بسم الله الرحمن الرحيم
«لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم»
حضرة السيد هويدا؛ أرى من الضروري أن اتقدم اليكم ببعض النصائح واكشف عن بعض الامور وان كان الخيار لكم في قبول او عدم قبول ما اقول.طوال هذه المدة التي قضيتها هنا منفياً من وطني بجريرة معارضة قانون حصانة الاميركان، الذي قوض اسس استقلال البلاد وأعيش في المنفى خلافاً للشرع والدستور، فإن قلبي يعتصره الالم مما اطلع عليه بشكل نسبي من ظلم ومصائب يلحقها النظام المتجبر بالشعب الايراني الاصيل المظلوم.
ان مما يؤسف له ان معزوفة اصلاحاتكم النشاز لم تتجاوز تقريبا سوى العرض الاعلامي في الاذاعة والصحف الموجهة وبعض الكتابات المشحونة بالهراء وكل يوم يزداد الشعب فقراً وتردياً وتتفاقم حالات الافلاس بين التجار في السوق.ولم يكن لكل هذا الهراء الاعلامي غير خلق سوق سوداء للاجانب والابقاء على الشعب بحالة من الفقر والتخلف بدعوى الشعب المتقدم.ان حكومتكم وحكومة اسلافكم ونزولًا عند رغبة اولئك الذين يريدون الابقاء على شعوب الشرق بحالتها المتخلفة مارست وتمارس أبشع أنواع التسلط البوليسي، انها حكومة من القرون الوسطى، حكومة الاسنة والرماح والتعسف والسجون، حكومة الكبت وقمع الحريات، حكومة الخوف والتسلط، تقوم باسم المشروطية بممارسة أسوأ أنواع الحكم الديكتاتوري المستبد، وتوجه باسم الاسلام أشد الضربات الى القرآن الكريم والاحكام السماوية، وتنتهك وباسم التعاليم السامية للاسلام احكام الاسلام واحداً تلو الآخر.ولو انها وجدت الفرصة- لاسمح الله- فانها ستواصل ذلك مستقبلًا وستبقي على البلاد في حالة من التخلف بدعوى التقدم والازدهار.هذه حقائق مرّة ينبغي عليّ ان اطلع الدنيا عليها والفت الأنظار اليها حتى يتحرك اولئك الغافلين او المتغافلين ويشعروا بمسؤولياتهم ولاينخدعوا بمراءاتكم ومظاهركم الخداعة.
واذا اردت ان اشير الى مظاهركم تلك فلا أشير فقط الى الاحتفالات غير الوطنية التي تقام لشخص واحد عدة مرات في كل عام ويرافقها في كل مرة مصائب مفجعة للاسلام والمسلمين وللشعب الايراني الفقير البائس.لأشير فقط الى الضرائب التي تستوفيها الحكومة بالضغط والاكراه من الناس المظلومين لتامين النفقات المهولة لتلك الاحتفالات وفي واحد من تلك الاحتفالات التي لايمكنني الا ان اسميها باحتفالات الهوس والشهوة والتلاعب بأحاسيس الناس قيل ان الحكومة انفقت 400 الف مليون ريال تم تامين نصفها من خزانة الدولة ونصفها الاخر من جيوب التجار في البازار وغيرهم اخذت بالارعاب والتهديد.انكم تنفقون دماء قلوب الفقراء لتحقيق الشهرة والسلطة لكم.ومادام هذا الشعب في حاله من الجهل بدوره وحقوقه، فكل يوم لكم عيد ومسرة ولهذا الشعب النكبات والمصائب.أشير فقط الى ما يرافق هذه الاحتفالات غير الميمونة من هتك لاعراض المسلمين وحرمات الاسلام والتي يأنف القلم عن تسطيرها.انتم في قصوركم الفخمة التي تغيرونها في كل بضعة اعوام بملايين التومانات من النفقات التي لا يمكن للشعب مجرد تصورها، تعكفون على جمع كل ذلك من جيوب المواطنين البائسين وتنظرون باعينكم جوع الشعب وانهيار البازار(السوق)وبطالة الشبان والخريجين وتدهور الزراعة واختلال اوضاع السوق وسيطرة اسرائيل على الشؤون الاقتصادية في البلاد بل وكما تشير بعض التقارير انهم يتدخلون الآن في الثقافة أيضاً.انتم تنظرون باعينكم كيف يفتقد الناس الحاجات الاولية في اغلب الضواحي المحيطة بالعاصمة ناهيك عن تلك البعيدة عنها كمياه الشرب والحمامات والوسائل الصحية.انكم تنظرون باعينكم رواج الفساد الاخلاقي وضياع الامانة والديانة حتى في اعماق القرى، ترون بام اعينكم كيف يتم تشكيل صندوق باسم التعاون كي يجري سلب ونهب الفلاحين البسطاء النادمين من قبل مأموري الحكومة.وأخيراً ترون بام اعينكم الاعتقالات وعمليات النفي والارعاب غير القانونية وانتم غارقون في اللهو والترف واللعب المخجل وتقرأون على هذه المقبرة التي تسمى ايران سورة الفاتحة.كيف يرضى وجدانكم ومن اجل الاستمرار في الحكم لايام معدودة بكل هذا التملق للاجانب وتسليمهم ثروات هذا الشعب مجاناً أو في مقابل اشياء تافهة، وبممارسة كل هذا الظلم لمن هم تحت أمرتكم من أبناء هذا الشعب البائس؟لماذا ترضون ان تعرضوا حكومتكم ودولة الاسلام على انهما متخلفتان للعالم اجمع؟فانتهاك الدستور تخلف لامحالة، والاستفتاء المزور وغير القانوني وثيقة على التخلف.كما أن عدم اتاحة الفرصة للشعب لاختيار نوابه وتعيين اشخاص معروفين بأمر من الآخرين- دون تدخل الشعب- دليل على الضعف والتخلف.
انكم تعلمون بان الشعب اذا ملك خيار تقرير مصيركم، فانكم لن تكونوا على هذا الوضع وانكم ستنبذون الى الابد.ولو انكم اعطيتم الحرية للخطباء والكتّاب مدة عشرة ايام فان جرائمكم ستكشف للملأ العام ولكنكم عاجزون عن اعطاء الحرية"والخائن خائف".ان سلب الحريات من وسائل الاعلام واشراف جهاز الامن عليها وثيقة اخرى على تخلفكم.إقامة الاحتفالات بين الحين والآخر من اجل امور لاوجود لها اصلًا في سائر بلدان العالم وتحميل الناس نفقات لاتطاق وثيقة اخرى على التخلف.الاذعان لمطالب حكومة اسرائيل الخاوية وتعريض اقتصاد البلاد دليل على ضعفكم وعبوديتكم ووثيقة على خيانتكم للاسلام والمسلمين.إعطاء الحصانة للاجانب وثيقة دامغة على تخلفكم وتفاهتكم واستسلامكم دون قيد او شرط لهؤلاء الاجانب.هل تعلمون ما هي الخيانة التي ارتكبتموها بحق هذا البلد وبحق الاسلام بمصادقتكم على هذا المشروع؟واية ضربة وجهتموها لاستقلال البلاد؟ طبعا فان المعارض لهذا المشروع هو خائن ويستحق النفي من البلاد!
السيد هويدا! ان تصريحاتكم التي طبعت ونشرت مؤخراً تتضمن مع الاسف بعض الاعترافات التي توجه ضربة الى استقلال البلاد والتي آنف عن ذكرها.لماذا لا تمنعون طبع مثل هذه الكتب؟هل تتعمدون تعريض مصداقية هذه البلاد الى الخطر ام ان اذهانكم التالفة لايمكنها ادراك الامور؟فهل كان لعلماء الاسلام الذين دافعوا دوما عن استقلال ووحدة اراضي البلدان الاسلامية جريرة سوى انهم قدموا النصح؟هل ان للحوزات العلمية ذنباً غير خدمة الاسلام والمسلمين والدول الاسلامية؟ان الاجانب هم الذين يعتبرون علماء الاسلام عائقاً امام نفوذهم لذلك عقدوا العزم على القضاء عليهم واصبحتم انتم منفذين لاوامر الغير وعبيدا للدولار.والا فماذا تسمون ضرب الحوزات العلمية والهجوم المسلح على المدرسة الفيضية والصحن المطهر في قم.وعمليات القتل العام في الخامس عشر من خرداد، سوى تصرف اعمى لخدمة اصحاب الدولار؟ماذا كانت نتيجة الضغط على العلماء وطلبة الحوزات العلمية والهجوم على الجامعة غير خدمة الاجانب؟انهم لايريدون تحكيم القرآن الكريم واحكامه على الشعوب الاسلامية كي يتمكنوا من نهب ثرواتهم دون ان ينبس احد ببنت شفة بل وان يحصلوا في المقابل على الحصانة.انهم لايريدون ان نكون نحن وخطباؤنا احراراً في التحرك بين ظهراني الشعب وجعلوكم انتم وللاسف مأمورين لتنفيذ ذلك دون اي اعتراض.الحوزات العلمية كتائب العلم والاخلاق وغيرها امور صحيحة اذا ما كانت بالمعنى الحقيقي للكلمة لا ان تكون اموراً خاوية لايقصد منها سوى الدعاية.واذا كنتم تدعمون العلم فلماذا تشنون هجماتكم الوحشية على مراكز العلم؟لماذا تضرجون المدرسة الفيضية والجامعة بالدماء؟لماذا لاتتركون طلبة العلوم الدينية لحالهم حتى ليوم واحد.لماذا تعاملون طلبة الجامعات في الخارج والداخل بهذه الطريقة؟
السيد هويدا، انني أرى ان من مسؤوليتي ان انصحكم فانتم من هذا الشعب وقد تربيتم على ارضه واصبحت لكم كل هذه الالقاب فلا تتلاعبوا الى هذا الحد بمصداقية هذا الشعب.وعوضاً عن كل هذا الهراء والتطبيل قدموا خدمة الى الحفاة العراة من ابناء هذا الشعب او على الاقل لاتعذبوهم على هذا الشكل بذرائع مختلفة، لاتبتزوا هؤلاء الكسبة الضعفاء بهذا الشكل، لا تسلطوا كل هذا الضغط على علماء الشعب وطلبته وجامعييه ارضاء لرغبات الآخرين.لاتبرموا عهد اخوة مع اسرائيل عدوة الاسلام والمسلمين التي شردت اكثر من مليون مسلم بائس فتجرحوا بذلك مشاعر المسلمين. لاتطلقوا يد اسرائيل وعملائها اكثر من هذا في اسواق المسلمين ولاتعرضوا اقتصاد البلاد للخطر من اجل اسرائيل وعملائها، لاتفرطوا بالثقافة ارضاء لهوسهم، اتقوا الله العظيم، لاتجندوا الفتيات المخدوعات وترسلوهن الى المعسكرات، لاتعتدوا على اعراض المسلمين.والآن هل ستنكر هذه الحقيقة بعد ان تم تطبيقها كما انكرتها سابقاً واعتبرت المتحدث فيها مذنباً يقع تحت طائلة القانون؟هل ستنكر ما وقع من فضائع ومخالفات اخلاقية في احتفال اليوبيل الفضي؟
فلتخش قهر الله وقهر هذا الشعب، لاتتلاعب باحكام الله تعالى باسم الدين التقدمي، ولاتعرض مسلمات الدين للخطر باسم القرآن.لاتتصرف بوحشية هكذا مع خدام الثقافة والشعب في الحوزات العلمية تحت ذريعة التجنيد العسكري وهو امر خال الوفاض عديم الفائدة.واخيراً اقول لاتضطر علماء الامة الى التعامل معكم بطريقة اخرى.
ان ما تقدم غيض من فيض الفجائع التي الحقتموها بدين هذا الشعب ودنياه وماخفي اعظم.اعرض ذلك واقوله لعلكم تتعضون وترعوون، ولعل مراجع الاسلام والعلماء الاعلام والخطباء المحترمين يستشعرون مسؤوليتهم، لعل المجتمعات الإنسانية وادعياء حقوق الإنسان يتحركون، لعل الامم المتحدة وغيرها لايرضون للشعوب الفقيرة ان تداس فداء للدول الكبرى.لعل الحكومة الايرانية واجهزتها المتجبرة تفيق من غيها قبل فوات الاوان،(ان ربك لبالمرصاد) «1» (والله من ورائهم محيط) «2».والسلام على من اتبع الهدى
4 محرم الحرام
روح الله الموسوي الخميني
النجف الأشرف
استعراض مفاسد الشاه وحكومة هويدا وخياناتهما
امير عباس هويدا (رئيس الوزراء)
جلد ۲ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۱۱۸ تا صفحه ۱۲۱
«۱»-سورة الفجر، الاية ۱۴. «۲»-سورة البروج، الاية ۲۰.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417