بسم الله الرحمن الرحيم
تجارب الثورة
لم نكن نعرف قبل الثورة ما الذي سيحدث بعدها، لم تكن لدينا تجربة، والآن وقد قامت الثورة نرى هذه الفوضى احدى ثمراتها! كلٌّ يقول ما يخطر بباله ويعمل ما يريد، دون أن يفكر هل هذا الذي يقوله او يفعله يخدم مصالح الشعب أم لا؟ وهل يتوافق مع ما تريده الأكثرية أم لا؟، فما يقارب 98% من الشعب صوتوا لصالح الجمهورية الإسلامية، اما الذين رفضوا فكرة النظام الإسلامي لا يشكلون اثنين في المئة على أكثر تقدير.
الجمهورية الإسلامية التي يريدها شعبنا هي التي تتسم بمحتواها الإسلامي وتدار وفق الأحكام الإسلامية وما أمر به الله تبارك وتعالى عن طريق النبي الأكرم ووصل إلينا عن طريق الأئمة الاطهار (ع).
والآن وقد قال الشعب رأيه وتمت الأمور كلها تحت نظره، ترتفع بعض الأصوات المعارضة، كل يتحدث بما يملي عليه هواه، وعندما يُسألون، يجيبون إنها الثورة!، يرتكبون شتى الأخطاء ويبرّرون ذلك باجواء الثورة، أي بما أننا نعيش مرحلة الثورة فيجب أن تكون كل الأعمال ثورية ومعنى الثورية القفز على القوانين والموازين! اما الميزان العقلي، والميزان الإنساني والميزان الإسلامي لم تعد على لائحة أعمالهم، خطابات تقال، وصفحات تكتب، وأقلام تعمل في زوايا البلاد وأطرافها، وكلّ شخص يكتب ما يريد ويريد أن يتبنى الثلاثة والثلاثون مليوناً رأيه.
التآمر لحلّ مجلس الخبراء
إن هؤلاء السادة الذين يصرخون بضرورة توافر الديمقراطية والحرية هم أنفسهم يريدون أن يفرضوا رأيهم على الشعب. فمجلس الخبراء تشكل بموافقة الأكثرية وهو الآن يمارس عمله وفقاً لذلك، غير أننا نرى الآن إحدى الجماعات تطالب بحلّ مجلس الخبراء. لا أعرف ماذا عمل هؤلاء السادة- الذين يجب أن يُحل مجلسهم- حتى يُقال عنهم ذلك؟ ألأنهم مُعمّمون؟ ألأنهم من أهل العلم؟ أم لأنهم يعتقدون بالإسلام ويريدون تطبيق الأحكام الإسلامية؟ أم لأنهم آمنوا بولاية الفقيه وإشرافه على الدولة؟ انهم يخافون اشراف الفقيه على الشؤون العامة، يقولون: إن الولاية تمنحه سلطة مطلقة وبالتالي تعم الفوضى، وأمثال هذا الكلام. ولكنهم لا يتضايقون عندما تصبح القدرة في يد رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية، فقط المعمم يجب أن لا يكون صاحب نفوذ، اما إذا كان غربياً فلا مشكلة لديهم. هذا هو منطقهم بحسب الواقع ولكن صورته فقط تختلف. ولكننا نقول لهم: هل تستطيعون، بحكم كونكم أقلية عشرة أشخاص أو مئة أو ألف، أن تقولوا إن الشعب صوّت للجمهورية الإسلامية ولكن يجب أن تكون جمهورية ولكن ليست إسلامية؟! ما معنى هذا الوجوب؟ (يجب أن يكون كذا!) ما معنى هذا؟ ماذا يشكل هؤلاء المئة شخص، أو الألف مقابل الشعب كي يقولوا (يجب)؟ الشعب هو الذي أختار مجلس الخبراء، ففي طهران أكثر من مليونين أدلوا بأصواتهم للمرحوم السيد الطالقاني وأكثر من مليونين للسيد منتظري، ومليونين أيضاً أدلوا بأصواتهم لأناسٍ آخرين ومليون ونيف غيرهم صوتوا للشخصيات الأخرى، الأكثرية صوتت لهم، وكذلك الحال في المدن الأخرى كانت الأكثرية القاطعة قد أدلت بأصواتها لأمثال هذه الشخصيات. أما الآخرون فقد كانوا أقلية، والآن يريد هؤلاء السادة المتنورون وأولئك دعاة الديمقراطية- وهم الأقلية- ان يتجاهوا أصوات الشعب، ويطالبوا بحل المجلس!
حرية الشعب في الانتخاب
أريد أن أسأل هؤلاء السادة: لماذا تطالبون بحل المجلس؟ ما الذي حصل؟ كيف تقولون (يجب)؟ أنتم الذين تطالبون بضروة منح الحريات وتزعمون بأن الناس لم يدلوا بأصواتهم بحرية؟
لقد رآى الجميع أن الشعب ادلى بصوته بحرية تامة، إنهم يتخيلون إذا حلّ المجلس واعيد اجراء الانتخابات ستتغير النتيجة. ولكن إذا أعيدت الانتخابات مئة مرة سوف يعيد الناس انتخاب علمائهم كل مرة، وإذا انحل المجلس مئة مرة سوف يعاود الناس انتخاب المتدينين الواعين الذين لا يولون وجوههم شطر الغرب، والمؤمنين بالإسلام ... صدقوني أن الأمر ليس كما تتصورون- علماً أن هذا لن يكون أبداً، ولا يحق لأي شخص حل المجلس، الشعب فقط له الحق في ذلك- حتى اذا تم حلّه، فلا يحق لكم أن تفرضوا رأيكم. الشعب وحده هو الذي يقرر ما يريد وينتخب ممثليه سواء في مجلس الخبراء أو مجلس الشورى.
الشعب يطالب بالإسلام
عليكم أن تقيموا العزاء على أنفسكم، لأنه لم يعد الطريق معبداً أمامكم لا إلى مجلس الخبراء ولا إلى مجلس الشورى ولا إلى أي مكان آخر. والسبب في ذلك هو أن الشعب انتفض هاتفاً: نحن نريد الإسلام، وعندما يكون الشعب راغباً في تطبيق الإسلام، فمهما حاولتم أن تثبطوا من عزيمة أبنائه وتثنوهم عن ذلك مع أنكم لن تستطيعوا، سيبقى الشعب متشبثاً باسلامه. نعم في حالة واحدة يمكنكم الوصول إلى أهدافكم وهي أن تجعلوا الشعب بأسره يتخلى عن الإسلام. ولكن مادام الناس يهتفون للاسلام ويكررون نداءهم كل يوم بأنهم لا يريدون سوى الإسلام والجمهورية الإسلامية، فلن يمكنكم ذلك، ولا معنى لفرض رأي الأقلية على الأكثرية، إن ذلك خلاف الديمقراطية التي تدّعونها، وخلاف الحرية وخلاف الإنسانية حيث يريدون، وهم عدة قليلة، أن يفرضوا أنفسهم على الأكثرية. ان مثل هذا كان يحدث في عهد حكم رضا شاه، حيث أرادت الأقلية أن تفرض بعض الأشياء بقوة السلاح على الأكثرية، والآن لم تتغير سوى الوسيلة فقط فتبدل السلاح بالكلام والقلم والمؤامرات وما شابه ذلك. يريدون أن يفرضوا أنفسهم على الناس عبر تضليلهم واستغفالهم، وهذا شيء غير مقبول.
مواكبة الشعب والانسجام مع تطلعاته
أعتقد أن على السادة أن يفكروا قليلًا، السادة الذين يزعمون بوجود علاقة تشدهم إلى الإسلام والشعب والوطن، عليهم أن يفكروا ويختاروا السير وفق مجرى السيل وإلا سيجرفهم، ولا يتصوروا أن الشعب لا يعرف شيئاً، الشعب يعرف أكثر منا، لقد وجد طريقه وها هو الآن يحث الخطى، وقد تجلى ذلك بوضوح في نتائج الاستفتاء العام على ولاية الفقيه، الفقيه الجامع للشرائط.
حل المشاكل متوقف على هدوء البلد
يريد الناس ما أراده الله وما أمر به رسول الله (ص)، والأفضل لأولئك أن لا يجهدوا أنفسهم دون جدوى. يجب أن يسيروا مع الشعب واذا كانوا يريدون فعلًا أن يتعافى هذا البلد، فليسمحوا بأن يسود الهدوء واحباط المؤامرات سواء كانت في العاصمة أو في كردستان أو مناطق أخرى، حتى يدب الاستقرار قليلًا، وعندئذ تجري المياه في مجاريها وتستقيم أمور الشعب ويقطع دابر الأجانب كي لا يتمكنوا من العودة ثانية. أما الآن فان فصائل كثيرة منتشرة هنا وهناك، في طهران وكردستان وبلوجستان، كلها تضمر الكيد للجمهورية، فمن الممكن والحالة هذه أن يأتي وقت تتوقف فيه- لا سمح الله- النهضة، وإذا ما توقفت فإن كل ما لديكم سوف يزول.
كونوا معاً في مواصلة المسيرة، وتعاونوا مع بعضكم بالاسلوب نفسه الذي عملتم فيه منذ انطلاقة الثورة حتى أوصلتموها إلى ما هي عليه الآن، واستقيموا على ذلك حتى تؤتي هذه النهضة أكلها، وإن شاء الله يتحقق ما يريده الله ورسوله وما يريده القرآن المجيد، ففي ذلك صلاح دين الشعب ودنياه وصلاح البلد كله. لا تتصوروا أبداً أن الإسلام أو رجال الدين يدعون إلى الدكتاتورية، لا وجود للدكتاتورية في الإسلام، وشعبنا وعلماؤنا ليسوا دكتاتوريين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته