أجرى المقابلة: مراسل مجلة التايم
سؤال: إنّ المشاعر المعادية لأميركا واسعة في ايران، والأميركيون بدورهم منزعجون من ذلك. فكيف ترون معالم العلاقات بين البلدين بعد صدور قرار مجلس الأمن؟
الإمام الخميني: إنّ مشاعر الإيرانيين ليست ضد الشعب الأميركي، بل هي ضد الحكومة الأمريكية. نحن كنا طوال سنين نعاني من الظلم ونشكو من الكبت، فقد نصبت أميركا الشاه على العرش، يعني: أجلسته دول الحلفاء في سنة 1941 م بدلًا من أبيه رضا خان الذي كان عميلًا للانجليز، وكانت أميركا تسانده دائماً ضد معارضة الشعب الإيراني له.
وقد نهب الشاه جميع ثرواتنا، وأساء إلى شرف شعبنا، ودمّر اقتصادنا، وهدر طاقاتنا، لذلك لا يستطيع الايرانيون ان تكون لهم وجهة نظر إيجابية تجاه الحكومة الأمريكية. وأخيراً فإنّ شعبنا قد انتهى الى هذه النتيجة وهي أنّ حكومة كارتر حولت سفارتها في طهران الى قاعدة للتجسس والتآمر. فكان الجواسيس يعملون فيها تحت غطاء موظفي السفارة الدبلوماسيين، وقد أدرك شعبنا الآن هذه الحقيقة، لذلك اعتبر أميركا عدوه الأول.
ونحن نعتقد أنه لا يصح إلقاء اللوم على الشعب الأميركي مطلقاً بسبب سلوك حكومته ضد الشعب الإيراني، وإذا أرادت أميركا أن تحرمنا من نيل العدالة سواء عن طريق التدخل العسكري او الحصار الاقتصادي، أو أي طريق آخر من طرق التخويف، فلن تحل الأزمة أبداً. وسيبقى ذلك في أذهان الناس. ويجب على الشعب الأميركي منع كارتر من الاستمرار في استعمال هذه الأساليب، وإلا فإنّ شعبنا سيتصور بالتدريج أنّ الشعب الأميركي يشارك كارتر في نواياه السيئة تجاه إيران.
والطريق الآخر أمام الحكومة الأمريكية هو أن تعترف بما أقدمت عليه من ممارسات غير صحيحة. وإنّ طريق حل هذه الأزمة - من وجهة نظرنا - هو تسليم الشاه المخلوع إلى إيران، وتعويض الخسائر الناجمة عن الاستبداد الذي مارسه ضد الشعب. علماً بأن بعض تلك الخسائر يستحيل تعويضها، ومنها: شهادة مئة ألف شخص في النضال ضد الشاه، فالقوى والطاقات البشرية التي دُمّرت في سبيل الاطاحة به لا يمكن تعويضها ابداً. لكننا نتوقع إعادة الثروات التي نهبت من هذا الشعب.
ومتى تأكد الشعب الإيراني من مجيء رئيس لائق بدلًا من كارتر، لا ينوي الاضرار بنا، يمكنه أن يقيم علاقات اعتيادية مع أميركا على غرار العلاقات الموجودة بيننا وبين بقية الدول.
سؤال: هل إنّ إدانة اكثر دول العالم لاحتجاز الرهائن لا تجعلكم تترددون في موقفكم؟
الإمام الخميني: إنّ أكثر الدول التي فعلت ذلك إنما فعلته بسبب ضغوط أميركا عليها، نحن نريد أن نثبت للعالم أنه يمكن هزيمة القوى الكبرى بقوة الإيمان، إننا نقاوم الحكومة الأمريكية وكل ما تملك من قوى، ولا نخاف من أية قوة.
سؤال: هل تعلمون أنكم [بعملكم هذا] قد عزلتم إيران؟ حتى الشعوب الإسلامية أدانت احتجاز الرهائن. فأنتم طردتم أميركا من ايران، لكن من الذي يستطيع انقاذكم من ضغط الاتحاد السوفياتي؟
الإمام الخميني: نحن طردنا أميركا لكي نستطيع إقامة حكومة إسلامية، لا لكي يأتي الاتحاد السوفياتي ويحل محلَّ أميركا. وشعاراتنا تعكس هذه الحقيقة، إذ شعارنا: (لا للغرب، ولا للشرق). وإذا واجهنا ضغطاً من الاتحاد السوفياتي في يوم من الأيام، فإننا سنقاومه بنفس تلك القوة التي مكنتنا من إخراج أميركا، والتي هي قوة الإيمان.
سؤال: يجب أن تعلموا أنّ أميركا لن تسلّم لكم الشاه أبداً، وإذا كنتم في شك من ذلك، فذلك يدل على أنكم لم تعرفوا أميركا على حقيقتها، وإذا كانت منظمة الأمم المتحدة مستعدة للتحقيق في شكاواكم، فيجب أن تطلقوا سراح الرهائن. مضافاً الى ذلك هل يجب إخضاع جميع الحكام المستبدين في العالم لتحقيق منظمة الأمم المتحدة؟
الإمام الخميني: أننا نعرف حقيقة أميركا معرفة كاملة، ونعلم أننا نستطيع أن نقف بوجهها، ونقاومها وأن ندافع عن شرفنا، ولقد أثبتنا أننا نستطيع مقاومة ظلمها الفادح وهو إيواء الشاه. يجب علينا التغلّب على أميركا، وإلحاق الهزيمة بها في جميع أنحاء المنطقة.
إنّ خروج الشاه من اميركا لا يحل المشكلة. يجب على منظمة الأمم المتحدة أن تسعى سعياً جاداً لكي تحث اميركا على تسليم الشاه الخائن الى ايران. كما يجب أن تعيد الثروات التي نهبها الشاه الى أصحابها الأصليين الذين هم أبناء الشعب الإيراني. فإنّ هكذا منظمة عالمية يجب أن تحاكم جميع المستبدين. وإننا لن نستسلم للظلم ولا نداهن الظالمين.
سؤال: إذا انحلت مشكلة الرهائن. فهل تتوقعون تطبيع العلاقات مثل استئناف شراء الاسلحة من اميركا وعقد المعاملات التجارية معها؟
الإمام الخميني: نحن نرفض جميع انواع المعاملات التي تضر بمصالح المسلمين. ونقبل العقود التجارية وغيرها من المبادلات على شرط أن تكون في مصلحة شعبنا. علماً بأنّ الحكومة هي المسؤولة عن عقد مثل هذه الاتفاقيات ولست أنا.
سؤال: إنّ اقتصاد ايران لم يستعد حياته ونشاطه بعد، وفقراء جنوب طهران لا زالوا كما كانوا عليه سابقاً، والقوات المسلحة يحتمل أن لا تستطيع الدفاع عند أي هجوم، وليس هناك نشاطاً سياسياً. فإذا أخذنا هذه الأمور بنظر الاعتبار، إلا يمكن القول: إنّ الثورة لم تكن موفقة؟
الإمام الخميني: ربّما تكون هذه المشاهدات صحيحة. لكنّ الثورة كانت موفقة وناجحة الى درجة أنّ قواعدها وأركانها قد صارت أقوى وأكثر رسوخاً. ولقد اعتاد أبناء شعبنا على الثورة، وهم اليوم جميعاً ثوريون ومستعدون للاستشهاد. وهذه حقيقة واقعة. وأنا أعلن بحزم أننا نستطيع بسهولة أن نقف بوجه الاعتداءات الأميركية. وقد تستطيع أميركا ان تهزمنا، لكنها لا تستطيع أن تهزم ثورتنا. وهذا هو السبب الذي جعلني متأكداً من أننا سننتصر. الحكومة الأمريكية لا تفهم معنى الاستشهاد. ونحن نستطيع بهذه المعنويات حل جميع مشاكل ايران. انظروا الى شعارات ابناء الشعب إذ يهتفون: (إن كارتر لا يدرك منطق الاستشهاد). ويجب أن أقول لكم: إنّ الخسائر التي واجهناها هي وليدة خيانة الأسرة البهلوية التي استمرت في الحكم خمسين عاماً، ويحتاج اصلاحها وترميمها الى مدة لا تقل عن عشرين عاما. فالحرية والجمهورية الإسلامية قد تحققتا، لكنّ الاستقلال يحتاج الى انهاء التبعية للشرق والغرب، وذلك هدف سنصل اليه.
سؤال: تصدرون احياناً بيانات تبينون فيها للناس ما يجب أن يفعلوه. لكنكم حينما تريدون التنصل من المسؤولية، تقولون: لا أستطيع أن أفعل شيئاً. وأن أمر الرهائن بيد الشعب، أو بيد الطلاب.
الإمام الخميني: هذه حقيقة، وأنا مثل بقية الناس أبدي رأيي فيما يجب أن يفعل. لكن لا ينبغي لكم أن تشكّو في أمر الرهائن، فإنّ أمرهم بيد الطلبة.
سؤال: هل أخطأتم في شيء؟
الإمام الخميني: إنّ محمداً رسول الله وباقي الأنبياء والأئمة فقط لم يكونوا يخطؤون، أما بقية الناس فيخطؤون.
قم
احتجاج الشعب الإيراني ضد الحكومة الأمريكية
جلد ۱۲ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۵ تا صفحه ۳۷
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417