أجرى المقابلة: مراسل صحيفة دي فلت كرانت الهولندية
سؤال: [فيما يتعلق بحديث الشاه واعترافه (بأخطاء الماضي)، واعلانه بأن (رسالة الثورة) قد وصلت «1»، يبدو أنكم استقبلتم ذلك بدعوة الشعب إلى الثورة. ألا ترون خياراً آخر غير ذلك لتحقيق نظام ديمقراطي؟]
الإمام الخميني: إن اعتراف الشاه بأخطاء الماضي ليس سوى تحايل وخداع، وتصور أنه بمجرد الاعتراف سيتركه الشعب وشأنه. وثانياً: إذا اعترف مذنب بذنبه، فإنه يجب أن يحاكم ويعاقب بناءً على اعترافاته. فهو يزعم كذباً بأنه تسلم رسالة الثورة، وقد استمع لها بالتأكيد، وإن نداء الثورة الموجه اليه هو يجب أن يرحل الشاه وجميع افراد اسرته. فلماذا إذا لا يتنحى عن السلطة ويترك الشعب يقرر مصيره بنفسه؟ لماذا يفرض نفسه بالحراب على الشعب؟ وفي هذه الحالة هل نقتنع بأن الشاه يريد ارساء الديمقراطية؟
سؤال: [هل تتوقع أن يتمرد الجيش على الشاه مثلما تريد؟ ما الذي يدعوك لتصور ذلك؟ باعتقادكم هل هناك فرصة حقيقية لاندلاع ثورة مسلحة؟]
الإمام الخميني: من المسلّم به أن العديد من جنرالات الجيش شركاء في نهب ثروات البلد بسبب دعمهم للشاه ودعم الشاه لهم. كما أنهم أعوانه في ممارسة المجازر والتعذيب. غير أن الجنود وكثير من الضباط وضباط الصف مازالوا يتعاطفون قلبياً مع الشعب، ويعانون من تصرفات الشاه خاصة بسبب هيمنة المستشارين الامريكيين على الجيش. وان هؤلاء سيعودون إلى أحضان الشعب عاجلًا أم آجلًا بسبب ارتباطهم الوثيق به، حيث بدأت آثار ذلك تظهر حالياً.
سؤال: [لنفترض أن الشاه قبل التنحي أو أرغم على التنحي، ما هو السبيل الذي يجب اتباعه لإقامة الجمهورية الإسلامية؟ هل تعتقدون أن مثل هذا الطريق سيكون خالياً من العقبات؟]
كمسلمين، أن يكون الإسلام المبدأ والمعيار الوحيد للنظام الاجتماعي ونوع الحكومة التي يتطلعون اليها. وفي ضوء ذلك اقترحت الجمهورية الإسلامية وسأقترح اجراء استفتاء عام بشأنها. ومن الطبيعي ان تواجه الأعمال الخطيرة عقبات تتناسب مع أهميتها وخطورتها.
سؤال: [لو أجريت انتخابات حرة، هل ستدعون الشعب إلى الاعتدال؟]
الإمام الخميني: مع وجود الشاه، لا نوافق على أي مشروع حل لأنه ليس أكثر من دسيسة. وفي حالة سقوط الشاه ندعو الشعب إلى عدم اعطاء صوته لأية حكومة غير الحكومة التي يختارها بنفسه.
سؤال: [كيف سيتم تشكيل حكومة إسلامية؟]
الإمام الخميني: مع التدابير التي تم اتخاذها، سنحرص على مشاركة جميع فئات الشعب في اختيار ممثليهم بوعي وحرية، ومن ثم انتخاب افراد الحكومة وكبار المسؤولين.
سؤال: [ما هي أولى خطوات الحكومة الإسلامية؟]
الإمام الخميني: الخطوة الأولى تتمثل في وجوب اجتثاث جذور الفساد بكل جدية. والأهم من ذلك القضاء على دوافع الفساد في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والمجالات الأخرى.
سؤال: [كيف ستتصرفون مع من تعتبرونهم خونة والذين لا يفكرون بغير مصالحهم؟]
الإمام الخميني: كما ذكرت من قبل، أن الشعب سيختار من يراه صالحاً لتولي المسؤولية، وسيحاكم الخونة ويعاقبهم.
سؤال: [إن الجبهة الوطنية خطت خطوة مهمة على طريقكم برفضها الملكية الدستورية «2»، هل انتم مستعدون لأن تخطوا خطوة على طريق معارضي الحكومة من غير رجال الدين؟]
الإمام الخميني: إن كافة فئات الشعب وفي مختلف أنحاء إيران، شجبت الملكية بشدة منذ أكثر من عام. وعليه فإن كلّ شخص أو مجموعة ترفض الملكية، إنما تتضامن مع الشعب. وفي حالة ثباتها على موقفها هذا، فإن الشعب لن ينسى لها موقفها وأنا اعتبرها حليفة الشعب.
سؤال: [لقد نص دستور 1906 على وجود لجنة من رجال الدين مسؤولة عن عدم تعارض القوانين التي يصادق عليها المجلس مع أحكام القرآن. هل تفكر الجمهورية الإسلامية بايجاد مثل هذه اللجنة؟]
الإمام الخميني: نحن نؤيد اشراف علماء الإسلام على لوائح المجلس كما في الماضي.
سؤال: [أنتم تريدون لإيران تحديثاً حقيقياً خلافاً لتوجهات الشاه. هل بإمكانكم أن تذكروا لنا أين تكمن الفوارق بين هذين النهجين الحداثيين؟]
الإمام الخميني: نحن نؤيد بالتأكيد اعادة اعمار وتحديث البلد وهي من برامجنا. وإن ما قام به الشاه باسم التحديث لم يكن سوى هدماً وتدميراً. هل من التحديث تقديم النفط، الذهب الأسود، بأسعار زهيدة واغراق البلد بحديد الخردة بثمنه؟! هل من التحديث اشاعة صناعات تجميعية تابعة، بمساعدة مئات المصانع؟! هل من التحديث هيمنة عشرات الآلاف من المستشارين العسكريين وبنفقات ضخمة على الجيش ومقدرات البلد؟ و ...
سؤال: [كيف سيكون وضع حقوق الاقليات الدينية والعرقية والسياسية في الجمهورية الإسلامية؟ هل سيكون الحزب الشيوعي حراً في نشاطه؟]
الإمام الخميني: إن الإسلام منح الحرية للأقليات الدينية أكثر من أي دين وأي مذهب. وعلى هؤلاء ايضاً الاستفادة من حقوقهم الطبيعية التي منحها الله تعالى لكافة البشر. نحن نحافظ على هؤلاء بأفضل وجه .. الشيوعيون كذلك أحرار في ابداء آرائهم في الجمهورية الإسلامية.
سؤال: [كيف ستنظر الجمهورية الإسلامية إلى حقوق المرأة؟ وما هو مصير المدارس المختلطة؟ وكيف ستتعاطى مع قضايا الاجهاض وتحديد النسل؟]
الإمام الخميني: بالنسبة للحقوق الانسانية، لا فرق بين الرجل والمرأة. لأن كلاهما إنسان، ومن حق المرأة التحكم بمصيرها كالرجل. أجل، ثمة حالات توجد فروق بين الرجل والمرأة لا علاقة لها بشأنها. إن كلّ القضايا التي لا تتعارض مع كرامة المرأة وشرفها، مسموح بها. أما بالنسبة للاجهاض فهو حرام من وجهة نظر الإسلام.
سؤال: [ذكرتم بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستواصل تصدير النفط والغاز إلى الدول الغربية وستستورد التكنولوجيا منها. تحت أي شروط سيكون ذلك؟]
الإمام الخميني: نحن لا نغلق آبار النفط، ولا نسد أبواب البلد في وجوهنا، ولا نبدل البلد إلى سوق استهلاكية لمنتجات الغرب وما يفرضه علينا. نحن سنستفيد من النفط، ولكن لا يوجد أي مبرر لأن نكون دوماً مصدرين له. إن ما نحتاجه وغير متوفر لدينا، نشتريه من الخارج، ولكن لماذا لا نصنع ما نحتاج بأنفسنا؟ إن سياستنا تستند دوماً إلى صيانة الحرية والاستقلال والحفاظ على مصالح الشعب، لن نضحي بهذا المبدأ مهما كان الثمن.
سؤال: [لقد أوضحتم تبعية إيران الوثيقة للدول الغربية خاصة لأميركا. كيف تفكرون بوضع نهاية لذلك؟]
الإمام الخميني: إن الشعب الذي يقدم الضحايا من أجل الحرية والاستقلال، على استعداد للصبر والثبات وتحمل المعاناة من أجل المحافظة عليهما وصيانتهما.
سؤال: [هل تفكرون بالتأميم خاصة الشركات النفطية؟]
الإمام الخميني: سنعمل على الغاء كلّ اتفاقية تضر بإيران حفاظاً على مصالح إيران.
سؤال: [هل ستقومون باخراج الأجانب خاصة الاميركيين من إيران؟ ألا يترك ذلك آثاره في نقص التقنيين والمتخصصين، خاصة في مجال الصناعات النفطية؟]
الإمام الخميني: نحن لسنا أعداء غير الإيرانيين، لكن الذين يشكلون ضرراً على الشعب، لن نسمح لهم بالإقامة في بلدنا. نحن نتملك أيادي عاملة ماهرة بما فيه الكفاية.
سؤال: [ألا تخشون أن تقوم أميركا بالإطاحة بالجمهورية الإسلامية؟ وكذلك روسيا؟ ما هي الاجراءات التي سيتم اتخاذها في مواجهة مثل هذا الاحتمال؟]
الإمام الخميني: إن الثورة الإسلامية الإيرانية الراهنة ضد الشاه، ليس أقل من التصدي لأميركا والاتحاد السوفيتي اللذين يدعمانه بشكل مباشر وغير مباشر.
سؤال: [كيف تنظرون إلى تغيير لهجة الصحف السوفيتية من أن الأوضاع في إيران متأزمة للغاية؟]
الإمام الخميني: إن الاتحاد السوفيتي ونتيجة لسياساته الانتهازية، فقد مصداقيته في الكثير من المناطق. إنه يتصور أن بوسعه دوماً أن يصطاد في الماء العكر. إننا سنعمل على قطع ايادي المنتفعين السوفيت من إيران.
سؤال: [بماذا تعلقون على وجهة النظر الأميركية القائلة بأن الاتحاد السوفيتي سوف يستغل تدهور الأوضاع في إيران لتحقيق اهدافه في ايجاد موطئ قدم له على شواطئ الخليج الفارسي؟]
الإمام الخميني: إن أميركا تطلق تصريحات متناقضة كثيرة. فقبل فترة صرح كارتر: يقال إن الاتحاد السوفيتي له يد في الاضطرابات التي تشهدها إيران. إن كلام كارتر هذا غير صحيح. وإذا حققت إيران استقلالها سوف تتولى الاشراف على الخليج الفارسي وفقاً للاعراف والضوابط.
سؤال: [لنفترض أن انتفاضة الإيرانيين هدأت نسبياً، وأن الشاه قام فعلًا بمنح الحريات، وأن الإيرانيين صوتوا عبر استفتاء عام، للملكية أو الملكية الدستورية. ماذا ستفعل حينذاك؟]
الإمام الخميني: الثورة الإيرانية نهضة إسلامية مستمرة، وستتواصل برحيل الشاه أو بقائه. ولو أصر الشاه ولم يتنح عن السلطة ستستمر الانتفاضة ايضاً. مبدئياً إن الشعب ساخط للغاية على الملكية الدستورية. من ناحية أخرى، من المستحيل أن يفكر الشاه بمنح
الحرية للشعب الإيراني المظلوم. أليست هذه المظاهرات والاضرابات الشاملة في إيران بمثابة استفتاء ضد الشاه؟
باريس، نوفل لوشاتو
توبة الشاه - حقوق الأقليات - الجمهورية الإسلامية والغرب
جلد ۴ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۲۵۳ تا صفحه ۲۵۶
«۱»-عشية تشكيل الحكومة العسكرية، اعترف الشاه- في خطاب متلفز- بأخطاء الماضي واعتذر للشعب وتعهد بجبران ما فات. الإمام الخميني: إن الشعب الذي ضيّق الخناق على الشاه بتكاتفه وبطولاته، هو نفسه الذي سينتخب الحكومة التي يتوخاها بتوجيه وارشاد من الحريصين على مصالحه. ومن البديهي، «۲»-أعلن كريم سنجابي لدى لقاء سماحة الإمام في نوفل لوشاتو، عن رفض الجبهة الوطنية للملكية.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378