بسم الله الرّحمن الرّحيم
الأنبياء والأولياء حماة الدين الحق
آمل أنْ يكون هذا العيد الكبير عيداً مباركاً لكم ولكل الشعب والمسلمين ومستضعفي العالم. وأنْ يجعل الله هذا المولود الشريف الذي هو منشأ كل الخيرات على مدى التاريخ راضياً عنّا. بالطبع إنَّ لي حديثاً مختصراً مع السادة وهو أنَّ الأنبياء من الأوّل وإلى الآخر، والأوصياء منذ بَدْءِ التاريخ وإلى آخره كانوا حرّاساً للإسلام وحرّاساً للدين الحق، إنَّ الدين الحق على مدى الدهور هو الإسلام والتسليم لمحضر الحق تعالى. إنهم لم يحرسوه بالإعلام اللفظي فقط بل كان إعلامهم العملي هو الأهم، أيّ إنْ أعمالهم على طول التاريخ كانت نموذجاً لنا ولأهل التاريخ كلهم ويلزم أنْ تبقى هكذا إلى الأبد. وعند ما نلاحظ سيرة الأنبياءنجدهم قد قدّموا كل شئ في سبيل ذلك، فلقد تحمّلوا المتاعب والمشاق على طول التاريخ، وكما حصل في وقت من الأوقات لسيد الشهداء (ع) فقد حصل لكل واحد من أولياء الله وقدّموا التضحيات نفسها، غاية الأمر أنَّ العصور كانت مختلفة والأحوال كانت مختلفةأيضاً لكنَّ الهدف واحد وهو حفظ الإسلام وحفظ أحكام الله ونشر المعرفة والتوحيد، وبعبارة أخرى: «صنع الإنسان» فقد جاء الأنبياءفي الأصل من أجل صنع الإنسان، جاءوا لإنقاذ الإنسان من كيد الشيطان الذي أقسم على إغوائه، ودعوته إلى صراط الإنسانية المستقيم، ويروه بشكل عملي ما هو الطريق، وكيف يجب أنْ يقف في وجه الشياطين سواء كانوا شياطين الإنس أو شياطين غير الإنس، وذلك بالرياضات في مقابل شياطين غير الإنس، وبالأعمال الصالحة والجدّيّة في طريق تقدّم الأهداف في مقابل شياطين الإنس.
وقوف مظلومي التاريخ في مقابل الشياطين
وإنَني لا أتصوّر أنَّ الدنيا لحد الآن كان فيها شيطان كالشيطان الذي في عصرنا هذا، فالشيطان بالطبع موجود في كل زمان، فشياطين الإنس كانوا على طول التاريخ، ولكنَّ كلما تطوّرت الدنيا تطوّر الشياطين في أعمالهم الشيطانية، وهذا العصر الذي يسمونه اليوم عصر التمدّن والترقيّ وعصر التطوّر إنما هو عصر الشياطين، فأنتم تلاحظون أنَّ الدنيا في كل أنحاء العالم هي في أيدي الشياطين، والإستثناءات فيه قليلة جدّاً، لقد استولى هؤلاء بحيلهم وأدواتهم الشيطانية على كل مكان وهم في تقدّم مستمر وفي كل يوم ينفذون عدة مؤامرات وإنقلابات، فيجب على الإنسان أنْ ينهض ويقف بوجه مثل هذه الإنقلابات الكبيرة وهؤلاء الشياطين المدرَّبين وشياطين عصر التمدّن كما وقف الأنبياء العظام وأولياء الله وانتفضوا وضحوا ضد الشر جميعاً، وفي هذا العصر عليكم أيضاً وعلى جميع رجال الدين وجميع الأمم والمظلومين على طول التاريخ أنْ يقفوا بقامات منتصبة في وجوه هؤلاء الشياطين، فلو ضعفتم أمامهم فسيبتلع الشياطين العالم كله، فهؤلاء بإسم الصلح والصداقة هم أوّل من أشعل الحرب في العالم، وبإسم حقوق الإنسان هم أكبر ساحق لحقوق الإنسان، فهم في الوقت الذي يدّعون الإحسان لا يريدون للآخرين غير الشرّ، إنَّهم يريدون كل شيءٍ لهم ويسحقون الآخرين.
الأعداء يشعرون بالخطر من قدرة الإسلام
ففي عصر مثل هذا حيث تمتلئ الدنيا بالأشرار والجشعين، يظهر في إيران مثل هذا التحوّل بعناية الله تبارك وتعالى، مثل هذه العناية من الله تعالى قد حصلت فحوّلت الشعب من ذلك الوضع إلى وضعه الحالي، فاعلموا أنَّه مهما تحدث الإعلام العالمي وشياطينه ضدكم فإنَّ ذلك دليل على قدرتكم، فلو لم تكونوا الشعب مقتدراً وحرّاساً حقيقيين للإسلام تبعاً لذلك لما كان لهم معكم شأن، إنَّ كل هذا الإعلام الذي تشاهدونه في الدنيا بحيث متى ما فتحتم المذياع سمعتموه يتحدث بالسوء عن إيران- ولو بصور مختلفة- لأنَّهم فهموا أنَّ هنا قدرة، فأحسّوا بالخطر منكم أيّها الشبّان وأيّها القوّات المسلحة. فالإحساس بالخطر جعلهم يبحثون هنا وهناك عن فكرٍ يُخمِدُ هذا الإحساس الذي يمثل في رأيهم ناراً ونعتبره نحن رحمة، إنَّهم يريدون أنْ يطفئوا هذه النار بكل حيلة. إنَّكم ترون اليوم أنَّ ثلاثمائة او أربعمائة من رجال الدين الذين يعيشون على موائد المستكبرين إجتمعوا في بغداد من دول مختلفة ليحولوا دون هزيمة الإستكبار لئلا يهزموا تبعاً له.
القدرة الإلهية سند لحركة الأنبياء والمؤمنين
كل هذا الإعلام الذي يمارس ضدكم أيّها الشبّان إنَّما هو في الحقيقة ضد الإسلام، وكل هذا بسبب أنّهم أحسّوا أنَّ هنا قدرة وهذه القدرة ليست مني ومنكم- وهذا ما يجب علينا أنْ نحسَّ به- بل إنَّ هذه القدرة هي من منشأ تلك القدرة التي كانت لدى الأنبياء- عليهم السلام- لم تكن منهم، البشر من أوّله إلى آخر ليس بشيء، بل إنَّها قدرة الله تعالى، فأيّة حركة تتحركونها إنَّما هي بقدرة الله، وأيّة رصاصة تطلقونها إنَّما هي بقدرة الله، فبقدرة الله تتجه أيديكم نحو الزناد، وأفكاركم تتجه بقدرة الله نحو إنجاز الأعمال العسكرية وغير العسكريةفالقدرة قدرته والكل يجب أنْ نكون منه» إنّا لله «أيّ كل شئ منه،» الحمد لله «وكل حمدٍ إنَّما هو له، فأنتم أو نحن نتصوّر الآن أنَّ إيران أصبحت لها قدرة، إنَّها قدرة الله وقد ظهرت هنا، فاعرفوا قدر هذه القدرة وافهموا أنكم تسيرون بقدرة الله وخوّاص الله وعلى رأسهم الأنبياء إلى هذه الغاية وبهدف تثبيت أحكام الإسلام ورفع الظلم عن المظلومين، فأنتم قد تحركتم بهذا الوضع وهذه النيّة، وفي الوقت الذي لم يكن لديكم شئ وكان كل شئ بيد النظام وكانت القوى كلها تريد الاحتفاظ به في ذلك الوقت نزلتم أيّها الشبّان إلى الشوارع وعملتم شيئاً لم تستطع حتى قدرة أمريكا أنْ تبقى على ذلك النظام، لقد كانوا يحاولون بكل ما أوتوا من قوّة أنْيسندوه ويحافظوا عليه وتشبّثوا بكل الحيل للاحتفاظ به، لكنَّ قدرتكم لم تدع هذا الأمر يتم، وهذه القدرة هي من أجل أنَّكم لم تكونوا منذ البداية تتبعون ال-« أنا «بل تبغون» الإسلام «و» البلد الإسلامي ».
الاختلاف والأنانية بداية الإحباط
لو تقرّر- لا سمح الله- أنَّ كلًا من الجيش والحرس وقوّات التعبئةيقول «أنا» فذلك هو اليوم الذي تقرأ فيه الفاتحة على الجميع، وذلك هو اليوم الذي تتخلّون فيه- لا سمح الله- عن إنسجامكم الذي يجعلكم» يداً واحدة «لحفظ بلدكم وحفظ الإسلام، ومادامت الوحدة قائمة فلن يستطيع أحد كسرها، وحينما تتفرّقون، وعند ما يفكّر مئة مليون إنسان كل منهم على حدةٍ وكل واحد يعمل لنفسه فلن يساوي كل منهم نقيراً. ولو أن فئة قليلة العدد متحدة فيما بينها ويعمل أفرادها لا من أجل أنفسهم بل من أجل هدفهم ووطنهم وإسلامهم فسيصلون إلى غايتهم، وتعداد نفوس إيران بالنسبة إلى العالم ليس بشيء ذي بال، فخمسة وأربعون مليوناً أو أربعون مليوناً في مقابل شعوب الدوّل الأخرى لا شئ، فالصين فيها مليار نسمة والهند ثمانيمئة مليون أو أكثر فنحن لسنا بشئ في مقابلها، أمّا لو أنَّكم تخليتم عن ال- «أنا» وقلتم: «إنَّا لله» ولم تقولوا يجب أن يتقلد الجيش «الوسام» أو الحرس أو قوّات التعبئة أو الشرطة أو البلدية أو اللجان الشعبية بل تقولون «نحن» نريد من الله ونحن يد واحدة، فلو حفظتم هذا المعنى فيما بينكم فستبقون حتى النهاية محفوظين ولن يستطيع أحد أنْ يلحق بكم أذى، وإنَّ القوى الكبرى لتعلم أنَّ إيران الآن في وضع لا يمكن دحرها بأيّ شكل لا عن طريق الإنقلاب العسكري والتآمر ولا عن طريق هجوم عسكري، فجاءت عن طريق الإندساس فيما بينكم لتشتيت شملكم ولو على المدى البعيد، وهؤلاء سيدرعون بالصبر وهو عندهم كثير فهم يبذرون الآن ويحصدون بعد خمسين عاماً، وأنتم عليكم منذ الآن لو رأيتم في وقتٍ مّا بذرة بذروها أنْ تفسدوها وتسحقوها بأرجلكم، فلو رأيتم يوماً ما همهمة تدور بأنَّ على الجيش أنْ يعتني بنفسه وذاك يقول: على الحرس أنْ يحتفظ بنفسه، وآخر يقول كيت وكيت.
لو أردتم أنْ تنفصلوا بعضكم عن بعض وتكونوا فكرين وهدفين، لو حدثت- لا سمح الله- مثل هذه الهمهمة وظهرت إلى الوجود فيما بينكم فاخنقوها في مهدها ولا تدعوها تقوى وتستفحل، فأنتم يا كبار رجال الجيش وأنتم يا كبار رجال الحرس وكذا سائر الجهات عليكم أنْ تتنبّهوا لهذا الأمر وتضعوه نصب أعينكم لنكون جميعاً معاً، فالمسلمون ما داموا «يداً واحدة» فهم باقون، وهؤلاء المسلمون القليلو العدد والسند الإلهي الكبير لو كانوا متحدين وهذه الأمّة لو كانت متعاضدة فلن تستطيع أيّة قوّة أنْ تتعرض لها.
الاقتدار والنصر في ظل حفظ الوحدة
ليفكّر الجميع ويتابعوا هذا الفكر وهو أنْ تحرصوا دائماً على حفظ أخوّتكم، أوجدوا الوحدة فيما بينكم، وليفكّر رجال الدين في أنْ تكون بينهم وبين الشعب أخوة وأنْ يحتفظوا بهذه الوحدة، ويجب على الشعب أنْ يفكر في هذا المعنى أيضاً وهو أنْ يكونوا معاً ومع رجال الدين وغيرهم، وما دام هذا الوضع سارياً فيما بينكم فأنتم منتصرون، فلو أخِذَتْ شفرة النصر هذه منكم فلن يبقى لكم شئ- لا سمح الله- ولن يحتاج العدو إلى كبير جهدٍ للسيطرة عليكم بل يكفيه إنقلاب عسكري بسيط من أحد المنافقين أو أيّ أحد آخر وينتهي كل شئ، ففكّروا في أنَّكم جعلتم الإسلام قوّياً في العالم، وأنَّ كل هذه الأصوات التي ارتفعت الآن في الدنيا على أثر «إنَّنا نريد الإسلام» وهذه إشعاعات أشرقت من إيران على تلك المناطق، وهذا شئ لم يكن فيما سبق، فهذه الأشعة انبعثت من إيران وستفعل فعلها في كل مكان فتمسكوا بهذا المنبع واحفظوا هذا المركز وأنفسكم، وإنَّ شياطين الجنِّ والإنس يريدون بسط سلطتهم على كل مكان فاضربوهم بيد الردع أينما ثقفتموهم ليضاعف الله تبارك وتعالى عنايته لكم أضعافاً مضاعفة، فكونوا منتصرين وأوصلوا المظلومين كذلك إلى النصر.
و إنَّني لأشكركم أيّها الشبّان الأعزّاء كما أشكر كل الذين يضحّون في سبيل الإسلام ويقدمون كل شئ لديهم في سبيل الإسلام، وشكري هذا ليس بشئ، فالله يشكركم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته