بسم الله الرحمن الرحيم
بعون الله وتأييده- جل وعلا- ودعاء خير حضرة وليّ الله الأعظم- روحي لمقدمه الفداء- انتهت فترة السنوات الأربع لرئاسة الجمهورية بالخير والسلامة والعظمة والإقتدار، وقد اتحد أبناء شعبنا الإيراني العظيم والشجاع رغم كل مؤامرات أعداء الإسلام وإعلامهم المضاد لإطفاءنور الله والإسلام العظيم ولإبعاد الشعب الشريف والمجاهد عن الساحة وهبَّ للمقاومة وأحبط المؤامرات التي تقف في وجه السيل المزمجر والإرادة الحديدية للمؤمنين والمظلومين على مدى التاريخ التي تتجه نحو قصور الظلم السوداء والحمراء لتحطيمها بالصرخات المزمجرة للشعب المظلوم المطالب بحقه الذي أهاج المحرومين والمضطهدين في الأرض الواسعة.
لقد اندفع الشعب المتدين بعزيمة عالية واقدام ثابتة من شيوخة إلى شبانه الذين بلغوا الحلم حديثاً للمرة الرابعة لتحديد مصيرهم نحو صناديق الاقتراع فأرعبوا المرجفين وأصحاب الأفكار الواهية وانتخبوا شخصاً شريفاً من سلالة الأنبياء لخدمة الإسلام وإيران المسلمة والشعب ووضعوا عبء هذه المسؤولية الثقيلة على عاتق شخص قد خدم الأمة والإسلام وإيران في هذا المنصب لمدة أربع سنوات بصدق والتزام ورؤية واضحة، كل هذا بعد الخدمات التي كان قد قدّمها قبل قيام الثورة وبعده (جزاه الله خيراً).
علىرئيس الجمهورية المحترم أن يعلم أنه يقف في محضر الباري المقدس جل وعلا وأن كل ما يخطر في قلبه ورغباته السرّيّة وأعماله الخفيّة والعلنية إنما هي في حضور الحق ولايخفى عليه جل وعلا شيئ مهما خفي على الخلق، وعليه أن يعلم أنه في مقام قد تُسقطُ كلمة منه مؤمناً وتقضي على متديّن أو يأتي تشخص غير صالح لمنصب لا يليق به، وأن خطاباً منه قد يثير الجمهورية الإسلامية، والعكس قد يحدث أحياناً.
فالمنصب حسّاس وخطره عظيم تجب الاستعاذة بالله منه واستمداد العون منه، وعلىجميع المسؤولين أن يحذروا المتملّقين والمحتالين وأصحاب المكر، وأن يختاروا مستشاريهم من بين الأشخاص المعروفين بالتدين والالتزام قبل الثورة لأن المنحرفين والمنافقين يتظاهرون بالتقوى والصلاح ويلحقون الضرر بالإسلام والدولة الإسلامية بأيدينا نحن.
و أنت يا رئيس الجمهورية المحترم وبقية الأشخاص المتصدين لإدارة شؤون الدولة لتعلموا أنَّ المتسلطين من الشرق والغرب وخصوصاً أمريكا المتلاعبة إنما هم أفاعٍ قد جرحت من قبل الجمهورية الإسلامية ومن الممكن أن يتوسّلوا بكل الحيل منذ اندلاع الثورة للقضاء عليها سواء عن طريق الهجمات العسكرية «1» أو تنظيم الأنقلابات العسكرية «2» أو اغتيال الشخصيات، أو عن طريق إشعال النيران في المزارع والمحالّ التجارية أو التفجيرات العشوائية في الأزقة والطرقات أو السرقات والاعتداءات.
و الأدهى من هذه كله وأعلى درجة؛ الدعايات المضادة منذ اندلاع الثورة ولحد الآن بهدف إضعاف معنويات الشعب المقاوم ومقاتلينا الأعزّاء، والتشبث بكل أنواع الأكاذيب والاتهامات، ولكن لم يصل والحمد لله أيِ سهم من سهامهم إلى هدفه، ليس هذا وحسب، بل أعطى نتيجة عكسية، لذا لا ينبغي الغفلة عن هذه الأفعى الجريحة، إذ بنفوذ عملائها المأجورين الداخليّين في دوائر الدولة والمناصب المهمة سينفذون مخططاتها بالتدريج خطوة فخطوة، ويحرفون الشخص المعتدل الصالح ويربطونه بعجلتهم، فالغفلة عن هذا الأمر تؤدي إلى فاجعة وأصحاب المناصب وخصوصاً المناصب العليا مثل رؤساء السلطات الثلاث يكونون مراقبين ويتعرضون للمخاطر أكثر من غيرهم، لأن انحراف هؤلاء سيؤدي في النهاية إلى انحراف النظام كله لا سمح الله.
علينا جميعاً نحن وأنتم أن نعلم أن شيطان الخارج والداخل والنفس الأمّارة يَجُرُّ الإنسان من الذنوب الصغيرة إلى الكبيرة والأكبر حتى يصل إلى الكفر أخيراً، فعليكم أن تعتبروا أي خلافٍ صغير، خلافاً كبيراً وأن نقطع الفساد من مصدره، أسأل الله تعالى العون في أن يحفظنا جميعاً من شيطان النفس التي هي أمٌ الأصنام «3».
والآن وتبعاً لرأي الشعب المحترم والعظيم، ولمعرفتي بمقام تديٌن وإلتزام وخدمية العالم المحترم سماحة حجة الإسلام السيد علي الخامنئي أيده الله تعالى فإنني أقر رأي الشعب وأصادق عليه وأعينه في مقام رئاسة الجمهورية بعد إنقضاء مدة الدورة الحالية، سائلًا الله له التوفيق لخدمة الإسلام والشعب والدولة الإسلامية. وطبيعي أنَّ رأي الشعب ومصادقتي عليه يكونان ساريي المفعول مادام متمسكاً بعهوده وسالكاً الطريق المستقيم وثابت القدم في تمسكه بالإسلام وأحكامه النيّرة، وناصراً للمظلومين والمستضعفين والمحرومين ومجانباً ومعارضاً للظالمين والمستكبرين، وأن لا يفتح لأيّ ظالم طريق المساومة، ولن يفتحه.
هدانا الله جميعاً إلى طريق الإنسانية المستقيم، لأننا وجميع مسؤولي الجمهورية الإسلامية مدينون لتضحيات هذا الشعب خصوصاً الفئة الضعيفة والمظلومة التي بتضحياتها قطعت أيدي الجبّارين وأسست حكومة المستضعفين بدلًا من الطواغيت.
وهذه الحقيقة يجب أن تبقى نصب أعين الجميع دائماً وهي أن نكون جميعاً في خدمة هذه الفئة وأن أيّ عمل نقدمه بهذا الشعب لن يؤدي حقه وشكره، والسلام على عباد الله الصالحين.
18 ذو الحجة 1405/ عيد غدير خم المبارك
روح الله الموسوي الخميني
طهران، جماران
المصادقة على انتخاب رئيس الجمهورية
السيد علي الخامنئي (رئيس الجمهورية)
جلد ۱۹ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۲۰ تا صفحه ۳۲۲
«۱»-الهجوم العسكري الأمريكي على طبس في شهر ارديبهشت عام ۱۳۵۹. «۲»-انقلاب«نوجه»-العسكري الفاشل في شهر تير سنة ۱۳۵۹. «۳»-مستقاة من شعر مولوى الذي ترجمته: أمُّ الأصنام صنم أنفسكم إذ هذا الصنم أفعى وذاك تِنّين.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378