بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير كلمة «حسنة» في القرآن الكريم
بدءاً أعاتب الشيخ المشكيني فنحن مبتلون بالنفس الأمارة بالسوء بما فيه الكفاية، ولا داعي لهذا الاطراء الذي يبعث على تراكم بعض الأشياء في أنفسنا مما قد يجرنا الى الرجوع قهقرياً.
أدعوا لأن نصبح بشراً أسوياء، وأن نتمكن من العمل بظواهر الاسلام علىالأقل، فإنّ أيدينا تقصر عن بلوغ البواطن.
أرى من غير المناسب أن أتحدث مع السادة الحاضرين، فلقد قررت الاكتفاء بالدعاء فقط، أدعو أن يخلصنا الله تعالىمن قيود النفس الأمارة بالسوء وأقول: اللهم خلصنا من الابتلاء بهذه النفوس الخبيثة التي تعمل ضد الاسلام والمسلمين، اللهم قلت وقولك الحق: «أدعوني استجب لكم» «1» فها نحن نقول: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة» «2»؛ يجب القول أنّ الحسنة هنا لا تعني الحسنة الدنيوية من الأموال والمناصب وما الى ذلك، إنّهذه الآية الشريفة تتضمن نقاطاًكثيرة جداً لكنّني لا أستطيع التعرض لها في هذه العجالة.
إنّ الحسنة في الدنيا تعني أن يقوم الانسان بالتفكر بالله تعالى في كل خطوة يخطوها وفي كل مقام ومنزلة ينالها وفي كل نعمة يهبه الله إياها، فإن أقبلت الدنيا علينا واستقبلناها برحابة صدر لا يعد ذلك حسنة، هنالك روايات كثيرة ومصاديق متعددة وردت بهذا المعنى في الكتب المختلفة، لكنّ المفهوم الاجمالي للحسنة هي أن نصل الى مقام القرب الالهي، فان استهوتنا الدنيا واستمالنا عالم المادة بالبهارج والزخارف فليست تلك بحسنة، وكذلك لو صلينا لغرض نيل بعض المآرب حتىلو كانت أخروية، فالحسنة إذن عبارة عما يوصلنا الى مالا تدركه عقولنا.
الدعوة للاتحاد وتجنب الخلافات
تعلمون أيها السادة ولاداعي للتذكير بأنّنا مبتلون بأعظم الابتلاءات، فإنّ العالم بأسره يناهض الاسلام ويكرس دعاياته ضدنا.
يجب أن نتحد ونتكاتف إرضاءاً لله ومن أجل الحصول على الحسنات على أقل التقادير، كذلك ينبغي أن تتحد كافة فئات المجتمع وجميع العلماء الأعلام وكل أئمة الجمعة، ويجب أن يساندوا بعضهم البعض ويساندوا الحكومة والمجلس والقوة القضائية والقوة التنفيذية.
من الضروري أن يقدم المسؤولون أفضل الخدمات للناس ونحن معهم، هؤلاء عباد الله تعالى، وخدمة عباد الله خدمة لله جل وعلا، وتتجسد تلك الخدمة بالتلاحم والسعي لمؤازرة المستضعفين في العالم وخاصة الشعب الايراني الشريف.
إنّ لكم مكانة بين الناس ولكلامكم آذاناً صاغية فادعوا الناس للاتحاد ومساندة بعضهم البعض، ومساندة الحكومة والمجلس، وان لا يتفرقوا ويتشتتوا، فنحن جميعاً مكلفون بالقيام بهذا الواجب.
إعلموا بأن الدنيا فانية وكلنا راحلون عنها بالتدريج، ولا يبقى سوى الحسنات، وهذا ما كان يقصده الأنبياء أيضاً، والحسنة المطلقة عبارة عن بلوغ مرتبة ليس بوسعنا إدراكها، فكل شيء يزول ويفنى إلا هذه الحسنات، وهذا لا يعني أنّنا قانطون من رحمة الله تعالى؛ لأنّنا ناقصون لكنّ الله يعوضنا عن هذا النقص، فقد وعدنا بالرحمة وقد وسعت رحمته كل شيء، لكن علينا ألا نكون مغرورين ومتكبرين؛ لأنّ جميع الابتلاءات والمحن في هذه الدنيا ناشئة من هذه النقطة، فالانسان مبتلى و يبلي غيره، ونفسيته هي التي عاثت في الأرض فساداً.
أسأل الله أن ينزل رحمته علينا ويجعلنا من المرحومين، ونسأله أن يهدينا الى صراطه المستقيم ولا يجعلنا من الضالين والمغضوب عليهم، إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته