بسم الله الرحمن الرحيم
عدم تأثير إعلام الأعداء في الشعب الإيراني
أنتم كلكم من الأعلام والشخصيات المرموقة ولكن ما تتفضلون به من المسائل فالواجب عليّ أنا أن أسترشد بآرائكم وتوجيهاتكم لا أن أرشدكم وأوجّهكم، وأعتقد أنَّ علينا أنْ نعالج مشاكل البلاد بشكل عام وشامل، وكلنا نعلم أنه ليس في العالم دولة مبتلاة بالقوى العظمى مثل إيران، كما أنكم تعلمون أن دول العالم ما عدا بعضها معارضة لنا بشكل مباشر أو غير مباشر ولأنَّ أيديهم قد قصرت عن تحقيق إلى أهدافهم في إيران، لذلك نراهم يحاولون بمختلف الوسائل إلحاق الضرر بها، وأن معارضة هؤلاء لإيران إنما هي معارضة للإسلام في الحقيقة لكنهم لا يستطيعون التصريح بذلك بل يقولون: «إننا نعارض الرجعيين، إننا نعارض علماء الدين الذين امسكوا بزمام الحكم في إيران» وترون في الوقت نفسه أن الدعايات والاعلام المضاد الذي شُنَّ ضدنا وما يزال وسيظل، لم يؤثر في الناس ذلك التأثير، ولو كان قد أثر لظهرت آثاره. في حين أن يوم القدس كان نموذجاً ورأيتم كيف أن الناس قد متواجدون في الساحة، ومن المسلم أنَّ هؤلاء قد فقدوا منافعهم، لقد قصرت أيدي هؤلاء عن الوصول إلى الحكم إعادة الملكية إلى البلاد وهم معارضون لنا سواء كانوا داخل البلاد أو خارجها.
عدم إمكانية تجنّب بعض الخلافات في الحكومة
علينا في الوقت الحاضر التمسك بوحدتنا لنتمكن من إصلاح الأمور كلها، وطبيعي أن بلداً بهذه السعة ويريد الشروع بتنفيذ الأحكام الإسلامية لشعب مكون من أربعين مليوناً لا يمكن إصلاح الوضع كاملًا دفعة واحدة ودون وقوع خلاف فيه، حيث وقع مثل هذا الخلاف حتى في زمن النبيّ (ص) والامام أمير المؤمنين عليه السلام، فيجب النظر إلى النقاط الايجابية لا السلبية ويجب أن لا نتوقع أن نستيقظ صباحاً فنجد كل شئ على مايرام، وحتى في زمان حضرة صاحب الزمان (عج) الذي يريد إقامة العدل بكل ما أوتي من قوة كاملة يمكن أن يوجد أشخاصٌ يعارضونه في الخفاء وأخيراً فهؤلاء المعارضون هم الذين سيعرضون صاحب الزمان (عج) إلى الشهادة «1»، وهناك روايات قريبة من هذا المعنى تفيد بأن بعض فقهاء ذلك العصر يخالفون الإمام، وليس الأمر هكذا بحيث لو خالف القاضي الفلاني أو القائممقام الفلاني، فإن مخالفتهم هذه تشكل خطراً لأنَّ الحالات السلبية النادرة لا تعتبر في الأصل خطراً مهماً ناقضاً، ففي زمن أمير المؤمنين عليّ (ع) خالفه قاضيه وأحد عماله، وهذا أمر لا يمكن اجتنابه.
فالإسلام الآن في أيدينا ومسؤولية علماء الدين أكبر من غيرهم لأن الناس يتابعونهم في تحركاتهم، وفي هذه الظروف وعند ما تحسبون المشاكل والمكاسب التي تحققت سترون أنه إلى جانب هذه النشاطات والمشكلات ليس هنا من مقصّر ولا أحد يريد محو الإسلام وأحكامه، فالمشاكل كثيرة كالحرب والتخريب ومشردي الحرب في كل مكان، وأخيراً فإن الأمور التي انجزت للفقراء والمستضعفين غير قابلة للمقارنة بالسابق ولكن ليس الأمر بأننا سنتلقى ضربة أساسية بهذه المخالفات ولكننا سنتلقى الضربة فيما لو اختلفنا.
لزوم تحمل آراء المجتهدين
فلو تقرر أن الحكومة لا تستطيع إنجاز عمل وأنَّ المجلس لا يستطيع كذلك فسنتلقى صفعة وتظل الأعمال غير منجزة، فليس الأمر بأن يحصل أشخاص أفضل من هؤلاء لإدارة الأمور، فكل واحد من هؤلاء بحد ذاته قد تحمّل الكثير من العناء وكان مخلصاً، والمسؤولون في البلاد أناسٌ مخلصون وطبيعي أن يوجد بينهم أناسٌ سيّئون.
