شناسه مطلب صحیفه
نمایش نسخه چاپی

خطاب‏

باريس، نوفل لوشاتو
الابعاد السياسية والعبادية للإسلام وخصائص الحكومة الإسلامية
جمع من الطلبة والإيرانيين المقيمين في الخارج‏
جلد ۴ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۱۱۹ تا صفحه ۱۲۳
بسم الله الرحمن الرحيم‏

هناك فروق كثيرة بين الإنسان والحيوان. فللإنسان خصائص يمتاز بها على جميع الموجودات. كما ان هناك ما يشابه حياة الإنسان في عالم الطبيعة عند الحيوانات .. فالحياة ليست حكراً على الإنسان وانما يشاركه فيها النبات والحيوان، ويمتاز الإنسان من بين جميع الكائنات الحيّة بالمنزلة الروحية .. وكذلك ثمة قوة تفوق المنزلة العقلية يتحلى بها الإنسان- بالقوة- تمكّنه من اجتياز عالم الطبيعة والوصول إلى منازل لا يمكن تصورها ..
وان مختلف ابعاد الإنسان بحاجة إلى التربية والانماء. فكما ان هناك اساليب وطرق تتناسب مع الطبيعة أو الحياة، فان هناك اساليب ايضاً تتناسب مع المراتب التي يتصف بها الإنسان، وبامكان الإنسان ان يدرك بعضها أو ربما اكثرها، وقد بعث الله تبارك وتعالى الانبياء والرسل لأجل اعداد وتربية البشر وايصالهم إلى أعلى مراتب الكمال التي لا يسع احد الاطلاع عليها لولا الانبياء والرسل (ع).
وما لم يتم التعرفّ على الداء لا يمكن المباشرة بالعلاج. والانبياء بعثوا لايصال الإنسان إلى تلك المراتب التي لم يتمكن علماء الطبيعة من اكتشافها .. فمهما عمل علماء الطبيعة فان غاية ما يمكن ان يتوصلوا اليه لا يتجاوز ادراكهم لخصائص عالم الطبيعة، ولكن ماذا عن عالم ماوراء الطبيعة؟ هذا مالا يمكن لهم ان يقدموا اية اجابة عنه. اذ انه يختلف عن عالم الطبيعة من حيث الكمالات والمراتب. فهناك في عالم الطبيعة اعتبارات اكثر سمواً من الاعتبارات الدنيوية، ونحن غافلون عنها ولا يمكننا رؤيتها بالعين، وبأمكان الإنسان ان يصل إلى هذه المراتب من خلال المجاهدات والسير على الصراط المستقيم الذي رسمه له الانبياء والرسل والذي يعجز الإنسان عن الإتيان بمثله. فان الله تبارك وتعالى بعث الانبياء من اجل تربية هذا الإنسان كي يصل إلى مراتب ماوراء الطبيعة، ولتكون التربية تربية الهية.
العبادات وصفات كتبها اطباء حقيقيون للسمو بالإنسان في مدارج الكمال‏
وانتم ايها السادة تعيشون حالياً خارج بلادكم وانا اعتبركم بمثابة ابنائي وأكنّ لكن كل المحبة والتقدير، وما أريد ان أقوله لكم هو انكم ترون الآن الهيئة الظاهرة من عالم الطبيعة واغلب نشاطاتكم تتعلق بهذا العالم، وان اغلب الامور التي تشاهدونها هي ذات صلة بهذا العالم المحسوس، كالاحداث التي تدور في إيران بما فيها الاشتباكات بين الجماهير وجلاوزة النظام.
طبعاً تتسم هذه الاحداث بطابع معنوي ايضاً، إذ ان ثورة الشعب هي من اجل احقاق الحق- مالا يحصى من الامور التي ترتبط بعالم الطبيعة- ولكن هناك مراتب اعلى واسمى من المراتب الدنيوية يجب ان ننتبه اليها ونهتم بها كالعبادات التي اوصى بها الانبياء ودعونا اليها كاداء الصلاة والصوم والحج ... الخ، والتي تمثل علاجاً حقيقياً من أطباء حقيقيين وحاذقين في عملهم، اطباء جاؤوا لايصالكم إلى مدارج الكمال، ويتعين عليكم الاستفاد منها والأخذ بها مادمتم تحيون في هذا العالم. وعندما تفارق ارواحنا هذا العالم وترحل إلى العالم الآخر وتحيا حياة آخرى، ستكون حينها مزدانة بالتربية الصحيحة التي تضمن لنا حياة سعيدة في الحياة الاخرى.
تماهل بعض الشباب في اداء العبادات‏
ومما يؤسف له انني سمعت عن وجود تقصير من قبل بعض شبابنا في العمل بهذه الاحكام الإسلامية كاداء الصلاة التي لها اهمية كبيرة في الإسلام. وربما اهملت هذه الوصفات العلاجية نتيجة لعدم معرفتكم بقيمتها واهميتها. فهلموا قبل فوات الاوان وقبل يوم لا ينفع فيه الندم.
ولابد من الاشارة إلى أن الإسلام لم يعتن باحد الابعاد على حساب بقية الابعاد التي يحتاجها الإنسان في حياته كما تفعل المسيحية، بل ان الاحكام التي جاء بها الإسلام سواء ما يتعلق منها بالشؤون السياسية، أو أحكام الثقافة الإسلامية، ينسجم مع احتياجات الإنسان. فبمقدار حاجة الإنسان إلى الطبيعة توجد هناك احكام خاصة بالطبيعة، كذلك ثمة احكام لما وراء الطبيعة- التي غافلين عنها الآن انا وانتم- احكام لتلبية احتياجات الإنسان، وبتعبير آخر تربيته تربية سليمة وتحقيق سعادتنا.
ان الله تبارك وتعالى غني عن اعمالنا وعباداتنا. الانبياء (ع) ايضاً لا حاجة لهم باعمالنا. وعندما نراجع تاريخ وسيرة الانبياء، نجد انهم بذلوا كل ما بوسعهم وتحملوا من العناء ما تحملوا في سبيل تربيتنا وسعادتنا.
فعندما تدرسون أو تراجعون حياة النبي موسى (ع) والنبي عيسى (ع) أو حياة نبينا محمد (ص) خاصة، أو عندما تراجعون التاريخ الإسلامي، تجدون ان بعض الانبياء قد أقام دولة وكانت لهم سلطة على الناس، ولكنهم لم يكونوا يتصرفون كما يتصرف رؤساء الجمهوريات والزعماء السياسيين اليوم.
ومع أن رسول الله (ص) كان قد بسط في حياته رسالته على بلاد العرب وبعض البلدان الاخرى، ولكنه لم يقم بما يقوم به رؤساء جمهوريات وزعماء العالم، وكان (ص) حينما يجلس في المسجد يقرّب اصحابه ويتحدث اليهم بكل تواضع بحيث لم يكن بمقدور القادمين من خارج المسجد والذين لم يرووا الرسول من قبل، التعرف على الرسول (ص) من الآخرين.
وعلى هذا النحو كانت معاشرته لاصحابه، لا تتصوروا انه كان يجلس على مثل هذا المقعد الذي اجلستموني عليه. بل كان يجلس على بساط شبيه بهذا البساط الذي جلستم عليه. بحيث كان القادم من خارج المسجد يجد عناء في التعرف عليه (ص). وكان بامكان من يروم لقائه ان يلتقي به بكل بساطة وسهولة خلافاً لرؤساء الجمهوريات اليوم، اذ على كل من يريد ان يلتقي بهم ان يتحمل المشقة والعناء وقد لا تتحقق امنيته ابداً. فجميع الناس كانوا يحدثون الرسول (ص) ويتحدث معهم ويسمعون اجابته على اسئلتهم.
اما عن منزله فقد كان منزله (ص) لصق المسجد، ولا تتصوروا ان المسجد يشابه مساجد المدن الحالية، بل كان عبارة عن قطعة ارض احاطوها بالخشب واغصان الاشجار لتجنب دخول الحيوانات، ولم تشيد داخله سوى غرفة أو غرفتين بنوها بالطين. ولم يكن في مسجد الرسول سوى اشياء بسيطة اذ كان منزله بسيطاً للغاية لا كما هو الحال في بيوتنا.
أما عن حياة امير المؤمنين الامام علي (ع) فقد بسط نفوذ حكومته وامامته على بلاد شاسعة شملت جميع ارجاء الحجاز والعراق وسوريا ولبنان ومصر وإيران وتوحدت كل هذه البلدان تحت لوائه، فكيف يا ترى كانت حياته؟ هل كانت مشابهة لحياة الامراء؟ كان (ع) يمتلك فقط جلد خروف يفرشه ليلًا- حسب ما يذكر التاريخ- وينام عليه هو وزوجته، وفي النهار كان يحشي جلد الخروف علفاً ليعلف به البعير. هذه هي حكومة الاسلام. وكان (ع) يحفر القناة بيده، بمسحاته، وفي ذات اليوم الذي بايعه المسلمون عاد لمواصلة عمله، ولم يكن يعمل من اجل نفسه ومن اجل منفعته الخاصة بل حفر قناة وما أن تفجرت عين الماء حتى جعلها وقفاً للفقراء.
ونحن ايها السادة نريد مثل هذا الحاكم، نريد حاكماً يقتدي بالرسول الاكرم (ص) والامام علي (ع)، نحن الذين تحملنا المشقات وعانينا ما عانينا، عندما نكلم شعبنا المسلم فان خلاصة ما نريد هو مطالبتنا بحاكم لا يكون خائناً.
وينقل عن الامام (ع) انه كان يحسب عوائد بيت المال كالزكاة ومقدار ما يجب ان يدفعه الناس من ضرائب لبيت المال، وكان مصباحه الزيتي بيده ليضي‏ء به المكان، وبينما هو منهمكاً باعداد الكشوفات جاء شخص حسب ما تذكره الرواية «1»، وكان له حديث خاص مع الامام، فاطفأ الامام المصباح ثم راح يحدثه.
طبيعة النظام الإسلامي‏
والآن انتم تلاحظون ماذا يفعل رؤساء الجمهوريات وهؤلاء السلاطين، ونحن لم نطلع إلّا على القليل من جرائمهم. راجعوا احداث إيران لتروا ماذا يفعل هذا المجرم (الشاه) وكيف يعيث فساداً في البلاد وكيف يتصرف مع بيت المال: بيت مال المسلمين. ان هؤلاء الحكام الذين يتساءلون عن هوية الإسلام عليهم ان يدركوا ان الإسلام لا يريد ان يخرب أو ان ينسف ويهدّم كل شي‏ء، وعلى العكس مما يتصورون فان الإسلام يسعى للحفاظ على نظم الطبيعة وتطهير العالم مما علق به من مفاسد.
ولابد من حكومة إسلامية تحقق هذا الهدف العظيم، حكومة لا تسرق ولا تخون شعبها، وقد كانت للمسلمين حكومة وسلطة لم ترافقها اعمال النهب أو السلب أو الخيانة، وانطلاقاً من ذلك لابد من حكومة إسلامية ووجود حاكم إسلامي ونظام إسلامي.
أن أحد اسباب مطالبتنا بوجود حكومة إسلامية، والاطاحة بالحكومة الملكية القذرة، هو اننا لم نر ولم نقرأ في كتب التاريخ أن احداً من السلاطين والحكّام مهما كان متغطرساً وظالماً ان يخون شعبه ووطنه، صحيح ان اكثر الحكّام كانوا جبابرة فاسدين ويعتدون على الناس لكن لم يجرؤ احد منهم ان يبيع وطنه إلى الاجانب، وتقديم ثروات شعبه إلى الاجانب مجاناً.
ولكن هذا الامر قد حصل في عهد هذا الرجل (الشاه) وانحصرت هذه الخيانات بشخصه الفاسد اذ بدد الاجانب في عهده كل ثرواتنا، هم يعيشون حياة مترفة، والشعب يعيش فقر مدقع. ولقد كررت هذا الحديث خلال هذه الايام اكثر من مرة، فقد اطلعت مؤخراً بأن احدى شقيقات الشاه قد شيّدت لها قصراً لم يقدر بثمن الآن، وربما يقدر في المستقبل بمبلغ يحير العقول، فقد انفقت خمسة ملايين دولار على تزيينه بالزهور وبستنته فقط.
في حين اننا نقتدي بحاكم كان يطفئ المصباح الذي هو ملك لجميع المسلمين من اجل ان يحدّث احد أصحابه حديثاً خصوصياً. وان كل تشكيلاته هو هذا المسجد. يأتي الى المسجد ليستمع الى الجميع. ومن المسجد أيضاً كان يتم اعزام الجيوش لتنطلق في فتوحاتها. غير أن ذلك لم يغير من بساطة حياته.
اننا نقتدي بامام قصره المجد الذي حظى به دون غيره، ففي يوم حل هذا الامام العظيم ضيفاً على ابنته وكان ذلك في الليلة الاخيرة من حياته، وكان حينها في عز عظمته، فقدمت له ابنته خبزاً مع الملح والحليب، فقال لها ما معناه: (متى رأيتيني آكل نوعين من الطعام في وجبة واحدة؟!) فقدمت له الحليب، لكنه، طلب منها ان تقدم له الخبز والملح بدل ذلك، واكتفى امير الحجاز وإيران وسوريا ولبنان والعراق وبلدان اخرى، بأكل الخبز والملح.
اما أخت الشاه المجرمة، فقد ضيعت خمسة ملايين دولار من اموال الشعب في اعمال تزيين وبستنة قصرها، اضافة إلى كلفة العقار التي لم يعلن عنها، وقد قرأت في الصحف ليلة امس ان الشاه احتفل ليلة الرابع من آبان بصحبة أخته فقط، اذ هرب بقية أفراد الطغمة الحاكمة إلى الخارج بعد ان نهبوا اموال الشعب وهربوها إلى اميركا، ويقال انهم اتصلوا هاتفياً قبل عدة ايام بإيران وامروا بشحن طائرة بالمجوهرات ونقلها إلى اميركا. ولان الشاه يحتمل نهايته والاطاحة به لذا قام بعمليات نهب واسعة.
الحكومة الإسلامية تعني نهاية الفوضى والنهب‏
نحن نطالب بقيام حكومة إسلامية ولا نسمح بحدوث الفوضى، البعض يقول لنا انكم تريدون ان تقيموا حكومة إسلامية توقف عجلة تقدم البلد ..
هذه اشاعات باطلة ومغرضة يروج لها الاعلام. اننا نتطلع إلى انطلاقة عجلات التقدم بما يوفر مصالحنا لا مصالح الاجانب، وسنحول دون بيع نفطنا إلى أوربا باسعار زهيدة، سنقوم بتصدير مقداراً معقولًا من النفط، ونشترط أن نكون احراراً في التصرف بعائدات النفط، لا أن يشيدوا بعائدات النفط قواعد عسكرية اميركية.
نحن ضد الفوضى ولكننا في الوقت نفسه نسعى للاطاحة بحكومة تنهب شعبنا وتخون وطنها، ونطالب بقيام حكومة إسلامية مخلصة لشعبها المسلم، ونطالب بحكومة لا تخون ولا تقتل شعبها لمجرد انه يهتف ضد الشاه ويعلن تذمره واستياءه منه.
وخلاصة القول، ارجو ان لا يثيروا الذعر في نفوسكم من الحكومة الإسلامية، لان الحكومة الإسلامية حكومة العدالة، وتسعى إلى تحقيق حياة سعيدة لشعبها أن شاء الله تعالى، ونأمل من الله تعالى ان تقام مثل هذه الحكومة في القريب العاجل.
«۱»-راجع مناقب آل ابي طالب لابن شهر اشوب، الجزء الثاني.


امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378

جمله طلایی

فراز طلایی

دیدگاه ها

نظر دهید

اولین دیدگاه را به نام خود ثبت کنید: