أجرى المقابلة: مراسل وكالة الانباء الفرنسية
[سؤال: كيف تنظرون إلى مستجدات الاوضاع في إيران؟ ألا ترون بأنها وصلت إلى طريق مسدود، وان اعادة النظر في استراتيجيتكم ضرورية بعد الليونة الظاهرية التي اتسمت بها سياسة الشاه مؤخراً؟].
الإمام الخميني: النظام هو الذي وصل إلى طريق مسدود. النظام يريد ان يفرض الحل الذي يراه على الناس. بيد ان الناس يتطلعون لزوال هذا النظام. وان أي حل يقود للابقاء على هذا النظام سيواجه بطريق مسدود لان الناس سترفضه.
[سؤال: سبق لكم ان قلتم بأنكم لا تخشون هيمنة الشيوعيين واليساريين المتطرفين على توجهات الانتفاضة. ومع ذلك فقد تظاهر يوم الاحد (22 اكتوبر 1978) الف وخمسمائة من طلبة جامعة طهران وهم يرفعون شعارات ماركسية «1». وان مثل هذا الامر يشير إلى ان الماركسيين ليسوا وهماً وانما حقيقة موجودة، واصحاب تنظيم].
الإمام الخميني: لو افترضنا ان جميع هؤلاء الالف والخمسمائة- وحتى اضعاف هذا العدد- كانوا حقاً من الشيوعيين، فلا يعبأ بهم في مقابل ثلاثين مليون انتفضوا باسم الإسلام. بيد ان القضية المهمة هي ان عدد الشيوعيين قد تقلص إلى حد كبير مقارنة بما كان عليه في الماضي. والسبب في ذلك يعود إلى ان الإسلام يلبي احتياجات الناس بتحقيق رقي حقيقي في كافة الابعاد السياسية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية. فمع وجود هذا النظام المعادي للإسلام وممارساته التي تبعث على النفور والمعارضة، استطعن ان نرصّ صفوفنا وان ننجز عملًا مهماً للغاية في اقناع الشباب بأحقية النهج الإسلامي، وان مثل هذا الامر بحد ذاته يشير إلى انه في حالة قيام الحكم الإسلامي واطلاق الحريات وتوفير امكانات الرقي الحقيقي لأبناء الشعب، من الممكن اعادة اولئك الذين ينشدون الحقيقة والعدالة إلى احضان الإسلام، عن طريق الدعوة والاقناع ومن خلال الترجمة العملية لتعاليم الإسلام.
[سؤال: كنتم قد استقبلتم المهندس بازرجان. وان الدكتور كريم سنجابي في طريقه إلى باريس ايضاً. ويقال ان آية الله الشيرازي «2» سيأتي إلى هنا ايضاً. والواضح ان هؤلاء هم من دعاة سياسة المصالحة. فهل ستوافقون على هذه السياسة؟ هل تعتقدون بوجود رجال يتحلون بالمصداقية الكافية في اوساط المعارضين السياسيين والجبهة الوطنية والتنظيمات السياسية الاخرى تؤهلهم للحلول محل هذه الحكومة؟].
الإمام الخميني: انني اعارض اسلوب المصالحة وانصاف الحلول. وكنت قد عارضت هذا الاسلوب منذ البداية ايضاً. والسبب في ذلك هو ان هذا العمل لن يخرج النظام من المأزق- لان الوصول إلى المأزق يكمن في البرامج التي كُلف بتنفيذها- كما انه لن يقلل من الضغط والقمع والكبت والمجازر. فلو اتخذ الجميع موقفاً حازماً وشفافاً يدعو إلى رحيل الشاه، سيضطر النظام إلى التخلي عن سياساته في تحقيق اهدافه عن طريق المذابح المتواصلة والاساليب الحديثة في ممارسة الضغط والقمع والكبت، ولاقترب الشعب من تحقيق نصره. فالذين قادرون على اسقاط هذا النظام، هم انفسهم بعملهم هذا يدلون على انهم مؤهلون لادارة البلد ايضاً.
[سؤال: كنتم قد صرحتم بأن رجال الدين الشيعة لا ينوون تسلّم مناصب حكومية. فهل تعتقدون بان المعارضين السياسيين قادرون على القيام بذلك دون ان يترتب عليه اخطار تؤدي إلى وخامة الاوضاع؟].
