رسالة [إلی سيد حميد روحاني (زيارتي)]

بسم الله الرحمن الرحيم‏
سماحة حجة الإسلام السيد حميد روحاني (زيارتي) دامت افاضاته.
إذ أعرب عن شكري لجهود سماحتكم في إنجاح الثورة الإسلامية، ومساعيكم القيمة في تدوين تاريخها؛ آمل أن تتمكنوا من تسجيل التاريخ االملحمي الحافل بالأحداث للثورة الإسلامية الفريدة للشعب الإيراني البطل، بكل دقة وكما هو.
إنكم بصفتكم مؤرخاً، يجب أن تلتفتوا إلى خطورة المهمة الملقاة على عاتقكم. ان معظم المؤرخين يدونون التاريخ بما يرضي أهوائهم أو بالنحو الذي يؤمرون به، وليس كما هو. إذ انهم يحددون أهدافهم منذ البداية ويسعون فيما يكتبون للوصول إلى تحقيق هذه الأهداف في النهاية.
وانني أدعوكم إلى بذل كل ما في وسعكم في تحديد أهداف ثورة الشعب، لأن المؤرخين يعملون دائماً على مصادرة أهداف الثورات بدافع من نواياهم أو رغبات اسيادهم.
واليوم، وكما هو تاريخ الثورات على الدوام، ثمة مجموعة منهمكة بكتابة تاريخ الثورة الإسلامية الإيرانية الحافل بالمفاخر، تستلهم أفكارها من مشارب الغرب والشرق. إذ أن تاريخ العالم حافل بالمدح والذم لفئة على حساب فئة أخرى، أو تغييب حادثة تستحق الذكر أو العكس.
فإذا استطعتم أن توثقوا التاريخ بالصوت والصورة، نظير الفيلم الذي يروي موضوعات الثورة المتنوعة على لسان جماهير الشعب التي عانت من الظلم، تكونوا قد انجزتم عملًا مهماً ولائقاً في تاريخ إيران .. لا بد من اضطلاع الحفاة المغضوب عليهم من قبل القوى الكبرى، بمهمة إرساء قواعد تاريخ ثورتنا الإسلامية كما هي الثورة ذاتها.
لا بد لكم من إيضاح كيف قام الشعب ضد الظلم والاضطهاد، والتحجر والرجعية، وأحلّ فكر الإسلام المحمدي الأصيل محل تفكير الإسلام الملكي، الإسلام الرأسمالي، الإسلام الالتقاطي، وفي كلمة واحدة الإسلام الأميركي.
يجب أن توضحوا كيف أن عدداً من العلماء المؤمنين بالدين وضعوا أيديهم في أيدي الجماهير الفقيرة من أبناء السوق والزقاق ممن عانوا كثيراً، وألقوا بأنفسهم في خضم الأحداث الدامية، في وقت كانت الحوزات العلمية تغط في سباتها حيث كان يتهم أي تحرك بالتوجه الماركسي أو الدوافع الإنجليزية، وخرجوا منتصرين.
يجب ان تجسدوا بوضوح الظلم الذي لحق بعدة من علماء الدين المخلصين عام 1341، عام انطلاقة الثورة الإسلامية ونضال الروحانية الأصيلة في ظل اجواء الموت العارم للتحجر والتظاهر بالقداسة، ومدى معاناتهم وآلامهم، وكيف أنهم اتهموا بالتجسس وعدم التدين. غير أنهم شمروا عن ساعد الجد بالتوكل على الله العظيم، ولم يهابوا الاتهام والإساءة، وألقوا بأنفسهم في إعصار البلايا وفي حرب غير متكافئة بين الإيمان والكفر، العلم والخرافة، التنوير الفكري والتحجر، وقد خرجوا منها منتصرين مرفوعي الرأس رغم غوصهم في دماء انصارهم ورفقائهم.
الكلام كثير، وان حالتي لا تساعدني في الكتابة أكثر من هذا .. أسأل الله تعالى أن يمن عليكم، إذ أني اعتز بكم وأنكم من أنصار هذه الثورة و ممن عانوا الكثير، بتوفيق العبودية كي تتمكنوا من تسجيل الوقائع للأجيال القادمة من خلال النظر إليه جل وعلا .. انني أدعو لكم، وأشكر القسم الثقافي في مؤسسة الشهيد الذي يقدم الدعم اللازم لكم كي تتمكنوا إن شاء الله من اتمام مهمتكم. والسلام.
25/ 10/ 1367
روح الله الموسوي الخميني‏