و الأمر الآخر هو أنه قد يخالفنا بعض الأشخاص في الرأي والتلقي ولكننا لا نستطيع إغلاق باب الاجتهاد فباب الاجتهاد قد كان وما يزال وسيظل مفتوحاً والآن حيث استجدّت بعض القضايا التي تختلف عن السابق اختلافاً كثيراً ويختلف فهم أحكام الإسلام كذلك فلا يجوز لنا أن نتخاصم بسبب هذا الفهم والتلقّي، وبالنتيجة فإن عليكم أنتم اعضاء رابطة اساتذة الحوزة المحترمين أن تكونوا بحيث لو جاءكم شخص يحاول عرقلة الأمور أن لا تتأثروا به وأن تلاحظوا المشكلات ماهي؟ فلو أردنا أن نصغي لأقوال مجموعة في المجلس مثلًا ونقول: لا للحكومة. لا لرئيس المجلس. لا لرئيس الوزراء. فماذا سيحدث عند ذلك؟
هل ستقولون: إن لدينا أشخاصاً يأتون من عالم الغيب يقومون بانجاز هذه الأعمال طبق رغباتنا مئة في المئة؟ كلا، لا يوجد في العالم كله مثل هؤلاءالأشخاص، وان وضعنا الآن بشكل لو أردنا خلط الأمور ببعضها لتضرّرنا كثيراً، يعني أنَّ الجمهورية الإسلامية تتصدّع، وأنا أعتقد أن أي واحد من هؤلاء الذين أعرفهم لا يقصد الإضرار بل يكون تشخيصه للأمور ناقصاً أحياناً، وعليكم أنتم أيها السادة أن ترشدوه وتسدّدوه لأن إسنادكم له سيؤثر في إنجاز عمله، وعلينا أن نلحظ النقاط الإيجابية ونجعلها أكثر إيجابية. فلو حصل لا سمح الله خلاف بين رابطة اساتذة الحوزة والحكومة، أو الرابطة والمجلس، أو المجلس والحكومة فسنهزم، أما لو اتحدنا كما كنا ولحد الآن وأنتم بإعلامكم والوعاظ على المنابر والعلماءفي المساجد تدعون الناس إلى الوحدة فستبقى الجمهورية الإسلامية وتصلح الأمور بالتدريج. ونحن كذلك راغبون في تنفيذ أحكام الإسلام بشكل كامل ولكن ليس هناك من له القدرة ولا يفعل ذلك، يجب أن ننظر إلى قدرة الحكومة وحجم هذه الأعمال؟ ولنفترض بأنني لو كنت مكان هؤلاء فماذا أستطيع أن أفعل؟، فلو نحينا رئيس الوزراء وأحللناك محله فكم تستطيع أن تعمل؟ عليكم أن توازنوا بين حجم العمل والامكانيات المتاحة وأن تسووا الأمور بشكل أخوي، وهذا هو رأيي منذ البداية وحتى الآن وسيظل هكذا.
علينا أن نسعى للخير لا للإنتقام
وعليه فأني آمل أنكم ان تعملوا كما كنتم مع الثورة في بدايتها وثبّتم أركانها أن على السير بالحكومة قدماً وتقدّموا لها النصح، فالنصيحة شئ والانتقام شئ آخر، فيجب أن تكونوا ناصحين للناس والحكومة والمجلس لا أن تضادّوهم، إذ لو عارضتكم وعارضتموني فلن يحصل سوى استغلال الآخرين لهذا الموقف، لا حظوا أن الأجانب يأخذون كلمة واحدة من كلامنا ويصوغون منها أمراً ليتغلّبوا به علينا، فيقولون مثلًا: إنَّ الإيرانيين يدعون أنهم يعارضون ويرفضون أخذ الرهائن لكنهم لأنهم ضد آمريكا فلا معنى لهذا الادعاء. ورأيتم أن أمريكا التي امتحنت بقضية الرهائن كيف توسلت بهذا الطرف وذاك، في البداية أثارت ضجة كبرى بأنها ستتدخل عسكرياً وكيف أخذ رئيس جمهورية أمريكا بعد ذلك بالتوسل والاستجداء والطلب إلى هذا وذاك لحل هذه القضية ولكنه لم يفلح، وهناك مجموعة تقف وتقول: (يجب العمل طبقاً لظروفنا) فيجب علينا أن نلاحظ جيداً بأنهم لا يستطيعون إلّا أن يفتّتونا من الداخل وأن يحطموا وحدتنا.
و الأمر الآخر الذي ذكرته مراراً هو مسألة التدريس والفقه إذ عليكم أن تقوّوهما بكل طاقاتكم، فالإسلام بالفقه والأحكام الفقهية باق، فيجب أن تقوم مجموعة بأداء الأعمال، وتنشغل مجموعة أخرى بالبحث والدراسة. حفظكم الله جميعاً وسلّمكم.
و السلام عليكم ورحمة الله