«بسم الله الرحمن الرحيم»
22 شهر ربيع الاول 91
حضرة السيد الطباطبائي- ايده الله تعالى.
وصلتني الرسالة المؤرخة في السادس من ارديبهشت سنة خمسين، وكنتم قد استعلمتم رأيي حول الاجتماع السنوي لقسم اللغة الفارسية في اوروبا.من الواجب اولًا ان أعرب عن تقديري لاهتمام الجيل الشاب المتعلم بالامور التي غُيبّت لسنين طويلة على أيدي عملاء الرجعية والاستعمار الخيانية.ومن المؤمل ازالة وصمة العار هذه التي نقشت على جبين المتغربين طيلة فترة إعلام الكنيسة.
ومع أنني الآن امر بفترة الشيخوخة، ولم أحقق الآمال التي كنت أحلم بها، ولكن هذه النهضة التي قامت في السنوات الاخيرة وأدت الى اقتراب الشرائح المتعلمة من علماء الدين، بعثت فيّ الامل الوثيق بأن لا ينطفئ هذا النور، وأن تزول مع مرور الايام الاختلافات التي ظهرت بفعل الخائنين المنتفعين من الغرب والشرق لاستعمار الشعوب المسلمة، من خلال الحركة العالمية والشاملة للطبقات المتعلمة سواء علماء الدين أو الجامعيين، ليبادروا الى العلاج والبناء بعد تشخيص الآلام ومواضع الخلل.
وما يمكن ان نصفه بأنه مصدر الامراض هو الانتشار المتزايد للثقافة الاجنبية الاستعمارية التي عملت على تغذية شبابنا لسنين طويلة بأفكارها السامة، وعمل العملاء الداخليون للاستعمار على تكريسها، فنحن لا يمكن ان نتوقع من الثقافة الاستعمارية الفاسدة سوى الموظف ورب العمل المتأثرين بالاستعمار، وعليكم ان تبذلوا الجهد لدراسة مفاسد الثقافة الحالية، واطلاع الشعوب عليها، وان تتصدوا لها باذن الله تعالى، وتحلوا محلها الثقافة الاسلامية الانسانية، كي تتربى الاجيال القادمة على أسلوب تربية الانسان واشاعة العدل.عليكم ان تبذلوا جهدكم من اجل ان تعرّفوا العالم اسلوب الحكم الاسلامي، وسلوك الحكام الاسلاميين مع الشعوب المسلمة كي تتهيأ الأرضية لاقامة حكومة العدل والانصاف بدلًا من هذه الحكومات المستعمرة التي يقوم أساسها على الظلم والنهب. ولو ان الشرائح الشابة مهما كانت طبقتها، أدركت ماهية حكومة الاسلام التي لم تستمر للاسف سوى بضع سنوات في عهد نبي الاسلام- صلى الله عليه وآله- وفي فترة حكومة امير المؤمنين القصيرة للغاية، لانها بشكل تلقائي اساس الحكومات الاستعمارية الظالمة، والمذاهب الشيوعية المنحرفة وغيرها.وان هذه القصور الفخمة والشاهقة، وذلك الجري المحموم وراء الشهوات من قبل سلاطين الجور وحكومات الباطل.والذي يتم اشباعه من خلال فرض الشقاء على الشعوب، كل ذلك يجر الشعب الى الاحزاب المنحرفة.ولو قامت حكومة اسلامية يتعامل رئيسها بالتساوي مع الرعية، وكان مركز حكمها المسجد القائم على التراب الساخن، وحاكمها يرتدي الثياب والحذاء القديمة، وعاش الناس في أكنافها حياة مستقرة تحت ظل العدل، لزال اساس انحرافات اليسار واليمين.
عليكم ان تسعوا من اجل ان تستعيدوا ما فقدتموه طيلة فترة الحكومات العميلة وفي مقدمته الاستقلال الروحي الذي يتطلب التخلص من الشعور بالحقارة امام حكومات الجور.عليكم ان تدرسوا بدقة الاحداث التي تجري في البلدان الاسلامية على يد عملاء الاستعمار، وتطلعوا الشعوب بعد الدراسة والتحليل على نتائجها الفاسدة.عليكم ان تدرسوا بدقة الاحداث التي يفتعلونها والشائعات التي ينشرونها في البلدان الاسلامية لتدعيم اساس الحكم الاستعماري مثل أحداث تركيا وحادثة سياهكل.عليكم ان تحترزوا بشكل جدي عن الاختلافات الداخلية- التي يبدو ان اكثرها يحدث على يد المنظمات الخائنة كي يواصلوا براحة بال حياتهم القذرة والظالمة- وتدينوا الاشخاص الذين يثيرون مثل هذه الاختلافات.عليكم ان تضحوا لاسترداد مجد الاسلام وعظمته خاصة عظمته المعنوية، كي تعيش جميع الطبقات برفاه وأمن تحت ظل حكومة العدل الإلهي.
اسأل الله تعالى التوفيق والتأييد للسادة المحترمين لخدمة الاسلام والمسلمين. والسلام عليكم ورحمة الله.
روح الله الموسوي الخميني
النجف الأشرف
ضرورة التصدي لنشر الثقافة الاستعمارية
السيد صادق الطباطبائي
جلد ۲ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۲۶ تا صفحه ۳۲۷
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417