بسم الله الرحمن الرحيم
ايجاد الفرقة سلاح الشياطين
في البدء لابد لي من شكر السادة على مجيئهم، وأن ما أستطيع فعله هو الدعاء لكم بالتوفيق. وأسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق الجميع لنكون في خدمة الاسلام. إن اكثر القضايا التي طرحت في امثال هذه التجمعات وفي مجلس الشورى وسائر الأماكن، وإن لديّ قلقاً تجاهها وأشعر بالخطر منها وأرى من الضروري طرحها على أبناء الشعب، وهي أننا عندما اثيرت بعض الأمور حول مجلس صيانة الدستور رأينا من الواجب أن نحل الموضوع بشكل من الأشكال لأنني كنت أشعر بالخوف من بعض الخلافات التي بدأت تظهر، ولكن مع الأسف إن النصيحة التي ذكرتها لحسم الخلافات إتخذها البعض ذريعة لإثارة الخلافات، فقد أتوا قبل عدة أيام بمنشور- دون توقيع طبعاً- رأيت أنه قد صدر بالتأكيد من انسان فاقد لعقله، أو من انسان لديه النوايا الشيطانية، أو من صديق جاهل أو عدو ماكر. فقد ذكروا في أعلى الصفحة كلامي الذي قلته عن مجلس صيانة الدستور المحترم وكتبوا في أسفل الصفحة عبارة سيئة وفيها بأن السادة كذا وذكروا أسماء أشخاص محترمين ملتزمين أعرف بعضهم طوال الثورة، فقد عملوا وضُربوا وعانوا وسُجنوا وكانوا ومازالوا مع الثورة. إن ما يقلقني هو أن وراء كل كلام يظهر شيطاناً يريد تحريفه. إن الشيطان قد هدد الله تبارك وتعالى- حسب تعبيري- بأنني لن أدع عبادك يطيعونك، فعندما طرد قال بأنني لن أسمح للآخرين بذلك. فأنت لن تستطيع أن ترى أشخاصاً يحبونك إلا المخلصين. إن جميع الأمور التي تشتم منها رائحة التفرقة هي من الشيطان لا محالة وهو الذي أقسم بأن يحرفنا عن الطريق. إنني أخشى في شهر رمضان المبارك، الذي هو شهر تهذيب النفس الذي دعانا الله فيه إلى ضيافته، أن نعامل صاحب البيت معاملة يعرض عنا بسببها. على الخطباء في المجالس وأصحاب المنبر وأهل العلم وخطباء الجمعة ومن يخطبون قبلهم، أن يعلموا أن ما أثار قلقي ويحزنني هو أن يحدث اختلاف في هذا البلد، إنني قلت في ذلك اليوم كلاماً لحسم الخلافات لقد عملوا من بعده ما هو مسبب للخلافات. وإنني أقول للسادة الذين يخطبون من على المنابر في هذا الشهر أو ما بعده (إذ أن ذلك اكثر في هذا الشهر ويخطبون اكثر فيه) أن يعلموا أن الاسلام يطالبهم بالوحدة والانسجام فلوفرضنا أنكم فقدتم منصباً رفيعاً- وليس الأمر كذلك- فإن هذا لا يعني أن تسخطوا الله تبارك وتعالى وتقولوا بأني لم أنجح في هذا الأمر- إذا كان ذلك نجاحاً- خذوا بنظر الاعتبار رضا الله واعتبروا أنفسكم عباد الله فحيثما إقتضى الأمر كونوا راضين عنه كما كان عباد الله المخلصون وأولياؤه العظام، فكلما كان يقترب سيد الشهداء من ظهر عاشوراء- حسب الرواية- وكلما كان يفقد شبانه الواحد تلو الآخر كان وجهه يتلألأ أكثر «1»، إذ كان يرى أنه يبلغ الهدف. فنحن الذين نريد أن نخدم هذا البلد ونريد ألا تعود الأمور إلى سابق عهدها، ونريد ألا نكون أسرى بأيدي المستشارين الأمريكان والمتعجرفين الروس، فإن علينا أن نكون معاً، فكما يكون الشعب بشرائحه فليكن القادة كذلك.
