بسم الله الرحمن الرحيم
في هذا الوضع البالغ الحساسية قام الشاه وخبراؤه بمؤامرة خطيرة تؤيس الشعب الايراني من نيل الحرية والاستقلال وحقوق الإنسان بأدنى تكاسل وتغافل، فيهيئون أنفسهم لألوان الكبت والتعذيب والقتل والنهب ويغضّ الإسلام النظر عن أحكامه النيّرة. ان استبدال الشاه عميلًا بعميل آخر دخل الساحة منذ البدء بسلاح الخديعة والنفاق هو مؤامرة لخداع الشعب وحطْم النهضة الإسلامية وهدر دماء شباب الإسلام الاعزاء النازفة خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة خاصة في الشهور الأخيرة، التي سوَّد فيها جلاوزة الشاه وجه التاريخ بالقتل الذريع في المدن وبجرحهم الناس وحبسهم ونفيهم. واليوم وبعد أن ثبت للشاه أنَّ مدافعه ودباباته وأرعابه وتهديده لا تجدي نفعاً إزاء هذا الشعب الثائر توسَّل بخديعة شيطانية ووسائل كثيرة للاستمرار في جناياته وخياناته.
بدّلوا تاريخ الإسلام المشرف في الحسابين، ولا أثر لأمر الشاه ووزيره في الحسابين من الوجهة القانونية، وهذا الامر التافه دليل لا ينكر على خديعة الشاه الشيطانية. كما أنَّ إصدار الأوامر التافهة بإغلاق بيوت القمار خديعة أخرى لاستغفال العلماء. فبيوت القمار تغلق احتراماً للاسلام في وقت بقيت فيه مراكز الدعارة مفتوحة على مصراعيها، والظلم والقتل والنهب الذي يخالف الأحكام الإسلامية وآياتها ظلّ أمراً معتاداً لجلاوزة الشاه. والكلام على منح الحريات يجري في الوقت الذي يعيش فيه جمع من أعزّ أبناء الإسلام وأبناء ايران في الحبس وتحت التعذيب الملكي وفي المنافي.
إنهم يتحدثون بتكريم علماء الإسلام في وقت يرزح فيه هؤلاء العلماء في غياهب السجن غير القانوني والنفي بلا داع لذلك. ويدعّي ناس بتنظيم الشعائر الدينية وتوقير علماء الإسلام وأحكامه في حين أنهم أنفسهم شاركوا النظام طوال نصف قرن جرائمه بالمصادقة على قوانين تخالف الأحكام الإسلامية. ان الشعب الايراني يعلن كرهه لهذا النظام وجميع عملائه الذين يعتزّون بتقديم خدماتهم للمجرم الأصلي، ويراهم لا يصلحون لمنصبما، فأولئك يتحدثون بتكريم علماء الإسلام في بيئة تم فيها إغلاق الكثير من المساجد ومنع الخطباء من إلقاء الخطب فيها.
لقد أعلن تشكيل حكومة الوفاق الوطني«1» في الوقت الذي تستمر فيه المدافع والدبّابات والرشاشات بيد الجيش وسائر القوات في قمع شعب يطالب بحقوق الإنسان الأولية وتتنفيذ أحكام الإسلام، فهل نصالحهم ونهدر دماء أعزاء الإسلام؟ أنُصالحهم لنخضع للنظام البهلوي الظالم والخائن؟ كيف يصالح العلماء في زوال أحكام الإسلام الهادية ونهب خزائن البلاد وتقتيل الحكم الذريع بادعاء أركانه: (نحن نحترم العلماء)، وكيف يرضون لأنفسهم عار الأبد؟
يجب أن نعرف مطالب الشعب في مظاهراته التي قام بها خلال الشهور الأخيرة، فجميع طبقات الشعب تعلن في مظاهراتها لا نريد الشاه والنظام البهلوي. هذا هو مطلب الشعب المواعيد الجوفاء بتكريم العلماء وإغلاق بيوت القمار مؤقتاً، ولا لأمر تافه-من الوجهة القانونية-باستعمال التاريخ الإسلامي استعمالًا ماكراً عابراً. أسفي وألمي من حساب النظام الظالم الشعب والعلماء والساسة أطفالًا يرضون بكرة صغيرة.
ليعلم الشعب الايراني أنه ليس من عالم يصالح حكومة الظلم والظالمين الهازئين بالقرآن وأحكام الإسلام، ولا يستطيع ذلك، فالمصالحة هي تسليط جلاوزة الشاه على نفوس الشعب وأعراضهم وهذا من أعظم الكبائر التي لا يمكن لأحد من رجال الدين أن يرتكبه ولن يرتكبه. إنّ التيارات والأجنحة والحركات السياسية لن تصالح النظام، ولا يمكنهم ذلك، فالمصالحة أسرُ الشعب وفقدان مصالح البلاد ولن يقبل السياسيون وصمة عار كهذه.
ليدرك الشعب الايراني أنّه سيسقط في الهاوية بأدنى غفلة، وتضيع جهوده المضنية المبذولة طوال السنوات الطويلة، ولن يرى وجه السعادة أبداً، ويكون مسؤولًا بين يدي الله تعالى. فعليكم أن تواصلوا نهضتكم الإسلامية الشريفة حتى الاطاحة بالنظام البهلوي الظالم المتغطرس، ولا تلقوا بالًا للمواعيد الجوفاء للحكومة غير الشرعية، واحترزوا من الخلافات في هذا الوقت الراهن الحسّاس، وأثبتوا للنظام تلاحمكم، وبدّدوا مخططات الشياطين، وتأكدوا اقتراب موعد النصر والعزة.
اللهم قد بلّغت. والسلام على المخلصين في الله والمجاهدين في سبيله.
23 شهر رمضان 1398 ه- ق
روح الله الموسوي الخميني
النجف الأشرف
تشكيل حكومة شريف امامي وأساليب مكر الشاه الجديدة
الشعب الايراني
جلد ۳ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۸۳ تا صفحه ۳۸۴
«۱»-لقد أسمى جعفر شريف امامي الذي أصبح رئيساً للوزراء بعد جمشيد آموزگار حكومته بحكومة الوفاق الوطني.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417