بسم الله الرحمن الرحيم
19 ربيع الأول 1398 ه- ق
السلام على أهالي آذربيجان الغالية الشجعان المتدينين، التحية للرجال المتحمّسين والشبّان الغيارى في تبريز، التحية لرجال ثاروا على السلالة البهلوية الخطيرة، وهتفوا بشعارات (الموت للشاه) وأثبتوا زيف ادعاءاته الباطلة.
ليحيَ الشعب المجاهد العزيز في تبريز الذي وجّه بثورته العظيمة ضربة قاصمة إلى المتقوّلين الذين سمَّوا الثورة الاستعمارية الدموية التي يخالفها الشعب الايراني قاطبة بنسبة مائة في المائة ثورة الشاه والشعب البيضاء، وهم يعتبرون عميل المستعمرين المنبهر بهم منقذاً للبلاد.
وأنّى لهذا القزم أن ينقذ البلاد وهو يقدم ثرواتها العظيمة في طبق من الذهب إلى الأجانب، ليأخذ بالمقابل حفنة من الأموال التي يقدمها ثانية إليهم، مقابل أسلحة لا تحل مشكلة من مشكلات هذا الشعب؟
كيف يكون هذا المرء منقذاً وقد منح الأجانب الحصانة، وفضح البلاد بذلك، وجعلها مستعمرة متخلّفة؟ أهذا الرجل هو الذي يحفظ حريات الشعب في حين أنه لا يسمح لأحد أن يقول الحق أو يوجه إليه نقداً، وقد جثم رجال الأمن التابعون له على صدر هذا الشعب؟
أهذا الشاه هو الذي ينشر العدل وهو يصيب الشعب بأحزان مؤلمة بين حين وآخر بمجزرة جديدة، لا أدري كيف أُعبّر عن تعزيتي لأهالي تبريز المحترمين وللأمهات الثكالى والآباء المنكوبين، وبأي لغة أُندِّد بهذه المجازر المتتالية؟
انني لا أعرف حجم الجريمة وعدد القتلى والجرحى بشكل دقيق، ولكن يبدو من الأجهزة الإعلامية الموجّهة أن حجم الكارثة يفوق تصورنا، ومع ذلك ينوي الشاه محاكمة الشرطة الذين لم يقوموا بالمجزرة حسب رغباته. ما نسينا مجزرة قم المأساوية حيث حدثت هذه الكارثة المحزنة التي تعصر قلوب المسلمين، وأصابتنا بمصيبة أُخرى. إنني أُبشّركم ياأهل اذربيجان العظماء بالنصر. لقد ثرتم يا أهل أذربيجان في بدايات (المشروطة) «1» لدحر الاستبداد وانهائه وإنهاء بطش السلاطين الظالمين وضحّيتم بأنفسكم.
إن استبداد محمد رضا خان البهلوي ووالده المفضوح قد بيض وجوه السلاطين المستبدين، فتاريخ إيران لا يتذكر سفكاً للدماء ومجازر متتابعة كهذا الذي يجري اليوم على أيدي هذا النظام السفّاك. وتاريخ المشروطة لا يذكر مجلس شيوخ ومجلس نواب مثل ما نشاهدهما اليوم حيث يدينان اهالي اذربيجان المحترمين، ويصفونهم بحفنة من الأجلاف الخارجين عن الدين.
إن برلماناً يصنعه الشاه لا يتوقع منه أكثر من ذلك، واليوم وبعد تلك المجازر والجرائم التي ارتكبوها في تبريز، وبعد هذا التعطش للدماء الذي رأيناه من الشاه أجبروا عدداً من رجال الأمن والعمال المجبرين بالحراب على تنظيم مسيرات ومظاهرات، ليعربدوا فيها لمصلحة النظام المجرم الخائن في أرجاء البلاد، وذلك لكي يغسلوا وصمة العار هذه من وجه هذا المستبد السفّاك للدماء، ولكنهم غافلون عن أنّها لن تغسلها مياه زمزم والكوثر.
إن التاريخ قد سجّل آلام هذا الشعب وظلم وجرائم ذلك الوالد وهذا الولد، وسينشرها للناس يوماً ما. والآن وأنا أكتب رسالة الاحزان هذه لا أدري ماذا يجري على إخواننا الأعزاء في تبريز وهل كفّ الشاه- ولو مؤقتاً- عن جرائمه عليهم أو لا؟ أينوي بعد تلك المجزرة قمع الأسر أيضاً حتى يخنق الأنفاس؟
لكنه يجب أن يعلم أنه قد فات الأوان وأن الشعب الايراني قد عرف طريقه، ولن يتقاعس بعد ذلك، حتى يلقن المجرمين درساً ويأخذ بثأره وبثأر آبائه من هذه السلالة السفّاكة للدماء. لقد علت الأصوات على الشاه ونظامه بإذن الله القهار في جميع أرجاء البلاد، وستعلو هذه الأصوات يوماً بعد يوم، وسترفرف رايات الإسلام بأيدي رجال الدين العظام انتقاماً من هذا السفاك المجرم، وستزيل الأمة الإسلامية- بقلوب موحدة ومتجهة نحو هدف واحد- جميع آثار هذا النظام المعادي للاسلام والمروّج للمجوسيَّة، دفاعاً عن مدرسة القرآن العظيمة (أليس الصبح بقريب) «2».
على أهالي أذربيجان الاعزاء- أيدهم الله تعالى- أن يعلموا بأنهم ليسوا وحيدين في هذا الطريق الذي هو طريق الحق والاستقلال والحرية والدفاع عن القرآن الكريم، فإن مدناً كبيرة مثل شيراز وإصفهان والأهواز والمدن الأخرى وفي مقدمتها مدينة قم مركز رجال الدين وقاعدة الإمام الصادق (عليه السلام) وكذلك طهران الكبيرة كل هذه المدن متجاوبة معكم في الطريق، وكلها تشارككم الكره للنظام البهلوي الفاسق، وشعار الجميع في كل مدينة وقرية هو (الموت للشاه) وكلّما حاول عملاء الشاه الخبثاء أن يصرفوا الأنظار عن جنايات المركز الاصلي الذي هو الشاه، ويقذفوها على الحكومة أو العملاء الآخرين لا يصدقهم أحد.
والأعجب حسب ما سمعته أن وفداً من النظام توجّه نحو تبريز، ليعلن عدم اطّلاع الشاه على ما جرى، ومن الذي يصدق ذلك غير رجال الأمن وأعضاء المجلسين، حتى هؤلاء أيضاً لا يصدّقون ذلك، ولكنهم يتظاهرون بخلاف ما يقتنعون به.
أرجو من الله- تعالى- إصلاح شؤون المسلمين ودفع شرّ الأشرار وإزالة هذه السلالة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روح الله الموسوي الخميني
النجف الأشرف
الأحداث الدامية التي شهدتها تبريز في مراسم الأربعين لشهداء 19 من دي
أهالي اذربيجان
جلد ۳ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۰۹ تا صفحه ۳۱۰
«۱»-اسم اطلق على ثورة شعبية في بدايات القرن الماضي. «۲»-سورة هود: الآية ۸۱.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378