الانتباه إلى الأعمال والأقوال لمنع الخلافات
إنني أخشى في كثير من الأوقات وأحزن بأنه إذا دخل الناس الجنة بسببنا ودخلنا نحن جهنم وكان أهل الجنة يشرفون علينا فماذا نصنع بهذا الخجل، إنهم عملوا لأجل نيل رضا الله وأوصلوكم أنتم السادة إلى مقاعد البرلمان ثم جاؤوا اليوم بفريق آخر وقد عملوا لله، فإذا ما انحرفنا وخاصة إذا أوجدنا الخلافات من خلال كلامنا، فإن هذا الخوف موجود بأن نكون نحن غداً في العذاب ويكونوا في النعيم وسيقولون لنا نحن دخلنا الجنة بسببكم فلماذا دخلتم جهنم. فإن الخجل الذي يصيب الانسان في ذلك اليوم- لا سمح الله- سيكون أشد من نار جهنم. فلا يظن أعضاء المجلس وأئمة الجمعة بأنهم يتحدثون في مكان محدود، لقد ألغيت الحدود اليوم وسقطت الجدران. فبالأمس عندما كان يتحدث أحد في المجلس مثلًا أو في مكان إقامة صلاة الجماعة أو الجمعة، كان يسمعه عدد قليل من الناس وكان الأمر ينتهي. ولكن الأمر ليس كذلك اليوم كما تعلمون جميعاً خاصة في إيران، حيث تبث مناقشات المجلس وخطب الجمعة مباشرة وأنا قد أسمع من الإذاعات الأجنبية شيئاً ثم أسمعه من اذاعتنا، إنهم ينقلون الكلام قبلنا. إنّ الواجب اليوم في مثل هذا المناخ كبير. فإذا ما ظهرت انحرافات فهي ليست محدودة. فإذا ما ظهر اختلاف في الداخل فإنه سيؤدي لامحالة إلى هزيمتكم، إن الأعداء واقفون خلف بوابات إيران يتربصون. إن هذا الضجيج لا يخيف وليس شيئاً حيث يقال بأن أمريكا ستعمل كذا وترسل كذا إنه كلام فارغ بل المهم أنهم يريدون أن يعملوا شيئاً في الداخل، فأمريكا تدرك جيداً بأنها غير قادرة على الدخول الى ايران. فقد اعترفوا بأننا لا نريد التضحية بالجنود الأمريكان في الخليج الفارسي. إنهم يطرحون ذلك حتى يطردونا من الساحة بالضجيج والصخب فلا يوجد لدينا خوف منهم، بل إن ما يخيف هو أن يستطيع عملاؤهم الذين يتحركون بحرية داخل البلد أن يبثّوا الخلافات ويفرقوا بين الناس ويقسموهم إلى فريقين وأن يفرقوا بين علماء البلاد. إن اختلاف العلماء هو اختلاف الشعب وليس اختلافاً بين الأفراد، فإذا ظهر الخلاف بين عالمين يحترمهما الناس في مدينة واحدة انتقل ذلك إلى خطب الجمعة والجماعة وفي الأماكن العامة، فإن ذلك ليس اختلافاً بين زيد وعمرو إنه خلاف يودي إلى تقسيم المدينة إلى قسمين فجماعة مع فلان وجماعة مع فلان وسيزداد ذلك. إن صبر أعدائنا كبير فهم يخططون الآن لخمسين عاماً القادم فيسير الأمر على هذه الشاكلة ويزداد الفساد تدريجياً حتى يحدث الانفجار عن طريق عملائهم. علينا ألا نغفل عن ذلك.
ضرورة يقظة الشعب أمام محاولات إثارة الفرقة
إن من يصدرون المنشورات ويضعفون الآخر، فهذا ينشر منشوراً يسيئ فيه إلى الآخرين ويوجه إليهم التهم، فلا يتصور اولئك إن كانوا من المخلصين أنهم يقدمون خدمة إنها خيانة للشعب والإسلام، وإن كانوا من الشياطين فعلى الشعب أن يكون يقظاً وواعياً فهناك احتمال بأن يكون هؤلاء من الشياطين، فعندما نرى الجميع يعادوننا يجب ألا نعادي بعضنا البعض، لأن ذلك سيؤدي إلى أن يتغلب أعداؤنا الأصليون على الفريقين وأن يذيقونا طعم الهزيمة. لقد أصبح الاسلام اليوم في وضع لن يستطيع رفع رأسه في العالم إذا أصيب بالهزيمة لا سمح الله، لأن القوى الكبرى قد أدركت قدرة الاسلام وتدرك جيداً ضرورة القضاء عليه. حتى إن اولئك الذين يحكمون باسم الاسلام في الدول الإسلامية، يخافون من الاسلام الايراني ويعتبرونه اسلاماً آخر وهو كذلك. علينا أن نكون يقظين حتى لا نقضي على الاسلام بأيدينا. لقد عاد الاسلام إلى ايران بأيدي شعبنا ورفع رؤوسكم في العالم، وأصبح الأمر بشكل انسحبت فيه أمريكا عن لبنان بتوهّم أن بعضهم هددوها في لبنان فاضطرت إلى الإنسحاب متوهمة أن البعض قد يهاجمها في عمليات انتحارية وتنسب ذلك كله إلى إيران. في حين أن المسلمين قد استيقظوا في العالم، كما أن غير المسلمين قد انتبهوا أيضاً أي إن المحرومين والمستضعفين قد استيقظوا. فكل شخص يريد مواجهة الأمريكان في بلده. وقد أحاطوا البيت الأبيض بالحواجز وكل يوم يزيدون من الإجراءات الأمنية تحسباً من الاسلام ولذلك يريدون القضاء عليه، ولكنهم لن يستطيعوا ذلك إلا أنه يمكن أن يتم بأيديكم. على السادة الخطباء أن ينتبهوا إلى أن كلمة واحدة عن الانتخابات السابقة واللاحقة وذكر ما يسبّب الخلافات سيجعلهم مسؤولين أمام الله تبارك وتعالى وسيؤاخذهم الإسلام. عليه وعلى خطباء الجمعة أن يدركوا ذلك وعلى العلماء أن ينتبهوا إلى هذا الموضوع، فنحن اليوم بحاجة إلى العمل بقول الله تبارك وتعالى بكل وجودنا فقد طالبنا بالوحدة (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) «2».
محاولة تهذيب النفس وبنائها
إن شهر رمضان المبارك على الأبواب، وإن من نعم الله عليكم نواب المجلس أنه افتتح في شهر شعبان المبارك. وسيبدأ أعماله مع بداية شهر رمضان وهذا من نعم الله الكبيرة التي أنعم بها علينا. لقد دعالكم الله تبارك وتعالى في شهر رمضان إلى ضيافته. وكما تعلمون فإن ضيافة الله هي الصوم، فهي ليست مثل ضيافاتنا المليئة بالمجاملات، بل هي تجنيب النفس ما يتعلق بشهوات الإنسان. انتبهوا إلى أن تعملوا بآداب شهر رمضان المبارك الروحية. فلا يكفي الدعاء لوحده بل يجب أن يكون الدعاء بمعناه الحقيقي. يجب أن يكون دعاء الله وذكره بمعناه الحقيقي الذي يُطَمئن النفوس (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) «3» ذكر الله حقيقة واعتباره حاضراً في كل مكان.
اشكروا الله واذكروه في الشهر المبارك بتذكر الله وذكره وذكر رحمته التي أنعم بها عليكم، أذكروه واطلبوا منه أن يوفقكم وألا يوفق تلك الأيدي التي تسعى إلى تشتيت الشعب. والأهم من ذلك كله هو أن يصلح الانسان نفسه في شهر رمضان فاننا نحتاج إلى الإصلاح وإلى تهذيب النفس فاننا محتاجون إلى ذلك حتى آخر نفس. فالانبياء يحتاجون إلى تهذيب النفس أيضاً ولكنهم أدركوا حاجتهم وعملوا بعد ذلك، ونحن لوجود الحجاب لم نتمكن من فهم ذلك ولم نعمل بواجبنا. أرجو أن يكون شهر رمضان الفضيل مباركاً عليكم. وهو مبارك إذا قررتم العمل بالواجبات الالهية. ادعو الله في هذا الشهر المبارك أن يوفقكم في أداء الخدمة التي تتعهدونها لتعملوا بما يرضي الله. وا طلبوا من الله ألا يحرمنا من عناياته. وقدّروا ضيافة الله هذه ففيها الكثير من اللطف والدقة علينا أن نقدر ذلك.
إن هذه الأدعية التي وردت لش- هر رمضان المبارك ولش- هر ش- عبان، تقودنا إلى الهدف فهي حس- ب تعبير شيخنا «4»- رحمه الله- قرآن صاعد. فكان يعتبر الأدعية قرآناً نازلًا وكان يعتبر هذه الأدعية قرآناً صاعداً. وخلاصة القول أن في هذه الأدعية دقائق لا يوجد لها مثيل. انتبهوا إلى ذلك إن هذه الأدعية تستطيع أن تحرك الإنسان فهذا الشهر المبارك بوسعه أن يحقق للانسان توفيقات كثيرة.
فهذا الشهر يستطيع أن يمكن الانسان من السيطرة على نفسه حتى رمضان آخر أو حتى النهاية وألا يتخطى رضا الله. وإنني أرجو أن نتمكن من إنهاء هذا الشهر المبارك بذكر الله والحرص على رضاه تبارك وتعالى، حتى يمنحنا الله تعالى في عيد رمضان العيدية التي هي استقلالنا الكامل وحريتنا الكاملة المضمونة وجمهوريتنا الاسلامية المضمونة.
الهي إننا عبادك الضعفاء لا نملك شيئاً ولسنا بشيء فأنت كل شيء، إننا إذا أخطأنا فلأننا جهلاء. اعف عنا. أدخلنا في هذا الشهر الفضيل برضاك وأهّلنا بأن نرد عليك ضيوفاً بشكل لائق، إلهي إن ايران هوجمت من كل صوب، فصنها لأجل الإسلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته