مطلب مرتبط

سخنرانی در جمع ایرانیان مقیم خارج درباره تبیین انگیزه‌ها و اهداف قیامجامعة مستقلةجامعة مستقلة
شناسه مطلب صحیفه
نمایش نسخه چاپی

خطاب‏ [القاء الضوء على دوافع واهداف الانتفاضة]

باريس، نوفل لوشاتو
القاء الضوء على دوافع واهداف الانتفاضة
مجموعة من الإيرانيين المقيمين في الخارج من الجامعيين وغيرهم‏
صحيفة الإمام الخميني ج ۵ ص ۳۳ الى ۳۹

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم‏
بسم الله الرحمن الرحيم‏
تثار أحياناً إشكالات على كل مطلب من هذه المطالب المعدودة التي يطالب بها الشعب الإيراني كافة، ونطالب بها نحن أيضاً، إذا أننا أحد أفراد هذا الشعب.
أحدها والذي يطالب به الشعب كافة هو:- أننا لا نريد هذه السلالة البهلوية، وهذا ما تسمعونه إذا ذهبتم إلى جبال إيران أو مدنها، فتارة يعبرون عنه برفض الملك وأخرى برفض السلالة البهلوية. هذا أحد مطالب الشعب الإيراني كافة باستنثاء خدم أميركا والملك والذين يرتزقون منه، وحساب هؤلاء غير حساب الشعب بالطبع، فالشعب الإيراني هو هؤلاء المنتشرون في أسواق إيران ومزارعها وبأيديهم مصانعها، وهؤلاء يهتفون: لا نريد هذه الأسرة. وهذا المطلب أكدناه دائماً ولا غموض فيه، ليقول قائل:- ما هو مراد الشعب أو مقصود فلان؟
فهو صريح بالكامل في قولنا: لا نريد هذه السلالة البهلوية التي أولها الملك رضا وبعده- الآن- الملك محمد رضا، وإذا كتب لها البقاء- لا سمح الله- فسيأتي دور رضا بهلوي، نحن لا نريد هؤلاء، وليس في الأمر غموض أصلًا، لكي يحتاج إلى توضيح.
ومن يتحدث بغير ذلك، فهو يتحدث بغير ما يطالب به الشعب وما أطالب به أنا- وأنا أحد أفراد الشعب الإيراني- ومن يقول: إننا نطلب بالدستور أو الانتخابات الحرة أو حكم الشعب للشعب فهو يتحدث بغير ما نطالب به نحن، فهل المقصود من هذه الأحاديث واضح؟
إن المراد منها هو: أن هذه السلالة، يجب أن تبقى وكذلك المطالبة بحفظ الدستور، فهي أيضاً تعني المطالبة ببقاء هذه السلالة. والانتخابات الحرة تعني أن يكون أمرها بيد الملك، فهو الذي يأمر بإجرائها، وهذا خلاف ما نقوله نحن الذين نقول: لا نريد هؤلاء. ولا غموض في هذا القول. أما الذي يقول: نريد العمل بالدستور، فقوله يعني لزاماً المطالبة ببقاء هؤلاء! إذن فلا التقاء أصلًا بين هذين القولين، ليقال: إنّ مرادهما واحد. لا هما مطلبان متباينان. علينا أن نتعرف مطلب الشعب ما تقوله جماهيره، وقد لاحظتم جميعاً أن ما تردده في المظاهرات التي خرجت في جميع المدن هو:- لا نريد هذه السلالة أو لا نريد الملك. إذن لا غموض في هذا الطلب.
أجل لقد أثار عليه الملك بعض الإشكالات التي أخذ يلهج بترديدها أتباعه وبعض المرتبطين بنظامه الذين يرغبون في بقائه وفي الدخول فيه والحصول على منصب وزاري أو رئاسة الوزارة، وهؤلاء قد أرسلوا من قبل إيران أوراقاً (رسائل) كرروا فيها الأقوال التي يكررها الملك باستمرار، الاشكال الذي تتحدث به يمكن أن يلمس أيضاً في كلمات بعض المحترمين، وهذا الاشكال هو ما يتضمنه قول الملك:- إذا رحلت خسرت البلاد استقلالها فأنا حافظه.
وأحياناً يعبر عنه بنحو آخر هو قوله:- إذا رحلت وعرضت البلاد للتقسيم فيبتلع الروس جزءً منها والانجليز جزءاً آخر، وتصير إيران إيرانستان مثل أزبكستان أي تصبح جزء من دولة آخرى، لذا يجب أن أبقى حفظاً لاستقلال إيران وصوناً لها عن التمزق إلى أربع قطع.
وهذا ما يذكره بالتحديد أحياناً، إذ لا مفر من أن يأخذ الاتحاد السوفيتي قطعة وأميركا قطعة ثانية، وإنجلترا ثالثة، وتبقى الرابعة لإيران نفسها، فتبقى لها طهران مثلًا وتكون كل واحدة من القطع الأخرى لطائفة معينة! هذه هي الاشكالات التي أثاروها على الأصل الأول الذي تطالب به، وبالطبع أثاروا أموراً أخرى تحدّثت بها مراراً في أحاديثي السابقة.
أما بالنسبة لقوله بأن رحيله يدمر الاستقلال، فإن الجماهير هي التي تردّ عليه بقولها: إن بقائك يعني انعدام الاستقلال! علينا أولًا أن نعرف معنى استقلال البلاد لنعرف هل هو موجود الآن ليضيع برحيله؟ أو أن الاستقلال معدوم أصلًا في ظل حكمه، فإذا رحل تحقق؟! أي جهاز أساسي في الحكومة الإيرانية يتمتع بالاستقلال اليوم؟
أهم هذه الأجهزة هو الجيش الذي يتفاخر به دائماً، ويقول:- نحن الآن نملك القوة العسكرية الكذائية بين دول العالم، بل بين القوى الكبرى! ومعلوم أن الجيش في أي بلد من المؤسسات المهمة ويجب أن يكون مستقلا غير تابع للأجانب ولا خاضعاً لهم ولا مرتبطاً بهم، بل خاضعاً لنظام البلد بعيداً عن أي تدخل من الأجانب. وبهذا يكون مستقلًا حقاً، ونقيض استقلاله أن يكون مرتبطاً بجهة أخرى أو خاضعاً لسلطة أخرى، فهل جيشنا مستقل؟
أي: هل أنه متحرر من النفوذ وسيطرة الأجانب أو أن خمسة وأربعين ألف مستشار أميريكي- طبق أحد الأقوال- يتولون إدارته؟ وهل لدينا جيش يخضع لأمرة الحكومة الإيرانية؟ هل هو جيش الشعب الذي يعمل لحفظ البلد وخدمة الشعب مثلما يجب على كل حكومة في أي بلاد أن تكون من الشعب وفي خدمته؟ هذا هو حال الجيش الإيراني، فهل هو جيش مستقل وطني من الشعب، ويعمل لمصلحته، أو جيش تابع للأجانب، ويعمل في خدمتهم خلافاً لمصالح وطنه وشعبه؟!
ويعلم الجميع أن نفطنا الذي يهدر باستمرار يُستخرج بكميات تزيد على حاجة البلاد، إذ تنهيه أميركا وغيرها، وتصدر لنا مقابل ثمنه الأسلحة- التي بلغت قيمتها حسب قولهم- (18) بليون دولار! وهي أسلحة لا نقدر على الاستفادة منها أصلًا، بل لا يعرف الإيرانيون ما هي وكيفية استخدامها لذا يجب أن يكون الخبراء الأميركان في إيران لكي يكون بإمكانهم تشغيلها، لقد أدخلت هذه الاسلحة لإيران لا من أجل مصلحتها، بل بهدف صنع قواعد عسكرية لأميركا ثمناً للنفط الذي تأخذه منا، أي: أنها تأخذ نفطنا، وتصنع بثمنه قواعد لها. ولو كانت قد أعلنت أنها تريد إقامة مثل هذه القواعد في إيران لمواجهة الاتحاد السوفيتي لتصدى هذا الأخير لمعارضتها ولذلك قامت بتنفيذ هذا الأمر طبق المخطط التالي وهو أن تأخذ هي النفط وتقدم مقابله- ثمناً له بالطبع!
الأسلحة- التي بلغت قيمتها حسب قول كارتر (18) بليون دولار- لان الملك يريد أن تكون مملكته قوية مقتدرة! ولذلك يستورد الاسلحة التي لا يستطيع الإيرانيون الاستفادة منها. ألا يعني هذا أنهم أرادوا إقامة قواعد لهم تحت هذا الغطاء؟ وقواعدهم موجودة الآن في إيران في المناطق الجبلية وتحت الأرض أيضاً.
عندما أضرب العاملون في صناعاتنا النفطية عن العمل معلنين رفضهم اعطاء الأجانب نفطنا، من الذي ضغط عليهم، وسعى لإجبارهم على العمل بقوة الحراب أي: بالجيش- ولماذا فعل ذلك؟ ولماذا يريد إجبارهم على تصدير هذا الذهب الأسود للدول الأخرى، لأميركا؟ لأن هذا الجيش ليس جيشنا، فلا استقلال له، ولو كان مستقلًا، لما فعل هذا. جيش تابع لها وخاضع لمستشاريها، ولذلك يستخدمونه أداة لتنفيذ ما يرفضه الشعب، فالشعب يقول: النفط نفطنا، والجيش يقول: إنه ملك أميركا!
إن ما يقوم به الجيش الآن في آبادان وغيرها هو رفع الحراب على الناس والعاملين في شركة النفط لأجبارهم على تصدير النفط. وهذه خيانة يرتكبها الجيش أي: قادته الكبار- على إيران وشعبها تحت إشراف الأجانب وأميركا نفسها التي تباشر إرتكاب هذه الخيانة الآن.
إذن، فادعاؤك وقولك يعنيان في الواقع أن رحيلك سيؤدي إلى استقلال البلاد، لان الجيش سيخرج من سيطرة أميركا فلا يقوم بعدئذ بإجبار عمال النفط على تصديره لأميركا وحرمان الشعب الإيراني من مقادير كبيرة منه يومياً دون أن تعود عليه بنفع ما، مثلما يجري الآن. هكذا تتبدد أموال إيران، فمقدار منها يصب في جيب الملك وهؤلاء الستين الفاً من الطفيليين الموصوفين بالحاشية، والقسم الأكبر منها يصب في جيب أميركا وإنجلترا، والغاز الإيراني يذهب للاتحاد السوفيتي، والشعب يريد وقف ذلك، ويقول:- لا تعطوا هؤلاء ثرواتنا، والجيش يقول:- إعطوها إياهم. ولو كان مستقلًا، لما قال ذلك لكنه جيش تابع.
هذا هو حال الجيش الذي يتحدث به جلالته دائما، ويقول: نحن مستقلون. هذا هو حال جيشنا الآن، فهل هو في خدمة الجماهير والشعب، أو على العكس؟ ومن هو الشعب؟ إنه يتكون من هؤلاء الكسبة والمزارعين والعاملين في المصانع والمؤسسات الإدارية، وهؤلاء يقفون كافة ويعلنون رفضهم، والعاملون في المؤسسات الحكومية يعلنون الاضراب عن العمل أفواجاً متعاقبة، ويقولون: لا نريد القيام بهذه الأعمال التي تذهب منافعها للأجانب، ولذلك نضرب عنها. وجامعاتنا معطلة الآن ومدارسنا ومعاهدنا العلمية جميعاً، وكل المجالات الأخرى. وحيثما ذهبت، فجميع فئآت المجتمع الإيراني وشرائحه مضربون عن العمل لسبب معين، فما هو هدفهم؟
وما هو هدف أولئك من سعيهم لإنهاء هذه الاضرابات؟ من الواجب معرفة سبب إضرابات الجماهير وحقيقة مطالبها. إن أحد هذه المطالب هو أنهم يقولون: لا نريد هذه السلالة. وهذا أحد مطالب المضربين في شركة النفط أيضاً، وهم يقولون: لا نريد هذا الملك الذي ارتكب كل هذه الخيانات علينا وضميرنا لا يجيز أن نستخرج كل هذه الكميات الهائلة من النفط للدول الأخرى.
لقد ثار الشعب سعياً للحصول على الاستقلال والحرية، وثار الجيش لمنعه من الحصول على ذلك! ولو كان جيشاً مستقلًا وفي خدمة إيران وشعبها وتحت إمرة الشعب الذي يجب أن يكون ممسكاً بزمام جميع الأمور ومنها الجيش، لما وقف في مواجهة الشعب ساعياً لكسر إضرابه عن العمل، فيصدر قادته ورئيس الوزراء العسكري الأوامر بمهاجمة الشعب وبالقتل لانهاء إضرابه عن العمل الذي يعلن ان هدفه منه هو الحصول على الاستقلال والحرية وإقامة الحكومة الإسلامية.
فالذي يسعى لإنهاء الاضراب الشعبي رافض لهذه المطالب وحرية الشعب، وإلا لانضم إليه، ولما سعى إلى إحباط إضرابه. فهو يسعى لذلك، لانه يعارض هذه المطالب، ويرفض استقلال الشعب وحريته. أي أن جيش البلاد يعارض استقلالها، وقائده الأعلى حسب أنظمته هو الملك في الظاهر وكارتر في الحقيقة، فهل بقي لنا من الاستقلال شي‏ء بعدما جاء المستشارون؟ وهل يتحقق الاستقلال بالألفاظ؟
لقد قلت: إن الألفاظ فقدت معانيها في عصرنا، فهي مزوقة منمقة كثيراً لكن بلا محتوى، فكلمة الاستقلال مثلًا فقدت معناها اليوم. هل نحن مستقلون ليقول ذلك الرجيل لو رحلت، لضاع استقلال البلد وعُرِّض للتقسيم؟ ويقول أيضاً:- لقد إرتفعت صيحات الجماهير لسعة الحريات المتاحة للناس مطلقة.
أجل فقدت الألفاظ معانيها، فهي معلومة، ومضامينها مجهولة بل أنها تباين المعاني. فنحن مستقلون وحيثما وضعت يدك تجد التبعية وانعدام الاستقلال، وهذا هو حال الجيش الذي يعتبره الملك فوق كل شي‏ء، ويتفاخر به باستمرار، فليس هو في خدمة الشعب وجماهيره بل في خدمة أميركا ومصالحها ويقتل شعبه تحقيقاً لمصالحها.
ولنأت الآن إلى المجال العلمي، فهل لدينا ثقافة تعليمية مستقلة لا يتدخل فيها الأجانب؟ وهل لدينا جامعة مستقلة تفكر بصورة ذاتية وتأتمر بأوامر رؤوسائها؟ هل رأينا مثل هذا الأمر في الأحلام؟ هل كان لدينا منذ الحركة الدستورية المشروطة إلى اليوم ثقافة علمية سليمة أو أنها ثقافة تبعية أعدها الأجانب لنا، وهذا هو الوضع القائم فعلًا؟ والدليل هو: لو أن أميراً- أو أحد هذه الأفاعي السامة- أصيب بمرض أو ورم في لوزته لجلبوا له طبيباً من أميركا، أو سافر هو إليها!
وما كان مثل هذا الأمر ليحدث لو كان لدينا ثقافة علمية سليمة وجامعة مستقلة صحيحة وأطباء مستقلون حقاً. والدليل الآخر هو: أننا إذا أردنا تعبيد أحد الطرق فعلينا ان نمد ايدينا للأخرين، ليقوموا بتعبيد طرقنا بالأسفلت.
وفي ظل كل تلك الفضائح أصبح تعبيد الطرق في إيران من القضايا المحيرة للعقول التي تشمل الكثير من أشكال الإسراف وإتلاف ثروات الشعب بذريعة تعبيد أحد الطرق. وإذا أردنا تأسيس مستشفى استلزم الأمر أن يأتي أحد من الخارج، ليضع الخريطة لكي نقوم بذلك في ضوئها!
ومنذ أكثر من سبعين سنة لدينا مدارس ومعاهد علمية على وفق الطراز الحديث ومنذ تأسيس مدرسة دار الفنون، ونحن بلا جامعات نافعة للشعب. ولو كانوا يسمحون فيها لشبابنا باكتساب العلوم اكتساباً سليماً، ولم تكن البرامج والمناهج استعمارية، لخرجت عناصر صالحة، ولكان شبابنا اليوم هم الذين يقفون في مواجهة الحكومة. ولو كانت لنا جامعات مستقلة، لما وصل وضع بلدنا إلى ما هو عليه الآن حيث الخراب يعمّ جميع المجالات، فقد دمروا هذه الطاقة المهمة لبلدنا، وهي القوى الشابة التي ضيعوها.
يوجد أعداد من الشباب يشتغلون بالدراسة في مجال الطاقة الذرية في الخارج جاءتني مجموعتان منهم، إحداهما كبيرة، وقالت: إن الجميع متفقون على أن ما يقومون به عمل عبثي خاطئ لا جدوى منه، فهو رهين وجود النفط الذي سينفد بعد عشرين سنة مثلًا.
والأهم هو قولهم: إنهم لا يسمحون لنا باكتساب العلوم المتطورة، بل حبسونا ضمن مستوى محدود يصدوننا عن تجاوزه في حين أن ما اكتسبناه في إيران من العلوم يزيد على هذا المستوى والعلوم التي يدرّسونها إيانا هنا.
لقد جاؤا بنا إلى هنا، وحبسونا ضمن هذا المستوى، لكي يحرمونا التقدم العلمي! أجل إنهم لا يسمحون لشبابنا في إيران باكتساب العلوم بصورة سليمة في جامعاتها، فالمناهج وضعوها بصورة تحبسهم في حدود معينة، وهذه خطة ومناهج استعمارية. إذن فما لدينا هو ثقافة علمية تابعة للأجانب وغير مستقلة، بل مرتبطة بالحكومات الاستعمارية التي تريد إبقاء شبابنا في هذه الحالة من التخلف، ورغم ذلك، فإن هذا السيد (الملك) يقول: لقد أوصلنا إيران إلى مدخل التحضر العظيم في حين أن الأجانب يسجنون- بواسطته- شبابنا في هذه المرتبة العلمية الدانية، ولا يسمحون لهم بالتقدم أبداً.
هذا هو حال ثقافتنا العلمية، فهي استعمارية متخلفة، لأنهم صدوها عن التقدم، فلا تجد طبيباً كاملًا ولا مهندساً يستطيع إنجاز أعمال مهمة ولا غير ذلك، بل إنهم جعلوا البلد مشلولًا في مجال عمل طاقاته الشابة، ونحن الآن نفتقد هذه الطاقات.
هذا هو حال ثقافتنا، ومن مظاهرها الشائعة على نطاق واسع هذه المفاسد الأخلاقية التي يعتبرونها جزءاً من الثقافة، ومن آثارها دور السينما التي دمرت شبابنا، وضيعت قواهم، إذ شلتها وأسقطتها في الانغماس بالملذات والملاهي، فصاروا لا يبالون بواقعة مهما كانت، ولقد دمروا وما زالوا يدمرون أسس الدولة، فالدولة تقوم بطاقاتها البشرية، فإذا فقدتها زالت، وهؤلاء يقومون بتدمير هذه الطاقات وقد دمروها فعلًا في كل مكان، ويبست تقريباً. فهل رحيله (الملك) سيدمر استقلالنا الثقافي؟ وأي استقلال لدينا، حتى يدمر؟ حسناً ارحلوا ليرحل هذا الاستقلال الوطني!
نحن نطالب بالاستقلال لان ما يعانيه بلدنا ناتج من انعدام الاستقلال بجميع اشكاله الثقافي والعسكري والاقتصادي، فاقتصاده تبعي، وهؤلاء لا يقومون بأي عمل صحيح، وقد جعلوا اقتصاد البلاد مرتبطاً واقتصاد تجميع ومونتاج- حسب إصطلاحهم- فيجب أن تستورد جميع الأجزاء من الخارج، ونحن مستهلكون، وهذا البلد سوق استهلاكية.
وكان لإيران ثروة زراعية تغنيها عن الاحتياج للخارج، بل كانت مصدرة للمنتجات الزراعية، وكانت منطقة آذربيجان وحدها أو خراسان أو فارس قادرة على توفير ما تحتاج اليه إيران كلها، فوصل حالها اليوم إلى أن يعلن هؤلاء أنفسهم (النظام الحاكم) وطبق محاسباتهم أن ما لدى بلادنا من المنتجات الغذائية يؤمن ثلاثين أو ثلاثة وثلاثين يوماً من الاحتياجات السنوية فقط، والباقي يجب أن نمد أيدينا للأجانب للحصول عليه! لقد أعطوا الأجانب كل ما تمكن استفادة بلادنا منه، و (أمموا) المراتع!! لقد أرسلوا لي وثائق- عندما كنت في النجف وهي ليست معي الآن مع الأسف، فقد بقيت هناك ولا أدري أضاعت أم لا- ذكروا فيها أن الخبراء الإنجليز زاروا إيران، وحددوا أفضل المراتع الطبيعية الصالحة للرعي في إيران، وقد أعطوها ملكة بريطانية وشرذمة آخرى، كما أمموا غاباتنا، وذلك بأن أعطوها ثلة أخرى!
لقد تهافت هؤلاء على هذه المائدة ينهبون منها ويذهب قسم منها إلى جيب جلالته، وآخر يصرف في حمايته، والأصوات التي تسمعونها تنطلق من هنا وهناك قائلة: نحن ندعم الملك، تعلن‏ ذلك حباً لسواد عيني أحد، بل إنهم يريدون نفطنا، ولا أفضل من هذا المرء يعطيهم هذا النفط. وهؤلاء (النظام الملكي) يريدون تحويل البلاد إلى سوق استهلاكية للسلع الأميركية تحت شعار الإصلاح الزراعي، فأميركا تلقي بكميات هائلة من قمحها في البحر فأي حل أفضل من أن تعطيه لإيران وتستلم منها نفطاً وأموالًا.
لقد دمروا مراعي هذه البلد وثروته الحيوانية كاملًا، مثلما دمروا زراعته، وأعطوا للأجانب مراتع، ودمروا كل شي‏ء وانتم الآن محتاجون للأجانب في كل شي‏ء، فإذا منعوا الاستيراد انتشر الجوع في إيران كلها بعد ثلاثة وثلاثين يوماً. هذا هو حال البلاد التي لو رحل عنها جلالته لاضطرب العلم ولما بقي لإيران أثر ونحن نريد بقاءها فدعوني أبقى حفظاً لها!! أجل لقد قال في خطابه قبل أيام: تعالوا لنفكر جميعاً من أجل الوطن (يضحك الحاضرون).
وهذا ما نقوله نحن أيضاً وبسبب تفكير كل الشعب بذلك ارتفعت استغاثاته، وإذا لم تكن الجماهير تفكر في السابق بأوضاع بلادها فهي الآن مشغولة بهذا التفكير، ولذلك ارتفعت صيحاتها مستنكرة: أيها السيد ما الذي جرى لكي تتمادوا في كل هذا النهب؟ لقد أصابتهم الأورام لكثرة ما نهبوه، الله يعلم بمقدار ما نهبوه فلا أنتم ولا نحن نعلم بذلك، ولكن ستنكشف الحقائق في المستقبل، ويتضح ما جناه هؤلاء على هذا الشعب وعلى هذا البلد. ماذا بقي لنا؟ وأي استقلال لدينا لكي يضيع برحيلكم؟ الاستقلال الثقافي او الاقتصادي أو العسكري أو غير ذلك لكي نخسره إذا رحلت؟ فارحل، لنختبر ونرى (يضحك الحاضرون).
هذا هو منطقهم واشكالهم على الأمر الأول الذي يطالب به الشعب الإيراني وجماهيره وهو رحيل الملك، إذ يشكلون عليه أنه سيؤدي إلى وقوع كذا وكذا، وهذه الأقوال التي يرددونها هو باستمرار. وتوجد الآن مجموعة أخرى تريد بقاءه لدوافع معينة، فبعضهم يرغبون في الوصول إلى منصب وزاري أو غير ذلك، وهذا ما لا يمكنهم الحصول عليه إذا تسلم الشعب الأمور وعليهم أن يذهبوا لشأنهم ولذلك يبذلون كل مساعيهم المستميتة عسى أن يتمكنوا من حفظه، وهذا الشعب لن يستسلم لهم- إن شاء الله (الحاضرون: إن شاء الله).
واعلموا أيضاً بحقيقة أن الحراب لا يمكن أن تحكم اليوم، أجل من الممكن أن تحكم إذا كان أبناء الشعب غير متيقظين ونائمين في منازلهم وكل منهم منهمك بشؤونه الخاصة، وفي هذه الحالة لا يحتاج الأمر إلى الحراب، بل يكفي الإرهاب وإخافة الناس ببعض الذين يضعون بضع نجمات على أكتافهم.
ولكن ذلك غير ممكن إذا شهد الشعب مثل هذا التحول الذي شهدته إيران اليوم، وهذا نموذج لن تستطيع ان تجد له نظيراً لا في التاريخ الإيراني وحسب بل في تاريخ جميع البلدان الأخرى، لن تجدوا شعباً تغير خلال هذه المدة القصيرة من حال إلى آخر، بل إلى نقيض ما كان عليه سابقاً إذ لم يتخلفوا عن رفع الأعلام يوم الرابع من آبان برغم رفضهم الداخلي لذلك، فلم يكونوا يقومون به عن رغبة حقيقية فيه، بل خوفاً من الشرطي الذي يأتي ويأمر بذلك وبالطبع فلا تمكن مواجهة الشرطي!!
هكذا كان حال الشعب في السابق، ثم تحول في مدة قصيرة إلى شعب آخر، فأصبح الآن في حالة جديدة نجد فيها الطفل الصغير والرجل الطاعن في السن ينزلان معاً إلى الشوارع ويرددان معاً هتافات الموت للملك والسلطنة البهلوية.
هذا التغير تحقق الآن وشمل جميع أنحاء البلد وفئآته، فانتقلت من حال لآخر، ولذلك لا يمكن إطفاء نهضته بالحراب، فالحراب عاجزة عن ذلك. ولذا فرضوا الحكم العسكري الذي أعلن منع اجتماع أكثر من شخصين، وأصغت الجماهير لهذا الاعلان، واجتمع خمسون ألفاً منها (يضحك الحاضرون) ومائة ألف وثلاثمائة ألف وخرجوا في مختلف أرجاء البلاد مقابل مقرات الحكم العسكري!
وبعد ذلك جاؤا بما هو أشد من الحكم العسكري- إذا كان ما هو أشد منه- جاؤا بعسكري لرئاسة الوزراء، وأصبحت الحكومة عسكرية، وتكرر موقف الجماهير، فالجماهير جربت العسكر، وعرفت حجمهم وهزمتهم، إذ غلبت قوة الشعب وقوة الدبابة، وتغلبت قوة الدين والإيمان على الدبابات والمدافع، وهذه قوة إلهية وهي التي إنتصرت بهذه القبضات الخالية، وهزمت الدبابات والمدافع والمدافع الرشاشة والحكم العسكري. ولذلك أقاموا الحكومة العسكرية، وهي ليست بالشي‏ء الجديد، فهي كسابقتها، فتلك كان رئيسها ذاك المدني، وهذه هذا العسكري وكلاهما عجوزان عاجزان (يضحك الحاضرون). لنفرض استبدال هذه الحكومة العسكرية أيضاً، فبماذا سيأتون بعدها؟
إذا بقيت عقولهم بهذا المستوى سيأتون بانقلاب عسكري، ويرحل الملك، ويأتي أحد العسكريين للسلطة، ولا جديد في هذه الحالة أيضاً، إذ القادم هو العسكري نفسه الذي جاء يوماً بصبغة الحكم العسكري، وهزمه الشعب، ثم بصيغة الحكومة العسكرية التي هزمتها الجماهير أيضاً، فهي مهزومة الآن، وغداً يتكرر الحال نفسه، فلا جديد فيه، ولن يشاهد الشعب شيئاً غريباً خلاف ما اعتاده، لكي يخافه، بل هو نفس هذا الحكم العسكري، فليسموه انقلاباً عسكرياً، فهو أيضاً سيندحر. فلا يمكن للحراب أن تدحر شعباً يقف جميع أفراده وقفة التحدي وهم يرفعون قبضاتهم الراسخة يقولون: اضربونا، فنحن نريد الاستقلال، ولن نتراجع. لا يمكن للحراب أن تدحر شعباً اجتمعت كلمة رجاله ونسائه على مطلب واحد، تلك المرأة التي قتلوا أبناءها الأربعة كانت تقف في (مقبرة) جنة الزهراء وهي تهتف داعية الناس إلى التصفيق فرحاً، وتقول: لقد قتلوا إبنائي، ولكن لا تبكوا، بل صفقوا.
يقول الذي نقل الحادثة: إن الناس كانوا يبكون ويصفقون! وهذه ظاهرة جديدة، الناس كانوا يبكون بسبب الحادثة والأم تقول: لا تبكوا، بل صفقوا، فأخذ الناس يصفقون لها، ويبكون بسبب المصيبة التي حلت بها، مثل هذه البلاد لا يمكن إجبارها على التراجع بالحراب.
احفظوا هذه النهضة أيها السادة، وهذا واجب الجميع، تكليفي الشرعي أنا الملا وتكليف ذاك السيد وأنت الكاسب أو العامل أو العالم، واجبنا الشرعي جميعاً أن نلتزم حفظ هذه النهضة التي تفجرت في إيران. فيها تستطيعون الحصول على الاستقلال والحرية، وإن لم نفعل، فنحن مسؤولون عند الله- تبارك وتعالى- والأجيال القادمة، وسيقال لنا: لقد ظهرت مثل هذه النهضة لكنكم عجزتم عن الانتفاع بها، ولم تستثمروها.



امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378

جمله طلایی

فراز طلایی

دیدگاه ها

نظر دهید

اولین دیدگاه را به نام خود ثبت کنید: