أجرت المقابلة: السيدة اليزابث تاركود، مراسلة صحيفة الغاردين البريطانية
سؤال: [سماحة آية الله، هل تعتقدون ان بوسع الشاه، كقائد للقوات المسلحة، امتصاص هذه المعارضة الموجّهة ضد حكومته والاستمرار في الحكم؟].
الإمام الخميني: كلا. ان الشاه والأسرة البهلوية فرضوا على شعبنا، مثلما فرضت قيادته العامة للقوات المسلحة على الجيش. لم يكن الشاه ممثلًا حقيقياً للجيش مطلقاً. لقد استخدم النظام- خلال الخمسين عاماً الماضية- الجيش وقوات الامن الداخلي لقمع الشعب. ونحن نأمل ان يعود الجيش إلى رشده ويلتحق بحركة الشعب. وأنا واثق من ان انتفاضة الشعب هذه ستطيح بالشاه وأسرته.
سؤال: [ما هي الظروف التي يقرر في ضوئها سماحة آية الله العودة إلى إيران؟ هل توافقون على بقاء الشاه كملك وليس حاكماً وفقاً لمعايير الدستور؟ يا حبذا لو نتعرف على رأي سماحتكم بهذا الصدد].
الإمام الخميني: في ضوء التجارب المرّة التي يختزنا شعبنا فيما يخص هذه الأسرة، لا توجد اية فرصة للابقاء على الشاه مجرد من الصلاحيات «1». فنحن نعارض النظام الملكي اصلًا. كما أن عودتي إلى إيران تعتمد على تقدم اهداف الثورة، وفي الوقت الحاضر لا أفكر بالعودة.
سؤال: [هل حاول الشاه أو أحد اعضاء حكومته- على سبيل المثال اردشير زاهدي «2»- التقرب ولقاء سماحتكم؟ وهل تم اقتراح بعض الموضوعات بمثابة ارضية محتملة للتباحث مع سماحتكم؟].
الإمام الخميني: كلا.
سؤال: [هل حاول معارضو النظام التوسط بين سماحتكم والشاه؟ نظير مثلًا المهندس بازرجان أو الدكتور سنجابي. وإذا كان حدث مثل هذا فما هي نتيجة هذه الوساطة].
الإمام الخميني: كلا، مطلقاً.
سؤال: [هل يدرس سماحة آية الله امكانية ترشيح فرد من داخل إيران لتولي رئاسة الوزراء، يحظى بقبول الجميع؟. ومن هو هذا الشخص؟].
الإمام الخميني: لن اوافق على تعيين أي شخص يتولى رئاسة الوزراء في اطار النظام الشاهنشاهي.
سؤال: [سبق لسماحتكم ان صرح بأنه لا يوجد سبيل حل غير اسقاط الأسرة البهلوية. هل يعمل سماحة آية الله في الوقت الحاضر لاسقاط الشاه؟ وكيف السبيل إلى ذلك؟ مثلًا هل توجد مخططات معينة يتم في ضوئها تحقيق ذلك؟].
الإمام الخميني: النهضة الحالية العظيمة لشعبنا تستهدف الشاه ونظامه. وعليه فان أبناء الشعب يناضلون من اجل اسقاط هذا النظام. وأنا أوصيهم بضرورة المحافظة على وحدة الكلمة بين مختلف فئات الشعب .. ان الشعب هو الذي يحدد اساليب النضال ويعمل بها. وان توجيهاتنا وارشاداتنا المهمة تأتي في الوقت المناسب. وإذا ما اثبتت الاساليب الراهنة عدم جدواها، فسوف نبحث امكانية الاستفادة من اساليب أخرى.
سؤال: [ما هي التدابير التي تم اتخاذها لمرحلة ما بعد رحيل الشاه؟ هل تفكرون باناطة المناصب العليا إلى الشباب، ام أن سماحتكم لا يستبعد امكانية الاعتماد على كوادر الحكومة الفعلية؟ وهل تفكرون في هذه المرحلة اعتماد مبدأ الولاء ام الكفاءة؟]
الإمام الخميني: يمتلك الإيرانيون، سواء داخل إيران أو خارجها، كفاءات كثيرة تحول حكومة الشاه دون بروزها وتكاملها. وسيتم دعوة هذه الطاقات والكفاءات بناءً على مؤهلاتها وولائها للإسلام والشعب.
سؤال: [لقد انتقد سماحتكم سياسات الشاه لفترة طويلة. ما هي حدود اختلاف سياساتكم مع سياسات الشاه في المجالات التالية:
أ- المجال الاجتماعي: هل ستطبق القوانين الإسلامية؟ وما هي الاثار التي سيترتب عليها في الحياة العامة مقارنة بالقوانين الفعلية؟ يا حبذا لو يوضح لنا سماحتكم هذا المفهوم بدقة اكبر في ظل الحكومة الإسلامية وهو: هل ستتمتع النساء بحق الاختيار بين الحجاب الإسلامي واللباس الغربي؟ هل يمكن للسينما ان تواصل نشاطها؟ وكيف سيكون اختيار الافلام؟ هل سيمنع تداول المشروبات الكحولية؟ واخيراً هل ستكون إيران نموذج آخر للسعودية أو ليبيا؟
ب- مجال الدفاع والخارجية والنفط: ان سماحتكم ينتقد باستمرار دور الأجانب، سيما اميركا. اية تغييرات تودون مشاهدتها بصورة دقيقة في إيران فيما يتعلق بالنفوذ الاجنبي في صادرات النفط وشراء الاسلحة؟
ج- الامن الداخلي: وجد السافاك اساساً لضمان الامن الداخلي ضد التحركات الداخلية. هل سيأمر سماحتكم بحل السافاك؟ واي قوات ستحل محل قوى الامن؟].
الإمام الخميني: اولًا. ان تطبيق الاحكام في الإسلام منوط بتحقق ظروف وتمهيدات كثيرة. ولابد من اتخاذ الكثير من الامور بنظر الاعتبار تحقيقاً للعدالة وتنفيذاً لتعاليم الإسلام بصورة دقيقة. فإذا ما روعيت كلّ هذه الامور، سنرى ان القوانين الإسلامية أقل قسوة من القوانين الاخرى. فيما يتعلق بالنساء، فلهن مطلق الحرية في اختيار نشاطهن واللباس الذي يناسبهن مع مراعاة الضوابط والشؤون الإسلامية. وقد اثبتت التجربة الراهنة للتحركات ضد نظام الشاه بأن النساء وجدت حريتهن اكثر من أي وقت مضى في اللباس الذي يقرّه الإسلام.
بالنسبة للسينما، فاننا نعارض السينما التي تمارس نشاطاً يعمل على افساد اخلاق الشباب وتدمير الثقافة الإسلامية. غير اننا نؤيد وندعم البرامج التربوية التي تساعد في النمو الاخلاقي والعلمي السليم للمجتمع. كما انه سيتم منع المشروبات الكحولية والمخدرات الأخرى التي تضر المجتمع .. ان حكومة الجمهورية الإسلامية التي نتطلع اليها لا تنطبق مع أي من النظامين المذكورين (السعودي والليبي).
ثانياً. ان علاقاتنا مع الدول الاخرى ستكون على اساس مبدأ الاحترام المتبادل. وفي هذا الصدد لا نرضخ للظلم ولا نظلم احداً. وفيما يتعلق بالمعاهدات والاتفاقيات، فاننا سنعمل وفقاً لمصالح شعبنا السياسية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ثالثاً. اجل. سنقوم بحل السافاك وكل المنظمات الامنية المعادية للشعب .. ان وعي الشعب ومشاركته واشرافه على الامور وتكاتفه مع حكومته المنتخبة، هو اكبر ضمان للحفاظ على الامن في المجتمع.
سؤال: [سبق لسماحتكم ان أعلن بأنكم لا تنوون تسلّم مناصب حكومية. لنفترض ان سماحتكم عاد يوماً إلى إيران بعد رحيل الشاه، ففي هذه الحالة كيف ستتصرفون لملء فراغ السلطة السياسية؟ ما هي وجهة نظركم حيال احتمال حدوث انقلاب عسكري؟].
الإمام الخميني: مع رحيل الشاه لن يحدث خلل في السلطة السياسية. ان استمرار حكومة الشاه هو التي يوجد خللًا في السلطة السياسية الراهنة في إيران .. لقد ولى عصر ايجاد الحلول بالانقلابات العسكرية. ولو قام الأجانب بانقلاب فان الجيش الإيراني سيتحول إلى جيش تابع ومحتل اكثر من السابق، ومثل هذا الامر سيعمل على تشديد فراغ السلطة السياسية الحالية في إيران.
سؤال: [سماحتكم يتطلع إلى اسقاط النظام الملكي الفعلي واحلال محله نظام جمهوري. ما نوع الجمهورية التي تفكرون بها، هل هي كالنظام الاميركي ام الفرنسي.]. «3»
الإمام الخميني: نحن نتطلع لاقامة جمهورية إسلامية تستند إلى آراء الشعب. وان نوع الحكومة سيحدده الشعب وفقاً للظروف والمتطلبات الراهنة لمجتمعنا.
سؤال: [هل يؤيد سماحة آية الله هذا الامر وهو أن شهرة وشعبية سماحتكم في اوساط الشباب الإيراني، نابعة من أنكم تتحدثون عن اشياء يفتقدها الشاه؟].
