح في اعمالكم لاصلاح وتصحيح اوضاع وشؤون البلاد بالشكل المناسب والمطلوب.
والسلام عليكم ورحمة الله