بسم الله الرحمن الرحيم
بذل الجهود لإصلاح الباطن
آمل أن يكون هذا العيد السعيد عيداً بمعنى الكلمة لكافة المسلمين، وأن ينزل الله بركات العيد على الشعب الايراني. العيد الواقعي هو نيل الانسان رضا الله تبارك وتعالى، وإصلاح باطنه.
الأمور المتعلقة بهذا العالم عابرة وسريعة الزوا ل، ولايدوم الانتصار والاندحار والسعادة والشقاء في هذه الدنيا أكثر من بضعة أيام، ثم ما تلبث أن تفنى ولا يبقى لنا منها سوى ما اكتسبت ذواتنا، فلنتيقن أنّ الله تبارك وتعالى حاضر، وأنّ كل شيء بيده ولاقيمة لنا، ولنصدق بأنّنا قاصرون عن أداء الشكر على النعم.
أطل شهر رمضان بما يحمل من نعم وفيرة، وليس بوسعنا الشكر على أحدها، لكن علينا المحافظة على الحالة التي اكتسبناها في شهر رمضان المنصرم الى رمضان اللاحق، وإن لم نحصل عليها فعلينا أن نأسف ونجدّ لنيلها. سيؤول كل هذا الضجيح والضوضاء اليالذهاب والفناء، ولايبقى إلّا ما في قلوبنا، فعلينا أن نبذل قصارى جهدنا لإصلاح باطننا.
شكر تضحيات الشعب يساهم في معرفة منزلته
أمست دولتنا ودولتكم اليوم مثالًا يحتذى به ولله الحمد. ما أردت قوله أنّ إقبا ل الناسعلى الأمور المعنوية والظاهرية، لاسيما هؤلاء الشباب في الجبهات، ويوم القد سالذي أقيم على أفضل وجه في هذه السنة فكان أكثر جلالًا وعظمة من السنوات السابقة، فلايستطيع المرء أداء شكر ذلك بمقدار كاف، كل ذلك أوجد لنا تكليفاً، فتضاعف تكليف السلطة التشريعية، وكذلك السلطة التنفيذية والقضائية، ازدادت تكاليف علماء الدين الأعلام. لايسعنا شكر كل هذه النعم، لكن يجب علينا الشكربمقدار مانتمكن. ليس الشكربقولنا «الحمد الله» برغم أنّ هذا شكر، بل يتحقق الشكر بإدراكنا لمنزلة هذه الأمة ومتابعتنا المستمرة للجبهات، فقد ألقى هؤلاء الحجة علينا. أشهد الله أنّني أشعر بالخجل كلما رأيت أو تصورت هؤلاء الشباب الملتحقين بالجبهة بنشاط واندفاع، فأحدث نفسي وأقول: من نحن؟ وما نحن؟ لقد قضيت أكثر من ثمانين عاماً في هذه الدنيا- أتكلم عن نفسي-- ولم أستطع تقديم ما قدمه هؤلاء الأعزة خلال أيام ذهابهم الى الجبهات، نحن لم نتمكن من تهذيب أنفسنا. دعكم عني، وعليكم بتهذيب أنفسكم. إنتبهوا ولاتستبدلوا شيئاً بهذه الدنيا، واعلموا بأنّ الكل راحلون، فيجب علينا التقرب الى الله تعالى ليأخذ بأيدينا هناك. لاحظوا أدعية الأئمة الأطهار، فكأنّها سياط تنزل على هاماتنا. أنظروا لمن نعتقد بعصمتهم كيف يتضرعون ويبتهلون، لأنّ الأمر عظيم.
عندما تقاس منزلة البشر مهما بلغت سمواً ورفعة كمنزلة خاتم الأنبياء بمنزلة الألوهية فإنّها لاتعدل شيئاً أمامها. إنّ ماأدركه المعصومون من عظمة الله أجبرهم على التضرع والابتها ل بهذا الشكل والاعتراف بالتقصير أمامه. لاحظوا ماورد من جمل في أدعية أمير المؤمنين والرسول ذاته والامام زين العابدين وسائر الأئمة، وكم نحن بعيدون عن هذه المعاني، تزخر هذه الأدعية بالعلوم والمعارف ونحن محرومون منها، أنظروا الى الحرقة والشجى الذي يملأ قلوب خاصة عباده فتأخذهم اللوعة لفراقه ويقولون: إن صبرنا على حرّ نار جهنم، فكيف نصبر على فراقك؟ إنّ هذا يمثل لنا أسطورة، لكنّه حقيقة، حقيقة أدركها أولئك ولم نستطع التوصل الى كنهها. لدينا الآن الكثير من التكاليف. نحن أمام أمة آثرت على نفسها بكل ما تملك وقدمته للاسلام؛ لقد ضحى شبابها بأنفسهم، وضحت نساؤها بفتيتها بكل حماس واندفاع، إنّ الشعب آخذ بالتضحية بالغالي والنفيس في الجبهة وخارجها. ماهي وظيفتنا إزاءهم؟ وبماذا نجيبهم؟ ماذا نملك كي نجيب؟ برغم ذلك يجب أن نؤدي ما بوسعنا أداؤه. أحد مصاديق الشكر أن نعتبر الشعب شريكاً لنا في هذه الحكومة، بل هي ليست حكومة، يجب أن نقوم جميعاً بالواجب تجاه هذا الشعب، فنقدم الخدمة لشبابه وكهوله ونسائه ورجاله.
إشراك الناس في جميع القضايا
يجب أن نترك الشعب في كافة القضايا. لاتستطيع الحكومة لوحدها حمل هذا العبء الذي يثقل كاهل الشعب. كما تلاحظون لولا هذا الحماس والاندفاع من هذا الشعب ومن هؤلاء الشباب لما استطاعات أية دولة الصمود بوجه كل هذه القوى العاتية التي فاقت القوة البهلوية أيضا. لولا مواكبة هذا الشعب لنا لما تمكنا من فعل شيء. كل ما لدنيا منهم وكل ما موجود يعود إليهم، الدولة موظفة لديهم، القوة القضائية موظفة لديهم، السلطة موظفة لديهم، السلطة التشريعية موظفة لديهم؛ يجب أن يقوموا بواجبهم، ويشركوا الشعب في كافة القضايا. فكما حالفكم النصر بحمد الله وسوف يحالفكم من خلال مساهمة الشعب في الحرب، سوف تتمكنون من إدارة بلدكم بمساهمته أيضاً.
أشركوا الناس في جميع الشؤون، أشركوهم في التجارة وفي الثقافة وفي كل شيء لو أرادوا إنشاء مدارس فلا تعرقلوا عملهم، الإشراف لازم طبعاً والانتقاد كذلك، لكنّ العرقلة ممنوعة.
لزوم حفظ الجمهورية الاسلامية من خلال الاتحاد والتآخي
تآخوا فيما بينكم، وحافظوا على هذه الأخوة، لقد نلتم مانلتموه بحفظ الأخوة ويجب أن تمضوا قدماً بها. فلو حدث خلل في هذه الأخوة- لاقدر الله- سواء داخل طهران أم خارجها، وسواء بين علماء الدين أم بين الناس أم بين الأجنحة والأحزاب فسوف ترافقه الخيبة والخسران. إنّكم تمثلون الاسلام لا أنفسكم. يجب عليكم أن تحفظوا الاسلام في هذه البرهة، كما كان الأنبياء العظام يسعون لإيجاد من يحفظ الدين خلفهم حتى نهاية المطاف؛ إنّ الحفاظ على هذه الجمهورية الى النهاية تكليف مناط بنا جميعاً. يتجسد الحفظ حتى النهاية بتوثيق الأخوة يوماً بعد يوم، يجب ألّا نوجه ضربة للاسلام وللجمهورية الاسلامية بالنزاع على أمور تافهة وعابرة. إن وجد إشكال فيجب طرحة عليّ وعلى الآخرين، تجنبوا تضعيف الدولة، تجنبوا تضعيف السلطة التشريعية والقوة القضائية وعلماء الدين، فإنّ ذلك يعد جريمة وذنباً لايغتفر. عليكم أن تعلموا، وعلى الشعب أن يعلم أن لاقوة يمكنها التغلب على أمة متحدة. لذا يسعى الشياطين جاهدين للنفوذ من خلال زرع الفتنة والفرقة بين الأطياف والفئات المختلفة، لاتعيروا أهمية لهؤلاء الشياطين، ولايعير السادة لهم أي أهمية في المدن الأخرى أيضاً.
واجب علماء الدين إيجاد الوحدة والحضور في الميادين
رابطوا وتآزروا، ولتتحد الحكومة مع الشعب، وليدعم الشعب الحكومة في كافة أمورها، ولتقم الحكومة بواجبها تجاه الشعب، ولتشركة في جميع القضايا. يجب أن يكون للشعب كلمة في الجامعات. يجب أن يكون للشعب جامعات حرة بيد أنّ الاشراف للحكومة. إشراف الدولة أمر حتمي، لكن لاتتصوروا أنّه يحق لها فعل ماشاءت، ترون أنّها لاتتمكن وهي تعترف بذلك والجميع يعترف بعجزه بدون مساهمة الشعب. لاتفرطوا بهذه الأمة، بل حافظوا عليها. علماء الدين مكلفون- وهم يعلمون- بحفظ الاسلام، وحفظ الاسلام بحفظ الوحدة، فيجب عليهم القيام بذلك، وهو واجب الجميع. إذا كان من المقرر أن يقع خلاف في إحدى المدن فاعلموا أنّ ذلك من عمل الشيطان، يجب القضاء على ذلك وعدم السماح بوقوع خلاف- لاسمح الله- حتى في ناحية أوقرية. فليكن علماء الدين مع بعضهم ولايعتزلوا ولايتنحوا، يجب أن يحظروا في الميدان مع بعض. نحن نهدف الى حفظ الاسلام وهذا لايتم من خلال التنحي. لاتظنوا أنّ التكليف يرتفع عنكم بالتنحي، بل التكليف مضاعف. يجب أن ننزل جميعاً الى الميدان، وليأتي كافة علماء الدين، فالتنحي من مكائد إبليس حيث لايسمح بالاتحاد والتلاحم والتكاتف. شدوا أزر بعضكم، وليلتحم الجيش وحرس الثورة والمتطوعون والفئات الشعبية الأخرى. إن اتحدتم ينصركم الله تبارك وتعالى. إتحدوا مع بعضكم لإرساء دعائم الاسلام وإيصا ل صوته الى مختلف بقاع العالم، هذا نصرلله، وقد وعد سبحانه وتعالى بنصر من ينصره «1»؛ وأنتم ترون رأي العين إمداده ونصره، ترون أنّ كل شيء كان مبعثراً، وكل مكان كان مدمراً، أما الآن فقد عادت المياه الى مجاريها وجرت الأمور بصورة صحيحة وجيدة- ولله الحمد- وأضحت جبهاتنا مستحكمة، وصلح كل شيء سواء في الداخل أم في الخارج، لكن يجب على الشعب أن يعلم أنّه سند للدولة، والدولة تقدم خدماتها لهم وتقوم بواجبها تجاههم. نسأ ل الله أن يقينا شرّ الشيطان، ونسأله أن يهبنا تلك القوة التي تمكننا من محاربة أنفسنا والتغلب على بواطننا وإصلاح ذواتنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته