بسم الله الرحمن الرحيم
(و من يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوق نؤتيه أجراً عظيماً) «1»
أنّى يكون لفكر البشر الضنين إدراك هذا الأجر العظيم الذي خطته يد القدرة الالهية ووعد به العظيم المطلق، وكأنّ هذا الأجر الكبير يتمثل بحب الله تعالى كما جاء في سورة الصف المباركة: «إنّ الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنّهم بنيان مرصوص». «2».
أي فيلسوف بارع قدير أو عارف حكيم خبير باستطاعته أن يعي مقدار الحب والقرب الالهي ليفوه بكلمة عن ذلك أو يطلق العنان لقلمه ليعبر عما يخالجه ويجول في فكره؟ هل إنّ حب النافلة الناتج عن التقرب الىالبشر يوصله الى الملكوت الأعلى، فيصبح الحق تعالى سمعه وبصره وقلبه بجاذبيته الغيبية، ولا يرى إلا ببصر الحق ولا يسمع إلا بسمعه ولا يعلم إلا بعلمه، فيرتفع الحجاب ويرىالأشياء كما هي، أو إنّ القرب فريضة يفنى فيها الشخص فتزول الذات حينئذ وترحل الكثرة بكل ما لكلمة الرحيل من معنى، فلاعين رأت ولا أذن سمعت ولا يبقى باطن ولا ظاهر، «هو الأول والآخر والظاهر والباطن» «3»، ثم لايبقى وجود لسبيل الله ويعفى أثره. هؤلاء خرجوا من منازلهم فأدركهم الموت وأحجمت الأقدام عن المسير وأقلعت الأقلام عن الكتابة.
إلهي: هذا وصف للمجاهدين في سبيل الله ولأجرهم العظيم، أولئك الذين نالوا الشهادة في سوح الوغى ومحاربة أعدائك وأعداء رسولك وقرآنك الكريم، أو حالفهم النصر في هذا الطريق، وأنت شاهد على هجرة المضحين والمجاهدين منا في هذا العام الذين قصدوك وقصدوا بيتك الآمن الذي كان مأمناً وملاذاً لجميع المخلوقات منذ صدر الخلقة، فأريقت دماؤهم الطاهرة أمام الأعين المدهوشة للمسلمين على يد آل سعود استجابة لأوامر أمريكا المجرمة؛ وعلى أعتاب عاشوراء الامام الحسين (ع) صنعوا عاشوراء ثانية بأبعاد مغايرة في الجمعة الدموية الى جوار بيتك العتيق وحرمك الآمن.
ليتني لم أكن موجود اًلأرى وأسمع بتلك الواقعة المريرة، ليس لأجل استشهاد ثلة من المجاهدين والمهاجرين الى الله فإنّ الشهادة أحلى من العسل لأحبتنا، وقد ذاق رجالنا ونساؤنا وأطفالنا ما هو أمر من ذلك في الحرب المغولية لصدام العفلقي، بل للمصيبة التي حلت علىنبينا، بل علىجميع الأنبياء والمرسلين من آدم الىخاتم النبيين بأمر البيت الأسود «4» وبالأيدي القذرة لآل سعود، ولهتك حرمة أقدس بقاع العالم.
إن قُتل ولي الله وأصحابه في سبيلك في عاشوراء الحسين، فقد فُعل بحجاج بيتك الحرام نظير ذلك في عاشوراء الجمعة الدموية في مكة المكرمة، وهذا لا يتأتى إلا من الشيطان الأكبر وأذنابه.
لقد أخذت أمريكا وعملاؤها ثأرهم من الاسلام العزيز ومهبط الوحي وبيت الله الآمن في هذه المجزرة الهمجية، ذلك الاسلام الذي سيصبح في القريب العاجل مذهباً لكافة الدول التي ترزح تحت نير الاستعمار.
إلهي: اتحدت كافة القوى للقضاء على الاسلام المحمدي الأصيل، إلهي: وضع الصداميون لما يمتلكون من حقد وحنق على الاسلام أيديهم بأيدي كافة الشياطين في العالم لكتم صوت الاسلام الأصيل، لذا أطلب منك أن تمنحنا الصبر والحلم وتزيد من جلد وأناة العوائل الكريمة للشهداء والمضحين والمفقودين والأسرى.
اللهم احشر شهداءنا الأبرار مع سيد الشهداء (ع)، وألبس معاقينا الأعزاء ثوب الصحة والعافية، وأعد أسرانا ومفقودينا الىوطنهم سالمين غانمين في أسرع ما يمكن.
اللهم ارزق جميع الشعوب الاسلامية ولا سيما الشعب الايراني الباسل القدرة علىتحمل الضغوط العسكرية للاستكبار من البر والبحر والجو والضغوط الاقتصادية والسياسية المتزايدة لبؤر الفساد.
إلهي: اجعل قلوب المعتقدين بدين رسولك الكريم (ص) مفعمة برضاك وحدك، «إنّك مجيب الدعاء».
روح الله الموسوي الخميني
طهران، جماران
الذكرى السنوية للحرب المفروضة من العراق على ايران (أسبوع الدفاع المقدس)
إجلال وإكبار مقاتلي الاسلام والشهداء
الشعب الايراني
جلد ۲۰ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۱۴ تا صفحه ۳۱۵
«۱»-سورة النساء، الآية ۷۴. «۲»-سورة الصف، الآية ۴. «۳»-سورة الحديد، الآية ۳. «۴»-إشارة ساخرة الىالبيت الأبيض في واشنطن، مقر رئيس جمهورية أمريكا.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378