شناسه مطلب صحیفه
نمایش نسخه چاپی

خطاب‏ [تجليل وتقدير لجهاد السيد طالقاني - لزوم الاستقامة والتحرر من التبعية]

قم‏
تجليل وتقدير لجهاد السيد طالقاني - لزوم الاستقامة والتحرر من التبعية
أسرة المرحوم السيد محمود طالقاني‏
جلد ۹ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۹۵ تا صفحه ۳۹۸

بسم الله الرحمن الرحيم‏
إنا لله وإنا إليه راجعون‏

مواساة بوفاة مجاهد خدوم‏

لا أدري هل ينبغي لي أن أعزيكم، أم عليكم تعزيتي، أم أن نعزي بعضنا البعض.
أعزيكم بفقدكم أباً عظيماً، وتعزوني بفقداني أخاً عزيزاً. ونعزي الشعب لفقدانه أحد خدمته، ونعزي الإسلام لفقدانه أحد مجاهديه، وإنا لله وإنا اليه راجعون.
إنا لله وملك له، فكل ما لدينا منه تعالى وإليه المصير. ويجب أن نفكر كيف جئنا وكيف نحيا الآن، وكيف سنرجع إليه سبحانه، فهل نحن هنا لخدمة الخلق وهل نجاهد في سبيل الله وعلى الصراط المستقيم، أم نحن من الضالين، وأنه إذا ما كنا منحرفين وضالين سواء لليمين أواليسار، فما هو طرف اليسار الذي أصبح كناية عن المغضوب عليهم، وما هو طرف اليمين الذي أصبح كنايةعن الضالين، وما هو الطريق والصراط المستقيم، وإذا ما مشينا عليه فهل المكان الذي بدأنا منه هو جزء من الصراط المستقيم، بحيث أننا لسنا شرقيين ولا غربيين، بل من المستقيمين، لا إلى اليمين ولا إلى اليسار، نتحرك على صراط مستقيم إلى اللانهاية، ونحن سعداء وشعبنا سعيد بفضلنا. وإذا انحزنا- لا قدر الله- إلى اليمين أو اليسار أو إلى أي جهة أخرى، وكذلك إذا وضعنا لأنفسنا مقاماً ما بين أبناء شعبنا، فعندها سوف نتسبب بضياع الشعب.
لقد كان المرحوم السيد طالقاني إنساناً مستقيماً، وسوي الفكر والعمل، لم يكن لديه انحياز لا إلى اليمين ولا إلى اليسار. لم يكن متأثرا بالغرب أو الشرق، كان متأثرا بالإسلام وحسب، كان تابعاً للتعاليم الإسلامية وكان مفيداً لشعبه، وقد رحل إلى مكان يليق به وبمكانته.

الاستقامة والاستقلال الفكري‏

ويجب أن نكرس جلّ اهتمامنا لنكون مستقيمين، وأن ندعوا الشعب ليكون معنا، ولنبتعد عن هذا التأثر بالغرب الذي رافقنا طوال التاريخ، لاسيما في الخمسين سنة الأخيرة حيث كانوا يحاولون جرنا إلى الغرب، ومن الطرف الآخر كان هناك من يحاول جرّنا إلى الشرق، لقد أبعدونا عن هويتنا وعن شخصيتنا، وضللوا شبابنا عما كان يجب أن يكونوا عليه. ونحن الآن مكلفون جميعاً بدعوة الناس إلى الطريق المستقيم، إلى صراط الله، طريق الله- الذي هو الطريق المستقيم-، ونقاوم التضليل، فلا نكون منحازين إلى تلك الجهة فنكون دكتاتوريين بكل ما تحويه الكلمة من معنى، ولا منحرفين إلى الغرب الذي يمثل الظلم تحت اسم (حقوق الإنسان)، إذ تجاوزوا كل حقوق الإنسان بظلمهم.

ضياع المذاهب الموحِّدة

التيارات غير الموحدة الآن، تيارات منحرفة ومُحرفة أوجدها أشخاص معينون لمقاصد ومآرب في نفوسهم، من أجل الإيقاع بالشباب الغافلين، أولئك الذين كانوا يقاتلون ويقولون أنهم مع الشعب، وفي خدمة الشعب وباستعمال لفظ الأخوة أو (قارداشي) «1» كانوا يعبرون عن أنفسهم. وربما بعضكم يذكر، أنه عندما تقرر أن يأتي زعماء البلدان إلى إيران ويجتمعوا هنا، جاء تشرشل «2» وروزفلت «3» وتوجها الى محل اقامتهما. ولكن عندما أتى ستالين «4» أحضر معه على متن طائرته بقرة، ظنا منهم أن الحليب هنا غير صحي! وقد استقبلوه استقبالًا عظيماً. نقل البعض أنهم نقلوه بعربة ذهبية. وكنت ما كانوا يحضرونه للجنود الأميركان والانجليز الذين كانوا هنا، إنهم كانوا يأتون لهم بعصير الليمون، والملابس من هناك. ولكن ما شاهدته أيضاً، حينما سافرت بالباص إلى مشهد، الجنود الروس الذين كانوا قد أفهموهم بأنهم إخوة ولا فرق بينهم «5»، كانوا يتسولون ويطلبون السجائر من الناس ومن المسافرين.
كلا الطرفين كانوا يتلاعبون بشبابنا، فالمعسكر الغربي والشرقي جعلونا أضحوكة لهم. وطالما كان هؤلاء المخدوعون موجودين، وطالما كان هؤلاء المتأثرون بالشرق والغرب موجودين، فلا أمل لدينا بالنجاح.

التحرر من التبعية للشرق والغرب‏

في البداية علينا أن نوجه كل اهتمامنا للتفكير كيف علينا أن نخرج من هذه التبعية وكيف نتحرر، وفكرنا وثقافتنا تابعة ومتأثر بالآخرين. ولهذا، علينا الآن أن نسعى جاهدين للخروج من هذه التبعية الفكرية والثقافة الفاسدة الموضوعة بغرض الإيقاع بنا وبالبشرية جمعاء.

اسلوب الحكم في صدر الإسلام‏

إن طريق الإسلام طريق الصواب والإنسانية، ومن أنواع الحكومات التي اسسها بإمكاننا أن نعرف الفرق بينه وبين الحكومات غير الإسلامية. إن إسلامنا الآن ليس كإسلام صدر الإسلام. ففي زمن الرسول الأكرم (ص) وزمن الإمام علي (ع) كان الإسلام واضحا وصريحا، وإذا ما دققنا قليلًا في صفات القادة المسلمين في ذلك الزمن، وكيف كانت حياتهم، لعرفنا ما هو الإسلام الحقيقي. لقد كان الرسول الأكرم (ص) يجلس في مسجد ليس كمساجدنا أو المساجد الموجودة في أيامنا هذه، وربما كان ذلك المسجد مسجد ليس فيه حصيرة واحدة، إذ كان عبارة عن جدار ارتفاعه متر واحد تقريباً، وسقفه مصنوع من سعف النخيل، وهو عبارة عن غرفة واحدة، وعندما كان الرسول الأكرم يجلس مع أصحابه، فإن القادم من الخارج لم يكن يعرفه من بين أصحابه الباقين، بل كان يسأل: أيكم رسول الله؟ هكذا كانوا يجلسون وربما لم يكن لديهم مثل هذه الأغطية ليضعوها تحتهم. وكذلك كان أمير المؤمنين، فتاريخه معروف بالنسبة لكم، ففي اليوم الذي بايعوا أمير المؤمنين، وبعد الانتهاء من المبايعة، أخذ أدوات حرث الأرض وذهب للعمل، وهكذا يعمل كما في حكومته، الحكومة التي إذا ما قالت: نحن إخوة. فإنها تعني هذه الكلمة بالفعل، أي أنه بمثابة أخ أدنى مرتبة في من سائر إخوته. الإمام علي وكما هو مذكور في التاريخ، فقد كان طعامه في أغلب الأحيان، عبارة عن خبز الشعير، وقد كان دائما يقظا حتى لئلا يسمح لبناته بوضع بعض الزيت أو ما شابه عليه، لكي يغيروا طعمته. هكذا كانت حياته وكان يقول إني أخاف أن يكون هناك شخص ما في مكان ما لا يملك الخبز، وأنا أريد أن أكون هكذا مثل أقل الرعية طعاما. إن هذه الحكومة هي حكومة يستطيع حاكمها أن يقول أننا جميعا أخوة، ولو أن وضعه كان أدنى بالمقايسة مع الآخرين. لقد كانت لديه فروة ينام عليها هو وزوجته السيدة الزهراء، وفي الصباح كان يضع عليها العلف لكي يطعم ناقته. هكذا كانت الحياة، وإن أمثال هذه الحكومات هي التي يحق لها أن تدعي أنها في خدمة الخلق، فليذهبوا ويروا وضع منازلهم ويروا أحوالهم، ويقارونها بأوضاع شعبهم، إن أولئك الذين يقولون: إننا ندافع عن حقوق الإنسان وأسسنا منظمة للدفاع عن حقوق‏ الإنسان، فلينظروا ماذا يفعلون وكيف يتصرفون مع بني الإنسان، بل أين هي الحقوق التي منحوها للإنسان. نحن أيضا من بني الإنسان، ولكنهم صادروا أبسط حقوقنا على مدى خمسين عاماً في ذات الوقت الذي يزعمون فيه بأنهم يدافعون عن حقوق الإنسان، وهم أنفسهم الذين يرتكبون المذابح بحق الإنسان ويرفعون عقيرتهم بالدفاع عن حقوق الإنسان. ولكن عندما قُتل نعمة الله نصيري رئيس الساواك، وعباس هويدا رئيس الوزراء، أحدثوا ضجة إعلامية عالمية، لمَ قتلتموهم؟ ولم يكن ذلك إلا لتشويه صورة ثورتنا. إن أمثال هؤلاء لا يعرفون الإنسان حتى يعرفوا ما هي حقوقه، وإنهم غير مهتمين لشي‏ء اسمه حقوق الإنسان، فكل ما يسعون إليه هو الاقتصاد والمال وسرقة الناس تحت شعارات واهية ولا شي‏ء آخر، فمن لا يعرف الإنسانية كيف يحق له أن يطرح مثل هذه الأمور.

الشعب ينشد الإسلام وسيسير بالنهضة قُدماً

على أي حال لدينا مشاكل كثيرة، ونحن بأمس الحاجة إلى شخص مثل السيد طالقاني، ولكن هذا لا يعني أنه برحيل السيد طالقاني سنهزم، فقد ذهب الرسول ولكن الإسلام ظل موجوداً، وقد حدثنا القرآن عن ذلك بقوله: فإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم؟ فالرسول يرحل والإمام يرحل والعالم يرحل، ولكن الإسلام باقٍ. إن شعبنا- بحمد الله تعالى- بات واعياً، ونحن نأمل أن تدم هذه الصحوة إلى الأبد إن شاء الله.
وفي الختام، أتقدم بالتعازي الحارة للسيدات أولا وللسادة ثانيا، واعلموا أني شريككم في هذه المصيبة العظيمة، وأسأل الله أن يهدينا جميعاً إلى الصراط المستقيم.

«۱»-كلمة روسية معناها الأخ. «۲»-وينستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني في زمن الحرب العالمية الثانية. «۳»-فرانكلين روزفلت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في فترة الحرب العالمية الثانية. «۴»-جوزيف استالين، رئيس الاتحاد السوفييتي، كان خلفا للينين. «۵»-يعني بين رؤساء بلدان الاتحاد السوفييتي الشيوعي وشعوب تلك البلدان«المترجم»-.


امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378
 

دیدگاه ها

نظر دهید

اولین دیدگاه را به نام خود ثبت کنید: