بسم الله الرحمن الرحيم
تعبئة فئات الشعب لإعمار البلد
أشكركم أيها السادة على حضوركم للإلتقاء بكم عن قرب. لقد مضى ما كان موجوداً. وعلينا اليوم التفكير بالمستقبل. ففي المستقبل مشاكل يقع حلّها على عاتق جميع فئات الشعب. إن الدمار الذي وقع إلى الآن خلال أكثر من خمسين عاماً الماضية، وقبل ذلك وعلى مدى 2500 عاماً. كل هذا الدمار والخراب الذي تشهده البلاد في جميع المجالات، الخراب، دولة خربة في جميع المجالات، الثقافي، الاقتصادي و ... كل هذا قد ورثناه منهم.
وليست هناك من فئة تستطيع وحدها إعمار هذا الخراب. والأمر نفسه حصل عند تحطيم هذا السد الطاغوتي الكبير .. فلم يكن بوسع فئة، وفئتان، تحقيق هذا النصر، ولكن عندما اتحدت جميع فئات الشعب مع بعضها وعملوا جميعاً تحت لواء التوحيد والإسلام، فإن هذا الأمر المستحيل بنظر الأشخاص، أصبح ممكناً وتحقق. لقد كان في اعتقاد الكثيرين يستحيل تحطيم هذه الملكية الطاغوتية، مع ما تمتلكه من معدات وأسلحة حديثة ومع وجود ذلك الدعم من قبل القوى العظمى كأمريكا وغيرها. لقد كان يبدو أمراً غير ممكن بحسب العادة، ولكن هذه غفلة عن الإرادة الإلهية، فكل غير ممكن بنظرنا- يمكن أن يحدث بإرادة الحق تعالى. وإنني لا أعتبر هذا الأمر مستنداً إلى شخص معين، ولا أعتبره مستنداً إلى الشعب، لقد حدث تغيّر في هذا الشعب بيد الله تبارك وتعالى.
صانعو الملاحم
إن تغيّراً روحياً عميقاً حصل لأبناء الشعب، بحيث يأتي الآن بعض الشباب ويطلبون مني أن أدعو لهم بالشهادة. إن الكثير من الشباب النجباء يطلبون منّي هذا الأمر، وبعضهم كان يُقْسم عليَّ أن أدعو لهم بالشهادة. الأمهات اللائي فقدن أبنائهن، عندما يأتين الآن إلى هنا يأتين شاكرات. قبل عدة ليال قابلت أباً كان قد فقد ولده، ولم أكن أدري بمصيبته تلك. سألته عن أحواله، لاحظت أنه يشكر أكثر من الحد المتعارف ويقول حالي جيدة. بعد ذلك قال لي أحدهم بأن أحد أولاده كان قد قُتل وأن شكره ذاك كان لهذا السبب! إن هذا التحول الروحي الذي ظهر لدى الشعب- الشعب الذي كان يخاف من ظل الشرطي- فنزل إلى الشوراع وصرخ (الموت للشاه)! إن هذا التحول كان تحولًا إلهياً لا إنسانياً، فالإنسان لا يستطيع عمل مثل هذا. كل من يتخيل أن فلاناً «1» هو الذي قام بهذا فهو مخطئ. الله هو الذي فعل هذا.
لقد كانت يداً غيبية هذه التي ألقت بظلها على رؤوس هذا الشعب، وجعلت شعباً مظلوماً، شعباً لا يملك شيئاً، يتغلب على قوى كبيرة وينتصر ويحطم هذا السد.
التوجه للمعنويات سر الانتصار
بحمد الله فإن هذا السد قد تحطم. ولكنه مازال هناك الكثير. فمازال لدينا أعمال و ... نحتاج لجهود الجميع، نحتاج لجميع السادة، والخطباء، والكتّاب، وجميع فئات الشعب. لأن بلداً مدمراً لا تستطيع فئة من الفئات وحدها إعماره. بل يجب أن يضع الجميع أيديهم بأيدي بعض حتى يمكن إعمار هذه الخربة، كل واحد على قدر استطاعته، ولا يتصور أنه شخص واحد، وله قدرة شخص واحد فقط. إن هذا الشخص الواحد عندما يكون إلى جانبه آخرون، تتألّف منهم جماعة. مثل القطرة الواحدة عندما تتّصل بها القطرات الأخرى فإنها تصنع سيلًا حينئذٍ. وعندما تجتمع السيول فإنها تصنع بحراً. فلا يتبادر الى اذهان البعض من أنه فرد واحد لا يستطيع عمل شيء! لا، هذا غير صحيح. فمنكم ومني .... كل واحد بقدرة شخص واحد نستطيع العمل، وبالمقدار الذي نستطيع عمله نحن مسؤولون. أي إن الوضع اليوم، وضع بلدنا حساس لدرجة أنه إذا قصَّرنا في القيام بتكليفنا سنكون مسؤولين.
علينا جميعاً، يجب على جميع الفئات أن لا يجلسوا وينتظروا الحكومة تصلح الأمور. فالحكومة وحدها لا تستطيع. لا تجلسوا على أساس أن يقوم علماء الدين بهذا، فالعلماء وحدهم لا يستطيعون، لا يجلس العلماء منتظرين أن تقوم مثلًا الفئات الأخرى بهذا العمل. فأولئك وحدهم أيضاً لا يستطيعون. بل لابد من تكاتف الجميع بعضهم مع بعض، فعندما يتحد الجميع فإن (يد الله مع الجماعة) «2». فعندما تتحد الجماعة فإن الله يؤيدهم حينئذ. وعندما يصبح الهدف إلهياً، والمهم هذا، عندما يصبح الهدف إلهياً، والجميع متوجهون إلى الإسلام، فإنهم سيوفقون في مساعيهم حينئذ.
فقد رأيتم في هذه النهضة كيف كان الجميع من الطفل الذي بدأ بالتكلم حديثاً إلى الشيوخ الكبار الذين اوسكوا على الموت، كيف كانوا يقولون جميعاً بعضهم مع بعض وبصوت واحد ل- (الجمهورية الإسلامية)، كانوا جميعاً يريدون الإسلام. إن هذه المطالبة بالإسلام، وتوجه الجميع للمعنويات، وتوجه الجميع لله ودين الله، هي التي حققت لكم النصر. لا تسمحوا بضياع هذا التوجه. إنه سر الانتصار. مفتاح النصر. أمسكوا بهذا المفتاح جيداً. اسعوا إلى الوحدة، واجعلوا الهدف هو الله. عندما يتحقق هذان الأمران فإن كل هذه المشاكل يمكن حلها. يجب علينا جميعاً السعي لتحقيق الأهداف الإلهية.
المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق المتصدين لمكاتب الزواج والطلاق
أنتم أيها السادة المسؤولون عن مكاتب الزواج والطلاق، تقع على عاتقكم مسؤولية كبيرة. فإذا كانت تحكمكم في السابق قدرة شيطانية، فاليوم لا توجد أية قوة تحكم أحداً. القوى موجودة ولكنها لا تحكم. القانون الإلهي وحده هو الذي يحكم. لا يكون هناك حاكم غير القانون الإلهي. أنتم أيها السادة المشغولون بهذا الأمر العظيم عليكم مسؤولية كبيرة بينكم وبين ربكم. لقد راعيتم الشرائط طبعاً، ومن الآن فصاعداً أيضاً راعوا الشرائط بشكل دقيق خصوصاً في باب الطلاق، حيث يجب أن تلاحظ شرائطه بدقة كبيرة.
أسأل الله تعالى لكم السلامة والسعادة، ووفقنا جميعاً لخدمة الإسلام.