الإمام الخميني: ليست القضية قضية مقارنة بين شخصين. القضية قضية صحوة شعبنا ووعيه السياسي وهويته الإسلامية والمعايير الإسلامية. فكل من يتحرك مع الجماهير في ضوء المعايير الإسلامية، سوف يحظى بتأييدهم ودعمهم.
سؤال: [فيما يتعلق بالشيوعيين. ان سماحتكم معروف باحاطته الجيدة بنوايا الشيوعيين، ولا يثق بهم. غير ان الشيوعيين الشباب في إيران، يطالبون هذه الايام- وليس بالضرورة ان تكون مطالب حزب توده «4»- بتشكيل حكومة وطنية، لانهم يرفضون ان ينفرد شخص واحد بالسلطة سواء الشاه أو الخميني. هل يعتقد سماحتكم بإمكانية تنفيذ ذلك؟ وكيف؟ بتعبير آخر: ألا يعتبر الخميني الحزب الشيوعي غير قانوني دائماً؟]
الإمام الخميني: المعيار في الإسلام هو رضا الله تعالى وليس الشخصيات. نحن نعرف الشخصيات بالحق، ولا الحق بالشخصيات. المعيار هو الحق والحقيقة. بيد أن الشيوعيين يجعلون من الشخصية صنماً ويمنحونها سلطة مطلقة. اما حكومتنا الإسلامية فانها تعتمد آراء الشعب. وان جميع الاحزاب التي تعمل لصالح الشعب، تمارس نشاطها بكل حرية.
سؤال: [ما الذي دفعكم لمغادرة النجف؟ هل تعتقدون بان العراقيين قد توصلوا إلى اتفاق مع طهران؟ هل يمكن التعرف على رأيكم بهذا الصدد؟].
الإمام الخميني: يبدو ان شاه إيران مارس ضغوطاً ضد الحكومة العراقية لمنعي من ممارسة نشاطي السياسي واداء مسؤولياتي. لذلك قررت ترك العراق.
سؤال: [تحت أيّ ظروف يقيم سماحتكم في باريس؟ هل تفكرون بالبقاء في باريس؟ وإذا ما قررتم تركها، اين ستذهبون؟ وهل اقترحت دول أخرى، سيما الجزائر وسوريا، على استقبال سماحتكم؟ وهل بوسع سماحتكم التكهن بالآثار التي سيتركها وجودكم في باريس على الإتفاق الإيراني الفرنسي بشأن المحطة الذرية وقطار الانفاق في طهران؟ واي درس يمكن ان يتخذه الغرب من تغيير برامج الاعمار؟].
الإمام الخميني: اقامتي في فرنسا مؤقتة. ان ما يحدد وجودي في أي مكان هو امكانية العمل بواجباتي فقط. وبناء على ذلك، ليس هناك اية علاقة في الوقت الحاضر بين وجودي في فرنسا والقضايا الخاصة بالعلاقات بين إيران وفرنسا.
سؤال: [هل ترون سقوط الشاه قريباً؟].
الإمام الخميني: ان هذا الامر لا يمكن التكهن به. غير أنه واستناداً للمؤشرات المتوافرة، لن يستغرق وقتاً طويلًا.
سؤال: [هل سيلجأ سماحتكم إلى الكفاح المسلح كوسيلة للنضال؟].
الإمام الخميني: آمل ان لا يصل الامر إلى الكفاح المسلح وان تحل القضايا بالنحو الذي يقوم به الشعب، وان تتحقق اهدافه بسقوط النظام واقامة الحكومة الإسلامية. ولكن لو طالت الامور كثيراً وتعقدت، من الممكن ان نعيد النظر في اساليبنا.
سؤال: [إذن سماحتكم يرجح الاساليب السلمية بعيداً عن اراقة الدماء؟].
الإمام الخميني: أجل.
سؤال: [بعد رحيل الشاه، وحين العودة إلى إيران، هل ستتولون قيادة الجمهورية الإسلامية؟].
الإمام الخميني: انا شخصياً لا ارغب بتولي السلطة. غير أنني سأتولى توجيه أبناء الشعب لاختيار الحكومة والاعلان للشعب عن المؤهلات التي ينبغي أن تتحلى بها.
باريس، نوفل لوشاتو
اوضاع الجهاز الحاكم
جلد ۴ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۱۶۰ تا صفحه ۱۶۴
«۱»-ان شعار الابقاء على الشاه ملكاً وليس حاكماً، كان يرفعه الليبراليون والوطنيون. «۲»-آخر سفير للنظام البائد في الولايات المتحدة. «۳»-في النظام الاميركي، كلّ الصلاحيات بيد رئيس الجمهورية. اما النظام الفرنسي فان كلًا من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء يتمتعان بواجبات خاصة. «۴»-الحزب الشيوعي الايراني.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378