الإمام الخميني: إذا ما توفر لديهم الشرط اعلاه- دعم الناس وعلماء الدين- سيكون بمقدور المعارضين الذين اشرت لهم في سؤالك القيام بذلك.
[سؤال: يتصور الغربيون بان رحيل الشاه سيترك فراغاً خطيراً. هل بوسعكم التفكير بهدنة مؤقتة مع هذه الأسرة، الشاه أو ابنه، على ان يتولى الملوكية وليس الحكم؟].
الإمام الخميني: الفراغ الذي تتحدث عنه موجود الآن ايضاً. ذلك ان خصوصية بعض الانظمة كنظام الشاه، انهم يحاولون الابقاء على البلد متأرجحاً بين الطريق المسدود والفراغ، وسوقه إلى الضياع والدمار. وللخروج من ذلك ينبغي لهذا النظام ان يترك مكانه إلى نظام منبثق من الشعب المسلم.
[سؤال: من المؤكد إن النظام يفكر بالمصالحة ويأمل جدياً بعودتكم إلى إيران «3». هل تعتبرون مثل هذا الأمر منتفياً تماماً طالما بقي الشاه في إيران؟].
الإمام الخميني: طالما بقي الشاه في إيران، لن أعود.
[سؤال: إنكم تدينون القوى الكبرى. ومثل هذا يوجد تصوراً بأنكم متشددين ولا تقبلون بالمصالحة. أليس بالإمكان التقليل من حدة مواقفكم لمجرد طمأنة الرأي العام الغربي الذي يتعاطف مع انتفاضة شعبكم؟].
الإمام الخميني: إنني أدين حكومات الدول الكبرى لتجاوزها على حقوق أبناء الشعب، وليس شعوب هذه الدول. لقد اعربت وأعرب عن شكري وتقديري للشعوب الغربية التي تدعم ثورة الشعب الإيراني.
[سؤال: يقال إنكم ترجحون إقامة جمهورية إسلامية. وقد نقل عن سماحتكم القول بأن النظام الملكي يقود إلى الاستبداد. غير أن ثمة انظمة جمهورية إسلامية تعتبر أكثر استبداداً من بعض الأنظمة الملكية .. ما هو تعليقكم على ذلك؟].
الإمام الخميني: الحكومات الاستبدادية القائمة لا يمكن اعتبارها حكومات إسلامية كي يمكن مقارنتها مع الأنظمة الملكية والجمهورية .. الاستبداد لا يجتمع مع النظام الإسلامي. وإن الأنظمة الجمهورية المستبدة هي جمهورية بالإسم فقط، أما في جوهرها وحقيقتها فهي ملكية.
[سؤال: هل ستستعين بمساعدين ومستشارين مؤهلين يساعدونكم في اتخاذ سياسة واقعية فيما يتعلق بالمسائل الإقتصادية والقضايا السياسية؟].
الإمام الخميني: يوجد في إيران رجال مؤهلون كثيرون. وإن النظام الفعلي يحول دون دعوة هذه الطاقات للمساهمة في إعمار البلد وتقدمه .. إن أمثال هذه الطاقات والخبرات، وانطلاقاً من الواجب الإسلامي، تقوم بتزويدي بالمعلومات والخبرات.
[سؤال: هل توافقون على اقتراح تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة؟].
الإمام الخميني: إن مثل هذه الحكومة الانتقالية ينبغي تشكيلها بعد سقوط الشاه. وبطبيعة الحال سيتم الإعلان عن شروطها في حينه.
باريس، نوفل لوشاتو
اوضاع إيران المستقبلية
جلد ۴ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۹۷ تا صفحه ۹۹
«۱»-صرح بذلك رئيس الوزراء آنذاك جعفر شريف امامي حيث قال: ان المتظاهرين من الطلبة الجامعيين هم من الشيوعيين. وزعم بأنهم كانوا يحملون اعلاماً حمر داخل الجامعة. «۲»-السيد محمد الشيرازي. «۳»-سبق لرئيس الوزراء يومئذ جعفر شريف إمامي، أن أعلن في مجلس الشورى الوطني:«إننا نرحب بعودة آية الله العظمى الخميني إلى البلاد»-.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378