أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى «1» الواعظ هنا هو الله- تبارك وتعالى- وناقل الموعظة هو النبي الأكرم، وهو يقول في الآية: إنما أعظكم بواحدة أي ينبغي أن تكون هذه الموعظة على درجة كبيرة من الأهمية لكي يتحدث بها، بهذا التعبير، وهي أن تقوموا لله مثنى وفرادى أي: أن تقوموا لله، في سبيل إقامة الحق، ولا يشترط أن تتشكل مجاميع أولًا ثم يقوم بعدها الإنسان بذلك بل إن هذا التكليف يشمل حالات الفرادى مثلما يشمل حالات المثنى.
فالتكليف بالقيام لله قائم عندما يكون الإنسان وحيداً، وكذلك في التجمعات وأقلها المؤلّفة من اثنين، وهذه البداية، ثم يرتفع العدد صاعداً. إذن المعيار هو أن يشخص الإنسان كون القيام لله، فإذا أصبح قياماً لله، فلا خوف من كوننا وحدنا أو من قلة عددنا، فلا خسران ولا ضرر في القيام إذا كان لله.
أما أشكال القيام والتحرك من أجل الحصول على الدنيا، فلها وجهان:- ضرر ونفع، الإنسان يقوم بالأعمال التجارية والكسبية بمختلف مجالاتها، ولهذه الأعمال جميعاً وجهان، فتارة يتضرر ويخسر وأخرى ينتفع ويربح، فلا نفع مائة في المائة في أي عمل يقوم به الإنسان ابتغاء الحصول على الدنيا دون أن يكون لله محل فيه. فالعمل الذي يقتصر على الجانب الدنيوي، يربح تارة، ويخسر أخرى مادياً. أما القيام لله وهو العمل الذي يقوم به الإنسان في سبيل الله فلا خسران فيه أبداً. ومن الممكن أن يتوهم الإنسان أننا إذا ذهبنا لقتال الكفار مثلًا وقتلنا منهم وقتلنا فهذا خسران وضرر، ولكن حقيقة الأمر غير ذلك. فهؤلاء القتلى أحياء عند الله، والأجر الموجود هناك- بمختلف أنواعه- لا يرتبط بهذا العالم، وما كان لله فهو رابح دائماً ومصون عن الخسران.
معظم الرجال التأريخيين قام كل منهم وحيداً في مجابهة القوى المضادة، النبي إبراهيم انتفض وحيداً وحطم الأصنام- حتى إنهم عندما أتوا ذكروا أن الذي يفعل ذلك شخص واحد يقال له ابراهيم، لقد قام وحيداً في مواجهة عبدة الأوثان وشيطان زمانه، ولم يخش الوحدة، لأن هذه الانتفاضة كانت قياماً لله، ولأنه قيام لله فكلا وجهيه نفع، فهو رابح سواء غَلَب أم غُلِبَ، لانه إزاء هاتين الحسنين، الدنيوية- إذا حصل عليها- والأخروية مضمونة بلا إشكال.
النبي موسى كان راعياً لدى النبي شعيب سنين عديدة، ثم أتاه الأمر بأن يهب لتنفيذ ذاك القيام، وغاية الأمر أنه- عليه السلام- أراد من الله- تبارك وتعالى- شيئاً وهو أن يكون معه أخوه أيضاً وعندها أصبحا مثنى قد قام وحده أولًا، ثم انضم إليه أخوه فأصبحا إثنين، ولكن في مواجهة أي سلطة إنتفضا؟!
إنها سلطة الفراعنة الذين ما زالت آثارهم العجيبة الغربية باقية في القاهرة ومصر. قام لمجابهة هؤلاء فريداً، ثم إلتحق به فرد آخر هو أخوه. أما بنو إسرائيل، فلم يكونوا يحسنون سوى إثارة الشغب والضجيج وما زال هذا حالهم اليوم أيضاً.
والنبي الأكرم- صلى الله عليه وآله وسلم- كان وحيداً في بداية قيامه، قام وحيداً بدعوة الناس، ودعوة قومه إلى الحق- تعالى- وتوحيده، ولم يكن معه أحد في بداية الأمر، فالذي آمن به كانت زوجته السيدة خديجة وكانت في المنزل والإمام علي وكان حينها طفلًا، ثم ازداد العدد فيما بعد- تدريجياً- في مكة والمدينة. في مكة بقوا ثلاثة عشر عاماً لم تتح لهم فرصة تحقيق شيء، لأن كفار مكة كانوا أقوياء، وكانوا يعتبرون تنامي هذه الحركة مضراً بمصالحهم، فعادوها خشية على مصالحهم، والأوثان كانت وسيلة بأيديهم، فلم يكن عبدتها يؤمنون بها إلى تلك الدرجة، فالمهم لديهم هو مصالحهم المادية التي كانوا يرون حركة النبي الأكرم تهديداً ما حقاً لها.
طوال بقائه في مكة كان- صلى الله عليه وآله وسلم- وحيداً تقريباً، فلم يلتف حوله سوى ثلة قليلة، واقتصرت حركته فيها على الدعوة التي كانت سرية معظم تلك المدة، إلى أن تهيأت الأوضاع المناسبة، هاجر الى المدينة، وعندها بدأ بمجابهة القوى الكبرى.
إذا كان التحرك إلهياً، فلا رهبة من أية قوة، إذ لا تجد قوة تماثل قوة الله، ومثل هذا الخوف يجب أن يستولي على الذين لا يؤمنون بالله- تبارك وتعالى- في حين لا ينبغي للمسلمين والمؤمنين الذي يعتقدون بمبدأ كل قوة (لله تعالى) أن يرهبوا هذه القوى.
النبي الأكرم كان مؤمناً بالقوة الإلهية المطلقة، ولذا قام- بتلك الثلة القليلة من الذين لم يكونوا يملكون شيئاً، فهم من الفقراء- وهزم القوى المتجبرة الواحدة بعد الأخرى، لأنه كان يملك قوة الإيمان، ودعا الجميع إلى التوحيد ونشره في المجتمع، وهزم المسلمون في مدة قصيرة الامبراطوريتين العظميتين آنذاك- الرومية والفارسية برغم أنهم كانوا لا يمتلكون شيئاً من المعدّات الحربية، فمثلًا كان كل عدد منهم يتناوبون على ركوب بعير واحد حين يذهبون للقتال، وكانوا يشتركون في معارك مهمة دون أن يكون لديهم أكثر من عشرة من الخيل أو عشرة سيوف مثلًا، لكنهم كانوا مجهزين بقوة الإيمان، وبها غلبوا تلك الامبراطوريتين العظميين يومذاك، وأوصلوا دعوة الإسلام إلى بلاد الروم وأوروبا.
المهم هو تحلي الإنسان بروح الإيمان، ونحن الآن نواجه هذه القوى الكبرى التي يخيفون الإنسان باستمرار منها، لانها قوى كبرى، وهي الاتحاد السوفيتي وأميركا وانجلترا. صحيح أن قدراتها كبيرة لكن التي تواجهها هي قوة الشعب الذي يقول حقاً، وقد إنتفض قياماً لله، فهو يريد أن يكون بلده إسلامياً حقاً، لا أن يكون ظاهره إسلامياً وباطنه خلافه.
واطمئنوا من أن هذه القوى الكبرى لن تستطيع فعل شيء مقابل الانتفاضة التي فجّرها الشعب الإيراني الذي وقف متحدياً هذه القوى، أي أن الله- تبارك وتعالى- قد جعلها تواجه إحداها الأخرى، فاذا أرادت هذه فعل شيء، نهرتها الأخرى. وقد نهر الاتحاد السوفيتي أميركا مؤخراً، وهددها بالقيام بكذا وكذا إذا تدخلت في شؤون إيران.
أجل، لن يستطيعوا فعل شيء كما نقلوا أن زعماء الاتحاد السوفيتي صرحوا بأن مصير إيران يجب أن يقرره شعبها، وبالطبع فهؤلاء يمزحون فقط لا أكثر، لكن ما يصرحون به صحيح، أي: أن كل شعب يجب أن يقرر مصيره بنفسه.
إذا انتفض شعب بالصورة التي انتفض بها الشعب الإيراني، فإن إنتفاضته هي قيام لله، وأعتقد- وهذا هو الواقع أيضاً- أن مثل هذه الانتفاضة لا يمكن إيجادها بالتبليغ الإعلامي البشري وبأقوالنا هذه، فنحن نستطيع إيجاد حوزة صغيرة أو افرضوا موجة صغيرة، وليس مثل هذه الانتفاضة التي شملت أرجاء إيران كافة حتى العشائر الرحل الذين لم يكن لهم شأن أصلًا بمثل هذه النشاطات، بل حتى سوق (بازار) طهران- وهو مركز جميع الأسواق الأخرى- لم يكن له شأن بها، ولم يكن يتدخل فيها، وهكذا كان حال سائر أسواق إيران.
أجل و أكثر من ذلك حتى الجامعات لم تكن تتدخل فيها، وقد رأينا أن هذه التيارات السياسية أيضاً لم تكن تطلق مثل تلك المطالبات، فلا شأن لها بها اصلًا، والجناح العلمائي كان مكتوف اليدين والأفواه مغلقة، ولا يتجرأ على قول شيء، فقد خنقوا طوال الخمسين عاماً هي حكم هذه السلطنة السوداء- جميع الأجنحة التي كان بإمكانها أن تتجرء أمراً ما.
لقد أساؤا- في عهد الملك رضا- إلى رجال الدين إساءة جعلت الشعب نفسه يقف بوجههم ويرفض السماح لهم بصعود حافلات النقل، لانه لا يحبهم كما قال أحدهم، وكنت بنفسي مستقلًا حافلة نقل آنذاك يرافقني احد المشايخ، فتوقفت الحافلة لنفاد وقودها أو مائها- على ما يبدو-، فقال السائق: إنها توقفت لوجود هذا الشيخ. وقال هذا على الرغم أنها لم تعطب، بل نفد ماؤها (يضحك الحاضرون) أو نفد وقودها- لا أتذكر الآن.
المهم نفد أحدهما، لكن دعايات أعوان رضا خان وجلاوزته أوصلت إلى هذه الحالة السواق الذين ترونهم اليوم إحدى الشرائح النشطة في إيران، فهم يشلّون أحياناً الأعمال الحكومية بعدما كان أحدهم إذا نفد وقود حافلته يعلله بوجود شيخ فيها، ويتطير من وجوده، وهكذا كان حال الشرائح الأخرى في المجتمع.
لم يكن يقام في تلك الحقبة مجلس خطابة واحد علناً، وإذا سنح كان في منتصف الليل وفي الخفاء بنحو غير رسمي، فقد كانت الأبواب موصدة بوجه جميع أشكال التبليغ من أي فئة كانت. الساسة في عزلة لا يقومون بشيء، لأنها لا تستطيع فعل شيء ولم يكن ينطلق صوت من أحد.
أجل قام علماء الإسلام بعدة انتفاضات، لكنها منيت بالهزيمة، فقد انتفضوا في آذربيجان، فاعتقلوهم ونفوهم إلى سنقر، وتفجرت انتفاضة في إصفهان فقمعوها وفرقوهم. لقد تفجرت انتفاضات عديدة، لكنها لم تستطع تحقيق النتائج المطلوبة، والشعب لم يكن متيقظاً، ولم يكن يعي قضاياه بصورة سليمة.
أردت أن أقول:- لا الجناح السياسي يستطيع الآن أن يقول:- أنني أنا الذي أوجدت الحالة القائمة وحركت إيران برمتها، ولا جناح علماء الدين يستطيع قول ذلك، فالذين فعلوا ذلك هم جنود الله، وهذا هو أمر الله، ولهذا يملؤهم الأمل، لأنه ليس من الإنسان ليقال:- لا دعامة له، إنه فعل الله الذي أوجد هذه الحالة، فجعل هذا الشعب- الذي كان شرطي واحد يكفي لاغلاق أسواقه- يقف اليوم متحدياً جميع القوى، ويرفع قبضاته بوجهها جميعاً معلناً الرفض لهذا (النظام).
في السابق كان مجرد ذكر اسم الحكم العسكري يكفي لقطع الأنفاس والأصوات دون أن يقطع أحد هذا الصمت، ويهزم الحكم العسكري، فهذا مما لم يكن بالإمكان الاقتناع به أصلًا. أما اليوم، فهذا الحكم العسكري نفسه هو ظاهر أجوف لا يعبأ به الناس أصلًا برغم أنه يثير الضجيج والتهديات ويصدر البيانات، ولكن عندما يعلن منع اجتماع أكثر من شخصين يجتمع مائة ومئتا الف، وينتفضون ويحبطون هذا الاعلان، ويهزمون الحكم العسكري كل يوم.
وهذا ما يحدث الآن في إصفهان وطهران وقم وكلها تعيش في ظل الحكم العسكري الذي لم يعودوا يهتمون به أصلًا، ثم أتوا بالحكومة العسكرية وهي لا تختلف عن الحكم العسكري، فكلاهما عسكريان ومؤلفان من هؤلاء الطاعنين الطفليليين الذين حلبوا الشعب طويلًا، وهم لا يحسنون فعل شيء، بل لا يستحقون أن يطلق عليهم وصف الإنسان. أجل كل ما يحسنونه هو إصدار الاوامر بالقتل، ولكن تأثير ذلك انتهى، فالحكومة العسكرية أيضاً عاجزة عن تحقيق شيء، فهي خاوية.
لنفرض وقوع الانقلاب العسكري، وهو السهم الأخير في جعبتهم، وقد تحدث به الاتحاد السوفيتي، وقال:- إنهم يكفرون بالقول بهذا الأمر، وإذا نفذوه، فسأرد أنا بكذا وكذا. ونحن نقول له: إنا في غنىً عن أن تفعل أنت شيئاً، فنحن سنقوم باللازم بأنفسنا.
لنفرض وقوع هذا الانقلاب ولكن ماذا سينتج غير هذه العساكر وهؤلاء المسنين وهذه البنادق، ولا شيء أكثر من ذلك. وهذا الشعب قد رأى- خلال الشهور الماضية- حكمهم العسكري وهزمه، وحكومتهم العسكرية موجودة الآن وهم يرونها عاجزة عن فعل شيء وقد هزمها الشعب أيضاً. والانقلاب العسكري لا يعني أكثر من مجيء عسكري آخر، فالأمر ليس بجديد والشعب أصبح واعياً، فثمة قوة إلهية تحكم إيران الآن.
انتبهوا أن هذه ليست قوة بشرية، فالانسان لا يستطيع إيجاد مثل هذا التغيير في بلاد تزيد نفوسها على الثلاثين مليوناً ومساحتها أضعاف مساحة فرنسا، ولا يستطيع أن يجعل الأطفال الصغار ذوي السبعة أو الثمانية أعوام الذين ذهبوا حديثاً للمدرسة، وحتى من دونهم سناً ومن بدؤا النطق توّاً يهتفون هم والطاعنون في السن الراقدون في المنازل والعاجزون عن الخروج منها، بالموت لهذه السلطنة البهلوية.
هذا لسان الله وتلقين منه- تعالى- وهذا فوق ما يطيقه الإنسان، فهو لا يستطيع مثلًا أن يغير شعباً كاملًا يزيد على الثلاثين مليوناً بعدة ملايين نسمة، وكان إلى الأمس يخاف من شرطي واحد يدخل السوق، ويأمر برفع الأعلام بمناسبة هذا اليوم من شهر آبان فلا يتخلف أحد عن الاستجابة له. أما اليوم، فلو دخل صاحب الجلالة نفسه إلى السوق، لهشموا عظامه بقبضاتهم، وهو أيضاً لن يتجرأ على الخروج (يضحك الحاضرون).. .. فالوضع اليوم جعلهم لا يتجرءون على نقل الرئيس الصيني الذي زار إيران في الشوارع، لان الجماهير فيها تمنع مرورهم، ولذلك نقلوه بطائرة عمودية حلقت فوق الرؤوس إلى المطار حيث ذهب منه لشأنه.
هذا هو التحول الذي ظهر اليوم، وشمل جميع فئات شعبه، فهل تتصورون ان جميع هؤلاء العسكريين يريدون الملك؟ لقد جاءني العديد من الناس برسائل منهم تعلن استعدادهم للقيام بالمهمّات المطلوبة منهم، وهم من القوة الجوية، وكذلك من القوة البرية، وأعلنوا أنهم لا يخشون المستشارين الأميركان والإسرائيليين والمستشارين وهؤلاء الذين يبتعلون ثروات الناس، ويدمرون مصالح المسلمين سنطردهم جميعاً من إيران بمشيئة الله (الحاضرون: إن شاء الله).
وهذه يد الله التي تقوم بكل ذلك، فهي ليست يداً بشرية لكي نخشى عجزها، فالبشر حتى لو كانوا ثلاثين مليوناً مثلًا لا يمتلكون الاسلحة الكثيرة لا يستطيعون مواجهة كل هذه القوى كالصين التي يبلغ تعداد نفوسها مليار نسمة، أو كتلك التي يبلغ عدد نفوسها مئات الملايين وغيرها، فقوتنا ناقصة لكوننا بشر ولكن إذا كان القيام لله، أي أنكم استجبتم للموعظة الالهية الواحدة: إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله وقمتم لله فلا محل حينئذ للخوف من البشر، فما هو وزن البشر وكل البشر في مقابل قوة الله تعالى؟!
لو ضاعت منظومتكم الشمسية كلها في كل هذه المنظومات الشمسية للزم الأمر أن يأتي جبرائيل للعثور عليها لشدة اتساعها وما اكتشفوه منها لحد الآن يحير حقاً عقولنا الصغيرة، ويصل نور بعض النجوم التي اكتشفوها إلينا بعد مسيرة (6) بليون سنة ضوئية برغم شدة سرعة الضوء. هذا نموذج لسعة دائرتها، وهذه هي قدرة الله، فلا وزن للبشر وغيرهم في مقابلها، ليستطيعوا فعل شيء.
لا يستطيع كارتر إسكات شعب قام في سبيل الله والحق، ولا أن يقول: نحن ندعمه (للملك)، فادعمه وادعموه وليدعمه الآخرون، فلن تستطيعوا تحقيق شيء، فهذه قوة الله، ولا تمكن منازلتها، وهذه الجماهير إلهية مسلمة، وقد قامت لله في سبيل الحق والاطفال الصغار وكذلك الكبار يهتفون: نريد الإسلام وحكومته.
ومثل هذه القوة لا يمكن التغلب عليها بالمدافع الرشاشة وأمثالها، وهؤلاء سيستسلمون في النهاية، ويرحل هذا الرجل- إن شاء الله- الحاضرون: إن شاء الله). فالأمر قضية سرعة تحقق ذلك أو تأخيره، وإلا فهو راحل حتماً ويحتاج الأمر إلى أن يدفع دفعة أخرى- إن شاء الله- (يضحك الحاضرون). إن شاء الله يوفقكم- تعالى- جميعاً لتوجيه هذه الدفعة الأخيرة أيضاً إن شاء الله (الحاضرون: إن شاء الله).
وأنتم جميعاً ونحن مكلفون واجباً إلهياً وهو مساعدة إخواننا الذين يتضرجون اليوم بدمائهم ودعم هذه الانتفاضة والنهضة التي تشهدها إيران اليوم، وتقدم فيها الضحايا كل يوم، فاليوم بالذات ورد في تقرير الاتصال الهاتفي الذي أتوني به أن مائة قُتلوا في إحدى المدن، مائة يقتلون في مدينة إيرانية واحدة حسب ما نقلوه، وفي أخرى ثلاثون قتيلًا وفي ثالثة ستة عشر قتيلًا. وهذه خلال الأيام الثلاثة الأخيرة فقط، لقد تمادى هؤلاء في العدوان على أرواح الناس والقتل، ولكن الاطمئنان موجود بأن هذه القوى لن تستطيع تحقيق شيء في مواجهة قوة الشعب، فهذه قوة إلهية.
نحن مكلفون مساعدة إخواننا، والمساعدة التي عليكم أن تقدموها أنتم المقيمين في أوروبا والدول الأخرى هي التبليغ، أي: أن تبينوا للناس الجرائم التي ارتكبتها هذه الأسرة الحاكمة خاصة هذا الملك، بيّنوها للناس ولزملائكم الأوروبيين في الجامعات والمصانع، وحيثما كنتم وعرفوهم الخيانات التي ارتكبها وأن الشعب انتفض مطالباً بالحرية والاستقلال، وأن هذا الشعب الذي يطالب بالحرية والاستقلال ليس متوحشاً بل يطالب بذلك لأنه متحضر، وأن المتوحشين هم الذين سلبوه الاستقلال والحرية، وليس الذين يطالبون بهما فهما من الحقوق الاولية للبشر، وكل إنسان يطالب بهما، والوحشي من يسلبهما من الناس، والذي يطالب بها هو المتحضر، والشعب الإيراني متحضر، لكنه أبتلي بحكومات متوحشة.
إذن يجب علينا جميعاً أن ندعم الشعب الإيراني، كل بقدر ما يستطيع، وأنتم المقيمون هنا عليكم أن تقوموا بهذه المهمة التبليغية بأي شكل استطعتم، بينوا أنتم الشباب هذه الحقائق للناس حيثما كنتم في الجامعات والأماكن الأخرى، فهؤلاء لكثرة الدعايات السيئة لم يعودوا يستطيعون التصديق بأن هذا الشعب قام من أجل الحق وهو شعب متحضر يقف في مواجهة هؤلاء المتوحشين الذين يقولون: إن هذا الشعب متوحش في حين أن الواقع هو أن هذا الشعب المتحضر قد إنتفض على هؤلاء المتوحشين.
رزقكم الله السلامة جميعاً وحفظكم- إن شاء الله- ووفقكم- إن شاء الله-.
باريس، نوفل لوشاتو
انتفاضة الشعب الإيراني تفوح منها رائحة قدسية
مجموعة من الإيرانيين المقيمين في الخارج من الجامعيين وغيرهم.
جلد ۵ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۲۷ تا صفحه ۳۲
«۱»-سبأ: ۲۶.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378